الدعوة للاسلام

بدأ الدِّين الإسلاميّ المقدّس بالانتشار، واعتمد في بسط نفوذه عامل الدعوة الّذي مكّنه من الامتداد إلى أقصى مناطق العالم، فحصلت الكلمة الإلهية الطيّبة والشريعة المحمّدية الخالدة على مؤمنين ومسلمين من شرق العالم إلى غربه ومن جميع الأعراق
Wednesday, January 21, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
الدعوة للاسلام
الدعوة للاسلام

 






 

بدأ الدِّين الإسلاميّ المقدّس بالانتشار، واعتمد في بسط نفوذه عامل الدعوة الّذي مكّنه من الامتداد إلى أقصى مناطق العالم، فحصلت الكلمة الإلهية الطيّبة والشريعة المحمّدية الخالدة على مؤمنين ومسلمين من شرق العالم إلى غربه ومن جميع الأعراق والألوان والأقوام، حتّى أورقت شجرة الدِّين المبين
إنّ الدِّين الإسلاميّ هو دين التبليغ.وأمّا الجهاد فله فلسفة أخرى، الجهاد لمواجهة الطغاة والظلَمة وإزالة موانع التبليغ وانتشار نور الإسلام. ومتى ما غاب المانع، أو وُجد ولم يمكن الجهاد، فإنّ السبيل الأساس للإسلام هو التبليغ.
وإنّ ارتقاء المنبر والتحدّث في أمر الدِّين من أشرف الأعمال. ويجب على أشرف الناس وأعلمهم وأوعاهم بالقضايا الإسلاميّة و أكثرهم عملاً بالأحكام الشرعية أن يسيروا في هذا الطريق ويعتبروه فخراً لهم، كما كان الأمر في السابق حتّى الماضي القريب. حيث كانت الشخصيّات العلمية والوجوه المعروفة بالتقوى والتديّن متّصفة بهذه الصفة ومفتخرة بهذا الفنّ(1).
وإنّ الجهاد التبليغيّ هو المسؤولية الدائمة على العلماء والحوزات الدِّينيّة. ويجب على العلماء بصفتهم رافعي راية التديّن أن يحملوا على عاتقهم راية الدعوة إلى الدِّين، وأن يبذلوا قصارى جهدهم في التبليغ للدين عبر تبيين المبادئ والقيم الإسلاميّة وتثبيتها والدفاع عنها. وهذا تكليف مستمرّ يتأكّد في الظروف الراهنة، فقد اتّسعت دائرة الاحتياجات والتساؤلات والإشكاليات، واشتدّ الظمأ إلى منهل الإسلام العذب وازدادت الآذان شوقاً لسماع تعاليمه. فاتّساع مساحة المخاطبين رسّخت مسؤولية الدعاة والمبلِّغين في الوقت الحاضر، وجعلتهم مسؤولين حيال الناس المتعطّشين للمعارف الدِّينيّة.
فإنّنا نعيش في زمن تزداد فيه الحاجة إلى التبليغ، لأنّ الإعلام المضاد للدين والإسلام - والذي تتحكّم فيه القدرات العالميّة وتوظّف فيه أحدث الأساليب والطرق - قد بلغ أقصى مداه،(2) خاصّة وأنّ الكيان الثقافيّ الإسلاميّ معرّض لمخاطر معقّدة وجدّية. وفي المواجهة الراهنة سيتحدّد إمّا البقاء بعزّ، أو العيش على هامش الثقافات العالمية المنسوخة. وفي هذا السجال ستُقرِّر رفعة الإسلام والمسلمين أو ديمومة الذلّ والانحطاط.
إنّ الغزو الثقافيّ يهدف إلى استلاب الجيل الجديد عقائدياً. إنّه يرمي إلى إقصاء العقيدة الدِّينيّة وتغييب الأصول الثورية والفكر الفعّال الّذي يخشاه الاستكبار حالياً، والذي بات يُعرّض نفوذ القوى الاستكبارية للخطر.
ويسعى العدو في غزوه الثقافيّ إلى دسّ شيء من ثقافته لهذا الشعب، ليثقّفه على ما يريده، ومعلوم ما يريده العدو(3).
تسعى الثقافة الغازية في دفع المجتمع إلى الرذيلة، وإلهائه بالأمور التافهة، وتصنع عوالم وهميّة لتغرق أفراد المجتمع في مظاهرها الخادعة، وتغذّي نزعة الإخلاد إلى الراحة والافتتان بالجسد، وتفتح أبواب الفساد أمام الجيل الجديد متسترّة بآلاف الأقنعة والحيل لتُوقع الشباب في شباكها:
يسعى العدوّ من خلال نشر الثقافة الخاطئة، ثقافة الفساد والفحشاء، إلى أن يسلب شبابنا منّا. وليس ما يفعله مع شبابنا على الصعيد الثقافيّ هجوماً ثقافياً، إنّما هو غارة ونهب وقتل جماعيّ ثقافيّ. هذا ما يفعله العدوّ معنا اليوم(4).
