موريللو
بارتولومي إستبان
Thursday, July 20, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
كلِّف موريللو رسم مجموعة من الأعمال الفنيّة لمصلحة دير إشبيليا عام 1645، فرسم لهذا العمل إحدى عشرة صورة منها: «طعام الملائكة» 1646 (في متحف اللوڤر)، ولوحة «القديس دييغو الكالا» San Diego of Alcala (في متحف مدريد)، ولوحة «موت القديسة كلير» The death of St. Clare (في درسدن).
اتسمت هذه المرحلة عند موريللو بتكوينات يداخلها شيء من الركاكة والأجواء المكفهرة الداكنة، ربما كان ذلك لإظهار المرارة والبؤس في الحياة اليومية؛ أو لانسجامه وتآلفه مع رسم الموضوعات الدينية المتصلة بمفاهيم القرون الوسطى التي تقدم موضوعات جامدة وغارقة في سكون مطبق للإيحاء بالرهبة والخشوع.
تزوّج موريللو عام 1648، فكان هذا الزواج فاتحة لمرحلة أسرية سعيدة ومنتجة، ومع أنه اتجه في السنوات العشر الأولى نحو الضبابيات في ألوانه: لوحة «العشاء الأخير» 1640 الموجودة في كنيسة القديسة ماريا بلانكا، ثم «العائلة المقدسة مع الطائر» في متحف البرادو بمدريد؛ إلاَّ أن أسلوبه في السنوات العشر التالية تطوَّر إذ أضفى على رسومه الحيوية، وازداد تصويره إشراقاً وليونة؛ وتكوينه نضجاً وتأثيراً، فتدفقت ألوانه، وتوسعت معرفته وثقافته بالتصوير بعد اطلاعه على التصوير الفلمنكي وتصوير مدرسة (جنوه) وذلك إبان دراسته في إشبيليا.
في عام 1658 سافر موريللو إلى مدريد حيث اطلع على أعمال التصوير في المقتنيات الملكية، واتصل بالمصور الإسباني فيلاسكيز[ر] Velazquez، وكلّف بين عامي (1665- 1666) تنفيذ مشروع تزييني لمصلحة كنيسة القديسة ماريا بلانكا في إشبيليا، ويعدّ هذا العمل نموذجاً لأعماله المتسمة بالرقّة والرهافة، وقد صيغ بلمسات إيقاعية أضفت عليه جمالاً دافئاً تداخلت فيه الألوان الذهبية مع تأثيرات شفافة من اللون الفضّي المتواصل مع إيحاءات رماديّة تتراءى في آفاق المنظر الطبيعي المتواري نحو منظوره الأفقي كما في لوحة «حلم باتريسيان» (متحف برادو - مدريد)؛ والتي تعززت بشروح خاصة من قبل البابا ليبيريوس Pope Liberius. وفي عام 1665 عُهد إليه بتصوير مجموعة شخوص تمثل القديسين بتكليف من دار (الكبوشية) في إشبيليا، وفي عام 1668 عمل بكثير من الشفافية في الكاتدرائية، وفي مجموعة التماثيل النصفيّة للقديسين في الحجرات المقدسة، وبين الأعوام 1671-1674 نفّذ بالتعاون مع فالدس ليال Valdés Leal مجموعة صور لمصلحة مشفى الإحسان Charity Hospital في إشبيليا، أبرزها «موسى يفجر الماء من الصخرة» و«القديسة إيزابيلا»؛ والعملان يمثلان أنضج أعماله في هذه المجموعة، وفي عام 1681 بدأ برسم مجموعة من الصور للكبوشيين في قادس، ولكنه لم يكملها؛ لأنه تعرض لحادث تسبب بوفاته بعد فترة وجيزة.
موريللو: "القديس فرانسيس في أثناء الصلاة"
موريللو: "أطفال متسولون يأكلون العنب والبطيخ"
وإلى جانب مجموعة أعماله الرهبانية المؤرخة بدقة ترك موريللو- المعروف بغزارة إنتاجه - كثيراً من اللوحات الدينية لـ: (العائلة المقدسة، والعذراء، والطفل يسوع، والحَبَل بلا دنس)؛ بنت له شهرة واسعة بدأت منذ القرن السابع عشر، وامتدت؛ لتشمل القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. إن في أعماله رهافة بلغت أحياناً حدّ التكلف العاطفي استجابة لورع برجوازي امتثالي، ومع أن هذه الأعمال الشعبية قد انتشرت إلى حدّ كبير بالطباعة الحجرية؛ فإن ذلك لم يحل دون النظر إليها اليوم بشيء من التعالي وعدم الاهتمام. ولكن لا بد من الاعتراف بأن هذه الأعمال، من الناحية التقنية الخالصة، تمثل أنجح أعمال الفنان وأكثرها حرية؛ إضافة إلى كونها من بين أكثر الأعمال أصالة في التصوير الباروكي Baroque، ومع ذلك فإن الحساسية المعاصرة هي اليوم أكثر انفتاحاً وتقبلاً للصور الشخصية ولتلك التي تدور حول الحياة اليومية. إن في أعمال الأطفال المشهورة «المتسول الصغير» 1650 (اللوڤر)، و«آكلو البطيخ» (مونيخ) حيوية وتوقداً نادرين في التصوير الإسباني في القرن السابع عشر، إذ أضفت على تصوير واقع الحياة القاسية قدرة على الحياة في عالم التشرد؛ ومهارة في التقانة لا مثيل لها. وقد عُدّت لوحة «المتسول الصغير» إرهاصاً مباشراً بشّر بتصوير القرن التاسع عشر المشرق الذي انتقل من المرسم إلى الهواء الطلق.
ولابدّ من التنويه ببعض ما جادت به قريحته في ميداني الصور الشخصية والمناظر الطبيعية؛ على الرغم من ندرة الصور الشخصية التي يمكن نسبتها إليه، مثل الصورة الشخصية لأندريه دي أنْدراد Andrés de Andrade (متحف متروبوليتان)، والفارس نيكولاس أومازور Nicolas Omazur (متحف برادو) مصورة شخصية للفنان نفسه (لندن، الصالة الوطنية). من الممكن عدّ موريللو التلميذ الناجح لفان دايك Van Dyck لامتلاكه رشاقة مرهفة على الرغم من بساطتها ومسحة الزهد فيها وعبوسها وإسبانيتها وتلوينها البعيد عن التنميق والزخرفة؛ إذ تتباين بشدة الألوان البيضاء والسوداء. ومن أشهر المناظر الطبيعية التي صوّرها «منظر برادو».
جمع موريللو حوله كثيراً من التلاميذ والمساعدين، فتعلموا أسلوبه، واقتدوا به، ولكنهم لم يتجاوزوا الظاهر؛ ما أدى إلى إضعاف تأثيره وزوال حظوته في أواخر أيامه، ومع ذلك حافظت تكويناته compositions على تأثيرها ونمطها في إشبيليا حتى أواخر القرن الثامن عشر، بل واظب الفنانون على الاقتداء بأسلوبه حتى منتصف القرن التاسع عشر.
عبد الكريم فرج
مراجع للاستزادة:
- MICHEL LACLOTTE et JEAN - PIERRE CUZIN, Petit Larousse de la peinture (Librairie Larousse, Paris 1979).
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور