مَنْزوني
أليساندرو
Monday, June 26, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
أما فِكْرُهُ فقد تأثر بالأدب الفرنسي الاتباعي (الكلاسيكي) وبتيار الاتباعية الجديدة Neoclassicismo. تزوج عام 1808 هنرييت بلونديل Henriette Blondel وكانت من أسرة سويسرية تقطن في ميلانو وتتبع عقيدة المصلح الديني الفرنسي كالڤَن[ر] Calvin. وكانت بلونديل ميّالة إلى التصوف، فاتسعت الهوة بينها وبين زوجها الذي لم يكن ملحداً؛ ولكنه كان - بداية - غير مبال بالمسائل الدينية. واعتنقت الزوجة عام 1810 الكاثوليكية رغبة في التقرب منه. وفي صبيحة أحد الأيام بينما كان يبتهل في كنيسة للخلاص من قلق كبير كان ضحيته، حدث تغيّرٌ في فكره جعله يتطلع إلى حياة روحانية مثالية؛ فتوجه نحو تيار الإبداعية (الرومنسية) Romanticismo بطابعه الديني، ونظم بين عامي 1812- 1813 «أناشيد مقدسة» Inni sacri، اثنتا عشرة أنشودة تتغنى بالطقوس والشعائر الدينية. ثم انكبّ على دراسة الفكر الديني لدى الأدباء الفرنسيين أمثال باسكال[ر] وبوسويه[ر]. كان يأمل في أن يجمع بين الفكر الديني الجانسيني janséniste (نسبة إلى الراهب البلجيكي جانسينيوس) المتشدد والواقع التاريخي. إذ كان هدفه ـ كما يقول ـ: «شعر يتوخى الحقيقة والفائدة بأسلوب سلس مشوّق». أما وظيفة الشاعر: «فلا اختراع فيها بل إبداع في اكتشاف حقائق اجتماعية وأخلاقية أغفلها التاريخ وبالتالي يعمل الشاعر على استكمالها». إلى جانب الشعر كتب مَنْزوني مسرحية تاريخية بعنوان «كرمنيولا» Carmagnola (1816-1820) تحكي قصة قائد مغامر كان راعياً، ثم صار كونت كرمنيولا، وحقق انتصارات بتقديم تنازلات وتضحيات كانت أحياناً على حساب أعوانه وأقربائه. ثم سُجن بتهمة الخيانة، وأُعدم، ولم يجد أحداً يجرؤ على الدفاع عنه، حتى أعز أصدقائه. طرح مَنْزوني في هذه المسرحية موضوع النقلة السريعة إلى الشهرة والنفوذ، وتجاوز وحدتي الزمان والمكان مدرجاً بين فصولها جوقة تترنَّم بالأحداث الثانوية. أما مسرحية مَنْزوني الثانية «أديلكي» Adelchi (1820- 1822)، وهي مثل الأولى تصلح للقراءة لا للتمثيل، تصف مأساة الشعب الإيطالي وتوقه إلى الحرية؛ كما تعكس ألم الشاعر وتشاؤمه على أثر تأملات استخلص منها أن التاريخ دموي ووحشي والعالم مؤلم وجائر، ينتصر فيه فقط الأقوياء وعديمو الذمة.
أما رائعة مَنْزوني وأشهر مؤلفاته فهي رواية «الخطيبان» I promessi sposi (1821- 1823) التي صدرت عام 1825، وتُرجمت إلى لغات عديدة. وتدور أحداثها في منطقة لومبارديا Lombardia شمالي إيطاليا عندما كانت تخضع للسيادة الإسبانية (نحو عام 1630). والأحداث السياسية فيها هي خلفية لقصة عاطفية تربط قرويّين، هما رينزو Renzo ولوتشيا Lucia. وقد أراد مَنْزوني متابعة ما بدأه أدباء القرن الثامن عشر بجعل الأدب ديمقراطياً؛ فاختار بطلين من عامة الشعب يلاحقهما إقطاعي إسباني افتتن بالشابة. وتتشابك قصة الحب وأهواء أصحاب النفوذ وسط منطقة يجتاحها الوباء، فتتضارب مصالح الجائرين والمضطَهَدين. وينزع مَنْزوني القناع عن شخصياته فيبرز فِكْرَها وخلقها البائسين مركّزاً على الجوانب السلبية من لامبالاة وتسلط وتعجرف. وكان الأديب قانعاً بأن الخطأ لا يكمن في عجز الفرد عن رؤية الأمور، بل في غياب إرادته عند رؤيتها. وإذا كان الأشرار هم مصدر الاضطهاد فقد أسهمت الظروف التاريخية في تنمية الشر. كان مَنْزوني يعتقد أن أي تخطيط بشري ـ سواءً وضعه أشرار أم طيبون ـ يخفق ما لم يحظَ بالعناية الإلهية La providènza divina.
تعرض مَنْزوني لأزمات شلّت تفكيره؛ مرض زوجته، ثم وفاتها عام 1833، نشوب خلافات بين زوجته الثانية وأبنائه، فقدانه خمسة أبناء من أصل ستة، ومن ثم أوقف الأديب نشاطه الأدبي باكراً، وتزعزع إيمانه بأهمية الشعر ودوره. لكنه بقي مؤمناً بانتصار الخير على الشر وإن لم يكن على أرض الواقع فسيكون لاحقاً في السماوات.
أسهم مَنْزوني في إحياء الحسّ الوطني لدى قرائه واختار لغة شعبية حيّة هي التوسكانية Toscano التي كان لها دور في جمالية اللغة الإبداعية في إيطاليا.
حنـان المالكي
مراجع للاستزادة:
- ALFREDO GALLETTI, Alessandro Manzoni, 2 vol. ( Milano 1927).
- BENEDETTO CROCE, Alessandro Manzoni, Saggi e discussioni (Bari 1930).
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور