موارد بیشتر برای شما
مهلهل بن ربيعة بن الحارث بن زهير ابن جُشَم، أبو ربيعة، التغلبي، الملقب بـ الزير. اختلفوا في اسمه، فقيل امرؤ القيس، وقيل عدي، ثم اختلف هؤلاء في سبب تلقيبه (المهلهل)، فنسب بعضُهم ذلك إلى قوله:
لمّا توعر في الكُراع هجينُهم
هلهلتُ أثأرُ مالكاً أو صِنْبلا
أما الأصمعي فكان يرى أنه لُقّب مهلهلاً لاضطراب شعره، وقال: «إنما سُمّي مهلهلاً لأنه كان يهلهل الشعر؛ أي يرقّقه ولا يُحْكِمُه». وقال غيره: «سمّي مهلهلاً لأنه هلهل الشعرَ، يعني سلسل بناءه».
وهو شاعر جاهلي قديم، من أقدم الشعراء الذين وصل إلينا شعرهم، من بني تغلب بن وائل القبيلة الربعية العدنانية، التي كانت تسكن في بداية أمرها في تِهامة، وقد أشار إلى ذلك مهلهل في قوله:
غَنِيَتْ دارُنا تِهامةُ في الدهــ
ــر وفيها بنو معدٍّ حلولا
ثم انتقلت هذه القبيلةُ شمالاً نحو نجد، ثم ارتحلت إلى الشمال أيضاً قُبيل الإسلام فاستقرّت في الجزيرة الفراتية، وبقيت فيها بعد الإسلام.
نشأ مهلهل في بيت عز وسيادة، فأبوه ربيعة كان سيد قبائل ربيعة، وهو الذي قاد جموعهم في حرب خَزازَى التي انتصرت فيها القبائل العدنانية الشمالية على قبائل اليمن القحطانية، وأخوه كليب كان سيد قومه بعد أبيه، وبعزّه يُضرب المثل فيقال: «أعز من كليب وائل»، ثم آلت السيادة إلى مهلهل بعد مقتل أخيه كليب، وهذا مما هيأ له أن يعيش شطراً من حياته في رغد من العيش يتلذذ في أوقاته بمعاقرة الخمر ومعاشرة النساء، مما حمل أخاه كليباً على القول له: «إنما أنت زير نساء»، ومن هنا جاء لقبه الزير.
تزوج مهلهل، ولم ينجب أولاداً ذكوراً، ومن بناته ليلى وهي أم الشاعر عمرو ابن كلثوم.
وقاد قبائل تغلب في وقائع كثيرة واجه فيها بني بكر وائل في حرب البسوس ثأراً لأخيه كليب، وقد دامت هذه الحرب نحو أربعين عاماً، ظهرت فيها فروسية مهلهل وشجاعته، وتناقل الرواة أخباره، وأصبحت شخصيته رمزاً للفارس المغوار في كثير من القصص الشعبية، ونسجت حولها أحداث السيرة الشعبية الزير سالم أبو ليلى.
وعلى كثرة المعارك التي قادها إلا أنه لم يمت فيها، وتقدمت به السن، فاعتزل الناس، وارتحل إلى اليمن، ثم قرر العودة إلى قومه، وفي طريق العودة لقيه عمرو بن مالك بن ضُبَيعة البكري، فأسره وبقي في الأسر حتى مات، وقيل في سبب موته غير هذا.
يعد المهلهل أحد أقدم شعراء العصر الجاهلي، قال ابن سلام: «وكان شعراء الجاهلية في ربيعة؛ أولهم المهلهل»، وقيل أيضاً: «وكان أول من قصّد القصائد وذكر الوقائع المهلهل بن ربيعة التغلبي في قتل أخيه كليب وائل».
وقد سبق الشعراءَ إلى عدد من المعاني، ولذلك قيل: هو صاحب أرثى بيت قالته العرب، وهو قوله:
نُبّئتُ أن النار بعدك أوقدت
واستبَّ بعدك يا كليب المجلس
وتكلموا في أمر كل عظيمة
لو كنت شاهدَهم إذاً لم ينبسوا
وقيل هو صاحب أكذب بيت، وهو قوله:
فلولا الريح أُسمِعَ من بحُجْرٍ
صليلَ البِيْضِ تَقْرعُ بالذكور
ومعظم ما وصل إلينا من شعره مرتهن بوقائع حرب البسوس وما دار فيها من فخر بانتصارات، وتهديد ووعيد، من ذلك قوله:
هل عرفتَ الغداةَ من أطلال
رَهْنَ ريحٍ ودِيمةٍ مهطال
وفيها أبيات كرر الشطر الأول فيها كثيراً:
قرّبا مربَطَ المُشهَّر مني
لقحت حربُ وائل عن حيال
قرّبا مَربط المشهّر مني
واسألاني ولا تُطيلا سؤالي
قرّبا مربط المشهّر مني
إن قولي مطابـق لفعالـي
ومن شعره أيضاً:
أليلتنا بذي حُسـُمٍ أنيـري
إذا أنت انقضيتِ فلا تحوري
فإن يك بالذنائبِ طال ليلي
فقد أبكي على الليل القصيـر
وقد اهتم القدماء بشعر مهلهل وجمعوه وشرحوه، إلا أنه لم يصل إلينا من عملهم شيء، وأعيد جمع شعره ونشره حديثاً، وكان أول من نشره السندوبي في كتابه «أخبار المراقسة»، إلا أن ديوانه المنشور لا يجمع كل شعره.
علي أبوزيد
مراجع للاستزادة:
ـ ابن قتيبة، الشعر والشعراء، تحقيق أحمد شاكر (دار المعارف، القاهرة 1966).
ـ الأصفهاني، الأغاني (طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب).
ـ السندوبي، أخبار المراقسة وأشعارهم في الجاهلية والإسلام (القاهرة 1939).
ـ علي أبوزيد، شعراء تغلب في الجاهلية أخبارهم وأشعارهم (المجلس الوطني، الكويت 2000).
ـ طلال حرب، ديوان مهلهل (الدار العالمية، بيروت 1993).
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
