جون كونستبل

Wednesday, July 29, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
جون كونستبل

(1776 ـ 1837) جون كونستبل John Constable مصور إنكليزي ولد في منطقة برغولت Bergholt الشرقية، كان رائداً من رواد تصوير الطبيعة الإنكليز، فبعد أن أخذ مبادئ رسم المناظر الطبيعية عن المصورين الهولنديين الكبار والفرنسيين، قام بتجديد هذه القوانين ولاسيما قوانين المدرسة الرومانسية الفرنسية، وأظهر مقدرته على رسم لحظات الضوء العابرة والسماء والريح والغيوم والمطر، وكان بذلك سبّاقاً لتجارب الانطباعيين.

سافر أول مرة إلى لندن عام 1795 بقصد تنفيذ بعض رسوم الحفر مشتركاً مع جون سميث John Smith. وبعد أربع سنوات قرر الاستقرار فيها، وبفضل توصية من المصور جوزيف فارِنغتون J.Farrington، انتسب إلى الأكاديمية الملكية وهناك ظهرت مواهبه، فقد أخذ تقانة التصوير عن الفنان ريتشارد ويلسون R.Wilson، كما شجع من قبل السير جورج بومونت  G.Beaumont الذي كان رساماً ومشجعاً للمواهب الشابة، ومن مقتني الأعمال الفنية، وبفضله اطلع كونستبل على مجموعته من لوحات الفنانين مثل روبنز Rubens ورويسدال Ruisdael وكلود لوران Lorrain. فأخذ عن روبنز حيوية اللون وحركته، كما أخذ اللون الصافي من لوحات معاصره الفنان تورنر Turner. وبفضل أعمال لوران وطد معارفه الكلاسية، واستمرت فترة البحث والدراسة هذه حتى عام 1802.

ومع هذه التأثيرات المتنوعة كلها بدأ كونستبل برسم الطبيعة بأسلوبه الخاص وبمقدرة رائعة على إظهار الأشجار الباسقة والسماء المكفهرة بغيومها، مظهراً أدق التفاصيل فيها، وبتكوينات مبتكرة وحيوية تشعر باستمرار الحياة ورطوبة الجو. ففي لوحة «وادي ديدهام» (1802) أظهر تفوق الطبيعة على الإنسان، فهي مسيطرة، وأما الإنسان وبيوته وكنائسه فتحتل زوايا صغيرة في اللوحة.

وفي عام 1806 سافر إلى منطقة البحيرات حيث رسم مجموعة من الرسوم المائية يظهر فيها التصاق الفنان بالطبيعة وقدرته على التقاط لحظات الضوء المتبدلة، وكان يرى أن على مصور المناظر الطبيعية أن يسير في الحقول بروح متواضعة ليكون أقرب إليها وليكتشف أسرارها. وكان يردد: «إننا لن نرى شيئاً رؤية حقيقية، حتى نفهمه».

أحب كونستبل ماريا Maria عام 1809، وهي ابنة أخ راعي كنيسة رفضه زوجاً لها، فما كان على الفنان سوى الانتظار حتى موت الراعي ليتزوجا عام 1816.

رسم الفنان لوحاته البحرية الأولى منذ عام 1811، وتعد هذه المرحلة من أهم المراحل في تاريخ رسم المناظر الطبيعية. ورسم عام 1815 لوحة «طاحونة فلات فورد» وأظهر فيها اختلاف الأسلوب والتقانة بين مقدمة اللوحة وعمقها، وإن كان هذا التكوين يبدو تقليدياً ومشابهاً للأسلوب الهولندي الكلاسي؛ إلا أن تقانة التصوير وتوزيع الضوء يبدو مختلفاً.

وفي أثناء رحلة شهر العسل التي أمضاها على شاطئ البحر عام 1816 رسم أهم لوحاته البحرية، وهي لوحة «خليج ويموث» الموجودة في المتحف الوطني بلندن، وتمثل اللوحة منظراً طبيعياً يظهر قدرة الفنان على استخدام حريته المطلقة في تلوين الغيوم البيضاء ومزجها باللون الكستنائي والرمادي، لتتداخل مع عناصر الطبيعة الأخرى. كما يُلاحظ أيضاً الضوء المنعكس على التلال ورمل الشاطئ، أما السماء فقد بقيت مسيطرة على اللوحة باتساعها وازدحامها بالغيوم المضطربة، وازدادت مظاهر الطبيعة السوداوية الهائجة حيوية بلمسات الفرشاة البيضاء التي توشح اللوحة، والتي أطلق عليها النقاد اسم «ثلج كونستبل» ويُلاحظ أن هذه التقنية ظهرت لاحقاً في أعمال الانطباعيين.


وفي عام 1817 رسم لوحة «طاحونة فلات فورد» الموجودة اليوم في المتحف الوطني بلندن. وقد أسست هذه اللوحة أسلوب المدرسة الواقعية الحديثة وتقاناتها، وأثرت في مدرسة الباربيزون Barbizon الفرنسية في التصوير. لقد ابتعد الفنان كلياً عن رسم الضوء التقليدي الذي وضعته المدرستان الهولندية والإيطالية، ليحل محله الضوء المشبع بالرطوبة والمندمج كلياً مع الظلال، إذ كان يقول: إن التظليل هو روح الفن ووسيلته. ويظهر هذا الضوء وهذا الظل في لوحة «كاتدرائية سالزبوري» (1920) الموجودة في متحف فكتور وألبرت بلندن- حيث تظهر الكاتدرائية بحجارتها الذهبية مرسومة في عمق اللوحة ببساطة وحيادية، في حين سيطرت عناصر الطبيعة والسماء بتفاصيلها الدقيقة وظلالها وألوانها.

انتخب كونستبل عام 1819 عضواً في الأكاديمية الملكية، بعد أن رسم لوحة «الحصان الأبيض». وفي عام 1821 رسم لوحته المشهورة «عربة العلف» المعروضة في المتحف الوطني بلندن. وقد أدهشت هذه اللوحة الفنانين الفرنسيين حينما عرضت بصالون باريس عام 1824، وقال عنها الفنان دولاكروا: «قام كونستبل بعمل عظيم». كما أثرت هذه اللوحة وغيرها من أعمال الفنان تأثيراً كبيراً في الحركة الفنية الفرنسية ولاسيما في رسم الطبيعة، وكان الانطباعيون أكثر المتأثرين. وتعد هذه اللوحة اليوم أكثر اللوحات الطبيعية شعبية وشهرة في العالم.
   

لم يغادر كونستبل إنكلترا مطلقاً على الرغم من شهرته العالمية، كما أن أعماله لم تقدر حق قدرها في موطنه، ولم يستطع الجمهور الإنكليزي فهم أعماله وتذوقها إلا بعد حين. ولكن هذا لم يكن ليحط من عزيمته على الاستمرار في الرسم.

رسم فيما بعد لوحات عدة منها لوحة «الحصان الجامح» عام 1824 ويظهر فيها جمال الريف الإنكليزي بغناه اللوني، مستخدماً ضربات ريشة عريضة. ولكن اليأس تمكن منه بعد موت زوجته وافتقاده رفيقة حياته عام 1828 فصار يرسم بطريقة عصبية وقلقة، وبدت ضربات ريشته مهزوزة وسميكة، وموضوعاته تأخذ مظهراً مأسوياً إلى أن توفي.



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.