موراساكي

شيكيبو

Friday, June 30, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
(نحو 975م ـ نحو 1025م) شيكيبو موراساكي Shikibu Murasaki روائية وشاعرة يابانية بارزة عاشت في أواخر عهد سلالة فوجيوارا[ر] الأرستقراطية التي حكمت اليابان نحو ثلاثة قرون (866 - 1160م)، وكان زوجها أحد أفرادها. تعد روايتها «حكاية غِنْجي» Genji monogatari أول رواية نفسية في تاريخ الأدب العالمي، وإحدى روائع الأدب الياباني. لا يُعرف كثير عن تفاصيل حياتها، ولا حتى اسمها الحقيقي، فاسمها الأول شيكيبو يشير إلى مهنة والدها الذي كان مدير المراسم في البلاط، ولقبها موراساكي أي (الليلكية) يشير إلى إحدى بطلات روايتها وإلى أحد معاني اسم زوجها فوجيوارا، ولاسيما أنها تنتمي إلى أحد الفروع الأقل شهرة وشأناً في هذه الأسرة. كان والدها تماتوكي فوجيوارا Tamatoki Fujiwara شاعراً وموظفاً كبيراً، وكذلك كان جدها. عندما توفيت والدتها أبقاها والدها في عهدته، ولم يُلحقها بعائلة والدتها حسب التقاليد المتبعة حينذاك، فتلقت بإشراف من والدها تعليم الفتيان في اللغتين الصينية واليابانية وفي كلاسيكيات الأدب البوذي. ولسرعة استيعابها وذكائها تمنى والدها لو كانت فتى.

تزوجت موراساكي وهي في العشرين من عمرها، ولكن سرعان ما توفي زوجها، فاعتزلت الحياة العامة لتربية ابنتها حتى عام 1004، وحين عُيِّن والدها حاكماً على إقليم إتْشيزِن Echizen النائي عن موطنها في العاصمة كيوتو Kyoto، رتَّب أمورها بحيث تدخل وصيفةً في خدمة الامبراطورة الشابة أكيكو Akiko زوجة الامبراطور إيتشيجو Ichijo. ومنذ عام 1008 بدأت موراساكي بتدوين يومياتها حول حياة البلاط على جميع الصعد، حتى عام 1011 حين توفي الامبراطور واعتزلت زوجته الحياة العامة مع وصيفاتها. وعندما صار والدها - عام 1012- حاكم إقليم إتشيغو Echigo التحقت موراساكي به مع ابنتها؛ إلى أن أدار ظهره للحياة ودخل الدير البوذي معتكفاً. ولا يُعرف أي شيء عن موراساكي فيما تبقى من حياتها حتى وفاتها في كيوتو. ويرجح بعض الباحثين أن وفاتها كانت في عام 1031 وليس في عام 1014 أو 1016 أو 1025 حسبما ورد في مراجع مختلفة.

