دور المرأة في المجتمع الإسلامي

لا نريد أن نتطرق إلى مكانة المرأة المسلمة في التشريع الإسلامي ، ومقارنتها بمكانتها ومنزلتها في التشريع اللاإسلامي الغربي والشرقي . ولا نريد أن نبحث عن حياة المرأة عموماً في العصور الغابرة وما عانته من ظلم واضطهاد ، حتى انقذتها
Sunday, September 13, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
دور المرأة في المجتمع الإسلامي
 دور المرأة في المجتمع الإسلامي

 






 

لا نريد أن نتطرق إلى مكانة المرأة المسلمة في التشريع الإسلامي ، ومقارنتها بمكانتها ومنزلتها في التشريع اللاإسلامي الغربي والشرقي . ولا نريد أن نبحث عن حياة المرأة عموماً في العصور الغابرة وما عانته من ظلم واضطهاد ، حتى انقذتها الشريعة الإسلامية بقانون حفظ عفتها وشرفها ، وأعطاها ، فإن ذلك مبحوث في كتب مختصة معنية بهذا الأمر .
بل نريد أن نبين عبر هذه الأسطر القليلة دور المرأة المؤمنة في المجتمع الإسلامي ومن خلال الأدوار الحياتية التي أدّتها ، فنقول :
لا يكاد يخلو مجال في الحياة ـ سواء على المستوى العلمي أو العملي ـ لم تشارك المرأة المؤمنة أخاها الرجل فيه ، إلا تلك التي خصها التشريع الإسلامي بالرجل لمزايا معينة فيه :
ففي علم الفقه تطالعنا اسماء لامعة لفقيهات مشهورات عرفهن التأريخ الإسلامي لنا كالفقيهة حميدة الرويدشتي ، وفاطمة الرويدشتي ، واُم علي زوجة الشهيد الأول محمد بن مكي الجزيني العاملي ، وبنته المعروفة بست المشايخ ، والفقيهة المجتهدة العلوية الأمينية الأصفهانية .
وفي علم الحديث نجد كثيراً من النساء رَوَينَ الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله ، والأئمة الاطهار عليهم السلام ، حتى انكِ تجدين أبواباً مستقلة في ذكر الروايات . خصصها مؤلفو كتب التراجم ، وقسموهن إلى عدة أقسام حسب المروي عنه . فهذه راوية عن النبي صلى الله عليه وآله ، وتلك عن أمير المؤمنين عليه السلام ، أو الحسن والحسين عليهما السلام ، أو بقية المعصومين عليهم السلام ، أمثال اُم سلمة ، اُم غانم ، اُم البراء ، اُم البداء ، حبابة الوالبية ، اُم الوشاء ، ام هاني ، سعيدة ، نضرة ، وغيرهن .
وفي مجال الحصول على اجازات للرواية من العلماء ، فهناك عدد من النساء حصلن على اجازة للرواية مثل : ست المشايخ ، فاطمة التلعكبري ، بنتي الشيخ الطوسي ، شرف الأشراف وفاطمة بنتا السيد ابن طاووس ، بنت السيد ابن شدقم ، ست العشيرة ، الأمينية الأصفهانية ، اٌم علي الحسون ، وغيرهن .
وهناك عدد كبير من النساء المؤلفات اللواتي شاركن الرجال في تأليف الكتب الإسلامية في شتى المجالات ، مثل : حميدة الرويد شتي ، العلوية بنت الهدى ، زينب فوّاز العالمية ، مريم فضل الله ، زهراء رهنورد ، وغيرهن.
وكثير منهن كن على درجة عالية من البلاغة ، حتى أنهن أدهشن الرجال ببلاغتهن ، مثل سفانة بنت حاتم الطائي ، سودة بنت عمارة الهمدانية ، الزرقاء بنت عدي ، بكارة الهلالية ، دارمية الحجونية ، أم سنان المذحجية ، أم البراء بنت صفوان ، أروى بنت الحارث ، وغيرهن.
وإن بعض هذه النسوة يمكن عدهن من اللواتي قلن كلمة الحق أمام السلطان الجائر ، حيث وقفن أمام معاوية بن أبي سفيان ودافعن عن الإمام علي عليه السلام بكل جرأة وصلابة ، وأسمعن معاوية ومن معه كلاماً قارصاً شديداً .
وللمرأة المؤمنة أيضاً دور فعال وذكر حسن فيما يتعلق بواقعة الطف ، سواء من حضرن الواقعة أو لم يحضرن ، مثل : الرباب ، طوعة ، فكيهة ، اُم حبيب ، رملة ، اُم خلف ، اُم وهب وزوجته ، حسنية ، وغيرهن .
ولم تقتصر الشهادة على الرجال فقط ، بل نجد ان المرأة المؤمنة قد شاركته في الحصول على هذا الوسام ، مع أن الشريعة الأسلامية قد أسقطت الجهاد عن المرأة ، إلا أنها قد نالت الشهادة في بعض الوقائع ، مثل : ام عمار بن ياسر اول شهيدة في الاسلام ، اُم وهب ، درة الصدف ، زوجة شعبان المهدي ، العلوية بنت الهدى ، سلوى البحراني ، أمل العامري ، وغيرهن .
لا يغفل أحدٌ من النّاس أهميّة دور المرأة في المجتمع، فبدون أن تؤدّي المرأة دورها لا يمكن أن تسير عجلة الحياة، فالمرأة هي نصف المجتمع وشريكة الرّجل وسنده، وحين يقدّم الرّجل ما يستطيع من جهد في سبيل الإنفاق على الأسرة ترى المرأة تنبري للقيام بدورها في المجتمع بكلّ قوّةٍ وعزيمة، وتمتلك المرأة صفات تميّزها عن الرّجل وتجعلها قادرة على تقديم معاني الرّحمة والحنان لأولادها ورعايتهم الرّعاية الصّحيحة، ولا يمكن للرّجل أن يحلّ مكان المرأة في الأسرة، وهنا تكمن سنّة الحياة وتكامل أدوراها حين يعرف كلّ طرفٍ فيها دوره ورسالته فيؤدّيها على أكمل وجه، وإنّ أهميّة دور المرأة في المجتمع تكمن من أهميّة الرّسالة التي تؤديّها المرأة فيه، فما هي رسالة المرأة ؟
تتجلّى رسالة المرأة في الأسرة حين تقوم برعاية أولادها وتربيتهم التّربية الصّحيحة المبنيّة على الأخلاق والدّين، ولا يمكن أن تؤدّي الأمّ هذه الرّسالة إلا عندما تكون مهيّئة لذلك وكما قال الشّاعر:

