الإمام الرضا(عليه السلام) إلى خراسان

روى الصدوق في (العيون) بسنده عن جماعة، قالوا: لما انقضى أمر المخلوع، واستوى أمر المأمون كتب إلى الرضا (عليه السلام) يستدعيه ويستقدمه إلى خراسان، فاعتل عليه الرضا (عليه السلام) بعلل كثيرة، فما زال المأمون يكاتبه ويسأله
Thursday, July 2, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
الإمام الرضا(عليه السلام) إلى خراسان
 الإمام الرضا(عليه السلام) إلى خراسان

 






 

روى الصدوق في (العيون) بسنده عن جماعة، قالوا: لما انقضى أمر المخلوع، واستوى أمر المأمون كتب إلى الرضا (عليه السلام) يستدعيه ويستقدمه إلى خراسان، فاعتل عليه الرضا (عليه السلام) بعلل كثيرة، فما زال المأمون يكاتبه ويسأله حتى علم الرضا (عليه السلام) أنه لا يكف عنه، فخرج وأبو جعفر له سبع سنين، فكتب إليه المأمون: لا تأخذ على طريق الكوفة وقم (وذلك لكثرة الشيعة فيهما، فخاف من تألبهم واجتماعهم عليه، وطلب منه أن يذهب على طريق البصرة والأهواز وفارس، وهي شيراز وما والاها، وذلك لأن الذاهب من العراق إلى خراسان له طريقان (أحدهما) طريق البصرة - الأهواز - فارس. (الثاني) طريق بلاد الجبل، وهي كرمانشاه - همدان - قم.)، فحمل على طريق البصرة والأهواز وفارس حتى وافى مرو (1).
وقال الطبري: في هذه السنة - أي سنة 200 للهجرة - وجه المأمون رجاء ابن أبي الضحاك، وهو عم الفضل بن سهل، وفرناس الخادم، لإشخاص علي ابن موسى بن جعفر بن محمد، ومحمد بن جعفر (2). وكان محمد بن جعفر خرج بمكة، وتسمى بإمرة المؤمنين، ثم خلع نفسه على يد الجلودي، فخرج به الجلودي إلى العراق حتى سلمه إلى الحسن بن سهل، فبعث به الحسن بن سهل إلى المأمون بمرو مع رجاء بن أبي الضحاك، ذكر ذلك الطبري أيضا (3)، فيكون رجاء قد أخذ الرضا (عليه السلام) من المدينة، وأخذ محمد بن جعفر من العراق.
وروى الصدوق في (العيون) بسنده عن رجاء بن أبي الضحاك، قال: بعثني المأمون في إشخاص علي بن موسى الرضا من المدينة، وأمرني أن آخذ به على طريق البصرة والأهواز وفارس، ولا آخذ به على طريق قم، وأمرني أن أحفظه بنفسي بالليل والنهار، حتى أقدم به عليه، فكنت معه من المدينة إلى مرو (4).
وروى الكليني: أن المأمون كتب إلى الرضا (عليه السلام): لا تأخذ على طريق الجبل وقم، وخذ على طريق البصرة والأهواز وفارس (5).
وفي رواية الشيخ المفيد (رحمه الله) أن المتولي لإشخاص الإمام الرضا (عليه السلام) إلى مرو، هو الجلودي، قال: وكان المأمون قد أنفذ إلى جماعة من آل أبي طالب، فحملهم إليه من المدينة، وفيهم الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)، فأخذ بهم على طريق البصرة حتى جاءوه بهم، وكان المتولي لإشخاصهم المعروف بالجلودي (6).
وفي (ألقاب الرسول وعترته): وكان المأمون قد بعث إلى المدينة من حمله إلى مرو في المفاوز والبراري، لا في العمران، لئلا يراه الناس فيرغبوا فيه، فما من منزل من منازله إلا وله (عليه السلام) فيه معجزة معروفة يرويها العامة والخاصة (7). توديع الرسول (صلى الله عليه وآله): روى الصدوق في (العيون) بسنده عن مخول السجستاني، قال: لما ورد البريد بإشخاص الرضا (عليه السلام) إلى خراسان، كنت أنا بالمدينة، فدخل المسجد ليودع رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرارا، كل ذلك يرجع إلى القبر، ويعلو صوته بالبكاء والنحيب، فتقدمت إليه وسلمت عليه، فرد السلام وهنأته، فقال: ذرني، فإني أخرج من جوار جدي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأموت في غربة، وادفن في جنب هارون. قال: فخرجت متبعا لطريقه، حتى مات بطوس، ودفن إلى جنب هارون (8).

توديع العيال

روى الشيخ الصدوق بالإسناد عن الوشاء، قال: قال لي الرضا (عليه السلام): إني حيث أرادوا الخروج بي من المدينة جمعت عيالي، فأمرتهم أن يبكوا علي حتى أسمع، ثم فرقت فيهم اثني عشر ألف دينار، ثم قلت: أما إني لا أرجع إلى عيالي أبدا. وزاد الطبري في الدلائل: ثم أخذت أبا جعفر، فأدخلته المسجد، ووضعت يده على حافة القبر، وألصقته به، واستحفظته برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فالتفت إلي أبو جعفر فقال لي: بأبي أنت والله تذهب إلى عادية، وأمرت جميع وكلائي وحشمي له بالسمع والطاعة، وترك مخالفته، وعرفتهم أنه القيم مقامي (9). توديع البيت الحرام: وروى الحميري في الدلائل، عن أمية بن علي، قال: كنت مع أبي الحسن (عليه السلام) بمكة، في السنة التي حج فيها، ثم صار إلى خراسان، ومعه أبو جعفر (عليه السلام) وأبو الحسن (عليه السلام) يودع البيت، فلما قضى طوافه، عدل إلى المقام، فصلى عنده، فصار أبو جعفر (عليه السلام) على عنق موفق (هو من خدام الإمام عليه السلام وخواصه وأصحابه) يطوف به، فصار أبو جعفر (عليه السلام) إلى الحجر، فجلس فيه فأطال، فقال له موفق: قم جعلت فداك.
فقال: ما أريد أن أبرح من مكاني هذا إلا أن يشاء الله، واستبان في وجهه الغم. فأتى موفق أبا الحسن (عليه السلام) فقال: جعلت فداك، قد جلس أبو جعفر (عليه السلام) في الحجر، وهو يأبى أن يقوم، فقام أبو الحسن (عليه السلام) فأتى أبا جعفر (عليه السلام) فقال له: قم يا حبيبي، فقال: ما أريد أن أبرح من مكاني هذا. قال: بلى يا حبيبي. ثم قال: كيف أقوم، وقد ودعت البيت وداعا لا ترجع إليه! فقال: قم يا حبيبي، فقام معه (10). مسير الإمام (عليه السلام): كان ذهاب الإمام (عليه السلام) إلى خراسان في سنة 200 للهجرة، وكان عمر الإمام 36: الجواد (عليه السلام) - على المشهور - سبع سنين، فلما توجه إلى السفر ظهرت له معاجز باهرة في كل منزل، وكثير من آثارها موجود إلى الآن. وفيما يلي نتتبع مسيره (عليه السلام) وفقا لما توفر لدينا من أخباره ورواياته (عليه السلام): القادسية: روى الصفار بالإسناد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: استقبلت الرضا (عليه السلام) إلى القادسية، فسلمت عليه، فقال لي: اكتر لي حجرة لها بابان، باب إلى الخان، وباب إلى خارج، فإنه أستر عليك، قال: وبعث إلي بزنفليجة (الزنفليجة: وعاء للأدوات، فارسي معرب) فيها دنانير صالحة ومصحف، وكان يأتيه رسوله في حوائجه، فأشتري له (11).
وقال أيضا: لما أتي بأبي الحسن (عليه السلام) أخذ به على القادسية، ولم يدخل الكوفة، وأخذ به على براني البصرة، قال: فبعث إلي مصحفا وأنا بالقادسية (12)، الحديث. البصرة: وورد (عليه السلام) البصرة، كما يستفاد من الحديث المروي عن ابن علوان (13)، وهو نحو الحديث المتقدم عن أبي حبيب النباجي. الأهواز: وورد (عليه السلام) الأهواز، روى الشيخ الصدوق بالإسناد عن أبي الحسن الصائغ، عن عمه، قال: خرجت مع الرضا (عليه السلام) إلى خراسان، أؤامره (أي: أشاوره) في قتل رجاء بن أبي الضحاك الذي حمله إلى خراسان، فنهاني عن ذلك. فقال: أتريد أن تقتل نفسا مؤمنة بنفس كافرة؟ قال: فلما سار إلى الأهواز قال لأهل الأهواز: اطلبوا لي قصب سكر، فقال بعض أهل الأهواز ممن لا يعقل: أعرابي لا يعلم أن القصب لا يوجد في الصيف! فقالوا: يا سيدنا، القصب لا يكون في هذا الوقت، إنما يكون في الشتاء.
فقال (عليه السلام): بلى، اطلبوه، فإنكم ستجدونه. فقال إسحاق بن محمد: والله ما طلب سيدي إلا موجودا، فأرسلوا إلى جميع النواحي، فجاء أكره (الأكرة: الزراع) إسحاق فقالوا: عندنا شيء ادخرناه للبذرة نزرعه. فكانت هذه إحدى براهينه (14). ومما جرى له (عليه السلام) في الأهواز أيضا، ما رواه الراوندي بإسناده عن أبي هاشم الجعفري، قال: لما بعث المأمون رجاء بن أبي الضحاك لحمل أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) على طريق الأهواز، ولم يمر على طريق الكوفة فيفتتن به أهلها، وكنت بالشرقي من إيذج (إيذج: بلدة من كور الأهواز وبلاد الخوز وتسمی الیوم ايزه) - موضع - فلما سمعت به سرت إليه بالأهواز، انتسبت له، وكان أول لقائي له، وكان مريضا، وكان زمن القيظ فقال: ابغ لي طبيبا. فأتيته بطبيب، فنعت له بقلة، فقال الطبيب: لا أعرف أحدا على وجه الأرض يعرف اسمها غيرك، فمن أين عرفتها؟ إلا أنها ليست في هذا الأوان، ولا هذا الزمان. قال له: فابغ لي قصب السكر. فقال الطبيب: وهذه أدهى من الأولى، ما هذا بزمان قصب السكر. فقال الرضا (عليه السلام): هما في أرضكم هذه، وزمانكم هذا، وهذا معك، فامضيا إلى شاذروان الماء واعبراه، فيرفع لكم جوخان - أي بيدر - فاقصداه، فستجدان رجلا هناك أسود في جوخانة، فقولا له: أين منبت قصب السكر، وأين منابت الحشيشة الفلانية - ذهب على أبي هاشم اسمها - فقال: يا أبا هاشم، دونك القوم. فقمت، وإذا الجوخان والرجل الأسود، قال: فسألناه فأومأ إلى ظهره، فإذا قصب السكر، فأخذنا منه حاجتنا، ورجعنا إلى الجوخان، فلم نر صاحبه فيه، فرجعنا إلى الرضا (عليه السلام) فحمد الله. فقال لي الطبيب: ابن من هذا؟ قلت: ابن سيد الأنبياء (صلى الله عليه وآله). قال: فعنده من أقاليد النبوة شيء؟ قلت: نعم، وقد شهدت بعضها، وليس بنبي. قال: وصي نبي؟ قلت: أما هذا فنعم. فبلغ ذلك رجاء بن أبي الضحاك، فقال لأصحابه: لئن أقام بعد هذا لتمدن إليه الرقاب، فارتحل به (15). قنطرة أربق: ورحل (عليه السلام) من الأهواز إلى قنطرة أربق (ويقال لها: أربك، من نواحي رامهرمز بخوزستان، ذات قرى ومزارع، وعندها قنطرة )، روى الصدوق (رحمه الله) عن جعفر ابن محمد النوفلي، قال: أتيت الرضا (عليه السلام) وهو بقنطرة أربق، فسلمت عليه، ثم جلست وقلت: جعلت فداك، إن أناسا يزعمون أن أباك (عليه السلام) حي؟ فقال: كذبوا لعنهم الله، لو كان حيا ما قسم ميراثه، ولا نكح نساؤه، ولكنه والله ذاق الموت كما ذاقه علي بن أبي طالب (عليه السلام). قال: فقلت له: ما تأمرني؟ قال: عليك بابني محمد من بعدي، وأما أنا فإني ذاهب في وجه الأرض لا أرجع، بورك قبر بطوس، وقبران ببغداد.
قال: قلت: جعلت فداك، عرفنا واحدا، فما الثاني؟ قال: ستعرفونه، ثم قال (عليه السلام): قبري وقبر هارون هكذا - وضم بإصبعيه (16). مفازة خراسان: ورحل (عليه السلام) إلى خراسان سالكا طريق الصحراء، قال محمد بن حفص: حدثني مولى العبد الصالح أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: كنت وجماعة مع الرضا (عليه السلام) في مفازة، فأصابنا عطش شديد ودوابنا حتى خفنا على أنفسنا. فقال لنا الرضا (عليه السلام): ائتوا موضعا - وصفه لنا - فإنكم تصيبون الماء فيه. قال: فأتينا الموضع، فأصبنا الماء، وسقينا دوابنا حتى رويت، وروينا ومن معنا من القافلة، ثم رحلنا، فأمرنا (عليه السلام) بطلب العين، فطلبناها فما أصبنا إلا بعر الإبل، ولم نجد للعين أثرا، فذكرت ذلك لرجل من ولد قنبر، كان يزعم أن له مائة وعشرين سنة، فأخبرني القنبري بمثل هذا الحديث سواء، قال: كنا أنا أيضا معه في خدمته، وأخبرني القنبري أنه كان (عليه السلام) في ذلك مصعدا إلى خراسان (17). حديث سلسلة الذهب: في كتاب (الفصول المهمة) لابن الصباغ المالكي، قال: حدث المولى السعيد إمام الدنيا عماد الدين محمد بن أبي سعيد بن عبد الكريم الوزان في محرم سنة ست وتسعين وخمسمائة: أورد صاحب كتاب (تأريخ نيسابور) في كتابه: أن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) لما دخل إلى نيسابور في السفرة التي خص فيها بفضيلة الشهادة، كان في قبة مستورة بالسقلاط (السقلاط: شيء من الصوف يجعل على الهودج) على بغلة شهباء، وقد شق نيسابور، فعرض له الإمامان الحافظان للأحاديث النبوية، والمثابران على السنة المحمدية: أبو زرعة الرازي، ومحمد بن أسلم الطوسي، ومعهما خلائق لا يحصون من طلبة العلم وأهل الأحاديث وأهل الرواية والدراية، فقالا: أيها السيد الجليل، ابن السادة الأئمة، بحق آبائك الأطهرين، وأسلافك الأكرمين، إلا ما أريتنا وجهك الميمون المبارك، ورويت لنا حديثا عن آبائك، عن جدك محمد (صلى الله عليه وآله)، نذكرك به. فاستوقف البغلة، وأمر غلمانه بكشف المظلة عن القبة، وأقر عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة، فكانت له ذؤابتان على عاتقه، والناس كلهم قيام على طبقاتهم، ينظرون إليه، وهم ما بين صارخ وباك ومتمرغ في التراب ومقبل لحافر بغلته، وعلا الضجيج، فصاحت الأئمة والعلماء والفقهاء: معاشر الناس، اسمعوا وعوا، وانصتوا لسماع ما ينفعكم، ولا تؤذونا بكثرة صراخكم وبكائكم، وكان المستملي أبو زرعة ومحمد بن أسلم الطوسي. فقال علي بن موسى الرضا (عليهما السلام): حدثني أبي موسى الكاظم، عن أبيه جعفر الصادق، عن أبيه محمد الباقر، عن أبيه علي زين العابدين، عن أبيه الحسين شهيد كربلاء، عن أبيه علي بن أبي طالب، أنه قال: حدثني حبيبي وقرة عيني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: حدثني جبرئيل، قال: سمعت رب العزة سبحانه وتعالى
يقول: كلمة لا إله إلا الله حصني، فمن قالها دخل حصني، ومن دخل حصني أمن عذابي ، ثم أرخى الستر على القبة وسار، فعدوا أهل المحابر والدوي الذين كانوا يكتبون، فأنافوا على عشرين ألفا. وفي رواية: عد من المحابر أربعة وعشرون ألفا سوى الدوي (الدوي: جمع دواة، المحبرة). قال الأستاذ أبو القاسم القشيري: اتصل هذا الحديث بهذا السند ببعض أمراء السامانية، فكتبه بالذهب، وأوصى أن يدفن معه في قبره، فرؤي بالنوم بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بتلفظي بلا إله إلا الله، وتصديق بأن محمدا رسول الله (18). وفي رواية: لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي ، فلما مرت الراحلة نادانا: بشروطها، وأنا من شروطها (19). والحديث من الأحاديث المتفق عليها بين المحدثين بهذا الإسناد، ذكره كل من وصف رحلة الإمام (عليه السلام) إلى خراسان (20). الإيمان معرفة بالقلب: عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: كنت مع علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ودخل نيسابور راكبا بغلة شهباء، أو بغلا أشهب - الشك من أبي الصلت - فغدا في طلبه علماء البلد: ياسين بن النضر، وأحمد بن حرب، ويحيى ابن يحيى، وعدة من أهل العلم، فتعلقوا بلجامه في المربع (21)، فقالوا: بحق آبائك الطاهرين، حدثنا بحديث سمعته من أبيك. فقال (عليه السلام): حدثني أبي العدل الصالح موسى بن جعفر، قال موسى: حدثني أبي الصادق جعفر بن محمد، حدثني أبي أبو جعفر باقر العلم - علم الأنبياء - قال أبو جعفر: حدثني أبي علي بن الحسين سيد العابدين، حدثني أبي سيد أهل الجنة الحسين، حدثني أبي سيد العرب علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما الإيمان؟ قال: معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان . قال أبو علي: قال لي أحمد بن حنبل: إن قرأت هذا الإسناد على مجنون برئ من جنونه (22). القرية الحمراء: ومر (عليه السلام) بالقرية الحمراء (موضع بين نيسابور ومشهد) بعد أن رحل من نيسابور، فعن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: لما خرج الرضا علي بن موسى (عليه السلام) من نيسابور إلى المأمون، فبلغ قرب القرية الحمراء قيل له: يا بن رسول الله، قد زالت الشمس، أفلا تصلي؟
فنزل (عليه السلام) فقال: ائتوني بماء. فقيل: ما معنا ماء. فبحث (عليه السلام) بيده الأرض، فنبع من الماء ما توضأ به هو ومن معه، وأثره باق إلى اليوم (23). سناباد: قال عبد السلام بن صالح الهروي، لما دخل الرضا (عليه السلام) سناباد استند إلى الجبل الذي تنحت منه القدور، فقال: اللهم أنفع به، وبارك فيما يجعل فيه، وفيما ينحت منه، ثم أمر (عليه السلام) فنحت له قدور من الجبل، وقال: لا يطبخ ما آكله إلا فيها. وكان (عليه السلام) خفيف الأكل قليل الطعم، فاهتدى الناس إليه من ذلك اليوم، وظهرت بركة دعائه (عليه السلام) فيه. ثم دخل دار حميد بن قحطبة الطائي، ودخل القبة التي فيها قبر هارون الرشيد، ثم خط بيده إلى جانبه. ثم قال: هذه تربتي، وفيها أدفن، وسيجعل الله هذا المكان مختلف شيعتي وأهل محبتي، والله ما يزورني منهم زائر، ولا يسلم علي منهم مسلم إلا وجب له غفران الله ورحمته بشفاعتنا أهل البيت. ثم استقبل القبلة، فصلى ركعات، ودعا بدعوات، فلما فرغ سجد سجدة طال مكثه فيها، فأحصيت له فيها خمسمائة تسبيحة، ثم انصرف (24). وعن ياسر خادم المأمون، أنه قال: لما نزل أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قصر حميد بن قحطبة، نزع ثيابه، وناولها حميدا فاحتملها، وناولها جارية له لتغسلها، فما لبثت أن جاءت ومعها رقعة، فناولتها حميدا، وقالت:
وجدتها في جيب أبي الحسن (عليه السلام). فقلت: جعلت فداك، إن الجارية وجدت رقعة في جيب قميصك فها هي. قال: يا حميد، هذه عوذة لا نفارقها. فقلت: لو شرفتني بها، فقال: هذه عوذة من أمسكها في جيبه كان البلاء مدفوعا عنه، وكانت له حرزا من الشيطان الرجيم، ثم أملى على حميد العوذة، وهي: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا أو غير تقي، أخذت بالله السميع البصير على سمعك وبصرك، لا سلطان لك علي، ولا على سمعي، ولا على بصري، ولا على شعري، ولا على بشري، ولا على لحمي، ولا على دمي، ولا على مخي، ولا على عصبي، ولا على عظامي، ولا على مالي، ولا على ما رزقني ربي، سترت بيني وبينك بستر النبوة الذي استتر أنبياء الله به من سطوات الجبابرة والفراعنة، جبرئيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، وإسرافيل عن ورائي، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أمامي، والله مطلع علي، يمنعك مني، ويمنع الشيطان مني. اللهم لا يغلب جهله أناتك أن يستفزني ويستخفني، اللهم إليك التجأت، اللهم إليك التجأت، اللهم إليك التجأت (25).

طوس:

وروى ابن شهرآشوب، عن موسى بن سيار، قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) وقد أشرف على حيطان طوس، وسمعت واعية فاتبعتها، فإذا نحن بجنازة، فلما بصرت بها، رأيت سيدي وقد ثنى رجله عن فرسه، ثم أقبل نحو الجنازة فرفعها، ثم أقبل يلوذ بها كما تلوذ السخلة بأمها، ثم أقبل علي وقال: يا موسى بن سيار، من شيع جنازة ولي من أوليائنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه لا ذنب عليه، حتى إذا وضع الرجل على شفير قبره، رأيت سيدي قد أقبل فأخرج الناس عن الجنازة حتى بدا له الميت، فوضع يده على صدره، ثم قال: يا فلان بن فلان، أبشر بالجنة، فلا خوف عليك بعد هذه الساعة. الحديث (26). سرخس: روى الشيخ الصدوق بالإسناد عن أبي نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد الضبي، عن أبيه، قال: سمعت جدي يقول: سمعت أبي يقول: لما قدم علي بن موسى الرضا (عليه السلام) نيسابور أيام المأمون قمت في حوائجه والتصرف في أمره ما دام بها، فلما خرج إلى مرو شيعته إلى سرخس، فلما خرج من سرخس أردت أن أشيعه إلى مرو، فلما سار مرحلة، أخرج رأسه من العمارية، وقال لي: يا عبد الله، انصرف راشدا، فقد قمت بالواجب، وليس للتشييع غاية، قال: قلت: بحق المصطفى والمرتضى والزهراء، لما حدثتني بحديث تشفيني به حتى أرجع، فقال: تسألني الحديث، وقد أخرجت من جوار رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولا أدري إلى ما يصير أمري؟ قال: قلت: بحق المصطفى والمرتضى والزهراء، لما حدثتني بحديث تشفيني به حتى أرجع. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه، أنه سمع أباه يذكر أنه سمع أباه يقول: سمعت أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) يذكر أنه سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: قال الله عز وجل: لا إله إلا الله اسمي، من قاله مخلصا من قلبه دخل حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي.

مرو:

وكانت مرو مركز الخلافة ودار الإمارة بعد أن اتخذها المأمون قاعدة لحكومته بدلا من بغداد، وذلك بعد أن رجح له ذلك قادته وحاشيته وفاء للبلد الذي نصره وانتصر له في أحلك الظروف، وكانت مرو المحطة الأخيرة من مسير الإمام (عليه السلام).
المصادر :
1- العوالم 22: 245 / 2، عن عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 149 / 21، بحار الأنوار 49: 133 / 9.
2- تأريخ الطبري 8: 544، سير أعلام النبلاء 9: 390، الكامل في التأريخ 6: 319.
3- تأريخ الطبري 8: 540.
4- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 180 / 5، بحار الأنوار 49: 91 / 7، العوالم 22: 168 / 1.
5- الكافي 1: 489 / 7.
6- الإرشاد 2: 259.
7- ألقاب الرسول وعترته: 223، العوالم 22: 229 / 3.
8- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 217 / 26، بحار الأنوار 49: 117 / 2
9- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 217 / 28، إعلام الورى: 325، العوالم 22: 226 / 2، دلائل الإمامة: 173.
10- كشف الغمة 3: 155، بحار الأنوار 49: 120 / 6، العوالم 22: 227 / 3.
11- بصائر الدرجات: 266، الجزء 5، الباب 11،الحديث 8، بحار الأنوار 49: 46 / 41.
12- بحار الأنوار 92: 54 / 22.
13- العوالم 22: 228.
14- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 205 / 5، بحار الأنوار 49: 116 / 1، العوالم 22: 230 /
15- الخرائج والجرائح 2: 661 / 4،العوالم 22: 231 / 2. مشهورة.
16- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 216 / 23، إعلام الورى: 324،العوالم 22: 472 / 5.
17- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 216 / 25بحار الأنوار 49: 37 / 20، العوالم 22: 87 / 34.
18- الفصول المهمة: 250 - 251.
19- أمالي الصدوق: 195 / 8.
20- أمالي الطوسي 2: 201، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 134 / 1، و135 / 4، و126 / 3، و122 / 3، و123 / 4، التوحيد: 24 / 22.
21- لعله اسم محلة في نيسابور.
22- العوالم 22: 240 / 1، عن أخبار أصبهان 1: 138، وانظر إحقاق الحق 12: 392
23- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 136 / 1، بحار الأنوار 49: 125 / 1، العوالم 22: 241 / 1.
24- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 136 / 1، بحار الأنوار 49: 125 / 1، العوالم 22: 241 / 1.
25- بحار الأنوار 94: 192 / 1، و343 / 1.
26- بحار الأنوار 49: 98 / 13، العوالم 22: 213 / 1.



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.