(… ـ 120هـ/… ـ 738م) أبو سعيد، مسلمة بن عبد الملك بن مروان القرشي الأموي الدمشقي، كانت له دار بدمشق عند باب الجامع القبلي. أمير من القادة العسكريين المتميزين، كانت له مواقف مشهورة وغزوات متتالية وحروب ونكاية في العدو من الروم والترك والخزر، وكان في زمانه نظير خالد بن الوليد في أيامه في كثرة مغازيه وفتوحه وقوة عزمه وشدة بأسه وجودة تصرفه في نقضه وإبرامه، هذا مع الفصاحة والكرم، وقد أوصى بثلث ماله لأهل الأدب لأنها صنعة جُحِف أهلها.
كان مسلمة بن عبد الملك غازياً في أرض الروم، لما نزل الموت بعبد الملك بن مروان (ت 86هـ) فدعا بأولاده وجلسائه وأوصاهم بتقوى الله وعدم الفرقة والاختلاف وأن يعطف الكبير على الصغير، وأن يعرف الصغير منهم حق الكبير، ثم أوصاهم بابنه مسلمة إذا قدم من أرض الروم، وأن يعرفوا له حق الجهاد في سبيل الله، وأن يعرفوا لأخيه محمد بن مروان حقَّه وسنَّه.
كان مسلمة بن عبد الملك والعباس ابن الوليد بن عبد الملك أشهر قادة الجبهة الرومية زمن الخليفة الوليد ابن عبد الملك (86- 96هـ) وقد أظهر كلاهما مقدرة حربية ومهارة رائعة في قيادة الحملات التي كانت تستهدف الاستيلاء على المعاقل المهمة الواقعة على الطريق الرئيسية المؤدية إلى القسطنطينية، ودك حصون العدو وإقامة حصون جديدة تكون مرتكزاً للعرب في عملياتهم داخل الأرض البيزنطية.
ففي سنة 88هـ فتح مسلمة حصن طوانة بعد عدة معارك كبّد فيها العرب المسلمون البيزنطيين خسائر فادحة، ثم غزا سنة 89هـ حصن عمورية وافتتح هرقلة وحصن سورية، وعندما اجتمع إلى الجراجمة[ر] سنة 89هـ قوم من الروم من قبل الإسكندرونة ورودس وجه الوليد بن عبد الملك أخاه مسلمة فافتتح مدينة الجرجومة (مدينة على جبل اللكام) وقرر تخريبها حتى لا يعودوا إلى ممالئة الروم، ولكنه منحهم ميزات عديدة، إذ ترك لهم حق اختيار المكان الذي يودون النزول فيه بالشام، وأجرى على كل امرئ منهم ثمانية دنانير وعلى عائلاتهم القوت من القمح والزيت، وعلى ألا يُكرِهوا أحداً من أولادهم ونسائهم على ترك النصرانية، وفي سنة 91هـ غزا مسلمة الترك حتى بلغ الباب من ناحية أذربيجان فَفُتِحَت على يديه مدائن وحصون، ثم استمر بغزوه أرض الروم ما بين 92- 98هـ حين ولاه الخليفة سليمان بن عبد الملك قيادة الجيش الموجه لغزو القسطنطينية وفتحها، واتخذ سليمان من دابق شمالي الشام معسكراً كبيراً ليكون مقراً لإدارة العمليات العسكرية.
أقام مسلمة مع جيشه في أرض الروم وبنى بيوتاً من خشب وأمضى شتاء عام 98هـ وصيفه يستطلع المواقع ويقوم بالغارات، وكان قد أمر جنده ألا يستعملوا ما معهم من مؤن، وأن يزرعوا الأرض التي حولهم فكان المقاتلة يأكلون مما أصابوا من الغارات، ثم أكلوا نتاج زرعهم.
وكان مسلمة يقوم بهذه العمليات التمهيدية والصراع على العرش في بيزنطة على أشده، وكان ليون حاكم مقاطعة الأناضول من أشد القادة العسكريين طموحاً، ويحلم بالوصول إلى الحكم، فجرت مفاوضات بين ليون ومسلمة بن عبد الملك، ووعد ليون في حال وصوله إلى السلطة، أن يستسلم الروم للعرب ويقبلوا بسيادتهم وأن يدفعوا على كل رأس رومي ديناراً، دلالة على تبعيتهم للدولة العربية، إلا أنه اشترط أن يحرق المقاتلة ما معهم من مؤن دليلاً على صدق نيتهم في العودة وترك الأرض الرومية لأصحابها، ولكن ليون ما إن وصل إلى القسطنطينية، وتمَّ تنصيبه إمبراطوراً في آذار/مارس 717م حتى نقض وعده، وعقد اتفاقية مع خان البلغار، الذي تعهد بموجبها أن يهاجم القوات العربية التي سوف تحاصر القسطنطينية.
في آب/أغسطس 717م/ذي الحجة سنة 98هـ ضرب الجيش العربي الحصار على القسطنطينية، وكان حصار المسلمين لها حصاراً قاسياً لتساقط الثلوج مدة مئة يوم مما عرقل عملية الحصار، واضطر المسلمون إلى تحمل كثير من المشاق والجهد، ومع أنه وصلت نجدات برية وبحرية لمسلمة بن عبد الملك في الربيع، إلا أن معظم السفن دُمّرت نتيجة لاستخدام البيزنطيين النار الإغريقية.
في هذه الفترة التي اشتد فيها الحصار العربي للقسطنطينية توفي الخليفة سليمان بن عبد الملك، وارتقى منصب الخلافة عمر بن عبد العزيز (99-101هـ) الذي رأى أن ظروف الجيش الإسلامي وقسوة شتاء 98-99هـ أديا إلى هلاك كثير من الجند الإسلامي، ولهذا كله أمر مسلمة بن عبد الملك في آب 718م/100هـ أن يعود بجيشه إلى الشام، فحلف مسلمة ألا يقلع عنهم حتى يبنوا له جامعاً كبيراً بالقسطنطينية، فبنوا له جامعاً ومنارة، وذكر ابن كثير (ت 774هـ) أن الجامع كان لايزال موجوداً في عهده يصلي فيه المسلمون الجمعة والجماعة.
تولى مسلمة بن عبد الملك ولاية الكوفة والبصرة وخراسان سنة 102هـ تكريماً لانتصاره على يزيد بن المهلب[ر] وقضائه على فتنته، ولكن يزيد بن عبد الملك (101- 105هـ) لم يلبث أن عزله لأنه لم يرفع من خراج العراق أو خراسان شيئاً إلى بيت المال. واستعمل هشام بن عبد الملك (105- 125هـ) مسلمة بن عبد الملك على أرمينيا وأذربيجان سنة 113هـ، فاستطاع بعد جهد بالغ أن يفتح مدينة باب الأبواب (دربند حالياً) وكان في قلعتها ألف أهل بيت من الخزر، فأسكن مسلمة مدينة باب الأبواب أربعة وعشرين ألفاً من أهل الشام على العطاء وبنى مخازن للطعام وخزانة للسلاح ورممّ المدينة.
توفي مسلمة في الشام ورثاه بعض الشعراء، منهم ابن أخيه الوليد بن يزيد بن عبد الملك (ت 126هـ)، وكان مسلمة يبسط جناح الحماية على الوليد ويحاول أن يخفف من حدة العداء بين هشام وولي العهد الوليد ابن يزيد بن عبد الملك.
مَسْلَمَة بن عبد الملك
Saturday, October 1, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور