معن اوس مزني

Sunday, May 28, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
مَعن بن أوس المُزَنِي (… ـ 64هـ/… ـ 683 م) معن بن أوس بن نصر بن زياد بن أسعد، ينتهي نسبه إلى مُزينَة. ولا تذكر المصادر شيئاً عن سنة ولادته التي يُرجّح أنها كانت في الجاهلية، ذلك أن صاحب «خزانة الأدب» يصنفه مع مخضرمي الجاهلية والإسلام. وقدّر صاحب «الأعلام»، وجامع شعره، أنه توفي في السنة الرابعة والستين للهجرة بعد أن كُفَّ بصره.

تشح المصادر في الكشف عن حياته الأولى ونشأته، ولا تذكر شيئاً عن أسرته، مما يدفع الباحث إلى قراءة شعره علّهُ يظفر بطائل يفيد في جلاء تلك الحقبة من حياته، وفيه يتبدى أن الشاعر تزوج امرأتين اجتمعتا عنده؛ أولاهما كانت تدعى حّقة، أو أم حقة  تزوجها في قومه في بادية البصرة، وقد وقعت بينهما مشكلات أدت إلى الهجران والطلاق. وثانيتهما تدعى ليلى، وكانت من قومه أيضاً، تزوجها في البصرة عندما كان يبيع إبله ويستبضع التمر،  ويبدو أنه طلقها أيضاً وندم على ذلك.

كان معن على خلاف شديد مع ابن أخت له يُدعى المُحرِّق، لأنه كان ينتصر لقوم أبيه مخيباً أمل خاله. ويُستدل من شعر معن أنه اتصل بعدد من الولاة مثل عبد الله بن الزبير في أثناء ولايته على الحجاز، وعبيد الله بن عباس، وعبد الله بن جعفر، وسعيد بن العاص، وكانت مواقفه معهم بين الذم والمديح، فقد هجا ابن الزبير لأنه لم يحسن وفادته، ومما قاله في ذلك:

ظللنا بمُستنّ الرّيـاح غُدَيَّـةً

                          إلى أن تعالى الليل في شرِّ محضـر

لدى ابن الزُّبير جالسين بمنزلٍ

                          من الخير والمعروف والرفد مقفـر

وقال في عبيد الله بن عباس:

                        إنّكَ فرعٌ من قريشٍ وإنمـا

  يمجُّ الندى منها البحورُ الفـوارع

                        ثووا قادةً للنَّاس بطحاءُ مكة

  لهم وسقاياتُ الحجيجِ الـدّوافـع

اتسم شعر معن بن أوس بالجزالة والقوة على الرغم من قِلّتِه قياساً بشعراء عصره، وتبوَأَ مكانةً مرموقة بينهم، إذ قدِم البصرة يوماً فأنشد في المربد، فوقف الفرزدق محاولاً النيل منه ومن قومه حين خاطبه قائلاً: يامعن من الذي يقول:

لعمرك مامُزيْنَةُ رهطُ معنٍ

                      بأجـفانٍ تـطـاقُ ولا سنام

فرد عليه معن قائلاً: أتعرف يا فرزدق من الذي يقول:

    لعمرك ما تميمُ أهلُ فـلجٍ

                          بأرداف الملوك ولا كـرامِ

فاضطر الفرزدق إلى القول: حسبك يامعن، إنما جربتك.....

سار شعر معن بين الناس، واستشهد به اللغويون، واستحسنه الخليفة معاوية بن أبي سفيان، وَعَدَّ كعبَ بن زهير ومعنَ بن أوس أشعر أهل الإسلام. ورُوي أن عبد الملك بن مروان قال يوماً وعنده عِدَّة من أهل بيته وولده: ليقل واحد منكم أحسن شعر سمعه، فذكروا لامرئ القيس والأعشى وطرفة حتى أتوا على محاسن ما قالوا، فقال عبد الملك: أشعرهم والله الذي يقول:

وذي رَحِمٍ قلّمْتُ أظفارَ ضِغْنِـه

                      بحلميَ عنه وهو ليس له حلم

إذا سُمته وصلَ القرابة سامني

                      قطيعتَها تلك السَّفاهةُ والإثمْ

تنوعت أغراض القول في شعر معن إذ قال في الفخر والمديح والهجاء والغزل، واتسمت معاني غزله بالعفة والرصانة والبعد عن الفحش، وغلب عليها معاني التعقل والتروي والحكمة، حتى إن كثيراً من أبياته تصلح أن تكون أمثالاً وحكماً، ومن ذلك قوله:

أُعلِّمُه الـرِّماية كلّ يـومٍ

                  فلمّا اشتّد سـاعدُه رمـانـي

ويعكس شعره في واحد من الوجوه طبيعة الحياة الأدبية في الحقبة التي عاشها، ويسجل له أنه لم ينحدر إلى الإسفاف الذي طبع معاني غيره من بعض شعراء عصره وجيله.

عبد الرحمن عبد الرحيم
مراجع للاستزادة:

ـ أبو عبيدة البكري، سمط اللآلي، تحقيق عبد العزيز الميمني (دار الكتب العلمية، بيروت د.ت ).

ـ عبد القادر البغدادي، خزانة الأدب (دار صادر، بيروت 1981 م).

ـ كمال مصطفى، معن بن أوس المزني حياته، شعره، أخباره (مطبعة النهضة د.ت).


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.