وليم مكدوغل
Tuesday, May 30, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
علم النفس عند مكدوغل هو العلم العرضي لسلوك الكائنات الحية، وعموماً يقع علم النفس على الحدود الأساسية لعلم العقل أو علم العمليات العقلية والنفسية، أو علم الشعور، أو خبرة الفرد الشخصية، ويرتبط معه ليصبح كلاً واحداً. وينتقد مكدوغل علماء النفس التقليدين الذين يتمسكون بالرضا والاطمئنان، والإدراك الجامد الضيق الأفق لعلم النفس بوصفه علم الشعور، لذلك قام بتحفيز علماء النفس على قلب المفاهيم التقليدية في علم النفس من أجل تحقيق الغاية القصوى لهذا العلم، بتحويله إلى علم وضعي للعقل في جميع وجوهه واتجاهاته وأحواله الوظيفية ليصبح العلم الوضعي لتدبير السلوك .
يعد مكدوغل من أهم مؤسسي علم النفس الاجتماعي، ومن الذين بذلوا الجهد وتحملوا المشقة من أجل تأسيس علم النفس الذي يهتم بالمشكلات الاجتماعية، وذلك لأن علم النفس ما قبل مكدوغل كان غارقاً في دراسة العمليات العقلية وتفاصيل الإحساس والذاكرة ونشوء العادات، ولم تكن العلوم الاجتماعية تمس جيداً مشكلات الدوافع أو تُعنى بتفاصيل العمليات العقلية أو الحركية. ومن هذه الجوانب المتعددة في جمود الأبحاث المتعلقة بعلم النفس أو بالعلوم الاجتماعية، كانت ثورة مكدوغل على النظام العلمي القائم ثورة مزدوجة، فمن جهة قام بنقد علم النفس ذي النزعة العقلية الأحادية الجانب، ومن جهة أخرى قام بنقد العلوم الاجتماعية وطريقة تفاعلها مع معطيات علم النفس، وبذلك يكون قد أسهم في إلغاء الاعتقاد السائد بأن الاستبطان هو وحده المنهج الصحيح لعلم النفس؛ لأن دور الانفعال في الحياة العقلية هو أقل الميادين فائدة كما كان يُقدم عن طريق الملاحظة والوصف الباطنيين، وانتقد مكدوغل الافتاض القائل:ر إن السلوك الإنساني كله عقلي قائم على تدبير العواقب، لأن السلوك الإنساني كما يرى مكدوغل يعود بأصله إلى دوافع عقلية، وعلى العلوم الاجتماعية أن تبني نفسها على هذا الأساس السيكولوجي، وهذا ما دفعه إلى الإلتفات جدّيّاً إلى دور الغرائز في السلوك الإنساني، وكان اهتمامه بالغرائز الإنسانية حافزاً مهماً من أجل تطوير علم النفس الاجتماعي ودراسة دوافع السلوك الإنساني. والغريزة عند مكدوغل ليست مجرد رد فعل حسي وحركي لأنها مرتبطة بالانفعال؛ بل هي دافع أولي وتحفز فطري للفعل، لأنها من ناحية الاستقبال reception هي استعداد لملاحظة تنبيهات معينة تثير النشاط، ومن ناحية الفعل action هي استعداد للقيام بحركات معينة أو إحداث تغيرات خاصة في الموقف، ومن الناحيتين الاستقبال والفعل يتم الاتصال الذي هو صلب الغريزة وجوهرها، وعلى هذا الأساس فإن غريزة الخوف (على سبيل المثال) تشمل تثبيت الانتباه في الأشياء التي تثير الريبة في النفس، وفي هذه النقطة يبرز تميز مكدوغل في فهمه علم النفس الغائي (القصد) إذ أسهم في إعادة بناء هذا العلم على أسس جديدة، إن الغرض أو القصد هو ما يتصوره المرء نتيجة لأفعال يصمم على القيام بها تحقيقاً لما يتصوره، والقصدية هي النظرية السلوكية التي ترى أن الأغراض مفهومة على نحو ما، إضافة إلى المنبهات والدوافع، وهي التي تحدد السلوك وتعينه. وقد أسس مكدوغل مذهبه في القصدية بعد أن غادر إنكلترا إلى أمريكا عام 1920، ليثبت أن دور الدافع القصدي في علم نفس الفعل أدنى من علم نفس الخبرة أو علم النفس البنائي، ويتميز مكدوغل في منهجه لعلم النفس الغائي (القصدية) من فرويد S.Freud ويونغ C.Jung وإدلر A.Adler الذين يحددون طائفتين من الغرائز، إلا أن مكدوغل يوحِّد الطائفتين ويعدّهما طائفة واحدة تقوم بالسيطرة على السلوك الإنساني، وبالرغم من الاضطراب المسيطر على تصنيف الغرائز عند مكدوغل إلا أنه يُعدّ بجدارة المؤسس الفعلي لهذا الاتجاه بعلم النفس الاجتماعي، مع أنه يخلط بين الغرائز والدوافع والانفعالات، فهناك غريزة الهروب من الخطر مع انفعال مصاحب بالخوف، وغريزة المقاتلة (الحفاظ على النوع والبقاء) مع انفعال الغضب، وغريزة النفور والكراهية (التقزز)، وغريزة الولاية في حماية الصغار (الأمومة) مع الشعور بالحنان، وغريزة الألم الغريزية مع الشعور بالعجز وفقدان المعونة وغريزة التزاوج (الجنس) مع الانفعال الجنسي، وغريزة حب الاستطلاع، وغريزة الخضوع مع الشعور بالتواضع، وغريزة تقدير الذات مع الشعور بالتفوق، وغريزة نشدان الصحبة (التجمع) مع الشعور بالعزلة، وغريزة البحث عن الطعام، وغريزة الاختزان مع الشعور بالملكية، وغريزة الإنشاء (التكوين) مع الشعور بالإبداع، وغريزة الضحك مع الشعور بالتسلية والعبث، وهذه الغرائز الكبرى كما يراها مكدوغل تؤدي دوراً كبيراً في حياة الإنسان وتُعدّ الدوافع الأولية اللازمة لتأسيس الأسرة والمجتمع والدين، كما تُعد الدافع الأساسي لنشوب الصراعات والحروب بين المجتمعات الإنسانية، وجميع أنواع النشاط الإنساني. والغرائز ليست مكتسبة كما يراها مكدوغل إنما تنتقل إلى الإنسان عن طريق الوراثة وتعد الأصل في كل نشاط، ومن دونها لايمكن القيام بأي فعل أو نشاط؛ لأن الآلية العقلية والحركية من دون الغرائز أشبه بمعمل قطعت عنه الطاقة، ولا يقر مكدوغل بأن توحيد الفعل المنعكس مع السلوك يتجه نحو هدف معين مع الاحتفاظ بالحاجة إلى الغرائز والدوافع للاتجاه نحو أي هدف، وبالرغم من أن مكدوغل يتمسك بنظرية وراثة الغرائز والدوافع الأساسية، إلا أنه لم يهمل أهمية الاكتساب، لأن الغريزة من وجهة نظره قابلة للتحول والتهذيب عن طريق الخبرة، ويترك بذلك مجالاً كبيراً للاكتساب سواء من الناحية الحسية أم من الناحية الحركية، لكنه يرى أن جوهر الغريزة والانفعال يبقى في أصله وجوهره منطلقاً من أصله الوراثي، وجميع أنواع السلوك مدفوعة بالغرائز مباشرة، ولايمكن أن يقوم السلوك الاجتماعي في أساسه على اعتبارات عقلية ولا على غريزة اجتماعية واحدة، بل على الارتباط العلائقي بين جميع الغرائز، لأن غريزة القطيع تدفع الناس إلى التجمع فقط، وليس لها دور آخر، لكن عندما يتم هذا التجمع، فإن جميع الغرائز الأخرى تتكيف وتتحول وتتهذب وتمارس دورها وفقاً للمواقف الاجتماعية المتنوعة، وترتبط بالعواطف التي تعد الحوافز المحركة لجميع أنواع النشاط الاجتماعي .
استقبل علم النفس الاجتماعي الذي أسسه مكدوغل نوعاً أساسياً من فروع علم النفس بحماس كبيرة من قبل علماء النفس بمختلف مدارسهم واتجاهاتهم، وأدى إلى كثير من المناقشات والأبحاث والكتب، وقد تطورت نظرية مكدوغل في الغرائز لتستقر فيما يُسمى حالياً الأساس الوظيفي لعلم الاجتماع.
وأهم مؤلفات مكدوغل هي:
ـ «مدخل لعلم النفس الاجتماعي» Introduction to Social Psychology ت(1908)، «عقل الجماعة» The Group Mind ت(1920)، «معالم علم النفس» Outline of Psychology ت(1923)، «علم نفس الشواذ» Abnormal psychology ت(1926).
عصام عبود
الموضوعات ذات الصلة:
السلوك الإنساني ـ علم النفس.
مراجع للاستزادة:
ـ روبرت ودرث، مدارس علم النفس المعاصر، ترجمة كمال دسوقي (دار النهضة العربية، بيروت 1981).
ـ حلمي المليجي،علم النفس المعاصر (دار النهضة العربية ، بيروت 2000).
- D. Adam “William McDougall”, Psychological Review (1939).
- C. Burt, The Permanent Contributions of McDougall to Psychology, British Journal of Educational Psychology (1955).
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور