ملياغروس

Friday, June 9, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
ملياغروس
(نحو 140 ـ 70 ق.م) ملياغروس Meleagros (أو ميليغر Meleager) شاعر سوري قديم مُتَهَلْيِن (نسبة إلى الهلنستية) من أتباع الفلسفة الكلبية. عاش في العصر الهلنستي، وجمع أروع الأشعار القصيرة (إبيغرام Epigram) في ديوان شكل صلب المختارات الشعرية المعروفة بـ«المقتطفات الإغريقية» Greek Anthology. ولد في مدينة غَدارا Gadara (حالياً أم قيس في الجنوب الشرقي من بحيرة طبريا التي ينسب إليها) التي كانت إحدى مدن الديكابوليس[ر] Dekapolis، ومهد أشهر مراكز الثقافة الإغريقية في سورية، وقد أنجبت عدداً من الشعراء، كما كانت موطن الفيلسوف الكلبي منيبوس[ر] Menippos الذي تتلمذ على يديه كثير من المثقفين الذين جاؤوه من كل حدب وصوب، لينهلوا من أفكاره وفلسفته. وقد تأثر ملياغروس بتعاليم هذا الفيلسوف في باكورة أشعاره، وهي مجموعة من المحاورات الناقدة الساخرة التي صاغها على نمط أهاجي أستاذه منيبوس وسماها باسم ربات البهجة والبهاء Charies، ومزج فيها بين الشعر والنثر وانتقد مساوئ عصره الاجتماعية، ولكنها فقدت.

أمضى ملياغروس الشطر الأكبر من حياته في مدينة صور الجميلة الحافلة آنذاك بكل أنواع البهجة والمسرات. أحب التنقل والأسفار وأخيراً استقر به المقام في جزيرة كوس Kos الواقعة في بحر إيجة، حيث أمضى آخر أيامه. وعكف هناك على جمع أجمل المقطوعات الشعرية الإغريقية في ديوان أسماه «الإكليل» Stephanos للشعراء الغنائيين القدامى والمعاصرين بدءاً من الشاعرة الشهيرة سافو[ر] Sappho وانتهاء بشعراء عصره. ويذكر في القصيدة الافتتاحية أسماء 47 شاعراً وشاعرة اختار من كلٍ منهم الزهرة التي تتناسب مع جمال أشعاره؛ فشبّه سافو بالزنبق وكَليماخوس[ر]  بالنرجس وأناكريون[ر] بالزنبق البري. وقد رتب ملياغروس مختاراته وفقاً للحرف الأبجدي الذي تبدأ به الكلمة الأولى من القصيدة. وقد وصلت هذه المختارات ضمن المجموعة الشعرية المسماة «المقتطفات البالاتينية» Anthologia Palatino العائدة إلى القرن العاشر الميلادي.

كان ملياغروس أشهر من كتب المقطوعات الشعرية المسماة إبيغرام، ولكن لم يبق من نتاجه الشعري سوى نحو 130 مقطوعة، موجودة في ديوان «الإكليل»، ويدور معظمها حول موضوعات العشق والغرام. وكثيراً ما يقارن محبوباته بنضارة الزهور وأريج الورود، وهي ظاهرة مميزة لشعره. كما أنه ابتكر صوراً أدبية رائعة شاعت من بعده، فهو يتمنى أن يتحول إلى إله النوم Hypnos كي يحظى بقرب الحبيبة، ويبحث عن إله الحب إروس Eros الذي يجده مختبئاً في عينيها، كما يتخيل قلبه مثل الكرة التي يلعب بها إروس وحبيبته. أما أكثر محبوباته تأثيراً في حياته فهي هليودورا التي لم يطق ملياغروس البقاء في مدينة صور بعد وفاتها فانزوى بعدها في جزيرة كوس وانصرف إلى الشعر، وقد رثاها بأشعار تعبر عن صدق الإحساس واللوعة ومرارة الحزن والفراق.

تظهر قصائد ملياغروس صوراً من الحياة الاجتماعية المعاصرة في صور وغيرها من المدن السورية في العصر الهلنستي، ويبدو أن الطبقة الغنية من رجالات المدينة كانت تعيش حياة البذخ والترف وتسعى وراء المتعة والسعادة في كؤوس الشراب والجري وراء الحب والغواني. وقد امتاز شعره بالرشاقة وحسن الصقل والصنعة وبراعة التصوير ودقة التعبير وجماله، متأثراً بشعراء مدرسة الإسكندرية والعصر الهلنستي، وكان تأثيره كبيراً في الشعراء الرومان مثل ڤرجيليوس[ر]  (الرعوية الثامنة) وأوڤيد[ر] وكاتولوس[ر]. كما سار على نهجه الشاعر فيليبوس السالونيكي Philippos الذي أصدر في منتصف القرن الأول الميلادي مجموعة أخرى من الأشعار الإبيغرامية التي أكملها الأديب البيزنطي قسطنطين كفالاس Konstantinos Kephalas وأخرج «المقتطفات البالاتينية» الشهيرة.

 محمد الزين

مراجع للاستزادة:
ـ محمد حمدي إبراهيم، الأدب السكندري (القاهرة 1985).

-The Oxford Classical Dictionary, 2nd edition: (Oxford 1970).

 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.