استغرقت موراساكي عشر سنوات - ما بين عامي 1001 و1010 - في كتابة روايتها الهائلة الحجم والمؤلَّفة من أربعة وخمسين فصلاً، سردت فيها بأسلوب رشيق؛ جذاب وغني بالإيحاءات تفاصيل حياة الأمير غنجي المليئة بالغراميات، واستمرارها عبر ابنه المزعوم كاورو Kaoru وحفيده المزعوم أيضاً نيوو Niou، على خلفية من الأحداث اليومية أو الاحتفالية البلاطية، الموصوفة بواقعية لافتة. وعلى الرغم من ذلك وجد بعض النقاد أن الفوارق في البنية المجتمعية اليابانية وصراعاتها ومعاناتها كانت في واقع الحال آنئذٍ، أكثر تبايناً وأشد قسوة مما صورته موراساكي في روايتها، ولذا فإن واقعيتها تنتمي إلى الخيال المثالي ولا تصدر عن الواقع الملموس، علماً أن الكاتبة كانت على اطّلاع واسع وعميق على حقيقة أوضاع الحياة في عصرها. ويمكن من سياق السرد تمييز ثلاثة خطوط رئيسية للأحداث وشخصياتها، فالفصول (1- 33) ترتبط بأزهى سنوات غنجي في كيوتو أما في الفصول (34-41) فلم يعد الأمير محرِّك الأحداث ومحورها، بل غرق في كآبة سوداوية واعتكف عن الناس؛ وبطل الفصول (42-54) في قرية أوجي Uji هو الابن المزعوم (الامبراطور الجديد) كاورو، في صراعه مع الحفيد المزعوم نيوو حول معشوقة واحدة. وفي خضم هذه الفصول المتلاحقة الأحداث تحرِّك موراساكي نحو أربعمئة شخصية بدقة وعناية متناهية، معتمدة في أغلب الحالات على تحليل نفسية الشخصية الرئيسية أو الثانوية بغرض تفسير سلوكها ودوافعها. وهكذا تتجلى شخصية الأمير غنجي الذي كان متولِّعاً بأمه التي ماتت عنه باكراً، فصار يبحث في معشوقاته منذ يفاعته عن صورة أمه، من دون جدوى. ونتيجة لعلاقته العابرة بزوجة أبيه الامبراطور، تنجب هذه ابنها الوحيد كاورو، الذي يرسّمه الامبراطور ولياً للعهد، من دون أن يدري أحد بحقيقة الحال سوى الأم. ثم يلتقي غنجي بالصبية الفتية موراساكي ابنة أخت زوجة الامبراطور، فيعجب بها ويقرر الإشراف على تربيتها لتصير لاحقاً زوجته. لكن مغامراته لا تقف عند حد، وعندما يقترب من إحدى عشيقات الامبراطور، يفضحه أعداؤه وحساده مما يؤدي إلى نفيه إلى أوجي، حيث ينتج من علاقته بشابة محلية الابن نيوو، الذي يُعرف بالحفيد، بسبب فارق السن ومراعاةً للسمعة. وعلى أثر تنصيب كاورو امبراطوراً، وقد عَرَف حقيقة أصله، يستعيد غنجي حظوته في البلاط ويخسر في الوقت نفسه حظه وسعادته. فالزوجة المنتظرة موراساكي الجميلة الوفية، تنقاد لشهوةٍ عابرة فتنجب ابناً غير شرعي وتموت، مما يصدم غنجي ويؤدي إلى اعتكافه الحياة حتى وفاته، غير آبه بما يجري بين أبنائه.

تعرضت الرواية نقداً في القرن العشرين للتشكيك بمصداقية نسبتها إلى شيكيبو موراساكي، فرأى بعض الباحثين أن أباها هو الذي وضع المخطط العام للرواية وترك لها أن تملأها بالتفاصيل، ورأى آخرون أن الفضل الأول يعود إلى رجل الدولة الشهير والشاعر ميتشيناغا فوجيوارا Michinaga الذي كان أقرب المقربين من العائلة. كما تكهن بعضهم بأن ابنتها دايني نو سانمي Daini No Sanmi هي مؤلفة الفصول العشرة الأخيرة. ورأى الباحث أوياما أتسوكو Oyama Atsuko أن الرواية لاتعدو أن تكون معالجة أدبية موسعة لسيرة الحياة التاريخية للأمير ميناموتو نو تكاكيرا Minamoto no Takaakira ت(914-982م). وعلى الرغم من جميع هذه التكهنات أو المزاعم تبقى الرواية متميزة في عصرها بأمور عدة، أولها عدم ظهور كائنات إلهية أو خارقة في سياق الأحداث، وثانيها المعالجة النفسية المعقدة لبنية الشخصيات الرئيسية والثانوية على حد سواء، وثالثها تشابك الأحداث من دون تعقيدٍ مبهم، وآخرها جمال اللغة وطواعيتها للتعبير عن مختلف الحالات والشخصيات.

في أربعينيات القرن الحادي عشر أبدى آل فوجيوارا اهتماماً خاصاً بإرث قريبتهم موراساكي فنشروا روايتها، ثم جمعوا قصائدها المهمة التي بلغ عددها 128 قصيدة ونشروها، كما نشروا أيضاً يوميات شيكيبو موراساكي عن حياتها في البلاط الامبراطوري.

نبيل الحفار

  مراجع للاستزادة:
- B.TSUNODA, Murasaki Shikibu to sono jidai, (Tokio 1966).

- G. IMAI, Murasaki Shikibu, (Tokio 1966).

- T.NAKATA, Genji Monogatari no bungeitiki (Tokio 1962).

- LISA DABLY, The Tale of Murasaki: A Novel (Anchor 2001).

 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.