ابن مُناذِر

محمد

Saturday, June 24, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
ابن مُناذِر (محمَّد ـ)(… ـ 198هـ/… ـ 813 م)  محمَّد بن مُناذر مولى بني صبير ابن يربوع، يكنَّى أبا جعفر، وأبا عبد الله، وأبا ذريح. أديبٌ شاعر مقدَّمٌ في العلم باللُّغة، نشأ في البصرة، وكان أوَّل أمره ناسـكاً، ثمَّ تهتَّكَ، وقذفَ أعراضَ أهل البصرة، فأُخْرِجَ منها، فهربَ إلى الحجاز، وبقيَ فيه حتى مات في مكَّة.

له نوادرُ مع الأدباء والخلفاءِ وعامَّة النَّاس. لقيَ أبا نواس، وله معه أخبار، ودخل أبو العتاهية على الرَّشيد يوماً فقال: يا أمير المؤمنين، هذا ابن مُناذر شـاعر البصرة يقول قصيدةً في سنة، وأنا أقول في سنة مئتي قصيدة، فقال الرَّشيد: أدخله إليّ، فأدخله إليه وقدَّر أنَّه يضعه عنده (أي يُنقص من منزلته)، فدخل فسلَّم ودعا، فقال: ما هذا الذي يحكيه عنك أبو العتاهية؟ فقال ابن مُناذر: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: زعم أنَّك تقول قصيدةً في سنة، وأنَّه يقول كذا وكذا قصيدة في السَّنة، فقال: يا أمير المؤمنين، لو كنت أقول كما يقول:

ألا يا عتبة السَّاعهْ                                أموتُ السَّاعةَ السَّاعهْ

لقلتُ منه كثيراً، ولكنَّي الذي أقول:

إنَّ عبدَ المجيد يـومَ تولَّى                       هدَّ ركنـــاً ما كان بالمهدودِ

ما درى نعشُه ولا حاملوه                        ما على النَّعش من عفافٍ وجودِ

فقال له الرَّشيد: هاتِها فأنْشِدْنِيها، فأنشدَهُ، فقال الرَّشيد: ما كان ينبغي أن تكون هذه القصيدة إلا في خليفةٍ، وأمرَ له بعشرة آلاف درهم، فكاد أبو العتاهية يموت غمّاً وأسفاً.

  أكثرُ شعره في الهجاء و السُّخرية، دخل عليه محمَّد بن إسحاق البلخيُّ يوماً، فوجد عنده رجلاً ضريراً جالساً عن يمينه، وآخرَ بصيراً جالساً عن شماله ساكتاً لا ينطق، فقال له ابن إسحاق: ما خبرك؟ فقال:

بين أعمى وأخرسٍ، أخرسَ اللَّـ          ـهُ لسانَ الأعمى، وأعمى البصيرا

قال: فوثبا فخرجا من عنده وهما يشتمانه.

كان مِنْ أحضرِ الناس جواباً. قال له رجل: ما شأنك؟ قال:«عظم في أنفي». قال هذا يهزأ به.

وهو القائل في خالد بن طليق وكان ولي قضاء البصرة:

قُلْ ِلأَمِيــرِ المُؤْمِنِينَ الَّذى              من هاشِمٍ في سِرِّهَا واللُّبَابْ

إِنْ كُنْتَ للسَّخْطَةِ عاقبْتَنَــا              بخالِدٍ فَهْوَ أَشَـــدُّ العِقابْ

كان قُضَاةُ الناسِ فيما مَضَى               من رَحْمَةِ اللهِ، وهذا عَذابْ

يا عَجَبـاً من خالِدٍ كَيْفَ لا                يُخْطِىءُ فِينا مَرَّةً بالصَّوَابْ

   مدح الرَّشيدَ فأجازه، ومن شعره فيه قصيدتُه التي أوَّلها:

ما هيج الشوق من مطوقةٍ         أوفت على بانةٍ تغنينا

وكان يعجبُ الرشيدَ منها قولُ ابن مناذر:

لَمَّا رَأَيْنَا هَارُونَ صار لنا الـ             لَّيْلُ نهـاراً بضْوءِ هارُونا

فلَوْ سَأَلْنا لِحُسْــنِ وَجْهِكَ يا             هارُونُ صَوْبَ الغَمَامِ أُسْقِينا

وقد وهبَ له فيها عشرين ألف درهم، وله شعرٌ في مدح البرامكة، فمن بديعِ قولِه فيهم:

أتانا بنو الأملاك من آل برمكٍ            فيا طيب أخبارٍ ويا حسن منظر

إذا وردوا بطحاء مكة أشرقت             بيحيى وبالفضل بن يحيى وجعفر

فتظلمُ بغدادٌ ويجلو لنـا الدجى            بمكة ما حجوا ثلاثــــة أقمر

فما صلحت إلا لجودٍ أكفهــم            وأرجلهم إلا لأعواد منبــــر

عاقبَهُ الرَّشيدُ على رثائه البرامكةَ بعد إيقاعِه بهم، فأمر أن يُلْطَمَ ويُسْحَبَ.

 

أسامة اختيار
مراجع للاستزادة:               

ـ الأصبهاني،الأغاني (دار الكتب المصرية،القاهرة 1969م).

ـ الثعالبي، لباب الآداب (دار الكتب العلمية، بيروت 1997م ).

ـ ابن قتيبة، الشِّعر والشُّعراء (دار إحياء العلوم، بيروت 1987م ).

ـ ياقوت الحموي، معجم الأدباء أو إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (دار الكتب العلميَّة، بيروت1991م ).

 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.