موتزو

Friday, June 30, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
(470 ـ 391 ق.م) موتزو Mo Tzu أو Mo Tseu (أي المعلم مو، حيث تزو تعني معلماً، ويعرف أيضاً بـ مو تي Mo Ti)، وهو فيلسوف صيني، ومؤسس المدرسة الفلسفية المعروفة بالمووية Moism، ثالث المدارس الفكرية الصينية القديمة بعد الطاوية[ر] Taoism والكونفوشية[ر] Confucianism.

ولد موتزو بعد عدة سنوات من وفاة كونفوشيوس Confucius، ونشأ في أسرة متواضعة نسبياً في لو Lu موطن رأس كونفوشيوس، وحسب رأي بعض المؤرخين أنه وُلد ونشأ وعمل بادئ الأمر في سونغ هوا Song-hua.

بدأ موتزو كونفوشياً واستوزره عدد من الإقطاعيين، ثم اتجه إلى التدريس، وأنشأ من خلاله نظاماً كنسياً من الأتباع المتكافلين، وارتد عن الكونفوشية، وانتقدها لسلفيتها الشديدة وتفسيراتها الحرفية للنصوص القديمة.

لم يكتب موتزو بنفسه، لكنّه علّم بالقول وبالقدوة. وقد عاشت مدرسته المؤلفة من سوفسطائيين إلى يوم مجيء سلالة هان، ثم اختفت مع صعود مد الكونفوشية. وكان خيرة ممثليها هو «شو» Chue وكونغ سوين لونغ Kong- Suen Long. وقد دوّن التلاميذ أقوال المعلم في كتاب اسمه «مصنف موتزو» والذي ضم واحداً وسبعين فصلاً، ضاع منه ثمانية عشر فصلاً. وقد تم فيه عرض مذهبه الذي ينم على عبقرية تضاهي عبقرية كونفوشيوس، فتفوق على مذاهب جميع معاصريه من حيث الأصالة والقوة الجدلية، وشُبه في بعض جوانبه بمذهب السيد المسيح (الاعتقاد بإله شخصي وعقيدة الحب العالمي أو الكلي universal love). فالحب العالمي - في نظره - ليس حباً عاطفياً، إنما هو شيء صادر عن العقل، ونافع للناس، ومن مصلحتهم الشخصية ممارسته، وهذا هو مبدأ المصلحة الذاتية المستنيرة enlightened self interest كما يراه موتزو.

أما كتاب موتزو المعروف باسم «مو كينغ» أي «كتاب المعلم الفقهي»- وهو أقدم مصنف في المنطق باللغة الصينية - فقد برهن على براعته في المنطق الجدلي، وغايته التمييز بين الخطأ والصواب، والتفرقة بين الحكومة الفاسدة والحكومة الصالحة، وجلاء أوجه الشبه والمخالفة، واختيار الأسماء الواحدة للأحداث وللأشياء ذات الخصائص المشتركة.

وقد طور أتباع المدرسة المووية المتأخرون منطق موتزو الجدلي وعدّوه وسيلة للوصول إلى الحقيقة، حيث كانوا يرون أنه في الجدل: الفائز هو المحق. وعلى الرغم من ازدهار مذهب المووية في القرون الأولى من انطلاقتها، فإن الصينيين عموماً لم يقدروا المنطق الجدلي لموتزو التقدير الذي كان يأمل فيه، وكان هذا أيضاً موقفهم من الجدليين عموماً.

ويعد موتزو من رواد مذهب المنفعة[ر] utilitarianism الأوائل في الصين، فقد أقام مذهبه على فكرة المحبة الجامعة العالمية علاجاً للفوضى والنزاع، وسلاحاً ضد الحروب، وعلى معيار براغماتي pragmatism [ر: الذرائعية] ثلاثي تُقَوّم بمقتضاه الأقوال والغايات طبقاً لموافقتها لقواعد السلف أولاً ولإمكانية التطبيق ثانياً، ومقدار ما تحققه من خيرات ثالثاً.

وقد حصر موتزو الخيرات في أربعة هي : كل ما يثري الفقراء، ويزيد السكان، ويرفع المخاطر، ويشيع النظام. فكان بذلك رسول محبة وسلام ، ومحامياً عن الحق، وداعياً إلى توحيد العزيمة والمنفعة العامة، وفقاً لمبدأ الاندماج في الأمثل Identification with the Superior وكان يقصد بذلك توحيد العزيمة والمنفعة.

وعلى الرغم من أن موتزو كان يشارك كونفوشيوس الاهتمام بالدعوة إلى مزيد من الرفاهية البشرية نفسها، وعلى أن معيار الرفاهية الإنساني يتمثل في الناس وليس في الطبيعة أو الأرواح، فقد كان يرى أن التأكيد الكونفوشي على رعاية الإنسانية كان أشد غموضاً وعمومية من أن يجلب فعلياً وضعاً إنسانياً أفضل، ورأى أن (الطريق) المفضي إلى تحسين الوضع الإنساني هو الاهتمام برفاهية الناس، وأصبح شعار هذه المدرسة هو: (طوروا الصالح العام وأزيلوا الشر) وكان النفع Utility هو المعيار الذي تمت الدعوة إلى استخدامه في قياس السعادة الإنسانية، فالسعادة حسب مذهب المووية تقاس من خلال الفوائد التي يجنيها الناس، وهذه الفوائد بدورها يمكن أن تقاس من خلال تزايد الثروة والسكان والرضا.

وقد تضاءل انتشار المووية مدرسة ونفوذاً في عصر الامبراطورية الصينية، حيث عانت انحساراً حقيقياً، لكن الاهتمام بها عاد في العصر الحديث ليتزايد من جديد وعلى نطاق واسع؛ لاحتوائها على أفكار سارت على توازٍ مع التعاليم المسيحية والماركسية في آن واحد، وعلى الرغم من أن المووية كانت في العصور القديمة المنافس القوي للكونفوشيوسية قبل أن تنتزع منها الطاوية هذه المكانة، فقد انتهى بها المطاف آخر الأمر إلى أن تسهم إسهاماً غير مباشر في تقوية ودعم الكونفوشيوسية التي كانت تقف ضدها في أغلب المجالات المذهبية تقريباً.

عدنان شكري يوسف
 
 مراجع للاستزادة:

 ـ جون كولر، الفكر الشرقي القديم، ترجمة كامل يوسف حسين، سلسلة عالم المعرفة العدد، 199 (الكويت 1995).

ـ هـ.ج.كريل، الفكر الصيني من كونفوشيوس إلى ماوتسي تونغ، ترجمة عبد الحليم سليم (الهيئة المصرية العامة، القاهرة 1971).

ـ تشوانغ تسي لاوتزو، كتاب التاو، ترجمة ودراسة هادي العلوي (دار الكنوز الأدبية، بيروت 1995).

 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.