توت عنخ آمون

Tuesday, December 2, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
توت عنخ آمون

(نحو 1369 ـ 1352ق.م) توت عنخ آمون (Tutankhamen) Tut-Anch-Amûn أي صورة آمون، أحد أشهر فراعنة مصر القديمة، إن لم يكن أشهرهم في العصور الحديثة، وقد جاءت شهرته من اكتشاف مدفنه سليماً من العبث والدمار في وادي الملوك على الضفة الغربية لنهر النيل، والذي كان من أعظم الكشوف الأثرية في القرن العشرين.

تولى هذا الفتى عرش مصر (1361-1352ق.م) بعد موت أخناتون[ر] وخليفته سمنخ كارع، وكان اسمه آنذاك توت عنخ آتون، لا يُعرف أصله على وجه التحديد، فهناك من يرى أنه كان الأخ الأصغر لأخناتون، ولكن يُرجَّح أنه كان أخاً لسلفه سمنخ كارع. جاءت شرعية حكمه من خلال زواجه من عنخ إيسان آتون، الابنة الثالثة لأخناتون، الذي لم ينجب ولداً ذكراً يخلفه، فزوج كبرى بناته من سمنخ كارع الذي كان شريكه في الحكم، ثم خلفه على العرش. وبالنظر إلى صغر سن توت عنخ آتون فقد تولى الوصاية عليه الوزير آيا Aya، الذي كانت تربطه صلة قرابة بالأسرة المالكة، وقائد الجيش حورمحب، الفرعون اللاحق. وتبين من فحص مومياء توت عنخ آمون أنه كان في الثامنة عشرة من عمره حين الوفاة، ووجدت وثيقة مؤرخة بسنة حكمه العاشرة، وبذلك يكون تولى عرش مصر في الثامنة من عمره، وبعد سنتين من حكمه هجر العاصمة الجديدة أخناتون (تل العمارنة)، ثم اضطر لتبديل اسمه واسم زوجته فصارا تكريماً للإله آمون بدلاً من آتون. وصدر مرسوم ملكي يُعرف بمرسوم توت عنخ آمون الإصلاحي يذكر كيف أن المعابد العريقة أُهملت وهجرتها الآلهة التي لم تعد تستجيب لمن يدعوها، ثم يتحدث عن صنع تماثيل للآلهة من جديد وإعادة بناء المعابد وتزويدها بالكهنة والخدم والأضاحي وكل مستلزمات الطقوس الدينية المعتادة. وهكذا فإن عهد توت عنخ آمون يمثل عودة إلى المفاهيم والتقاليد الدينية القديمة بعد الثورة الدينية التي فجّرها حموه أخناتون بدعوته إلى عبادة إله الشمس الواحد آتون ونبذ سائر الآلهة وعلى رأسهم آمون، ولكنه مات قبل أن ترسخ أركان الديانة الجديدة، التي لقيت مقاومة عنيفة من كهنة وأنصار آمون، خاصة بعد موت مؤسسها والذين نجحوا في تقويض عبادة آتون وإعادة آمون إلى مكانته السابقة على رأس آلهة مصر الفرعونية. ويبدو أن هذه التنازلات لكهنة آمون أنقذت عرش الملك الشاب الذي كان خاضعاً لنفوذ مستشاريه ورجال البلاط وفي مقدمتهم «آيا» و«حورمحب».

وبعد هذه العاصفة الداخلية الدينية، عادت مصر إلى الاهتمام بشؤون امبراطوريتها الواسعة الممتدة من أواسط بلاد الشام شمالاً حتى الشلال الرابع في شمال السودان جنوباً، واستأنفت نشاطها السياسي والحربي، وهكذا زحف جيش مصري بقيادة حورمحب لدعم حلفاء مصر الميتانيين في صراعهم مع الحثيين وأتباعهم.

كان عهد توت عنخ آمون من الوجهة السياسية مليئاً بالاضطراب، ولذلك لا يُعرف على وجه الدقة إن كان هذا الملك الشاب مات مقتولاً أو إثر حادث أصاب مؤخرة رأسه التي تبدو مهشمة في موميائه. وخلفه كبير أمنائه المدعو أيا، الذي لقَّب نفسه بـ«الأب الإلهي»، والذي كان أيضاً شريكه في الحكم، لكن حكمه لم يدم طويلاً، إذ استولى قائد الجيش حورمحب على العرش وأسس الأسرة التاسعة عشرة الشهيرة المعروفة بأسرة الرعامسة، وجرى شطب أسماء ملوك العمارنة الأربعة (أخناتون ـ سمنخ كارع ـ توت عنخ آمون ـ أيا) من القوائم الملكية وحلت عليهم اللعنة. وطوى النسيان قبر توت عنخ آمون حتى تم الكشف عنه عام 1922 على يد عالم الآثار الإنكليزي هوارد كارتر Howard Carter وبتمويل من الثري الإنكليزي كارنرفون Carnarvon، وكانت المرة الأولى التي يُكتَشف فيها قبر لأحد الفراعنة سليماً لم تطله أيدي اللصوص.

واستمرت أعمال التنقيب عدة مواسم كشفت عن آثار في غاية الروعة والأهمية، وعلى رأسها مومياء هذا الملك الشاب المسجاة في تابوت من الذهب الخالص مع كامل الحلية الملكية، وعلى رأسها التاج الملكي وعليه شعار الملك المتمثل بالنسر والثعبان المقدس، إضافة إلى عدد كبير من القلائد والأساور والخواتم والجواهر والثياب الموشاة بالذهب، التي تُظهر عظمة الحضارة المصرية القديمة في أوج ازدهارها وشموخها قبل ما يزيد على ثلاثة آلاف سنة. وصارت آثار وتحف توت عنخ آمون، التي أُودعت في المتحف المصري بالقاهرة، خير سفير متجول لهذه الحضارة العريقة، حيث عرضت في العديد من دول العالم ومتاحفه، وشاهدها مئات الألوف من الناس.



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.