
بقلم : نوري العلوي
تعصف هذه الایام بمباديء الدين الاسلامي الحنيف رياح سوداء اثارها اتباع ومناصروا الخلافة التي بدات بعد وفاة الرسول الاکرم صلی الله عليه وآله وسلم حيث سیطر عمر علی مقاليد الامور بالقوة والعنف وضرب کل وصايا الرسول الاکرم صلی الله عليه وآله وسلم عرض الحائط وتصرف بما تملیه علیه اهواءه وميوله السلطوية وکنا لا ندرک ذلک ونعتبره من صلب الاسلام فتابعنا عمر وابو بکر وعثمان وبعد ان راینا اتباع هؤلاء مايصنعون من اعمال باسم عمر رجعنا الی الوراء وفهمنا کيف اغتصبت الخلافة ووضع الامر في غير محله وکانت النتيجة ان ظهر علی الساحة من اتباع اؤلئک مثل هؤلاء الدواعش المجرمين ویقينا انهم يسيرون علی خطی عمر وابو بکر وينفذون ما اوصی به امامهم عمر وعثمان بالحرف الواحد .
وبدون مجاملة لان المزيد من المجاملة يعني المزيد من الضحايا والمزيد من الانحراف عن الاسلام و...علی علماء اهل السنة ان يثبتوا اسلاميتهم باتباع سنة رسول الله ويعترفوا بابتعاد عمر وابوبکر عن السنة النبوية بمخالفتهم نص کلام الرسول بخلافة علي علیه السلام ونقضهم لکل ما الزمهم به الرسول ، ولکي تتضح الصورة اکثر نلقي نظرة بسيطة علی التاريخ الاسود الذي عقب رحلة الرسول الاکرم صلی الله عليه وآله وسلم .
توفّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن حوله في اللحظات الأخيرة من حياته سوى عليّ عليه السلام وبني هاشم. وقد علم الناس بوفاته من الضجيج والعويل، فأسرعوا وتجمّعوا في المسجد وخارجه، وإذا بموقف غريب يصدر عن عمر بن الخطاب(أمّا أبو بكر فقد كان في السُّنح، والسُّنح: مكان يبعد عن المدينة بميل أو أكثر قليلاً) إذ خرج بعد أن دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والسيف في يده يهزّه ويقول: إنّ رجالاً من المنافقين يزعمون أنّ رسول الله قد مات، إنّه والله ما مات ولكنّه ذهب إلى ربّه كما ذهب موسى بن عمران(1) . ولم يهدأ عمر حتّى وصل أبو بكر إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكشف عن وجه النبيّ وخرج مسرعاً، وقال: أيّها الناس، من كان يعبد محمّداً فإنّ محمّداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت.
وفي الوقت الّذي كان فيه الإمام عليّ عليه السلام وأهل بيته يقومون بتجهيز النبيّ والصلاة عليه ودفنه، كانت جماعة من الأنصار تجتمع في سقيفة بني ساعدة لتدبير أمر الخلافة برئاسة سعد بن عبادة زعيم الخزرج(2) ، وخرج إليهم أبو بكر وعمر ومعهما أبو عبيدة ومن ثمّ لحقهم آخرون.
مخطّط إقصاء الإمام علي عليه السلام عن الخلافة
نلاحظ أنّ هناك مخطّطاً محكماً لدى الخطّ المناوئ لعليّ عليه السلام لأخذ الخلافة منه من خلال ما يلي:1- بقاؤهم في المدينة وتخلّفهم عن جيش أسامة، وذلك عندما عرفوا بمرض النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
2- حضورهم الدائم قرب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومحاولتهم الحيلولة دون حصول شيء يدعم ولاية الإمام عليّ عليه السلام ، فكان الشغب في مجلس النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تحت الشعار الّذي رفعه عمر بن الخطاب: "حسبنا كتاب الله"، ولم ياخذ بسنة رسول الله ، يعني رئيس اهل السنة لا يعترف بالسنة ، بل انه اتّهم النبيّ المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم بغلبة الوجع عليه وأنّه يهجر وهو امامه ينظر اليه (3) .
3- السرعة في البتّ بموضوع الخلافة وإتمام البيعة، عبر استغلالهم الفرصة بانشغال الإمام عليّ عليه السلام وبني هاشم بمراسيم تجهيز النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ودفنه.
4- سعيهم لتحييد الأنصار وإبعادهم عن ميدان التنافس السياسيّ بدعوى أنّهم ليسوا عشيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
5- الترتيب في أخذ البيعة أوّلاً من الأنصار، لأنّ قريشاً لو بايعت الخليفة الجديد, لما كان لبيعتها أدنى قيمة واقعية، ولأمكن للإمام عليه السلام فيما بعد أن يقيم الحجّة على قريش.
وعلى الرغم من محاولات هؤلاء في كسب أصوات المسلمين بقيت ثلّة من المهاجرين والأنصار إلى جانب الإمام عليّ عليه السلام ، ولم يخضعوا لإرهاب الحزب المسيطر، ومن هؤلاء العبّاس عمّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
ولجأ هؤلاء لفرض رأيهم وسلطتهم على الإمام عليه السلام ومن معه، إلى درجة أنّهم هاجموا بيت الإمام عليّ عليه السلام مع علمهم بوجود فاطمة الزهراء عليها السلام فيه، وأضرموا النار به لإخراج من فيه وأخذ البيعة منهم بالقوّة. (4)
ونظام الشورى الّذي وضعه عمر مع مخالفته لنصّ کلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوی هذا النظام كان عارياً عن الصحّة والصواب و يحمل التناقض بين خطواته، ويُلاحظ فيه أمورٌ محلّ إشكال ونظر، منها:
1- أنّ الأعضاء المقترحين للشورى لم يحصلوا على هذا الامتياز بالأفضليّة وفق ضوابط الانتخاب. وإطلاق كلمة الشورى على هذا النظام جُزاف، لأنّه لم يكن إلّا ترشيح فرد لجماعة وفرضهم على الأمّة.
2- الاستهانة بالأنصار ودورهم، فقد طلب عمر حضورهم ولا شيء لهم بل ولا رأي، فالأمر منحصر في الستّة فما معنى حضور الأنصار؟
3- أنّ عمر ناقض نفسه في عمليّة اختيار العناصر، ففي السقيفة كان يدّعي ويصرّ على أنّ الخلافة في قريش، بينما نجده في هذا الموقف يتمنّى حياة سالم مولى أبي حذيفة ليولّيه الأمر، كما أنّه استدعى أصحاب الشورى دون غيرهم من الصحابة، ثمّ إنّه أمر صهيباً أن يصلّي بالناس ثلاثة أيّام، لأنّ إمامة المصلّين لا ترتبط بالخلافة ولا تستلزمها. وقد كان يناضل يوم السقيفة من أجل استخلاف أبي بكر، وكانت صلاته المزعومة دليله الأوّل على أهليّة أبي بكر للخلافة.
4- اختيار العناصر الستّة مؤامرة واضحة بحيث يصل الأمر إلى عثمان.
5- أنّه أمر بقتل أعضاء الشورى في حالة عدم التوصّل إلى اتّفاق أو إبداء معارضة، وكيف يمكن التوفيق بين هذا وبين قوله: إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مات وهو راضٍ عنهم وأنّهم من أهل الجنّة؟ وهل تكون مخالفة رأي عمر موجبة لقتل الصحابة اهل الجنة ؟!
معارضة سياسة عثمان
وحکم ابو بکر وراح عمر وجاء عثمان حيث سلک عثمان سياسة اغرب بکثیر من اسلافه في التولية والعطاء أثارت عليه وعلى عهده موجة سخط عامّة من المسلمين کما هوالحال في سخط المسلمين وغیر المسلمين علی الخلفاء الجدد من دواعش والنصرة والقاعدة وغيرهم ، والذین ابتلی الاسلام بهم منذ ذلک العهد الاسود الی يومنا هذا مما اثار موجة عارمة وانزعاج القاصي والداني من الاسلام الذي يقوده ويمثله هکذا نماذج .اتبع عثمان کثير من سياسة العنف والقتل والاقصاء والتعذيب في حق کل من يخالفه ،صحابي کان او غير ذلک
فقد عارض سياسة عثمان في المال والإدارة عبد الله بن مسعود، وكان خازناً لبيت المال، فأمر عثمان بضربه حتّى كسرت بعض أضلاعه.
وعارضه أبو ذرّ الغفاريّ فنفاه إلى الشام، ثمّ إلى الربذة، ولبث فيها حتّى مات غريباً وحيداً سنة 32هـ.
وعارضه عمّار بن ياسر، فشتمه عثمان وضربه حتّى غشي عليه سائر النهار، وعارضه غير هؤلاء من الصحابة من المهاجرين والأنصار في الأحداث الّتي كان يُقدم عليها، والسياسة الّتي كان ينتهجها.(5)
المصادر :
1- الكامل في التاريخ، الشيخ عزّ الدِّين أبو الحسن عليّ بن أبي كرم الشيباني المعروف بابن الأثير:2/323. دار صادر، بيروت، 1385 هـ ـ 1965 م.
2- تاريخ الأمم والملوك المعروف بتاريخ الطبري، محمّد بن جرير، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم:2/233، دار المعارف، مصر ، ط 2، 1976 م.
3- البخاري في صحيحه مع تغييره لعبارة "إنّه يهجر" بـ "غلب عليه الوجع"، راجع صحيح البخاري ج 7/9.
4- الإمامة والسياسة، ابن قتيبة الدينوري، تحقيق محمّد طه الزيني: 1/19، مؤسّسة الحلبي وشركائه، 1967م.
5- الكامل في التاريخ، الشيخ عزّ الدِّين أبو الحسن عليّ بن أبي كرم الشيباني المعروف بابن الأثير
/ج