ابن مكانس

Monday, June 5, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: حسن نجفی
موارد بیشتر برای شما
عبد الرحمن بن عبد الرزاق ابن مكانس (745 ـ 794 هـ/ 1345 ـ 1392م) فخر الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن عبد الرزاق بن إبراهيم بن مكانس القبطي، الوزير الأديب الشاعر. ولد في القاهرة لأسرة قبطية، وكان والده كاتباً في دواوين الدولة، أنشأ ابنه على ذلك، وهيأه للعمل فيها، فاستهواه الأدب وجالس الأدباء وأخذ عنهم فن النظم والشعر، وأسلم في العشرين من عمره قبل أن يخدم في ديوان الإنشاء في القاهرة،  ويتقلب في أعمال الدولة، فخلف أخاه كريم الدين في نظارة الدولة، وتنقل في الولايات، وتولى الوزارة في بلاد الشام، وصحب السلطان الظاهر برقوق في رحلته إلى حلب، واستدعي من دمشق لتولي الوزارة في القاهرة، فدُس له السم في الطريق، ومات في بلبيس قبل أن يدخل القاهرة ولم يكمل الخمسين من عمره.

كان فخر الدين بن مكانس قوي الذهن حسن الذوق حاضر النادرة، يتوقد ذكاء، حسن العشرة دمثا، أتقن عمل الدواوين وصناعة الحساب وفن الكتابة، وأولع بالأدب ومطارحة الأدباء، فنظم ونثر مع قصور في إتقان العربية، لكن معاصريه ومن جاء بعدهم أشادوا ببراعته في تدبيج الرسائل وإقامة الصنعة الفنية في الشعر، وعدوه أحد فحول الشعراء في عصره وفق مقاييسهم للإجادة والإبداع.

ولابن مكانس نثر كثير، أنشأ بعضه في ديوان الإنشاء، ودبّج بعضه الآخر في الرسائل التي تبادلها مع أدباء عصره، وهو نثر مصنع، يغلب عليه الازدواج والسجع، ويحفل بضروب الصنعة البديعية والإشارات التراثية وإن لم يبلغ في تعقيده ما بلغه أدباء عصره، لأنه لم يحصل ثقافة لغوية عالية تساعده على تركيب عباراته من ثقافته العلمية ومن فنون البديع السائدة في أيامه، ولكنه جارى أدباء القرن الثامن الهجري في طريقتهم، وربما زاد عليهم لأنه قصد إلى إظهار معرفته ومهارته في الزينة اللفظية والعمق المعنوي .

وله ديوان شعر غلب عليه الوصف والمطارحة والغزل والخمر وشيء من المجون وبعض الحكمة المستفادة من تجاربه في الحياة، ويتسم شعره بالسهولة واللين وكثرة الصنعة البديعية، ومحاولته اللحاق بشعراء عصره في نكتهم البديعية، حتى قيل: إنه أول من اخترع التورية الملفقة ، ولم تكن تعهد قبل ذلك. وقد أشاد المتأخرون بأدبه فوصفوه بمالك أزمة البلاغة وملك المتأخرين نظماً ونثراً، وقالوا: إن شعره في غاية الحسن والرقة والانسجام، وديوان شعره مشهور كثير الوقوع بأيدي الناس. لأن أدبه وافق ذوقهم ونظرتهم الجمالية للأدب.

من نثره قوله في رسالة إلى والده يشكو رمداً أصابه:

«فلو رآه وقد أخذت عيناه من العناصر الثلاثة بنصيب ، وعوّضها الهواء عن التراب بمضاعفة الماء واللهيب، لرأى من نارها ما يفحم القلوب، ومن دمعها ما هو البلاء المصبوب، واستمر انهمالهما حتى أنشدها المتوجع: «قارنها الدمع فبئس القرين»، وطالت مدة رمده حتى {لقد أتى على الإنسان حين} وتزايد خوف المملوك على مقلتيه وشحه بكريمتيه، ففصد في الذراعين، وكاد أن يصير، لولا منَّ الله تعالى عليه، أثراً بعد عين».

ومن شعره الدال على طريقته فيه قوله في الغزل:

عُلّقْتُها مَعْشوقةً خالُها                      إنْ عمّها بِالحُسْنِ قَدْ خَصَّصا

يا وَصْلَها الغَاليْ ويا جِسْمَها               لله ما أَغْلى وما أَرْخَصا

ولابن مكانس أرجوزة مشهورة في الهزل والتحامق، دعا فيها إلى انتهاب الملذات، وصفها بقوله:

ما جنة خليعة

بليغة مطيعة

قدّم فيها وصية للناس، جاء فيها:

وهذه الوصِيّه

للأنفس الأبيّه

أختارها لنفسي

وإخوتي وجنسي

لا تركب الجمالا

لا تصعد الجبالا

لا تنكح الغيلانا

لا تقتل الديدانا

لا تندب الطلولا

ولاتكن مهبولا

  محمود سالم محمد

مراجع للاستزادة:
ـ ابن حجر العسقلاني، الدرر الكامنة، تحقيق محمد جاد الحق (دار الكتب الحديثة، القاهرة 1966م).

ـ ابن حجة الحموي، خزانة الأدب (مكتبة الهلال، بيروت 1987).

ـ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، تحقيق محمد شمس الدين (دار الكتب العلمية، بيروت 1992م).

ـ ابن إياس، بدائع الزهور، تحقيق محمد مصطفى (الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1984م).

 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.