الأمّ مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق

كما أنّ رسالة المرأة في أسرتها تتعدّى مهمّة التّربية إلى مهمة إعداد جيلٍ من الأبناء يحسن التّعامل مع مجتمعه ويحسن العطاء، فتزوّده بالمهارات الإجتماعيّة اللازمة لذلك، كما تبيّن حقّ المجتمع عليه، ويتشارك الأب هذه المسؤوليّة مع المرأة حتى يكون نتاج التّربية أفضل.
كما تتجلّى أهميّة المرأة حين تؤدّي رسالتها بالمجتمع بما تحمله من شهادات علميّة تمكّنها من تعليم الأجيال، وكم نرى من معلّمات يربّين طلابنا على الأخلاق الحميدة ويزوّدونهم بالعلم النّافع في حياتهم، وبالتّالي فإنّ دور المرأة حيوي في محاربة الجهل والتّخلف وتنوير المجتمع بالعلوم والمعرفة والثّقافة في كلّ مجالات الحياة.
كما تتجلّى أهميّة المرأة في المجتمع حين تراها تضع يدها بيد زوجها في أوقات المحن والشّدائد، فتراها تعمل أحيانًا كثيرة حتّى تشارك زوجها مهمّة الإنفاق على البيت، ولا شكّ بأنّ ذلك ليس بمطلوبًا منها ولكن دعاها لذلك عظم المسؤوليّة التي تحملها في نفسها ورغبتها بالوقوف مع زوجها ومساندته وهي ترى ظروف الحياة الصّعبة.
وأخيرًا إنّ هناك صورٌ مختلفة تبيّن أهميّة المرأة في المجتمع، فالمرأة تجاهد كما يجاهد الرّجل حين تراها تحمل أحيانًا السّلاح لتدافع عن وطنها ودينها، كما تراها تطبّب جراح النّاس وتداويها بكلّ معاني المحبّة والرّحمة والحنان، وكم يتمنّى أحدنا أن تكون له بنت بارّة في حياته لأنّه يعلم بأنّها سترعاه في كبره وعجزه. أما نساء أهل البيت عليهم السلام ، وفي مقدمتهن سيدتنا الزهراء سلام الله عليها ، واُم المؤمنين خديجة بنت خويلد ، والحوراء زينب بنت أمير المؤمنين عليهما السلام ، وسكينة وفاطمة بنتا الإمام الحسين عليه السلام ، وبقية النساء اللواتي تعلمن في بيوت أذن الله لها أن ترفع ، فإنهن أدين ما عليهن من واجب تبليغي تشهد له كتب التأريخ الموجودة بين أيدينا .

المرأة جزء من المجتمع

يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ..﴾.
إن الإسلام لا يريد دفن طاقات المرأة وسلب أي دور لها في المجتمع، بل العكس تماماً فهو يريد أن يفعّل طاقات المرأة في الاتجاه الصحيح، لتكون عنصراً فعالاً له دوره الإيجابي والبناء في المجتمع، فالفعالية في المجتمع ليست خاصة بالرجال بل هي تكليف للمؤمنات كما كانت تكليفا للمؤمنين.
فالمرأة إذن ليست عضواً خارج المجتمع أو على هامشه بل هي في قلب المجتمع لها دورها الأساسي والفعال، ويشير الإمام الخميني قدس سره إلى هذا الدور بشكل إجمالي في الكثير من كلماته، ومن هذه الكلمات: "إن للمرأة دوراً كبيراً في المجتمع، والمرأة مظهر لتحق آمال البشر"(1).
"يؤهل الإسلام المرأة لأن يكون لها ـ كالرجل ـ دور في جميع الأمور، فكما يؤدي الرجل دوراً في جميع الأمور، فالمرأة أيضاً تمتلك مثل هذا الدور".
بل نجد الإمام قدس سره يعتبر أن النساء الصالحات هن السبب في رفعة المجتمع وانتصاره أمام كل التحديات، يقول قدس سره: "لو جردوا الأمم من النساء الشجاعات والمربيات للإنسان، فسوف تهزم هذه الأمم وتؤول إلى الانحطاط".
وهي التي تعمر البلاد جنباً إلى جنب الرجال: "وينبغي للنساء الشجاعات والملتزمات التوجه إلى إعمار إيران العزيزة جنباً إلى جنب الرجال الأعزاء..".
"فكما كان لكنّ دور أساسي في السابق، فإنكن مطالبات الآن بالمساهمة في تحقيق هذا النصر، وأن تنهضن وتنتفضن كلما تطلب الأمر ذلك... البلاد بلادكن ويجب عليكن بناؤها، إن شاء الله".
ويشير الإمام الخميني قدس سره على طبيعة هذا الدور الذي يمكن أن تقوم به المرأة بشكل إجمالي فيقول: "إننا نفخر أن السيدات والنساء صغاراً وكباراً، ناشئات وعجائز، يمارسن دورهن الفاعل في المجالات الثقافية والاقتصادية والعسكرية كالرجال، أو أفضل، سعياً في تحقيق رفعة الإسلام وأهداف القرآن الكريم"(2).
ولنقرأ معاً بعض النشاطات التي أكد الإمام الخميني قدس سره على أن ضرورة تأخذ المرة دورها الإيجابي فيها:

1ـ المساهمة في تحديد المصير

"على المرأة أن تساهم في مقدرات البلاد المصيرية".
"نحن ندعو لأن تحتل المرأة مكانتها الإنسانية السامية، ينبغي للمرأة أن تساهم في تحديد مصيرها".
"للمرأة حق تقرير مصيرها كما هو الحال بالنسبة للرجل"(3).
فالمرأة إذن لها دور قبل مرحلة الإجراء والتنفيذ، لها دور في القضايا المصيرية، وعليها أن تبادر للتصدي لمثل هذه الأمور وإبداء رأيها بها، وبالأخص الأمور المصيرية التي تتعلق بالمرأة.

2ـ نشاطها في إطار العائلة

"القرآن الكريم يربي الإنسان، والمرأة أيضاً تربي الإنسان".
يا لها من عبارة تختصر كل شيء، وتبين خطورة دور المرأة وأهميته في المجتمع فهي المدرسة التي تخرج إنسان هذا المجتمع ليأخذ لونها ويسير بإلهام منها، وكما يقول الشاعر:
لا عذب الله أمي إنها شربت***حب الوصي وغذتنيه باللبن
بل نجد الإمام عندما يقارن بين دور المرأة ودور الرجل في المجتمع يصرح أن دور المرأة أهم وأخطر، حيث يقول قدس سره: "إن دور المرأة في المجتمع أهم من دور الرجل، لأن النساء والسيدات ـ علاوة على كونهن شريحة فعالة على كل الأصعدة ـ فإنهن يتصدين لتربية الشرائح الفعالة الأخرى أيضاً"(4).
وبسبب خطورة هذا الدور وأهميته نجد الإسلام قد خصها بالثواب الجزيل مقابل ذلك، يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن ليلة واحدة من سهر الأم لطفلها، تعادل سنين من عمر أب ملتزم، إن الرأفة والرحمة التي تحملها نظرات الأم النورانية ما هي إلا تجلِ لرأفة ورحمة رب العالمين"(5).
ويكفي الأم شرفاً ما ورد في الحديث الشريف: "الجنة تحت أقدام الأمهات"(6).
إن الأمومة لها احترامها الخاص ولها أهميتها الخاصة عند الله سبحانه وتعالى، فلماذا كان هذا الاهتمام يا ترى؟

أهمية التربية

التربية تشكل المخزون الثقافي والنفسي والسلوكي الذي سيلقي بظلاله على الإنسان طيلة مسيرة حياته، وكما يقال "من شب على شيء شاب عليه".
وفي الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: "إنما قلب الحدث كالأرض الخالية، ما ألقي فيها من شيء إلا قبلته".
وإلى هذه الحقيقة يشير الإمام الخميني قدس سره بقوله: "وإن معظم المفاسد ناتجة عن هذه العقد التي تنشأ عند الأطفال".
ويقول قدس سره: "إن طفلاً صالحاً يتربى في أحضانكن من الممكن أن يسعد شعباً كاملاً".
نعم هذا هو سبب أهمية دور الأم. إنها هي التي تخرج أفراد المجتمع الصالحين الذين يمكن أن يسعد الواحد منهم شعباً كاملاً.
وبقدر أهمية هذا الدور هو خطير أيضاً، وينبه الإمام قدس سره على ذلك: "أما لو كانت تربية سيئة فقد يفسد مجتمعاً لا سمح الله ,لا تتصوروا أنه طفل، فقد ينزل هذا الطفل إلى المجتمع ويمثل موقعاً على رأس المجتمع ثم يسوقه إلى الفساد".
وهذا الدور المهم والخطير هو شرف كبير للمرأة. "إنكن أيتها النساء تحظين بشرف الأمومة... وأنكن بهذا الشرف مقدمات على الرجال... إن أول مدرسة يتعلم فيها الطفل هي حضن الأم، الأم الصالحة تربي طفلاً صالحاً. وإذا كانت الأم منحرفة ـ لا سمح الله ـ سوف ينشأ الطفل منحرفاً في أحضان هذه الأم، لأن العلاقة التي تربط الأطفال بالأم دونها أي علاقة أخرى، وما داموا في أحضان الأم، فإن كل ما يفكرون به وكل ما يتطلعون إليه يتلخص في الأم، وينظرون إليه من خلالها. إن كلام الأم وخْلقها وأفعالها تترك تأثيرها في الأطفال.. فسوف ينشأ هذا الطفل على تلك الأخلاق والأفعال بوحي من تقليده لأمه التي هي أسمى من يقلد".

الأولوية لدور التربية:

هذا الدور المهم مقدم ـ إجمالاً ـ على الأدوار الأخرى، ويجب أن لا تؤثر أدوارها الأخرى التي يمكن أن تقوم به على دورها هذا، لذلك
نجد الإمام يعترض على انشغال المرأة بشكل يمنعها من أداء هذا الدور الأساسي. يقول قدس سره: "أنتن أيتها النساء اللاتي شاركتن في هذه النهضة وحفظكن الله، مدعوات للتقدم بهذه النهضة، وإن مسؤوليتكن المهمة هي تربية أبناء صالحين... لقد أرادوا لهذه النسوة أن يبتعدون عن أطفالهن... فبعض من يدعو النساء للعمل في الدوائر لا يهدف تطوير العمل، بل يعمل ذلك من أجل إفساد الدوائر، ويسعى على إبعاد الأطفال عن أحضان أمهاتهن فسوف ينشأون معقدين،.... حافظن على أطفالكن جيداً... ربين أطفالكن تربية صالحة".
فعلى المرأة إذن أن تؤدي دورها الرسالي في العائلة بشكل كامل، ويجب أن لا تكون أعمالها الأخرى على حساب دورها هذا.
وعندما يدعوها للاهتمام بعائلتها وتربية ولدها تربية صالحه فهذا يعني بالتأكيد تربيته تربية إسلامية صحيحة "ربين أطفالكن في أحضانكن تربية إسلامية...".
فالتربية الإسلامية الصحيحة هي التي تمثل القيم الإنسانية العليا: "المرأة هي الموجود الوحيد الذي يمكنه إتحاف المجتمع بأفراد يندفع المجتمع بل المجتمعات ببركة وجودهم نحو الاستقامة والقيم الإنسانية العليا".
ومن خلالها تحقق سعادة المجتمع الدنيوي والأخروية: "إن حضن المرأة مهد جميع السعادات وينبغي للمرأة أن تكون مهد السعادات".

قصة:

الإمام الخميني قدس سره مع أم شهيد

في آخر يوم، وقبل نقل الإمام إلى المستشفى، كان للإمام لقاء مع عامة الشعب كالمعتاد، وكان بين الحاضرين أم لشهيد لبناني استشهد في عملية استشهادية كانت قاصمة للعدو الإسرائيلي؛ قتل فيها المئات من جنوده، عندما تُقدم هذه المرأة إلى الإمام أخبرته أن هذه أم الشهيد الفلاني، انفرج وجه الإمام والتفت إليها بشكل خاص، واخذ بالدعاء لها بشكل ملفت!(7).

الرجال قوامون على النساء

إن دور المرأة في العائلة مقدم على أدوارها الأخرى ـ كما ذكرنا سابقاً ـ وأي دور تقوم به المرأة خارج البيت ينبغي أن لا يؤثر على دورها الرسالي التربوي في البيت.
وقد اعتمد الإسلام منذ البداية مبدأ "إذا كنتم ثلاثة فأمروا فعليكم واحداً منكم" فالإسلام هو دين النظام الذي رفض الفوضى بشكل عام.
وهذا المجتمع الصغير (الأسرة). قد نظمه الله تعالى وجعل قيادته بيد الزوج. فهو القيّم على الأسرة ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء﴾. وقد فرض الإسلام على المرأة أن تتعاطى مع الزوج كقيم ومسؤول عن العائلة ومدبر لأمورها، وفي الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: "جهاد المرأة حسن التبعل"(8).
بل أننا نجد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يؤكد على هذا النظام وضرورة أتباع الزوجة للزوج حتى ورد في الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام: "أن قوماً أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا رأينا أناساً يسجد بعضهم لبعض فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمر المرأة أن تسجد لزوجها"(9).
ومن الجهة العملية نجد بعض الروايات تؤكد أيضاً هذه القيمومة للرجل على المرأة إلى درجة أنها لا يمكنها أن تخرج من بيتها بدون إذنه. ففي الرواية أن امرأة سألت النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله! ما حق الزوج على زوجته؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "أن لا تتصدق من بيته إلا بإذنه، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب، ولا تصوم يوماً تطوعاً إلا بإذنه، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء وملائكة الأرض وملائكة الغضب وملائكة الرضي"، قالت: فمن أعظم الناس حقاً على الرجل، قال صلى الله عليه وآله وسلم: "والده؟"، قالت: فمن أعظم الناس حقاً على المرأة؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "زوجها"(10).
لذلك نجد الإمام الخميني قدس سره يؤكد على المرأة طاعة زوجها بل يحرم عليها الخروج من البيت بدون إذنه حيث يقول: "المرأة مستقلة في التقليد ولكن في الشؤون الزوجية ينبغي لها طاعة الزوج، ولا تستطيع أن تخرج من البيت بدون إذنه"(11).
وكذلك في تحرير الوسيلة: "لا يجوز لها الخروج بدون إذن زوجها إلا لضرورة أو أداء واجب مضيق"(12).

3ـ نشاطها في المجتمع

"إن صلاح أو فساد مجتمع ما نبع من صلاح أو فساد نساء ذلك المجتمع"(13).
المرأة عنصر مؤثر جداً في المجتمع، فإن كانت صالحة تسببت بصلاح المجتمع من خلال الأجواء التي ستحكم هذا المجتمع ببركة حجابها وعفتها والتزامها بالحكم الشرعي. فالمرأة المحجبة وجودها ومظهرها دعوة إلى الله سبحانه وتعالى، فهي القادرة على صناعة أجواء المجتمع الصالح بما أولاها الله سبحانه وتعالى، وإن كانت المرأة فاسدة ـ لا سمح الله ـ فإنها ستسبب بفساد المجتمع وستعطي طابعاً وأجواءً في المجتمع تساعد بل وتدعو إلى الفساد والانحراف. فدورها حساس جداً، إما نور من الأنوار الإلهية في المجتمع أو سهم من سهام الانحراف والفساد!
ومن هنا فالإسلام لا يريد إلغاء المرأة من المجتمع، بل يريدها وبقوة، ولكن يريدها نوراً من أنوار الصلاح: "الإسلام يرى أن للنساء دوراً حساساً في بناء المجتمع الإسلامي، لذا فقد ارتقى بالمرأة إلى الحد الذي تستطيع معه أن تستعيد موقعها الإنساني في المجتمع وأن تخرج عن كونها (شيئاً) حتى تتمكن من خلال ذلك تحمل مسؤولياتها في بنية الحكومة الإسلامية".
"إن التشيع ـ ليس فقط ـ لا يعزل النساء عن ميدان الحياة الاجتماعية، بل يؤهلهن لاحتلال مكانتهن الإنسانية السامية في
المجتمع، إننا نرحب بالإنجازات التي حققها العالم الغربي، لا الفساد الذي يئن منه الغربيون أنفسهم".
"يمكن للمرأة في النظام الإسلامي المشاركة الفعالة مع الرجال في بناء المجتمع الإسلامي"(19).
فللمرأة إذن عمل اجتماعي حساس وليست مجرد شيء في المجتمع، لكن ينبغي في عمل المرأة الاجتماعي أن يبقى محافظاً على العفة العامة والحياء، وتحذر من الوقوع في الفساد الذي يئن منه الغربيون أنفسهم ـ كما عبر الإمام ـ.
ومن اللازم على النساء القيام بهذا الدور والتصدي له: "يتحتم على النساء اليوم أداء دورهن الاجتماعي والتزاماتهن الدينية، مع المحافظة على الحياء العام، ففي ظل العفة العامة يمارسن نشاطاتهن الاجتماعية".

4ـ نشاطها في السياسة وبناء الدولة

لقد أكد الإمام على ضرورة مشاركة المرأة في الأمور السياسية وبناء النظام ومؤسساته بفعالية، وفي جميع المجالات، ومن هذه المجالات:

أ ـ المشاركة في الاستفتاء والانتخابات والترشيح

"من الأمور المهمة التي ينبغي التأكيد عليها مشاركة النساء الفاضلات والشجاعات في مختلف أنحاء إيران في الاستفتاء العام".
"تتمتع النساء بحق الانتخاب، إننا نؤمن بهذه الحقوق للنساء أكثر من إيمان الغرب بها... فالمرأة تتمتع بحق الرأي، وحق الانتخاب وحق الترشيح".
فالمرأة لها حق الانتخاب فلها أن تشارك بالانتخابات لتنتخب الشخص الذي تراه مناسباً. وكذلك لها حق الترشيح، حيث بمكنها أن تترشح أيضاً في أي انتخابات تجري. ويمكنها أن تترشح أيضاً في أي انتخابات تجري. ويمكنها أن تحتل المركز وتقوم بعملها إذ انتخبها الناس بلا فرق بينهما وبين الرجل.

ب ـ الخوض في الشؤون السياسية:

الشؤون السياسية والأعمال السياسية ليست مختصة بالرجال. بل للمرأة دور في هذا الإطار عليها أن تقوم به، بل يرى الإمام أنه من اللازم على المرأة المساهمة في القضايا السياسية، يقول: "مثلما يجب على الرجال المساهمة في القضايا السياسية والحفاظ على مجتمعهم، يجب على النساء أيضاً المشاركة والحفاظ على المجتمع، يجب على النساء أيضاً المشاركة في النشاطات الاجتماعية والسياسية على قدم المساواة مع الرجال، بالطبع مع المحافظة على الشؤون التي أمر بها الإسلام والتي هي بحمد الله متحققة بالفعل في إيران".
"نحن نرى الآن أن القضايا التي تطرحها المتحدثات باسمكن أيتها السيدات اللاتي تقطن المناطق الساحلية هي مسائل سياسية واجتماعية معاصرة، وإن الشيء نفسه نجده لدى النساء الأخريات في المراكز والمؤسسات في مختلف أنحاء البلاد، إذ أخذت المرأة تولي اهتماماً خاصاً بالمسائل السياسي والاجتماعية المعاصرة. إن هذا التحول حدث ببركة النهضة الإسلامية أرجو أن يتواصل، ينبغي لكن أيتها النساء، وكذلك أنتم أيها الأخوة وبقية أخوتنا وأخواتنا المحافظة على هذا التحول الروحي وأن تمارس المرأة دورها في القضايا السياسية والنشاطات الاجتماعية الخاصة بها".

ج ـ إعمار البلاد:

والنساء أيضاً هم جزء من أبناء هذه البلاد، فهم يستفيدون من صلاحها وإمكانياتها ويتضررون من النواقص والمشاكل الموجودة فيها، وتقع على عاقتهم مسؤولية إعمار البلاد كما تقع على عاتق الرجال، فإعمار البلاد مسؤولية المجتمع كله، وعلى المرأة أن تؤدي دورها في هذا الإطار أيضاً، وتدفع الأمور باتجاه إعمار البلاد، يقول الإمام الخميني قدس سره: "النساء في الجمهورية الإسلامية منهمكات اليوم جنباً إلى جنب الرجال، في بناء أنفسهن وفي إعمار البلاد".

د ـ إدارة شؤون البلاد:

المرأة ليست مجرد عنصر مشجع على العمل، أو عنصر عامل ضمن مستويات التنفيذ وتلقي الأوامر فقط، وإنما للمرأة التدخل في إدارة شؤون البلاد وإشغال المناصب الحكومية العالية أيضاً، فكونها امرأة لا يمنع من قيامها بهذه الأمور وتأدية هذه الأدوار الإدارية، يقول الإمام الخميني قدس سره: "من الذي عبأ هذه النسوة ودفعهن للمشاركة في إدارة شؤون البلاد؟ علماً أن مشاركتهن جاءت في محلها ـ من الذي فعل ذلك؟ الله تعالى هو الذي دعا لذلك. وإن هذه النسوة بمشاركتهن هذه يلبين دعوة الله".

5ـ الجهاد والعمل العسكري:

لعل الجهاد العسكري هو من أكثر الأمور التي تثار حولها علامات استفهام بالنسبة للمرأة. فهل للمرأة دور في الجهاد، أم هو مختص بالرجال؟ وإذا كان لها دور فما هي طبيعة هذا الدور؟

أ ـ المشاركة في الحروب:

ميز الإسلام بين الحروب العادية التي يمكن أن تقع بين البلدان، وبين تعرض بلاد المسلمين للغزو والخطر على الوجود والهوية وبعبارة أخرى ميز بين الجهادي الابتدائي والجهاد الدفاعي. ففي الحروب العادية يسقط الجهاد عن المرأة ولا يجب إلا على الرجل. وأما في النوع الآخر وعندما تتعرض البلاد للغزو فالدفاع واجب على الرجل والمرأة بلا فرق بينهما.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "الجهاد غير واجب على النساء ولكن الدفاع واجب على كل فرد في حدود القدرة والاستطاعة"(15).
"وإذا ما حدث ـ لا سمح الله ـ في وقت ما هجوم ضد البلاد الإسلامية فإن على الجميع نساءً ورجالاً أن يهب للدفاع، إن الدفاع لا يقتصر على الرجل دون المرأة. أو على فئة دون أخرى، بل يجب على الجميع التحرك والدفاع عن البلاد".
ولا شك أن ما يتعرض له العالم الإسلامي الآن من حروب. جعله في وضع دفاع محافظة على النفس والهوية، فالجهاد في العالم الإسلامي الآن هو من أوضح مصاديق الجهاد الدفاعي، ولا يستثنى منه أحد سواء كان رجلاً أو امرأة، في حدود القدرة والاستطاعة.
"أيتها الأخوات والأخوة في أي بلد كنتم! دافعوا عن هويتكم الإسلامية والوطنية. دافعوا عن أنفسكم دون خوف أو تحفظ في مقابل أعدائكم الممثلين في أمريكا والصهيونية الدولية وقوى الشرق والغرب... دافعوا عن الشعوب والبلدان الإسلامية".
وهذا بالطبع لا يلغي تشخيص القيادة وتقسيمها للأدوار بحسب ما تراه من مصلحة جهادية واجتماعية.
ينقل الإمام الخميني قدس سره قائلاً: "تطلب مني بعض النساء بأن أدعو لهن أن يستشهدن في كردستان... إن بعض النسوة جئن إلى هنا وطلبن مني أن أسمح لهن بالذهاب إلى كردستان... يذهبن للقتال هناك. فقلت لهن: ليس من الصلاح، الشعب والجيش يؤديان دورهما هناك".

ب ـ المشاركة في التدريب العسكري:

عندما نتحدث عن عمل عسكري يمكن للمرأة أن تقوم به، خصوصاً في حالة الدفاع، فمن الطبيعي أننا سنتقبل مستلزمات العمل العسكري. وأهمها التدريب العسكري. فالتدريب هو مقدمة ضرورية لأي عمل عسكري، ولا يمكن السماح للمرأة بالعمل العسكري ومنعها عن التدريب. تطبيقاً لنداء العقل ولقوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ...﴾.
ويشير الإمام الخميني قدس سره إلى ذلك في بعض كلماته حيث يقول: "إذا ما كان الدفاع واجباً على الجميع، ينبغي أن تهيأ مقدمات الدفاع أيضاً، من جملة ذلك موضوع التدريب العسكري، وتعليم فنون القتال لمن لا يجيدها، فالأمر ليس بهذه الصورة بأن يجب علينا الدفاع ولكن لا ندري كيف ندافع. بل يجب أن نتعلم كيف ندافع. ومن الطبيعي أن المحيط الذي تتدربون فيه على الفنون العسكرية يجب أن يكون محيطاً سالماً، محيطاً إسلامياً، وأن تراعي فيه جوانب العفاف وجميع الشؤون الإسلامية".
"إنني آمل، بفضل ما تحقق حتى الآن بهمة الرجال والنساء الشرفاء الأبطال، أن توفق النسوة بتأييد الله المتعال في التعبئة العامة، بما في ذلك التدريب العسكري والعقائدي والأخلاقي والثقافي. وأن تكمل الدورات التعليمية والتمارين الميدانية العسكرية والقتالية بنجاح وفكاءة تحقق تطلعات الأمة الإسلامية".

ج ـ دعم الجبهات:

كل جبهة تحتاج لخطط خلفية تؤمن لها حوائجها ومستلزماتها وتدعمها. وهذا الدور يمكن أن تقوم بها المرأة أكثر من غيرها. وقد أثبتت جدارتها فيه عملياً على الدوام. يقول الإمام الخميني قدس سره: "لقد غاب عن هؤلاء الذين يزرعون الخوف في نفوسكن من الحكومة
الإسلامية، ويزعمون بأن إذا ما قامت الحكومة الإسلامية فسوف تحجر على النساء في البيوت، غاب عنهم أن النساء في صدر الإسلام كن يخرجن إلى الحرب، وكان معظمهن يعمل طوال الوقت في إسعاف المصابين ومداواة الجرحى".
"ينبغي لكن أيتها النساء أن تعلمن أن تعلمن أنه مثلما يجب على الرجال الإقدام والتضحية في جبهات القتال، يجب عليكن تقديم العون والمساعدة خلف الجبهات".
"الآن حيث تتواجدون في جبهات القتال، ويتواجد جنودنا ينصرهم الله في الأماكن الحساسة، من الذي يقوم بتوفير احتياجاتهم؟ إن النساء هن اللاتي يقمن بإعداد الخبز لكم. وإن الشعب هو الذي يقدم الذخيرة لكم، ويتبرع بالأموال اللازمة لكم...".
"عندما أشاهد في التلفزيون هذه النساء المحترمات اللاتي يعملن في مناصرة الجيش ودعم القوات المسلحة، أشعر بمكانة لهن في نفسي لا أشعر بها تجاه أي شخص آخر، إن هذه النسوة يؤدين عملاً لا ينتظرن من ورائه شيئاً أو مكافأة من أحد. إنهن جنديات مجهولات يتواجدن في جبهات الجهاد، بل منهمكات فيه".

المرأة في المكتبة العربية

قد يتصور البعض وعلى رأسهم المستشرقون ومن نهج نهجهم في آرائه ونحا نحوهم في تفكيره ، أن المسلمين العرب من علماء واُدباء أهملوا شأن المرأة ولم يكتبوا عن أحوالها وابداعاتها في شتى المجالات ، بل استخفوا بالنساء فلم يعتنوا بهن ولم يخصوهن بالتأليف أو يفردوا لهن التصانيف .
وهذا التصور الخاطئ مردود لا بينة عليه ، بل البينة قائمة على عكسه . فالذي يطالع الموسوعات الأدبية والمعاجم وفهارس الكتب المؤلفة ، يتجلى له بوضوح زيف هذا الادعاء ويرى أمامه مجموعة كبيرة من تآليف حسان وتصانيف أمراً ملاح خصوها بالمرأة وجنسها ، وأجلوا فيها أسرارها وأخبارها ، ولم يدعوا أدركوا صلته بهن إلا تكلموا عليه وبحثوا فيه .
المصادر :
1- الكلمات القصار. ص279
2- الكلمات القصار. ص280
3- الكلمات القصار. ص283
4- الكلمات القصار، ص279
5- جلوهاي رحماني. ص47
6- كنز العمال. حديث 45439
7- در سايه آفتاب، ص233
8- نهج البلاغة باب الحكم حديث 136
9- الكافي. جزء 5. ص508
10- دعائم الإسلام جزء 2. ص216
11- استفتاءات جزء 1. ص13
12- تحرير الوسيلة جزء 2، ص347
13- الكلمات القصار. ص282
14- الكلمات القصار ص283
15- الاستفتاءات. ج1. ص503

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.