(1105 ـ 1181) ألكسندر الثالث Alexander III بابا رومة (1159- 1181)، اسمه الأصلي رولاندو باندنيلي Rolando Bandinelli. كان شديد التعصب للسلطة البابوية، جابه بها تحديات الامبراطور الروماني المقدس فريدريك بربروسة وملك إنكلترة هنري الثاني.
درس اللاهوت والقانون فبرز فيهما، وغدا أستاذاً للقانون في جامعة بولونية Bologna (إيطالية). وترقى سريعاً في مدارس الكهنوت في عهد البابا أوجين الثالث والبابا أدريان الرابع، ومثّل البابا في مفاوضاته مع فريدريك بربروسة، فأظهر مهارة دبلوماسية كبيرة.
وكان باندنيلي في زمرة الكردينالات الذين يخشون ازدياد نفوذ الامبراطورية الرومانية المقدسة في إيطالية، ويميلون إلى دعم مملكة الجرمانية في صقلية لتحقيق التوازن بين هذه القوى. فشارك في وضع ميثاق بنفينتو (Concordat of Benevento (1156 بين الكرسي البابوي ووليم الأول ملك صقلية، كما أبدى مخاوفه علناً في بيزانسون (Besançon (1157 من ازدياد سطوة الامبراطورية، وقال عنها إنها «إقطاعة» تابعة للكرسي البابوي. وقد أثار هذا النعت عاصفة من الاستياء، ورد عليه مستشار الامبراطور راينالد داسل Rainald of Dassel بأنها إهانة للامبراطور، ومع أن الكردينال باندنيلي والبابا حاولا التخفيف من مضمون هذه الكلمة فقد قصدا منها تحذير الامبرطور فريدريك بربروسة من التطاول على الكنيسة.
جرت الانتخابات البابوية في عام 1159 وكانت أكثر الأصوات في مصلحة باندنيلي خلفاً للبابا المتوفى أدريان الرابع، وتم تثبيته باسم ألكسندر الثالث، في حين بذل أنصار فريدريك جهدهم لانتخاب المرشح المؤيد لسياسته، الكاردينال أوكتافيان الذي تسمى باسم البابا فيكتور الرابع. وبدأت بذلك مرحلة صراع بين الباباوين، وواجه ألكسندر معارضة قوية له من الدوائر المدنية في إيطالية فلجأ إلى فرنسة في نيسان 1162. وقد حالت هذه المناورة دون انتصار الامبرطور عليه انتصاراً حاسماً، ومكنت ألكسندر من كسب تأييد فرنسة وإنكلترة، فاعترف به الملك لويس السابع والملك هنري الثاني. وظل ألكسندر يتلقى تأييد رجال الدين في إيطالية، ولاسيما المناطق الجنوبية منها، إضافةً إلى ألمانية نفسها. وتابع تنفيذ برنامج الإصلاح الكنسي الذي بدأ في القرن السابق برعاية البابا غريغوريوس السابع. وقدم الدعم لتوماس بيكت أسقف كنتربري في نزاعه مع الملك هنري الثاني بسبب الوضع القانوني لرجال الدين، مع أنه كان في حاجة إلى الدعم الملكي في قضيته هو. وبعد اغتيال بيكت غدا من السهل على ألكسندر الثالث أن يتوصل إلى اتفاق مع الملك هنري الثاني.
كانت علاقات البابا بالامبراطورية في القرن الثاني عشر تدور حول مشاكل نظرية وعملية أوجدتها سلطتان مستقلتان ـ روحية وزمنية ـ تتنافسان على الصلاحيات في شؤون الإنسان، فكانت الكنيسة تدَّعي مسؤوليتها الأولى عن القرارات الأخلاقية، وكانت السلطات المدنية تحاول أن تشدَّ إليها ما يعادل ذلك من الصلاحيات في القضايا السياسية. ولم يكن هناك تمايز واضح بين المجالين، مع أن الجهود كانت مستمرة لتحديدها. وكان المجتمع في القرن الحادي عشر وأوائل القرن الثاني عشر يعيش ازدواجية دينية ومدنية ويقر بمصدرين للسلطة. وقد وجد ألكسندر نفسه يقوم بدور مسؤول على المسرح السياسي في الدفاع عما يراه شرعياً لسلطة الكنيسة. وكان نزاعه مع فريدريك بربروسة، دفاعاً عن البابوية التي تتوقف عليها حرية الكنيسة.
عاد ألكسندر إلى رومة عام 1165، بعد تحسن المناخ السياسي فيها لتغيب فريدريك بربروسة عن إيطالية مدة من الزمن، وبلغ الصراع في هذه الأثناء مرحلته الحرجة، إذ عاد فريدريك إلى إيطالية وأكره البابا على مغادرتها إلى المنفى من جديد. ودخل الامبرطور رومة حيث تلقى التاج الامبراطوري من البابا الزائف الذي كان آنذاك باسكال الثالث. وهنا توجه ألكسندر إلى كومونات شمالي إيطالية طالباً دعمها، ولقي منها اهتماماً كبيراً، إذ كان أكثرها يخشى تسلط الامبراطور، وكانت النتيجة تأليف «الحلف اللمباردي» Lombard League الذي منح البابا الدعم الضروري للمضي في نزاعه مع بربروسة.
لم يكن في نية ألكسندر الثالث اتخاذ إجراءات متطرفة في مواجهة الامبراطور لأنه كان يعده القائد العلماني الشرعي للمسيحية. فقد رفض الاقتراح الذي تقدم به الامبراطور البيزنطي عمانويل (مانويل) الأول كومنينوس بإعادة توحيد الكنيستين الشرقية والغربية تحت الحكم البيزنطي، وصب آماله على النورمان في الجنوب الإيطالي وعلى مدن لمباردية. وقد أرست هذه السياسة أسس السياسات الأخرى التي مارستها الزعامة البابوية في القرون التالية. إذ وجد فريدريك نفسه معزولاً في إيطالية مع بعض البوادر التي أتت في غير مصلحته في ألمانية. ومهدت هزيمته الحاسمة على يد اللمبارديين عند لينيانو (Legnano (1176 الطريق إلى عقد صلح البندقية (1177) الذي طوى هذه المرحلة من النزاع.
سار ألكسندر الثالث على التقليد الإصلاحي للكنيسة وكان عهده بداية عهد الباباوات الحقوقيين الذي توج بالبابا إنوسنت الثالث. وكان هذا الاهتمام بالثقافة من سمات ذلك العصر الذي شهد بوادر تطور الجامعات. وكان له فيها دور المدرس والبابا، وكان وراء عقد المجالس الكنسية المهمة في بافيه (1160) وتور (1163) ومجمع لاتران الثالث (1179) ومن أوائل الباباوات الذين دعوا إلى محاربة الألبيجيين Albigensian الهراطقة في جنوبي فرنسة. وقد فتحت سياساته طريقاً أفضل لخلفائه، وحافظ على تواضعه واحترام الجميع له حتى أعدائه على كثرة الاضطرابات التي شهدها عهده.
ألكسندر الثالث
Thursday, October 9, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور