(105ـ 182هـ/ 723ـ 798م) مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة، أبو الهيذام وأبو السِّمط، ولقبه (ذو الكمْر). واختلفوا في نسبه فقال بعضهم إن أصل جده من موالي عثمان ابن عفان أسلم على يديه، وقال آخرون هو من موالي السموءل بن عادياء، ويدَّعي بنو عكل أنه منهم من بني كنانة، أي هو مضري إلا أن ذلك يجانب الصواب.
أحد شعراء العصرين الأموي والعباسي، ولد في المدينة المنورة، وينتمي إلى أسرة كثر الشعراء فيها فتوارثوه كابراً عن كابر، فجده يزيد (أبو حفصة) شاعر، وكذلك ابنه يحيى بن يزيد، وكان السمط بن مروان شاعراً، وغيرهم من أسرته. قال الشعر وهو دون العشرين من العمر، ووفد على الوليد ابن يزيد مع عدد من الشعراء، وقيل إنه لم يمدحه وأُغلِق عليه فأنشده بعض شعر تميم بن مقبل، وليس ثمة أخبار عن حياته في زمن بني أمية، أما في زمن بني العباس فتشير الأخبار إلى أنه لم يفد على خلفائهم الأوائل، بل وفد على ولاتهم ولاسيما عمال المنصور؛ مثل السري بن عبد الله والي مكة، ومعن بن زائدة الشيباني والي اليمن. ووفد على المهدي ومدحه وأدام زيارته ونال من أعطياته شيئاً كثيراً. ثم وفد على الهادي وعلى هارون الرشيد وكان له حظوة عندهم، وله فيهم مدائح. كما أنه مدح البرامكة وزراء هارون الرشيد ونال منهم أعطيات سخية.
كان مروان بن أبي حفصة ميسور الحال مما أخذه من هبات وأعطيات، ومع ذلك كان بخيلاً شحيحاً، بل عدّوه من البخلاء اللئام، وتورد المصادر نوادر كثيرة تصور بخله وشحه وجشعه في جمع المال وكنزه وتقتيره على نفسه.
وقد تعصب كثيراً للعباسيين، وأكثر من مديحهم والانتصار لهم، ونال من معارضيهم من الشيعة، مما حملهم على قتله غيلة.
كان مروان بن أبي حفصة شاعراً بارزاً، له منزلة عظيمة بين الشعراء والعلماء ورواة الشعر، ويقال إن شعره بلغ ثلاثمئة ورقة، إلا أن كثيراً من شعره قد ضاع، وما بقي منه يدل على غزارة شعره وجودته.
وكان المدح أبرز أغراضه الشعرية، وأبرز موارد ثروته لما ناله من أعطيات الممدوحين، وأكثر مدائحه في بني العباس، وقد ضمنها دفاعاً عنهم وتأييداً لآرائهم في الخلافة،
وظهر النسيب في بعض قصائده، من ذلك قوله:
تذكرتَ من تهوى فأبكاكَ ذكرُه
فلا الذكرُ منسيٌّ ولا الدمعُ جامدُ
تحنُّ ويأبى أن يساعدك الهوى
ولَلموتُ خيرٌ من هوىً لا يساعد
وفي شعره مراثٍ أبرزها ما كان في رثاء معن بن زائدة الشيباني، ومنها:
مضى لسبيلـه معـن وأبقى
محامدَ لن تبيَد ولن تنالا
كأن الشمسَ يوم أُصيب معنٌ
من الإظلامِ مُلْبَسة جلالا
وأظلمتِ العـراقُ وألبستْـه
مصيبتُه المجللةُ اختلالا
وجاء غرض الوصف عرضاً في شعره، وكذلك كان غرضا الهجاء والفخر ثانويين فيما وصل إلينا من ديوانه.
ويُعد مروان من الشعراء المنقحين، يتأنى في نظم شعره، ولم يختلف شكل القصيدة عنده عما كان مألوفاً في عصره.
وقد جُمع ديوانه حديثاً ونُشر مرتين، الأولى دراسة وتحقيق، وهي رسالة ماجستير، قدمها قحطان رشيد التميمي 1966م، والثانية تحقيق حسين عطوان نشرت في القاهرة سنة 1973م.