(1895 ـ 1946) لازلو موهولي ـ ناغي Laszlo Moholy-Nagy، مصور ونحات ومصور ضوئي وكاتب هنغاري ـ أمريكي، وُلد في بورسود Borsod، وتُوفِّي في شيكاغو Chicago، من أكثر الفنانين البنائيين تجريباً، وكان ريادياً في الاستعمال الفني للضوء والحركة والفراغ والتصوير الضوئي والمواد البلاستيكية، آمن بأهمية الوحدة الكاملة بين الفنون الجميلة والصناعة والبيئة. شغلت تعاليمه في التصوير والفن التجريدي، والتصميم الغرافيكي والصناعي والمعماري أجيالاً من الفنانين والمعماريين والمصممين، وكان أحد أساتذة مدرسة «الباوهاوس» Bauhaus.
بدأ موهولي ـ ناغي دراسة الحقوق في جامعة بودابست Budapest عام 1913، لكنه في العام التالي توقف عن الدراسة، والتحق بالخدمة في الجيش الهنغاري إبان الحرب العالمية الأولى، وجُرح؛ وعُولج. وبعد أن تعافى أنهى دراسة الحقوق عام 1918، وأسّس مع فنانين آخرين «مجموعة اليوم» (MA) اليسارية، وأصدروا مجلة أدبية، وفيها نشر الفنان وجهات نظره وأفكاره المتحررة؛ منها: «أن القوة التحويلية في الفن، يجب أن تُسخّر للإصلاح الاجتماعي، وأن الفن يجب أن يوازي التقدم التقني الجديد…».
انتقل الفنان إلى برلين عبر ڤيينا عام 1919؛ وفيها تأثّر بالبنائية الروسية Constructivism بعد أن اكتشفها في معارض للفنانين الروس: ماليفيتش Malevitch ت(1878ـ1935) وغابو Gabo ت(1890ـ1977)، فاتجه إلى التجريد الهندسي الصافي بعد أن التقى الفنان التجريدي الروسي ليسيتزكي Lissitzkyت(1890ـ1941) في دوسلدورف عام 1921. أسهم موهولي ـ ناغي ـ في أوائل العشرينيات في برلين ـ في نشرات فنية دورية عدّة، ونظّم معرضه الأول عام 1922، وأجرى تجارب في جمع الصور photomontage، واتصل بجماعة ستيرم Sturm، وشارك في مؤتمر الدادائيين في ڤايمار Weimar.
التقى موهولي ـ ناغي في برلين (1922) المعماري والتر غروبيوس Gropius في معرض بنائي روسي، وأدهشه بأفكاره التقدّمية حول إمكانية تحسين المجتمع بوسائل الفن، وفي العام التالي عيّنه غروبيوس أستاذاً في الباوهاوس، فكان إلى جانب كاندينسكي Kandinsky وبول كلي Klee وأوسكار شليمير Schlemmer وجوزيف ألبيرس Albers، ودرّس في مشغل المعادن.
موهولي: «المنظم الضوئي الفراغي»
(1922ـ1930)
توسّع اهتمام الفنان؛ ليشمل: الفيلم والتصوير ومونتاج الطباعة والتصميم المسرحي والنسيج والتصوير الزيتي والنحت، وانشغل بتركيبات الضوء والتأثيرات الضوئية والفوتوغرام ومونتاج التصوير الضوئي. بقي موهولي ـ ناغي في الباوهاوس حتى عام 1928 حين استقال مع غروبيوس، وعمل سنوات عدّة في التصميم المسرحي في برلين. وفي عام 1935 عاش في لندن، وعمل مصوراً وباحثاً في الأشكال الفنية، وصنع أفلاماً، وكتب في مجلة Circle، ومن كتاباته مقال عن التصوير الضوئي light painting. وارتبط مع غابو Gabo والنحاتة باربرة هيبوورث Hepworth، وهنري مور Moor، ولكنّه هاجر إلى شيكاغو في عام 1937، وأسّس مدرسة «الباوهاوس الجديدة»، وأصبح مديراً لها، ولكنها أخفقت بسبب مشكلات مادية، ثم أسّس مدرسته الخاصة للتصميم (1938)، وانضمّ إلى تجمّع الفنانين التجريديين الأمريكيين (1941)، وصار مواطناً أمريكياً عام 1944.
يعدّ موهولي ـ ناغي أحد المروّجين للفن التجريدي والبنائي، وأهمية تجاربه الفنية تؤكدها التجارب اللاحقة في مسيرة الفن العالمي التي تابعت اهتماماته ولاسيما في مفاهيم الزمن والفراغ؛ وتحديداً الضوء، وبعد أن كان مصوراً تمثيلياً انخرط في مراحل للتجريب مستخدماً الإنجازات الفنية والصناعية الحديثة، واكتشف المواد الشفافة، وإمكانية التصوير الضوئي التجريدي والسينما، وجذبته الشفافيات والضوء الملوّن وخروجه من سطح اللوحة إلى مستويات تشكيلية منتشرة في الفراغ.
من أعمال الفنان: «البناء من مادة النيكل» (1921)، وهو عمل بنائي صغير، يُظهر المشكلات الفنية التي مرّ بها الفنان في أثناء تعامله مع الضوء والفراغ والحركة، ويُظهر أيضاً رؤيته لتكنولوجيا الآلة، واستخدامه للمواد الصناعية الحديثة وللمواد الجديدة من أجل الوصول إلى أهداف تعبيرية جمالية صافية بعيدة عن النفعية، ويظهر العمل أيضاً اهتمام الفنان بالكشف عن الجمال الآلي وتأثيره في البيئة الحديثة.
من أعماله البارزة بناءات أطلق عليها اسم «المنظم الضوئي الفراغي» light space modulator، واشتغل عليها فترة طويلة 1922ـ1930. وعُرض العمل الأساسي في باريس في 1930، وهو ثلاثي الأبعاد، صنع من مادة البلاستيك والكروم وصفائح معدنية مثقوبة، ويتحرك بتناغم مع علاقات متتالية من الضوء إلى الظل؛ وشفافية نتجت من مرور الضوء خلال البلاستيك والمعدن المثقوب، والدوران المتتالي للعمل، وتنظيم الإضاءة وانعكاساتها بظلال متفاوتة تُعطي جواً فنياً مميزاً.
مراجع للاستزادة:
ـ زياد حداد وقاسم الحياني، النحت البنائي (دار الكندي للنشر، إربد 1998).
ـ دليل معرض «فوتوغرافيا الباوهاوس» (المركز الثقافي الألماني، الطبعة الثالثة، 2002).