
من الآداب المعنوية للتكبيرات:
1- ما قاله الإمام علي عليه السلام: "الله أكبر فيه نفي كيفيته كأنه يقول –أي المؤذن-: الله أجلّ من أن يدرك الواصفون قدر صفته التي هي موصوف بها وإنما يصفه الواصفون على قدرهم لا على قدر عظمته وجلاله تعالى الله عن أن يدرك الواصفون صفته علوّاً كبيراً...".2- ومن الآداب المهمّة للتكبير أن السالك عليه أن يجاهد نفسه ليصل قلبه إلى مرحلة يحصر كبر الشأن والعظمة والسلطان والجلال بذات الحق المقدسة.
وإذا كان في القلب أثر من كبرياء أحد غير الله، فليعلم أن قلبه مريض ومعلول، وعلامة هذا المرض ان الإنسان يقدّم رضا المخلوق على رضا الخالق.
3- كذلك من آدابه، أنه لا بد للسالك أن يذّكر القلب بعحز نفسه وكبرياء الحق، وعجزه عن القيام بالثناء على الذات المقدّسة واعلام قصور نفسه عن إقامة الصلاة.
يروى عن الإمام الصادق عليه السلام: "فإذا كبّرت فاستصغر ما بين السموات العلى والثرى دون كبريائه فإن الله تعالى إذا طلع على قلب العبد وهو يكبّر وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره، فقال: يا كذاب أتخدعني وعزتي وجلالي لأحرمنك حلاوة ذكري ولأحجبنّك عن قربي والمسرّة بمناجاتي، واعلم أنه غير محتاج إلى خدمتك وهو غني عنك وعن عبادتك ودعائك وإنما دعاك بفضله ليرحمك ويبعدك عن عقوبته وينشر عليك من بركات حنانيته ويهديك إلى سبيل رضاه ويفتح عليك باب مغفرته، فلو خلق الله (عزّ وجلّ) على ضعف ما خلق من العوالم أضعافا مضاعفة على سرمد الأبد لكان عند الله سواء كفروا به بأجمعهم أو وحدّوه فليس له من عبادة الخلق إلا إظهار الكرم والقدرة فاجعل الحياء رداء والعجز إزارا وادخل تحت سرير سلطان الله تعالى تغتنم فوائد ربوبيته مستعينا به مستغيثا إليه".
بعض آداب الشهادى بالألوهية:
الألوهية إما أن تكون مشتقة من أله في الشيء أي تحير فيه، أو مشتقة من ولاه بمعنى ارتفع، أو مشتقة من لاه يلوه بمعنى احتجب، أو مشتقة من اله بمعنى عبد ويكون المراد هو المألوه أي المعبود، وقد تكون بمعنى المدبّر والمؤثر والمتصرّف.فعلى معنى العبودية، يكون معنى الشهادة: أن لا معبود إلا الله، فعليه إذا كان في القلب معبود سواه فهذا نفاق في الشهادة، فلا بد أن يوصل الشهادة بالأوهية إلى القلب، ويكسر الأصنام الكبيرة والصغيرة المنحوتة بيد الشيطان والنفس الأمارة.
وعلى معنى التصرف والتدبير والتأثير فيكون معنى الشهادة: إني أشهد أن لا متصرف ولا مؤثر ولا مدبّر في الكون إلا ذات الحق المقدسة جلّ وعلا، وإذا كان في قلب السالك اعتماد على موجود من الموجودات واطمئنان لأحد من العباد فقلبه مريض وشهادته زور. فعليه لكي يكون صادقا في شهادته أن لا يمدّ يد حاجته إلا إلى المحضر المقدس للحق تعالى ويفتح عين رجائه إلى موجود من الموجودات ويظهر الغنى والاستغناء عند العباد والضعفاء، ويجتنب عندهم عن الضعف والذلة والعجز، وهذا المعنى وارد في كثير من الأحاديث.
كما في الحديث: "إن عزّ المؤمن استغناؤه عن الناس" وإن من إحدى المستحبات الشرعية اظهار النعمة والغنى، ومن المكروهات طلب الحوائج من الناس.
وعن علي بن الحسين عليه السلام: "رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عمّا في أيدي الناس ومن لم يرج الناس في شيء وردّ أمره إلى الله تعالى في جميع أموره استجاب الله تعالى له في كل شيء".
بعض آداب الشهادة بالرسالة:
اعلم أنه لا يمكن القرب من الله تعالى بلا نور، "وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ"(1).1-فعلى السالك إلى الله التمسك بهداة الطريق إليه فهم الواصلون إلى الله والعاكفون عليه، وهم النور الذي يضيء لنا الطريق إلى الحبيب الحقيقي، فلو أراد أحد أن يطوي الطريق إلى الله بقدم الأنانية ويعتمد على نفسه من دون التمسك بولاية أهل البيت فسلوكه إلى الشيطان والهاوية.
وبالجملة، التمسّك بأولياء النعم الذين اهتدوا إلى طريق العروج وأتمّوا السير إلى الله من لوازم السير إلى الله، كما أشير إلى ذلك في أحاديث كثيرة، وقد عقد في كتاب الوسائل بابا في أن العبادة بدون ولاية الأئمة والاعتقاد بإمامتهم باطلة، ومن هذه الروايات في الكافي:
عن الباقر عليه السلام: "... إن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دنيا الله قد ضلوا وأضلوا فأعمالهمن التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد".
وعن أبي جعفر عليه السلام: "أما لو أن رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحجّ جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه فتكون جميع أعماله بدلالته إليه ماكان له على الله حق في ثوابه وما كان من أهل الإيمان".
عن أبي حمزة الثمالي قال: قال لنا علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام: "أي البقاع أفضل؟ فقلت الله ورسوله أعلم، فقال: إن أفضل البقاع ما بين الركن والمقام ولو أن رجلاً عمّر ما عمّر نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك الموضع ثم لقي الله بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئاً".
وأما آداب الشهادة بالرسالة فهي أن يوصل الشهادة بالرسالة إلى القلب فإذا دخلت عظمة رسول رب العالمين في قلب الإنسان يدخل فيه أهمية رسالته الإسلام، وعلامة صدق الشهادة أنها تظهر آثارها في نفس الإنسان وسلوكه وحياته.
بعض آداب الحيعلات:
إن القول: (حي على الصلاة) هو إعلان للحضور بين يدي الله تعالى، وأدب السالك في هذا المقام هو أن يفهم قلبه قرب الحضور حتى يتهيأ له ويراقب آداب الصلاةالصورية والمعنوية كمال المراقبة ثم يعلن سرّ الصلاة ونتيجتها بقوله: (حي على الفلاح) و(حي على خير العمل) كي يوقظ الفطرة لأن الفرح والنجاح هي السعادة المطلقة وفطرة جميع البشر عاشقة للسعادة المطلقة لأن الفطرة طالبة للكمال والراحة وحقيقة السعادة هي الكمال المطلق والراحة المطلقة وهي في الصلاة التي هي خير الأعمال.
فإذا وصل السالك إلى (قد قامت الصلاة) فلا بد أن يرى نفسه في حضرة مالك الملوك وسلطان والسلاطين والعظيم المطلق، وليتقدّم يخجل من عدم القيام بالأمر، ويستشعر الخوف والرجاء، وليفد على الكريم ولا يحسب عمله من الحسنات حتى لا يقع في العجب الذي هو من موانع التقرب إلى الله في الصلاة.
ثم ينبغي عليك عدم إهمال الاذان والإقامة فقد ورد فيها فضل في الروايات، فعن أبي عبد الله عليه السلام: "إذا أذنّت وأقمت خلّى خلفك صفان من الملائكة وإذا أقمت صلّى خلفك صف من الملائكة".
من فقه الاسلام
س: هل تبطل الصلاة بالإتيان بشهادة ولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام في التشهد؟ج: الصلاة والتشهد الذي هو أحد أجزائها هما نفسهما المذكوران في الرسالة العملية فيقتصر عليهما ولا يأتي بأمور زائدة على ذلك حتى ولو كانت كلام حق وصحيحة.
س: إذا ضحك شخص أثناء الصلاة لتذكّر قول مضحك أو لعروض أمر مثير للضحك، فهل تبطل صلاته أم لا؟
ج: إذا كان للضحك صوت –أي قهقهة- بطلت الصلاة.
س: هل مسح الوجه باليدين بعد القنوت حال الصلاة يوجب بطلانها؟ وفي حال كونه موجبا للبطلان هل يعتبر معصية وذنبا؟
ج: لا يوجب البطلان ولكنه مكروه.
س: هل يجوز تغميض العينين حال الصلاة لأن فتحهما يشغل فكر الإنسان عن الصلاة؟
ج: لا مانع شرعا من إغماض العينين ولكنه مكروه.
س: أتذكّر في أثناء الصلاة وفي بعض الأحيان المواقف الإيمانية والحالات المعنوية التي كنت أعيشها في زمان مواجهة النظام البعثي الكافر، مما يساعدني ذلك على زيادة الخشوع فيها، فهل هذا مبطل للصلاة؟
ج: لا يضر بصحة الصلاة.
س: هل تبطل الصلاة لثلاثة أيام عند وقوع العداء والهجرة بين شخصين، وهل الصيام يبطل أيضاً؟
ج: وقوع العداء والهجران بين شخصين لا يبطل الصلاة ولا الصيام ولكن هذا العمل مذموم شرعاً(2).
أسرار صلاة الآيات:
أما الآيات فاستحضر عندها أحوال الآخرة وزلزالها، وتكوير الشمس والقمر وظلمة القيامة، ووجل الخلائق والتجائهم واجتماعهم في مواقف القيامة، وخوفهم من الأخذ والنكال والعقوبة، وأكثر من الدعاء والابتهال بمزيد الخشوع والخضوع والخوف والوجل في النجاة من تلك الشدائد، وردّ النور بعد الظلمة، والمسامحة، على الهفوة والزلة، وتب إلى الله من جميع ذنوبك وأحسن التوبة عسى أن ينظر إليك وأنت منكسر النفس، مطرق الرأس، مستحي من التقصير، فيقبل توبتك، فإنه يقبل القلوب المنكسرة، ويحب النفوس الخاشعة(3)...أسرار صلاة العيد:
أما العيد فأحضر في قلبك أنها في يوم قسمة الجوائز وتفرقة الرحمة، وإفاضة المواهب على من قبل صومه وقام بوظائفه، وأكثر من الخشوع في صلاتك والابتهال الى الله تعالى فيها وقبلها وبعدها في قبول أعمالك، والعفو عن تقصيرك، واستشعر الحياء والخجلة من حيرة الرد والخذلان، فليس ذلك اليوم بعيد لمن لبس الجديد، وإنما هو عيد لمن أمن من يوم الوعيد، وسلم من النقاش والتهديد، واستحق بصالح أعماله المزيد، واستقبله بما استقبلت به يوم الجمعة من الوظائف والتنظيف والتطيب وغيره من أسباب التهيؤ والاقبال بالقلب على ربّك والوقوف بين يديه عسى أن تصلح للمناجاة والحضرة لديه فإنه مع ذلك يوم شريف، وزمان منيف، يقبل الله فيه الأعمال ويستجاب فيه الدعوات، فلا تجعل فرحك فيه بما لا تخلق لأجله، ولم يجعل عيدا بسببه من المأكل والمشرب واللباس وغير ذلك من متاع الدنيا البائرة، فإنما هو عيد لكثرة عوائد الله تعالى فيه على من عامله بمتاجر الآخرة(4).المصادر :
1- النور:40.
2- أجوبة الاستفتاءات، م.س، ص146 وما بعدها.
3- أسرار الصلاة، الشهيد الثاني، ص208.
4- ن.م، ص207.