سليمان قرداحي

Monday, June 22, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
سليمان قرداحي

(؟ ـ 1909) سليمان قرداحي ممثل ومخرج ومدير فرقة مسرحية سوري من رواد المسرح العربي في مصر أواخر القرن التاسع عشر، ومؤسس المسرح العربي في تونس مطلع القرن العشرين. ولد في بيروت وتوفي في تونس. لا يُعرف كثير عن نشأته، سوى أنه كان يتقن العربية الفصحى والفرنسية، ويهوى التمثيل المسرحي. ففي صيف عام 1863 قُدمت في بيت قريبه حبيب قرداحي في بيروت مسرحية «الشاب الجاهل السكير» للكاتب طنوس الحر. وفي سبعينيات القرن 19 هاجر إلى مصر في عهد الخديوي إسماعيل عدد كبير من السوريين العاملين في حقل المسرح، وكان من بينهم عدد كبير من المسيحيين مثل سليم خليل النقاش، وأديب إسحق، ويوسف الخياط، وسليمان القرداحي؛ تطلعاً إلى أجواء الانفتاح الاجتماعي والفني التي رافقت الاستعداد لافتتاح قناة السويس عام 1869، ولبعد مصر عن هيمنة السلطنة العثمانية.

كان القرداحي ممثلاً في فرقة يوسف الخياط المتفرعة بدورها من فرقة سليم النقاش [ر. النقاش (أسرة ـ)]، وحينما فقد الخياط حظوته لدى الخديوي وانفرط عقد الفرقة، قام القرداحي بجمع شتاتها وضم إليها بعض العناصر المصرية، وكان من بينهم الشيخ سلامة حجازي[ر]. لكن ثورة أحمد عرابي 1881، ثم انتشار وباء الكوليرا، ودخول قوات الاحتلال الإنكليزية إلى مصر عام 1882، حال دون تمكن القرداحي من تجهيز عرضه الأول في دار الأوبرا القاهرية حتى عام 1882 بمسرحية «تِلِماك» Télémaque التي اقتبسها سعد الله البستاني من قصة للفرنسي فرانسوا فنيلون (1651ـ1715)، F. Fénelon وحضرها الخديوي وحاشيته وبعض قناصل الدول الأجنبية، ولاقت نجاحاً كبيراً مهّد الطريق أمام القرداحي لمتابعة مسيرته الزاخرة بالعروض المؤلفة من قبل كتّاب عرب، والمقتبسة بتصرف من المسرح الفرنسي غالباً، أو المترجمة عنه، مثل: «فرسان العرب» و«زفاف عنتر» و«زنوبيا ملكة تدمر» و«أبو الحسن المغفل» و«هارون الرشيد أو غرام الملوك» و«إستير» و«فيدر» و«شرلمان» و«عائدة» و«الساحر الهندي» و«الباريزية الحسناء» و«أندروماك» و«بيغماليون أو استربه» و«ميروبا» و«المريض الوهمي» وغيرها كثير. وما يلفت النظر أن القرداحي لم يحصر نشاطه في القاهرة ومسرح الأوبرا، بل كان ينتقل بين المدن المصرية كالإسكندرية وأسيوط وطنطا والمنيا والفيوم وبني سويف وبور سعيد، وتغلغل بعروضه في الأرياف والصعيد. وما يُحسب لسليمان القرداحي أنه أول من أدخل العنصر النسائي إلى التمثيل المسرحي، فبدأ بزوجته ثم ضمّ إلى فرقته الجديدة المطربة والممثلة اليهودية المعروفة ليلى عام 1888. وعلى إثر رحلته التمثيلية الثالثة إلى سورية 1894 عاد إلى الإسكندرية ومعه إحدى عشرة ممثلة من المسيحيات واليهوديات. وفي عام 1890 سافر مع فرقته إلى باريس وقدم هناك في المعرض الدولي بعض عروضه ليعود في تشرين الثاني/نوڤمبر 1891 إلى الإسكندرية. وقد ساعدته الحكومة المصرية بمعونة مالية وقطعة أرض على شاطئ البحر أقام عليها مسرحه الخاص. وفي عام 1894 استدعاه الخديوي عباس الثاني وفرقته لتقديم بعض عروضه في القصر، بمناسبة الاحتفالات بزفاف أخته، وأهدى القرداحي دبوساً مرصعاً بالماس، كناية عن إعجابه بفنه. ولما كان حب السلاطين لا يدوم، فما إن حلت نهاية القرن، حتى جردت الحكومة المصرية القرداحي من امتيازاته وحجبت عنه معوناتها ودعمها المعنوي، وإذا أضيف إلى ذلك المنافسة الفنية الحادة من الفرق المسرحية القوية الأخرى، ولاسيما جوق أبي خليل القباني[ر] وجوق إسكندر فرح[ر]، وجوق سلامة حجازي[ر]، فقد وجد القرداحي نفسه في أزمة خانقة استمرت حتى عام 1905، حينما انفرجت الضائقة قليلاً، فقدم عروضاً عدة في مسرح إسكندر فرح في القاهرة، ثم انطلق في جولة طويلة إلى بلدات الأرياف والصعيد.

وما إن حلّ عام 1907 حتى شدّ القرداحي رحاله إلى المغرب العربي، فزار الجزائر واستقر في تونس التي كانت تفتقر إلى أي نشاط فني مسرحي باللغة العربية فأسس مسرحاً عربياً، لاقى فيه كل إقبال وتشجيع. وقد أنعم عليه الباي بنيشان الافتخار مع لقب بك… كما أن المجلس البلدي ساعده بمبلغ من المال لتنشيطه في مهمته الأدبية. وكان الإقبال على سماع رواياته كبيراً جداً. إلا أنه لم يلبث طويلاً، إذ عاجلته المنية، في أوج نجاحه في تونس.

كان أسلوب القرداحي في التمثيل يعتمد الفخامة في الأداء على صعيد حركات الجسد، والصوت الجهوري الرنان على صعيد الإلقاء، وهو أسلوب هيمن إلى حد ما على معظم المسارح المصرية حينذاك حتى عودة جورج أبيض من فرنسا بزاده الأكاديمي وخبرته الأوربية على مستوى الأداء الطبيعي الواقعي، الذي غيَّر في مفاهيم التمثيل بصورة جذرية.



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.