موديلياني

أميديو

Friday, June 30, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
أميديو
(1884ـ 1920) أميديو موديلياني Amedeo Modigliani مصور إيطالي ولد في مدينة ليفورن Livourne. شجعته والدته منذ صغره على السير في طريق الفن؛ إلا أن صحته الضعيفة كانت تقلقها، فقد أصيب بالتهاب ذات الجنب عام 1895، وبعد عامين أصيب بالتفوئيد واختلاطات في الرئتين. درس الفن على يد أستاذه الفنان ميكلّي Micheli، ولكن المرض عاوده عام 1900، فترك الدراسة؛ ليتجول في نابولي وروما وفلورنسا والبندقية، وفي هذه الجولة اطلع على أعمال فناني عصر النهضة كما اطلع على أشعار دانتي Dante ودَنونتسيو D’Annunzio وكاردوتشي Carducci، وقد دفعه إعجابه بها إلى محاولة كتابة الشعر.

أميديو موديلياني: "جاك وزوجته" (1916)

عاد موديلياني عام 1902 إلى فلورنسا؛ لينتسب إلى المعهد الحر للرسم العاري، ولكن الرسم في بادئ الأمر لم يكن يستهويه، فكان ميالاً إلى فنون الكلمة والفكر، مثل الأدب والفلسفة، ولاسيما أفكار الفلاسفة نيتشه واسبينوزا.

وفي عام 1906 تحقق حلمه بالانتقال إلى باريس عاصمة الفن في أوربا، وأقام بمرسم متواضع في شارع كولنكور Caulaincourt. واشتهر الفنان الشاب بوجهه الجميل الحزين وبقامته الطويلة وشكله المتأنق وتصرفاته؛ مما جعله علماً من أعلام المنطقة. وهناك تعرف مشجع الفنانين الدكتور بول ألكسندر Paul Alexandre الذي ساعده مادياً ومعنوياً، واقتنى عدداً من لوحاته، وربطت بينهما صداقة متينة.

وفي عام 1908 انتسب إلى جماعة «الفنانين الأحرار» وعرض في معرض الصالون أول مرّة خمس لوحات؛ من بينها لوحة «امرأة إيطالية» - متحف المتروبوليتان ولوحة «عازفو الفيولنسيل». وفي السنة التالية تعرف النحات برانكوزي Brancusi وتطورت علاقتهما، إذ نمت عند مودلياني موهبة النحت، فنحت تماثيل من الحجر لرؤوس فريدة ومبتكرة جمعت بين الفن الإفريقي والفن الاتروسكي. ودفعته حماسته في هذه الفترة؛ ليعود إلى بلدته ليفورن؛ ولينحت أعماله في مقالع «كرارا»، وكان عملاً شاقاً وخطيراً أضر بصحته الهشة؛ مما أجبره على العودة إلى باريس والاكتفاء بنحت التماثيل الخشبية.

وفي عام 1910 عرض ستّ لوحات في معرض الفنانين الأحرار. كما عرض سبعة تماثيل في معرض صالون الخريف، وإبان الحرب العالمية الأولى تعرف عدداً من الشخصيات، وربطت بينه وبينهم علاقة متينة أثرت في حياته، مثل: الشاعرة الإنكليزية بياتريس هاستنغز Hastings، والشاعر البولوني ليوبولد زبوروفسكي Zborowski، وتاجر اللوحات بول غيوم Guillaume، وكثير غيرهم من الفنانين والمثقفين المشهورين؛ إلا أن مرض السل الرئوي أضناه، فوجد علاجه في الهروب وشرب الكحول وتعاطي المخدرات. ورسم في تلك الفترة اللوحات: «المتزوجون» (1915)؛ متحف الفن الحديث بنيويورك، و«موسى كسلنج» ميلانو، و«امرأة بالطوق» (1917)؛ متحف الفن الحديث بروما، و«جان كوكتو» نيويورك.

أميديو موديلياني: "جان هيبوترن" (1919)

كان موديلياني ميالاً أول الأمر إلى المصورين التكعيبيين؛ ومحباً للفن الزنجي؛ إلى جانب إعجابه برواد عصر النهضة. وكان يرى أن لا تناقض بين الفن الكلاسي التقليدي والفن الحديث المجدد. تأثر بالفنان سيزان كما يُشاهد في لوحة «مدام بومبادور» وفيها رسم سطوحاً واسعة بألوان قاتمة ولمسات ريشة راعشة، فنتج من ذلك أسلوب موديلياني المميز الذي أعاد الأشكال الإنسانية إلى بساطتها، وصارت الشخصيات متطاولة؛ ومحددة بخط بسيط متمايل يفصل مساحات الألوان، وكأن هذه الشخصيات ملصقة على أرضية اللوحة. كما ألغى كثيراً من التفاصيل كحدقات العين، وصارت الوجوه تبدو كالأقنعة. وقد اقتصرت موضوعات لوحاته على رسم الوجوه الصامتة الحزينة، والأجسام العارية المثيرة.

وفي عام 1917 تعرف موديلياني طالبة الفنون الشابة جان هيبوترن Hébuterne التي أحبته، ورافقته مدّة ثلاث سنوات حتى مماته. وفي السنة نفسها نظم صديقه الشاعر زبوروفسكي معرضاً لأعماله. وبمساعدة مادية من هذا الصديق يذهب موديلياني وجان إلى ساحل البحر المتوسط للراحة والاستجمام؛ حيث ولدت لهما طفلة سجلت باسم والدتها. وبعد عودته إلى باريس خريف عام 1919 داهمته الأمراض (التهاب كلوي، وتدرّن رئوي)، فنقل إلى المستشفى حيث وافاه الأجل، وعمره لم يتجاوز ستة وثلاثين عاماً. ودفع الحزن برفيقته جان إلى محاولة الانتحار حيث رمت بنفسها من الطابق الخامس، وبقيت في غيبوبة إلى أن نقلت وابنتها إلى أحد الملاجئ.

اشتهر موديلياني بوصفه نموذجاً للفنان المتفرد في أسلوبه المرتكز على ثقافته الأدبية والفلسفية والتشكيلية وتجاربه المميزة في النحت والتصوير؛ إلى جانب شخصيته المميزة، وحياته القصيرة الطافحة بالحزن والمرض والحاجة؛ بيد أنها حياة حرة نشطة زاخرة بالإبداع الفني، وبعد موته تنافست المتاحف العالمية على اقتناء أعماله بأسعار خيالية.

حسان أبو عياش

  مراجع للاستزادة:

 - PIERRE CABANNE, Dictionnaire international des arts (Bordas, Paris 1979).

- RENÉ HUYGHE et JEAN RUDEL, L’art et le monde moderne (Librairie Larousse, Paris 1969).

 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.