مكرم

عمر

Tuesday, May 30, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: حسن نجفی
موارد بیشتر برای شما
عمر
(نحو 1755 ـ 1822م) عمر مكرم زعيم سياسي مصري، بطل المقاومة الشعبية ضد الاحتلالين الفرنسي والبريطاني لمصر وضد ديكتاتورية محمد علي باشا. له مكانة مرموقة بين أعلام العرب منذ ظهر في الحياة السياسية في أواخر القرن الثامن عشر.

ولد عمر مكرم في مدينة أسيوط بصعيد مصر لأسرة شريفة النسب تنتمي إلى الدوحة النبوية الشريفة. وتعلَّم بالأزهر حيث أمضى في رحابه سنين عديدة يتلقى العلم على يد علمائه، ولما أتم دراسته في هذه الجامعة العريقة، تولى نقابة الأشراف عام 1791 وبقي فيها خمس سنوات أسهم فيها بنصيب موفور في خدمة المجتمع المصري.

لمع اسم عمر مكرم حينما جاءت الحملة الفرنسية بقيادة نابليون في 3 تموز/يوليو 1798 واستولت على الإسكندرية، فتقدم على رأس جمهور من أهالي القاهرة للدفاع عنها، ورفض أن يكون من أعوان الاحتلال الفرنسي على الرغم من وسائل الإغراء التي استخدمها معه رجال الحملة. وبرز عمر مكرم زعيماً شعبياً مسلماً في عقيدته، أزهرياً في ثقافته، عربياً في أصالته، التصق بالشعب وبثّ فيه روح العزة والكرامة، وكان الشعب المصري يفزع إليه كلما اشتدت عليه مظالم الحكام.

قاد عمر مكرم عام 1805 ثورة شعبية ضد الوالي العثماني أحمد خورشيد فعزل الوالي الظالم وتولى محمد علي باشا الذي حكم مصر وفق مبادئ وضعها عمر مكرم، وكان أهمها العدل وعدم استغلال الشعب والرجوع إلى الزعماء الشعبيين، وغدا عمر مكرم زعيم مصر في مطلع القرن التاسع عشر.

وبرز اسم عمر مكرم جليّاً حينما تعرضت مصر في سنة 1807 للحملة البريطانية التي كانت تجمع خليطاً غريباً من الجنود الإنكليز والإيطاليين ومن المهاجرين الفرنسيين الذين وقفوا موقفاً عدائياً من الثورة الفرنسية، وقام باستنفار الشعب المصري وأمر بإيقاف الدراسة في الأزهر الشريف والتصدي للعدوان، وجمع المتطوعين وجهّزهم للسفر إلى رشيد وأسهم في إقامة التحصينات العسكرية حول القاهرة. وقد أخفق العدوان البريطاني على مصر وعادت فلول الحملة إلى جزيرة صقلية. أما مكانة عمر مكرم عند محمد علي فقد كانت عالية، فكان ذراعه اليمين ومستشاره في كثير من القضايا. واستطاع محمد علي بفضل وقوف عمر مكرم إلى جانبه أن يجتاز بنجاح الأزمات والصعاب التي واجهته في السنوات الأولى من حكمه. ولما وطَّد محمد علي أركان حكمه، بدأ يكشف عن نزعته الفردية الديكتاتورية، فأراد إقصاء الزعامة الشعبية صاحبة الفضل عليه في الوصول إلى السلطة، وتنكر لها وأخذ في فرض الضرائب الباهظة على الشعب المصري، وهدد بقطع الرقاب إذا ما فكر أحد في الثورة عليه. فأدرك عمر مكرم أن محمد علي انحاز إلى الموقع المعادي للجماهير فكان لا بد من المعارضة ثم الصدام معه.

وقف عمر مكرم في معارضته لمحمد علي موقفاً بطولياً فريداً لم يقفه غيره من زعماء مصر في ذلك الوقت، الذين خضعوا لسياسته الظالمة إما خوفاً من بطشه أو طمعاً في المزيد من الأموال والمناصب. ونجح محمد علي بتأليبهم على زعيمهم عمر مكرم، ووقف الزعيم بمفرده صامداً في أحلك الأوقات في وجه محمد علي وحكمه المستبد ولم يرهبه جبروت هذا الحاكم، أو يبهره بريق المال ولا المناصب، بل ظل وفياً لمبادئه مناضلاً في سبيل حقوق الشعب العربي في مصر.

قاد عمر مكرم معارضة جريئة ضد اختلاس أموال الدولة، وتزوير كشوف المصروفات  للحكومة المصرية التي كان يبعث بها محمد علي إلى الباب العالي في الأستانة. نفاه محمد علي في 5 نيسان/أبريل 1822 عقب الانتفاضة الشعبية التي حدثت في القاهرة، والتي قام بها علماء الأزهر في 21 آذار/مارس 1822. وصودرت أمواله وحددت إقامته ونزعت منه نقابة الأشراف. وتوفي عمر مكرم في منفاه بطنطا وقد قال فيه مصطفى صادق الرافعي: «لم يُعرف فضله ولا كوفئ على جهاده، بل كان نصيبه النفي والحرمان والإقصاء من ميدان العمل، ونكران الجميل».

كان عمر مكرم زعيماً شعبياً مصرياً أصيلاً، اتصف بالشجاعة الأدبية والصدق والصبر والثبات والترفع عن الصغائر والتنـزه عن الأحقاد الشخصية. لم يستهوه جاه أو مال أو سلطة، ومن هنا كانت قيمته زعيماً وطنياً وأخلاقياً. سجل في تاريخ وطنه صفحات ستظل باهرة عبر القرون، وقد عرفت الحكومة المصرية قدر هذا الزعيم فشيدت مسجداً فخماً يطل على ميدان التحرير الذي يُعد أكبر ساحة في القاهرة وأطلقت على هذا المسجد اسم عمر مكرم.

ترك عمر مكرم مكتبة كبيرة حُفظ القسم الكبير منها في دار الكتب المصرية بالقاهرة.
 محمد أحمد

مراجع للاستزادة:
ـ محمد فريد أبو حديد، زعيم مصر الأول السيد عمر مكرم (طبعة خاصة، القاهرة 1997).
ـ عبد العزيز الشناوي، عمر مكرم بطل المقاومة الشعبية (دار الكاتب العربي، القاهرة 1967).


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.