مسلم بن الحجاج

Saturday, October 1, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
مسلم بن الحجاج

(204 ـ 261هـ/820 ـ 875م) الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري أحد أئمة أهل الحديث، حافظ متقن، ولد بنيسابور، وطلب العلم صغيراً، فسمع شيوخ بلده، ثم رحل في طلب العلم، إلى الحجاز ومصر والشام، والعراق مراراً.

لقي كثيراً من أئمة الحديث وحُفّاظه في أثناء رحلاته كالإمام البخاري وشيخه إسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل وقتيبة بن سعيد والقَعْنبي وهو أول شيخ له، وإسماعيل بن أبي أويس ويحيى بن يحيى، وغيرهم كثيراً جداً. وروى عنه كثير من أهل العلم كالإمام الترمذي وأبي حاتم الرازي، وموسى بن هارون، وأحمد بن سلمة وابن خزيمة، ويحيى بن صاعد ومحمد بن مخلّد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وإبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه الزاهد وهو راوية صحيح مسلم وغيرهم كُثُر. توفي وهو ابن 55 سنة في «نصر آباد» إحدى قرى نيسابور، وهو من كبار أئمة الحديث، وقبره يُزار إلى اليوم.

ترك نيفاً وعشرين مصنفاً في الحديث وعلومـه، أشهرها: «صحيح مسلم»، في اثني عشر ألـف حديث، كتبها في خمس عشرة سنة، ومجموعها عـدا المكرر (3030 حديثاً) وهو أحد الصحيحين بعد البخاري المعوَّل عليهما عند أهل السنة في الحديث، وقد شرحه كثيرون أشهرهم الإمام النووي، في (18) جزءاً، قال الإمام مسلم عن كتابه: «ما وضعت شـيئاً في كتابي هذا إلا بحجة، وما أسقطت منه شيئاً إلا بحجة». وللحافظ المنذري: «مختصر صحيح مسلم» في مجلد واحد. ومن كتبه «المسند الكبير في الرجال» و«الجامع» مرتباً على الأبواب، و«الأسماء والكنى» أربعة أجزاء، و«الأفراد والوحدان» و«الأقران» و«مشايخ الثوري» و«تسمية شيوخ مالك وسفيان وشعبة» و«كتاب المخضرمين» و«كتاب أولاد الصحابة» و«أوهام المحدثين» و«الطبقات» و«أفراد الشاميين» و«التمييز» و«العلل».

اشترط الإمام البخاري المعاصرة واللقاء ولو مرة واحدة بين الراوي والمروي عنه، فهو متشدد في شرطه، واكتفى الإمام مسلم بالمعاصرة بين الرواة، ورأى أنها تكفي لقبول الحديث المعنعن (عن فلان …) وإن لم يثبت اجتماع الراوي والمروي عنه، لأن الراوي الثقة لا يروي إلا عمن سمع منه. ويتلخص الفرق بين صحيحي البخاري ومسلم في أن الأول أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل وأكثر فائدة، والثاني أجمل تنظيماً وترتيباً وأجود إسناداً، كما قال بعض العلماء:

تنازع قوم في البخاري ومسلم

                لدي وقالوا: أي ذين تقدِّم

فقلت: لقد فاق البخاري صحة

                          كما فاق في حسن الصناعة مسلم

وعلى كل حال، لم يستوعب الصحيحان للبخاري ومسلم جميع الأحاديث الصحيحة، ولم يقصد المصنفان استيعاب الحديث في كتابيهما، فقد اعترف كل منهما أنه لم يجمع في كتابه كل الصحيح، وإنما انتقى كلاهما الأصح المجمع عليه، بدليل ما ينقل الترمذي وغيره عن البخاري تصحيح أحاديث ليست في كتابه، وأقر مسلم بأنه ليس كل شيء عنده صحيح وضعه في كتابه. وإعلاناً لتقدم البخاري عليه، قال الدار قطني: «لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء».

أجمع العلماء على جلالة قدره وإمامته، وتفوقه في صنعة الحديث وتضلعه منها وتفننه في تنظيم الأحاديث وترتيبها، كما يظهر من كتابه الصحيح الذي لم يوجد مثله في حسن الترتيب وتلخيص طرق الحديث من غير زيادة ولا نقصان، والاحتراز من التحول في الأسانيد عند اتفاقها من غير زيادة، وتنبيهه على ما في ألفاظ الرواة من اختلاف في متن أو إسناد ولو في حرف، واعتنائه بالتنبيه على الروايات المصرحة بسماع المدلِّسين، وغير ذلك مما هو معروف في كتابه.

وفي الجملة؛ لا نظير لكتابه في هذه الدقائق وصنعة الإسناد، فعلى كل راغب في علم الحديث أن يعتني به، ويدرك تلك الدقائق، فيرى فيها عجائب المحاسن.

فهو أحد أعلام الحديث، وأهل الحفظ والإتقان، والرحّالين في طلبه إلى أئمة الأقطار والبلدان، والمعترف له بالتقدم فيه، من غير خلاف عند أهل الحذق والعرفان، ولا يستغني عالم عن الرجوع إلى كتابه والاعتماد عليه في كل زمان، مع اللجوء إلى شروحه الكثيرة وأشهرها شرح الإمام مسلم النفيس المتميز، و«الحجة والإفاضة في البيان».

قدّمه بعض الأئمة في معرفة الصحيح على مشايخ عصره، وأثنى عليه معاصروه، وجماهير أهل العلم من بعده.

والخلاصة: هو كما جاء في «أعلام النبلاء» للذهبي: الإمام الكبير الحافظ، المجوِّد، الحجة، الصادق.
 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.