أقسام ولاية الفقيه

طائفة ترى عمومية وشمول ولاية الفقيه، وأن الفقيه في عصر الغيبة يتولى ما يتولاه الامام في عصر الحضورمن امور المسلمين، ويكون أولى بالمسلمين من أنفسهم، في كل مجال يتولاه الامام، ويكون أولى فيه بالمسلمين من أنفسهم.
Monday, October 19, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
أقسام ولاية الفقيه
 أقسام ولاية الفقيه

 






 

يختلف الفقهاء في أمر ولاية الفقيه الى طائفتين اثنتين:
طائفة ترى عمومية وشمول ولاية الفقيه، وأن الفقيه في عصر الغيبة يتولى ما يتولاه الامام في عصر الحضورمن امور المسلمين، ويكون أولى بالمسلمين من أنفسهم، في كل مجال يتولاه الامام، ويكون أولى فيه بالمسلمين من أنفسهم.
وهذه هي (الولاية العامة) التي يذهب اليها جمع من الفقهاء، كالمحقق الكركي، والمحقق النراقي في العوائد، ومن المعاصرين الامام الخميني قدس سره.
وطائفة اخرى من الفقهاء، يذهبون الى أن الفقيه يتولى فقط الامور التي نقطع بأن الاسلام يطلبها على كل حال من امور وشؤون المجتمع، مما يختل نظام حياة الناس من دونه، ولابد منه على كل حال في تنظيم حياة الناس وشؤونهم ونقطع بمشروعية وجوده في الخارج، وحتى لو لم يكن حاكم يتولى امور المسلمين وجب على المسلمين القيام به كفاية، كالشؤون الامنية والبلدية والاقتصادية والصحية والدفاعية والتعليمية والتموينية وما الى ذلك دون ما يشك في مشروعيته، لو لم تتم دلالة نصوص الولاية والحكومة كزواج الصغيرة لغير الاب والجد.
وهذه وأمثالها هي الامور التي لابد منها في حياة الناس، ويطلبها الاسلام على كل حال على نحو الكفاية أو العين،وهي تتوقف في مجال التنفيذ عادة على وجود جهاز للحكم ورئيس لهذا الجهاز، يتولى امور الحكم والنظام،ولا يمكن بحسب العادة والطبيعة أن تحقق من دون وجود جهاز متكامل للحكم.
والفقيه هو القدر المتيقن ممن يصح أن يتولى أمر هذا الجهاز، وينهض بولاية الامر، بمعنى أنه لابد من أحد يتولى أمر الحكم، وهو مردد بين أن يكون واحدا من عدول المؤمنين ومنهم الفقهاء، أو يكون الفقهاء وحدهم هم المؤهلين للنهوض بهذا الامر، وعليه فان الفقيه هو القدر المتيقن ممن يصح منه أن يتولى امور الحكم والدولة. (1)
وهذه الامور والشؤون يصطلح عليها الفقهاء بالامور (الحسبية) (للامور الحسبية معنيان: فقد يقصد بالامور الحسبية شؤون الرقابة الاجتماعية، والامر بالمعروف والنهي عن‏المنكر. وهذا هو المقصود من (ولاية الحسبية) في التاريخ الاسلامي، وقد يقصد به كل ما يطلبه الشارع على نحو الكفاية‏ مما تقوم به حياة المجتمع، ويختل من دونه المجتمع، ويدخل في قوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى). ونحن نقصد بالامور الحسبية المعنى الثاني هنا. )، التي تختل الحياة الاجتماعية من دونها،ويطلبها الاسلام على كل حال، حتى لو لم يكن هناك فقيه، يجب على سائر المؤمنين القيام بها بقدر الامكان، حتى من غير وجود نظام للحكم.
كلمات الفقهاء في الامور الحسبية:
1- يقول الشيخ الانصاري رحمه اللّه بعد مناقشة الرأي الاول في ولاية الفقيه، وهو عموم الولاية:
وعلى أي تقدير فقد ظهر مما ذكرناه، ان ما دلت عليه هذه الادلة هو ثبوت الولاية للفقيه في الامور التي يكون مشروعية ايجادها في الخارج مفروغا عنها، بحيث لو فرض عدم الفقيه كان على الناس القيام بها كفاية، وأما مايشك في مشروعيته، كالحدود لغير الامام، وتزويج الصغيرة لغير الاب والجد، وولاية المعاملة على مال الغائب بالعقد عليه، وفسخ العقد الخياري عنه، وغير ذلك، فلا يثبت من تلك الادلة مشروعيتها للفقيه(2)
2- ويقول المحقق النراقي في (العوائد):
ان كل فعل متعلق بامور العباد في دينهم أو دنياهم، ولابد من الاتيان به، ولا مفر منه، أما عقلا أو عادة، من جهة توقف امور المعاد والمعاش لواحد أو جماعة عليه، واناطة انتظام امور الدين والدنيا به، أو شرعا، من جهة ورود أمر به، أو اجماع أو نفي ضرر، أو أضرار، أو عسر، أو حرج، أو فساد على مسلم، أو دليل آخر، أو ورود الاذن فيه من الشارع، ولم يجعل وظيفة لمعين واحد، أو جماعة، ولا لغير معين، أي واحد لا يعنيه، بل علم لابد من الاتيان به أو الاذن فيه، ولم يعلم المأمور به ولا المأذون فيه، فهو وظيفة الفقيه، وله التصرف فيه والاتيان به(3)
3- ويقول آية اللّه البروجردي كما في تقريرات تلميذه آية اللّه المنتظري: وبالجملة كون الفقيه العادل منصوبا من قبل الائمة (عليهم السلام)، لمثل تلك الامورالعامة المهمة التي يبتلى بها العامة مما لا اشكال فيه اجمالا بعدما بيناه.
4- ويقول المحقق النائيني بهذا الصدد، كما في تقريرات بحثه في المكاسب بقلم المحقق الخوانساري:
وبالجملة، الامور التي يعلم من الشارع مطلوبيتها في جميع الازمان، ولم يؤخذ في دليلها صدورها من شخص خاص، فمع وجود الفقيه هو المتعين للقيام بها. أما لثبوت ولايته عليها بالادلة العامة، أو لكونه المتيقن من بين المسلمين، أو لئلا يلزم الهرج والمرج، فيعتبر قيام الفقيه به مباشرة، أو اذنه، أو استنابته مع تعذره، فيقوم به سائر المسلمين(4)
5- ويقول آية اللّه السيد الخوئي قدس سره كما في التنقيح في تقرير دليل القائلين بالولاية العامة:
ان الامور الراجعة الى الولاية مما لا مناص من أن تتحقق في الخارج... لا مناص من أن ترجع الامور الى الفقيه الجامع للشرائط، لانه القدر المتيقن ممن يحتمل أن يرخص الشارع فيها، كما لا يحتمل أن يهملها لانها لابد من أن تقع في الخارج. فمع التمكن من الفقيه لا يحتمل الرجوع فيها الى الغير، لانه اذا لم يمكن الرجوع اليه في مورد ثبتت الولاية لعدول المؤمنين. ثم يقول السيد الخوئي قدس سره في مناقشة هذا الدليل:
ان الامور المذكورة، وان كانت حتمية التحقق في الخارج، وهي المعبر عنها بالامور الحسبية، لانها بمعنى الامور القربية التي لا مناص من تحققها خارجا، كما أن الفقيه هو القدر المتيقن كما مر الا أنه لا يستكشف بذلك أن الفقيه له الولاية المطلقة في عصر الغيبة، كالولاية الثابتة للنبي(صلی الله عليه وآله وسلم)، أو الائمة (عليهم السلام). فان تلك الامور (الامور الحسبية) لا يمكن للشارع اهمالها،كما لا يمكن أن يرخص فيها لغير الفقيه دون الفقيه، فيستنتج بذلك أن الفقيه هو القدر المتيقن في تلك التصرفات(5)
ولا خلاف بين الفقهاء في أمر ولاية الفقيه في دائرة الامور الحسبية، التي تشمل مجمل القضايا التي تنهض بهاالحكومات عادة. وأما المقدار الذي يختلف فيه الفقهاء من أمر (ولاية الفقيه) فهو في الولاية العامة للفقيه في الامور التي شك في مشروعيتها في حالة عدم تمامية ولاية الفقيه، وهذه المساحة يختص بها الائمة(عليهم السلام)، من امورالمسلمين، وهذا هو الذي يضعه بعض الفقهاء موضع الشك في الدراسات الفقهية.
أما المسائل والشؤون التي يحتاج اليها المسلمون في معاشهم ومعادهم، ودنياهم وآخرتهم ولا ينتظم من دونهادينهم ولا دنياهم، فلا خلاف بين الفقهاء في أن الفقيه هو الذي يتولا ها، وهو ما يسمى بالامور الحسبية كما ذكرنا. وهذا الحد من (ولاية الفقيه) موضع اجماع الفقهاء.
1- قال المحقق الكركي في جامع المقاصد: اتفق أصحابنا على أن الفقيه العادل الجامع لشرائط الفتوى، المعبر عنه بالمجتهد في الاحكام الشرعية، نائب من قبل أئمة الهدى (عليهم السلام)في حال الغيبة(وعبارة المحقق الكركي اوسع من الولاية في دائرة الامور الحسبية، واقرب الى‏الولاية العامة منها الى الولاية في الامور الحسبية.)(6). واذا شئنا أن نفرق بين شطري ولاية الفقيه، الشطر المتفق عليه بين الفقهاء والذي أسميناه ب (الامور الحسبية)، والشطر المختلف فيه. فان بامكاننا أن نقول: كل ما كان وجوبه ومشروعيته مطلقة، وعلمنا أن الاسلام يريده ويطلبه، ولا يعلق طلبه وايجابه على شيء، ولكن وجوده في الخارج يتوقف عادة على الدولة الاسلامية وولي الامر، فهو من الامور الحسبية التي يتفق جميع الفقهاء على ولاية الفقيه فيها.
وأما ما كان يحتمل أن يكون وجوبه ومشروعيته موقوفا على حضور الامام، فهو من الشطر الثاني الذي يختلف فيه الفقهاء، على رأيين: سلبي وايجابي.
مثلا لا يشترط في وجوب المحافظة على الامن والاستقرار في المجتمع، وفي اقامة المشاريع والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والصحية والاقتصادية، وفي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر... وجود الامام وحضوره، فهي واجبة على كل حال، ووجوبها مطلق وغير مقيد بحضور الامام. وان كان وجود هذه الامور في القطاع العام يتوقف عادة على وجود حكومة اسلامية، ولا يمكن تحقيقها في الغالب من دون وجود جهاز للحكم ونظام حاكم في المجتمع بصورة كاملة ووافية، لان طبيعة هذه الاعمال طبيعة اجتماعية وليست طبيعتها طبيعة فردية.
ولما كانت هذه الامور ضرورية في حياة المجتمع، وكانت الحياة الاجتماعية تختل من دونها، ولما كانت طبيعة هذه الامور طبيعة اجتماعية، تتوقف على وجود نظام حاكم وحكومة اسلامية... فان النتيجة المنطقية لهذه المقدمات، هي وجوب اقامة دولة اسلامية، مقدمة لتنفيذ هذه الامور وتمهيدا للامر بالمعروف والنهي عن المنكر،واجرأ حدود اللّه وأحكامه.
فلا يمكن تنفيذ الامور الحسبية هذه بصورة كاملة من دون وجود دولة اسلامية.
ولكن هذه الامور لما كان وجوبها ومشروعيتها مطلقة، وغير مقيدة بشيء، فلا يسقط وجوبها ومشروعيتهاعند فقدان الدولة الاسلامية، فيجب السعي لاقامتها، وفي حالة العجز عن اقامة الدولة الاسلامية، تجب بالمقدارالميسور، بصورة فردية أو قريبة من الصورة الفردية.
وأما القسم الثاني من الولاية، فنحتمل فيها أن يكون وجوبها ومشروعيتها مشروطا وموقوفا على حضورالامام، وممارسته للولاية والحكم. فاذا كان الامام حاضرا ومبسوط اليد ونافذ القدرة، وجب عليه عند ذلك، والا سقط وجوبها، وسقطت مشروعيتها، لان وجوبها ومشروعيتها في الفرض، وجوب مشروط ومشروعية مشروطة، أو يحتمل فيه ذلك على الاقل، وما لم يتحقق الشرط لا يتحقق الوجوب.
وهذا من الوجوب المشروط في مقابل الحالة الاولى، التي كانت من الوجوب المطلق، ومثال القسم الاول شؤون(الدفاع)، ومثال القسم الثاني شؤون الجهاد الابتدائي، فنحن نحتمل على الاقل أن يكون وجوب الجهاد(الابتدائي)، وجوبا مشروطا بحضور الامام ونفوذ قدرته وبسط يده، كما يتوقف وجوب الحج مثلا على الاستطاعة، فاذا انتفت الاستطاعة لم يثبت الوجوب من أول الامر.
بينما لا نحتمل ذلك في (الدفاع)، فان وجوبه بالتأكيد مطلق وغير مقيد بشيء، والاسلام يطلب من المسلمين أن يدافعوا عن أنفسهم من دون شرط ولا قيد. فاذا كان أمر الدفاع يتوقف على وجود دولة للاسلام وقوة للدفاع،وجب على المسلمين اقامة هذه الدولة وتوفير هذه القوة، وحتى لو عجزوا عن اقامة الدولة وجب عليهم الدفاع عن بلاد المسلمين بالميسور من ذلك.
الحكم والفتوى:
وقد جرت العادة على تسمية الاوامر التي يصدرها الحكام فيما يتعلق بشؤون الولاية ب (الحكم). وكلمة (الحكم)تأتي هنا في قبال (الفتوى). ويختلف عن الفتوى في طبيعته وآثاره.
فالفتوى اخبار عن الحكم الشرعي، يقوم به الفقيه، بنأ على المستندات الفقهية التي يملكها في الكشف عن حكم الشارع في قضية ما.
بينما الحكم ليس اخبارا عن حكم الشارع، وانما هو انشأ للحكم يقوم به الفقيه الحاكم.
ويختلف الحكم عن الفتوى من حيث الاثر أيضا، فان الحكم ينفذ على كافة المسلمين، ويجب عليهم امتثاله، فيمااذا كان الحاكم صالحا للحكم، دون فتوى الفقيه، حيث لا تنفذ الا على مقلديه دون غيرهم.
كما أن الفتوى تنقض بالحكم، ولا ينقض الحكم بالفتوى.
فان الغرض من الحكم المنع من حدوث الفوضى في المجتمع، وتوحيد المجتمع في رأي واحد وحكم واحد.
واذا كانت الفتوى تنقض الحكم، فلا يمكن أن تنقطع الفوضى في المجتمع، لاختلاف المجتهدين في الرأي غالبا،واختلاف مبانيهم في الفتوى.
والفتوى ليس حجة في الموضوعات، اذ ليس للمفتي الا أن يخبر عن الاحكام الشرعية الكلية، والمقلد هو الذي ينظر في الموضوعات، وأمر تشخيص الموضوعات موكل الى نظر العرف دون المجتهد.
وذلك بعكس الحكم، حيث يكون حجة في الموضوعات، فينفذ حكم الحاكم في ثبوت الهلال، وحرية شخص وكفر شخص، وكون الارض مسجدا أو غير ذلك.
فاذا حكم بحرية شخص، فلا يجوز شراؤه واستعباده، واذا حكم بكون الارض مسجدا، فلا يجوز شراؤه وبيعه واهداؤه وغير ذلك، كما اذا حكم بثبوت هلال شوال فلا يجوز صوم ذلك اليوم.
وقد ورد في كلمات بعض الفقهاء اختصاص الحكم بموارد الخصومة(في قاعدة الفرق بين الفتوى والحكم: بأن الحكم: انشأ اطلاق‏او الزام في المسائل الاجتهادية وغيرها، مع تقارب المدارك فيها، مما يتنازع فيه الخصمان لمصالح المعاش. وخص‏بذلك الحكم في موارد الخصومة. وليس ذلك بصحيح كما ذكرنا ذلك في المتن. وفي كلام الشهيد مواضع اخرى‏للمناقشة لا يهمنا التعرض لها هنا)(7)، وليس ذلك صحيحا، لتعلق الحكم بثبوت الهلال، وبغير ذلك من الامور التي لا تقع موردا للخصومة، ولا تعرض على القضاء.
ولا يسعنا المجال هنا في تشريح الحكم وتوضيح الفرق بينه وبين الفتوى، أكثر مما ذكرناه، وبامكان الباحث أن يرجع الى الموسوعات الفقهية في استيضاح أكثر لمعنى الحكم والفرق بينه وبين الفتوى(8)
على أن المسألة ليست محررة تحريرا منهجيا وافيا في الكتب الفقهية بشكل يرضي الباحث. والحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
المصادر :
2- الاجتهاد والتقليد سلطات الفقيه /دراسة فقهية ميسرة في المرجعية والولاية/محمد مهدي الاصفي
3- المكاسب للشيخ الاعظم الانصاري: ص‏154.
4- العوائد للشيخ احمد النراقي: ص‏188.
5- منية الطالب تقريرات بحث المحقق النائيني: 1/329.
6- التنقيح في الاجتهاد والتقليد: ص‏422 423.
7- جامع المقاصد للمحقق الكركي.
8- قال الشهيد (رضی الله عنه) في القواعد (1/320، قاعدة رقم‏114).
9- كتاب القضاء للعلامة الكني: ص‏201 252.


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.