معين الدين أُنَرْ

Sunday, May 28, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
معين الدين أُنَرْ (… ـ 544هـ/… ـ 1149م)  معين الدين أُنَرْ بن عبد الله الطغتكيني، القائد المجاهد، أمير الجيش الشاميّ، ومدبر أمر دمشق وحاميها، أعتقه الأتابك ظهير الدين طغتكين (497-522هـ/1104-1128م)  صاحب دمشق لظهور فضله، فاستمر في خدمة هذه العائلة، وأصبح مقدّماً لعسكر الملك شهاب الدين محمود بن بوري بن طغتكين(529-533هـ/1135-1139م) الذي تملّك دمشق بعد أن قُتل أخوه شمس الملوك إسماعيل، واستأثر معين الدين بتدبير أمور دمشق في حكم جمال الدين محمّد بن بوري بن طغتكين  (533-534هـ/1139-1140م) وابنه مجير الدين أبق (534-549هـ/1140-1154م).

شهدت هذه الفترة محاولات الزنكيين للسيطرة على دمشق لمجابهة الامتداد الصليبي الذي سيطر على الساحل الشامي؛ إذ حاول الأتابك عماد الدين زنكي بسط نفوذه عليها بزواجه بزمرد والدة جمال الدين محمد بن بوري، كما حاول السيطرة عليها عسكرياً إذ حاصرها سنة 534هـ، واستمر حصارها؛ لأن الأتابك زنكي رفض أن يسيطر على المدينة حرباً، وراسل جمال الدين عارضاً عليه ولايات أخرى إن نزل له عن دمشق، وفي أثناء الحصار توفّي جمال الدين، فاستمر معين الدين بضبط الأحوال وساس الأمور بحكمة بالغة؛ إذ أرسل إلى مجير الدين أبق بن محمد بن بوري  في بعلبك ورتَّبه في الملك مكان أبيه وهو دون سن البلوغ فاستقرت له الأمور في دمشق، وأقطع مجير الدين بعلبك لمعين الدين مكافأةً على إخلاصه، فسار الأتابك زنكي إلى بعلبك وملكها عنوة، ولما تُوفي  الأتابك عماد الدين زنكي سنة 541هـ، استعاد معين الدين بعلبك.

ترددت المراسلات بين نور الدين زنكي (ت569هـ) ومعين الدين، وازداد تقارب الطرفين بزواج نور الدين بابنة معين الدين عصمة الدين خاتون التي أُرسلت إلى الملك العادل في حلب سنة 542هـ/1147م، ولم يكن هذا التقارب مرضياً للصليبيين الذين رأوا فيه امتداداً لنفوذ نور الدين إلى دمشق حيث يمكن أن يقف في وجههم.

بادر الفرنج بعد ظهور التعاضد بين نور الدين ومعين الدين بإرسال الحملة الصليبية الثانية 543هـ/1148م إلى بلاد الشام قاصدةً إخضاع دمشق،  واستضعف صليبيو مملكة بيت المقدس مجير الدين، واجتمع الصليبيون للغارة على دمشق وأعمالها، فخيموا في المزة، وأكثروا القتل والنهب والسبي وفرضوا القطيعة على دمشق، فتصدى المجاهد معين الدين لهم، ونشبت الحرب، واستبسل المسلمون، وقتلوا كثيراً من الفرنج، وأبلى الأمير معين الدين في حربهم بلاء حسناً، وظهر من شجاعته وصبره وبسالته ما لم يشاهد في غيره. ولما استولى الفرنج على الميدان الأخضر على مشارف دمشق الجنوبية، استعجل معين الدين أنر نجدة سيف الدين غازي وأخيه نور الدين اللذين وصلا إلى حماة في عشرين ألفاً، فأرسل معين الدين إلى الفرنج مهدداً: «إن صاحب الشرق قد حضر، فإن رحلتم وإلا سلمت دمشق إليه، وحينئذ تندمون»، كما أرسل إلى صليبيي بيت المقدس في الشام يقول : «بأي عقل تساعدون هؤلاء الغرباء علينا، وأنتم تعلمون أنهم إن ملكوا أخذوا بلادكم، وأنا إن ملكت سلمت البلد إلى أولاد زنكي، فلا يبقى لكم معه ملك»، وأطمعهم ببانياس إن هم رحلوا عن دمشق، فأجابوه إلى ذلك خشية سيطرة نور الدين وأخيه على دمشق، فلا يبقى لهم مقام بالساحل.

بعد رحيل الفرنج عن دمشق سقطت بلدة العُرَيمة في يد ملك الألمان وصاحب جزيرة صقلية، وعزما على أخذ طرابلس أيضاً، ووصلت رسل صاحب العريمة إلى نور الدين ومعين الدين فسارا إليه مجدين وكتبا إلى سيف الدين يطلبان منه المدد فأمدهما، فحاصروا الحصن ونقبوا سوره فاستسلم الفرنج ووقع صاحب صقلية أسيراً، وعاد معين الدين إلى دمشق، وأغار على من بقي من الفرنج في أعمال دمشق، وخيّم في ناحية من حَوْرَان بالعسكر، وكاتب العرب، واستدعى جماعة وافرة من التركمان، وأطلق أيديهم في نهب قوات الفرنج والفتك بهم، فلم يزل على النكاية فيهم والمضايقة لهم في أعمال دمشق.

وفي سنة 544هـ أنفذ نور الدين إلى معين الدين يعلمه أن صاحب أنطاكية قد جمع إفرنج بلاده وظهر يطلب بهم الإفساد في الأعمال الحلبية، وأنه قد برز في عسكره إلى ظاهر حلب للقائه، والحاجة ماسة إلى معاضدته، فندب معين الدين مجاهد الدين بزان بن مامين في فريق وافر من العسكر الدمشقي لمناصرته؛ وبقى معين الدين في باقي العسكر بناحية حَوْرَان.

وبينما كان المجاهد معين الدين يدبر أمر جيشه بحوران تولد معه مرض في الكبد أجبره على العود إلى دمشق، فقضى فيها، ودفن في إيوان الدار الأتابكية التي كان يسكنها، ثم نقل بعد ذلك إلى المدرسة التي عمّرها في دمشق، واسمه مكتوب على بابها.

كان معين الدين عاقلاً سائساً مدبراً حسن الديانة ظاهر الشجاعة كثير الصدقات، محباً للعلم والعلماء، فيُذكر أنه بنى مدرسةً للواعظ محمد بن أسعد بن البغدادي الحنفي، وتنسب له المدرسة المعينية التي تم بناؤها بالطريق الآخذ إلى المدرسة العصرونية في دمشق شمالي دار البطيخ اليوم ، كما ينسب له قصير معين الدين بالغور.

كان أباً حكيماً ومربياً فاضلاً فابنه سعد الدين مسعود أنر وُلي سنجار وظهر منه حسن السياسة فيها، وابنته عصمة الدين خاتون[ر] أكرم النساء وأحزمهن وأعفهن صاحبة أوقاف كثيرة في دمشق، التي زوَّجها أخوها سعد الدين بصلاح الدين الأيوبي[ر] سنة 572هـ بعد أن مات عنها الملك العادل نور الدين.

وفيه يقول الأمير مؤيد الدولة أسامة بن منقذ [ر] لما لقي الفرنج في أرض بصرى وصرخد مع نور الدين:

كل يوم فتحٌ مبينٌ و نصرُ

                      واعتلاءٌ على الأعادي و قهرُ

صدق النعت فيك أنت معين الـ

                      ـدين إن النعوت فأل وزجـر

أنت سيف الإسلام حقا فلا

                      فُل غراريك أيها السيف دهـر

 لم تزل تضمر الجهاد مسرّاً

                      ثم أعلنت حين أمكن جهــر

 كل ذخر الملوك يفنى و ذخرا

                      ك هما الباقيان أجر و شكــر

 

هبة ترجمان
مراجع للاستزادة:

ـ شهاب الدين المقدسي، كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (دار الجيل، بيروت د.ت)

ـ الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرناؤوط (مؤسسة الرسالة، بيروت 1981).

ـ البنداري، سنا البرق الشامي، تحقيق رمضان ششن (دار الكتاب الجديد، بيروت 1971).

 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.