الغارة الثقافيّة تحدث بلا ضجيج، ولا تبدأ بقرع الطبول، ولا تكشف القوى المهاجمة عن وجهها الإجراميّ، إنّما تتقدّم بظاهر وديع وسلوك مؤدّب وخطوات متأنيّة لتفتح جبهة الطرف الآخر بالكلمة والابتسامة، وليس بالصخب والعنف...
في مواجهة الغارة الثقافيّة، لابد من اعتماد سلاح مماثل، فالثقافة الأصيلة تفضح مساوئ الثقافة المزيّفة، كما أنّ الأموال المزوّرة يُكتشف زيفها لدى مقارنتها بالأموال الخالصة، وتظهر السجون الذهبية الدنيوية على حقيقتها، وتنكشف ضعتها ودناءتها في النظرة السماوية الجميلة:
يمكن مواجهة الحرب الثقافيّة بالمعاملة بالمثل. والردّ على النشاط والهجوم الثقافيّ لا يتحقّق بالبندقية، فالقلم هو البندقية (5).
إنّ هذه الرؤية تكشف بوضوح الخلفيات المنطقية والتاريخية للهجمة الغربية على الثقافة الإسلاميّة. فقد انطلقت القوى الغربية من المبادئ المذكورة في هجومها الشامل ومن كلّ اتّجاه. وبإزاء هذا الهجوم ينبغي لمبلِّغي الدِّين أن يهيّئوا طرق الدفاع ويحرسوا المجتمع ويحفظوا ثقافتنا:
تتطّلب الظروف الخاصّة للغارة الثقافيّة للأعداء نفيراً عامّاً وجادّاً من جانب المؤسسة التبليغيّة للحوزة، لتكون كالجبل الراسخ أمام السيل العارم في دفاعها عن كيان ديانة الشعب وإيمانه.
هذا الأمر يمثِّل جانباً من مسؤولية مبلّغي الدين. وهناك موضوع آخر يضاف إلى الحقيقة السابقة، وهو الفرصة التبليغيّة المتوافرة لعلماء الدين.
فممّا لا ريب فيه أنّ علماء الدِّين لم تتوافر لهم -على مدى تاريخهم- ظروف مناسبة للتبليغ الدينيّ كما هي الآن، كما لم تتهيّأ لهم أبداً الإمكانيّات والدعم والوسائل والآذان الصاغية والقلوب المشتاقة كما هو الوضع حالياً....(6)
إنّها فرصة عظيمة وعزيزة، ويجب علينا اليوم - باعتبارنا مبلِّغين للدين - أن نؤدّي دوراً فاعلاً وخالداً، وسيحاسبنا الله تعالى على ذلك، إنّها وظيفتنا وعلينا أن نعدّ أنفسنا(7).
فالفرصة الموجودة للتبليغ، تمثِّل امتحاناً إلهياً للعلماء، فإنّ جدارتهم وكفاءتهم باتت على المحكّ في هذه المرحلة من التاريخ, وسينظر الجيل القادم إلى هذه الصفحة من التاريخ وسيصدر حكمه بشأن هذه الفرصة الذهبية المتاحة للحوزة والعلماء. والله تعالى يرى اليوم عمل العلماء، فإذا استفادوا من الفرصة الموجودة فسيُعينهم بفرص مضاعفة، وإذا فرّطوا - لا سمح الله - بها فإنّه تعالى سيحرمهم الفرصة الموجودة والفرص المقبلة:
أيّها السادة العلماء شيعة وسنّة.! يجب علينا - نحن العلماء - اليوم أن نبرهن على قدرتنا على نشر الدين. فالتبيلغ ليس قضية صغيرة ولا هي بالهزل ليدّعي أيٌّ كان أنّه داعٍ للدين ومبلِّغ وحامل ومفسِّر له، فهذا الأمر يسير في الكلام لكنّه صعب عسير في العمل(8).
المصادر :
1- من خطاب لسماحة السيد القائد الخامنئي دام ظله خلال لقائه علماء الدِّين والمبلِّغين 11/7/1991
2- من خطاب لسماحته خلال لقائه علماء أهل السنة في بندر تركمان, 8/5/1984
3- من خطاب لسماحته خلال لقائه العاملين في الحقل الإعلامي ورؤساء المناطق في وزارة التعليم والتربية, 15/1/1992
4- من خطاب لسماحته خلال لقائه بقادة السرايا في قوات التعبئة،13/7/1992
5- من خطاب لسماحته خلال لقائه جمعاً من المعلمين والمسؤولين الثقافيّين, 2/5/1990
6- من خطاب لسماحته خلال لقائه علماء الدِّين في دامغان,6/7/1988
7- ميزان الحکمة
8- من خطاب لسماحة القائد خلال لقائه مسؤولي منظمة الإعلام الإسلامي، 24/2/1992



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.