لقد واكبت السيدة زينب حوالي ثلثي عمر أبيها وحياته فحينما ولدت في السنة الخامسة للهجرة كان عمر أبيها ( 28 سنة ) ، وعاصرته وهو يتقلب بين المعارك والحروب في عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم عايشت معه مصيبة فقد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والأحداث التي تلتها ، من مصادرة حقه في الخلافة ، ومن ثم انعزاله وانكفاؤه لفترة في منزله وخاصة عند فقد شريكة حياته الزهراء ( عليها السلام ) ، ورافقت أباها حينما تولى الخلافة والحكم وصحبته الى الكوفة وبالتالي عايشت الظروف الصعبة القاسية التي مرت بأبيها فترة السنوات الخمس ، من تمرد الناكثين والمارقين والقاسطين ، حيث اضطر الإمام علي لخوض ثلاث معارك مؤلمة :
1 ـ معركة الجمل :
حيث تحالفت السيدة عائشة بنت أبي بكر زوج رسول الله مع طلحة بن عبد الله التيمي ، والزبير بن العوام ابن عمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، تحالفت معهما للتمرد على سلطة الإمام علي عليه السلام وكانا قد بايعاه ، فسارت معهما الى البصرة تحرّض الناس ضد الإمام وتدعوهم لقتاله تحت شعار المطالبة بدم الخليفة عثمان ، واحتشد معها ثلاثون ألف مقاتل ، وقد سعى الإمام وحاول التفاوض والحوار معهم لاعادتهم الى جادة الحق والشرعية لكنهم أصرّوا على القتال والمواجهة ، فزحف اليهم الإمام علي في عشرين ألف مقاتل ، ودارت بين الطرفين معركة حامية الوطيس تكشفت عن سقوط حوالي ( 18 ألف قتيل ) ، ( 13 ألف من أصحاب الجمل ) ، و ( 5 آلاف من أصحاب علي ) ، وقتل طلحة والزبير في المعركة ، وعقر الجمل الذي كانت تمتطيه عائشة وسميت المعرك بإسمه .وكان ذلك في يوم الخميس العاشر من جمادي الثانية سنة ( 36 هـ ) .
2 ـ معركة صفين :
من عهد الخليفة عمر بن الخطاب كان معاوية والياً على الشام ، وقد ازداد نفوذه وصلاحياته أيام ابن عمه الخليفة عثمان بن عفان ، وقد علم أن الإمام علياً لن يقره على منصبه ، ولن يفسح له المجال ليلعب كما يحلو له وكما كان في العهد السابق ، اضافة الى ما يعتمل في نفسه من حقد وعداء للإمام علي ، لذلك رفض بيعة الإمام وأعلن التمرد وشجعه على ذلك ما أقدمت عليه عائشة وطلحة والزبير ، فعبأ أهل الشام وما حولها وقاد منهم جيشاً لجباً يبلغ عدد مقاتليه ( 85 ألف جندي ) .وزحف معاوية بجيشه الى منطقة يقال لها صفين قرب الرقة حيث استقبله الإمام بجيش قوامه تسعون ألفاً ، ولم تجد محاولات الإمام في الموعظة والارشاد والتفاوض والحوار شيئاً ، لذلك نشبت المعركة في أول يوم من ذي الحجة سنة ( 36 هـ ) أي بعد حوالي خمسة أشهر من معركة الجمل ، وانتهت في ( 13 شهر صفر ـ سنة 37 هـ ) عبر قضية التحكيم المشهورة ، وبعد أن تساقط من المسلمين ( 70 ألف قتيلاً ) ، و ( 45 ألف من جيش معاوية ) ، و ( 25 ألفاً من معسكر الإمام علي ) من بينهم خيار أصحاب الإمام وأحبته كعمار بن ياسر وهاشم المرقال .
3 ـ معركة النهروان :
لقد قبل الإمام علي بالتحكيم بعد رفع المصاحف من قبل أهل الشام مضطراً لرغبة أكثرية أتباعه في ذلك ، لكن طائفة من جيشه غيّروا رأيهم بعد ذلك ورأوا أن القبول بالتحكيم كان خطأ كما هو رأي الإمام علي في البداية ، وطالبوا الإمام بالتراجع ونقض نتيجة التحكيم والأعتراف بأنه كان مخطئاً في موقفه ، وشكلوا لهم تجمعاً مضاداً منشقاً على الإمام ، وبدأوا يثيرون الفتنة ويمارسون الإرهاب ، فبعث لهم الإمام الرسل والوسطاء المفاوضين حتى يرتدعوا عن غيهم ورد على اشكالاتهم وشبههم مراراً في خطبه وأحاديثه ، فلما أصروا على البغي وممارسة الأرهاب زحف عليهم الإمام بجيشه في منطقة النهروان بين بغداد وحلوان ، وكانوا أربعة آلاف رجل ، تراجع منهم ألف ومائتان بعد خطب الإمام ومحاولاته لهدايتهم ، أما الباقي فقد بادروا الى الحرب ورموا معسكر الإمام بالنبال ، فحمل عليهم الإمام بجيشه وأبادهم ولم يفلت منهم الا أقل من عشرة أشخاص .وتُعرف هذه الواقعة بواقعة الخوارج ، وقد حصلت بعد شهور قلائل من انتهاء واقعة صفين وفي نفس سنة ( 37 هـ ).
لقد كانت هذه المعارك مؤلمة جداً لنفس الإمام وموجعة لقلبه ، انه كان يحمل للأمة منهج إنقاذ وخلاص ، ويخطط لتطبيق العدل والمساواة والحرية ، وأن يكمل مسيرة الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) في بناء خير أمة أخرجت للناس ، لكن الأنتهازيين والمصلحين والحاقدين والجهلاء عرقلوا برنامجه الطموح ووضعوا العقبات الكأداء في طريقه اللاحب ، وأضاعوا على الأمة والبشرية جمعاء فرصة ذهبية تاريخية .
وأصبح علي يقلّب كفيه حسرة على واقع الأمة المؤسف ، ويجتّر آهاته وآلامه لفقده خيرة أصحابه في تلك المعارك المفروضة عليه ، ولما أصاب معسكره وجمهوره من تعب وتردد وتقاعس ، ولممارسات معاوية الأستفزازية التخريبية بغاراته على البلدان الخاضعة لحكم الإمام .
ولم تكن السيدة زينب بعيدة عن الآم أبيها ومعاناته ، فهي تسمعه أو يبلغها عنه ما كان يخطب به جمهوره على منبر الكوفة ، وهو يصرخ فيهم موبّخاً معاتباً يستثير همهم ويستنهض حميتهم قائلاً :
« يا أشباه الرجال ولا رجال ! .
حلوم الأطفال ، عقول ربّات الحجال ! .
لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة والله جرّت ندماً ، وأعقبت سدما ! .
قاتلكم الله ! .
لقد ملأتم قلبي قيحاً وشحنتم صدري غيظاً ، وجرّعتموني نُغَبَ التهمام أنفاساً ، وأفسدتم عليّ رأيي بالعصيان والخذلان . . » .
ويأتيه خبر احدى غارات معاوية وعبثه وفساده في منطقة الأنبار ، فيمتلئ قلبه حزناً وألماً لما أصاب الناس الآمنين من بطش جيش معاوية ، ويتمنى الموت ولا يراه كثيراً أمام تحمل هذه الآلام والمأسي ، وتسمع زينب اباها وهو يبث همومه ومعاناته قائلاً :
« ولقد بلغني أن الرجل منهم ـ من جيش معاوية ـ كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة ، فينتزع حجلها وقلبها ، وقلائدها ورعثها ، ما تمتنع منه الا بالاسترجاع والاسترحام .
فلو ان امرءاً مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً بل كان به عندي جديرا ! .
فياعجباً ! عجباً والله يميت القلب ويجلب الهم » (1) .
ويبلغها عن أبيها موقفه على مصارع خلّص أصحابه في صفين كعمار بن ياسر وهاشم المرقال ، وهو يتضجر من الحياة ويتمنى الموت ، وينشد باكياً :
ألا أيها الموت الذي لست تاركي *** ارحني فقد أفنيت كل خليل
أراك بـصيراً بالـذين أحـــــــــبهم *** كأنـك تنحو نحوهـم بدليـل
لقد اشتدت محنة الإمام وأحاطت به الآلام ، فصار يستعجل الرحيل عن هذه الدنيا وأهلها ، ويتشوق الى لقاء الله لكن عبر أفضل سبيل وأسرع طريق وهو الشهادة ، فهو يكره مغادرة الحياة بموت بارد ساذج ، ويرغب العروج الى الله متوشّحاً برداء الشهادة مضمخاً بدمها الطاهر . . أو ليس هو القائل :
« أن أكرم الموت القتل ! » .
والذي نفس ابن أبي طالب بيده ، لألف ضربة بالسيف أهون عليّ من ميتة على الفراش في غير طاعة الله » (2) .
وهو الذي كان يدعو ربه قائلاً : « اللهم . . فارزقنا الشهادة » (3) .
بالطبع كان عشق علي وشوقه للشهادة عميقاً في نفسه منذ أيام شبابه ، ولم يكن شيئاً مستجداً طارئاً على نفسه بعد أن كبرت سنه واشتدت معاناته ، وهذا ما يؤكده الإمام حين ينقل احدى ذكرياته مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فيقول :
« فقلت : يا رسول الله ، أو ليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من أستشهد من المسلمين ، وحيزت عني الشهادة ، فشق ذلك عليّ ، فقلت لي : أبشر فإن الشهادة من ورائك ؟ .
فقال لي : إن ذلك لكذلك ، فكيف صبرك إذن ؟ .
فقلت : يا رسول الله ، ليس هذا من مواطن الصبر ولكن من مواطن البشرى والشكر » (4) .
وحانت ساعة اللقاء . . واقترب موعد الرحيل . ودنت لحظة الفوز بالشهادة التي طالما انتظرها الإمام . . كان ذلك في فجر ليلة التاسع عشر من شهر رمضان المبارك ( سنة 40 هـ ) .
وشاء القدر أن يكون علي تلك الليلة ضيف ابنته زينب ، وأن ينطلق للشهادة من بيتها . . وتسجل لنا روايات التاريخ بعض اللقطات عن تلك الليلة الخطيرة والساعات الحساسة في بيت العقيلة زينب .
فقد كان الإمام يفطر في شهر رمضان ليلة عند الحسن ، وليلة عند الحسين ، وليلة عند عبدالله بن جعفر زوج زينب ابنته لأجلها (5) .
وكانت ليلة التاسع عشر من رمضان حيث يتناول الإمام افطاره عند ابنته زينب كما تشير الى ذلك بعض روايات ( بحار الأنوار ) ، وإن كانت بعض الروايات تقول إنه كان عند ابنته أم كلثوم ، وحسب تحقيقات العلامة الشيخ جعفر النقدي فإنه غالباً ما يطلق على زينب الكبرى أم كلثوم في لسان الروايات (6) .
ولاحظت السيدة زينب أن أباها تلك الليلة كان في وضع استثنائي ، وحال لم تعهده منه ، تقول :
لم يزل أبي تلك الليلة قائماً وقاعداً وراكعاً وساجداً ، ثم يخرج ساعة بعد ساعة يقلب طرفه في السماء وينظر الكواكب وهو يقول : « والله ما كَذبت ولا كُذبت وانها الليلة التي وعدت بها . . هي والله الليلة التي وعدني بها حبيبي رسول الله » .
ثم يعود الى مصلاه ويقول : « اللهم بارك لي في الموت ، اللهم بارك لي في لقائك » ويكثر من قول « انا لله وانا اليه راجعون ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم . . ويستغفر الله كثيراً » .
تقول السيدة زينب : فلما رايته في تلك الليلة قلقاً متململاً كثير الذكر والأستغفار أرقت معه ليلتي . . وقلت : يا أبتاه مالي اراك هذه الليلة لا تذوق طعم الرقاد ؟ يا أبا مالك تنعى نفسك ؟ .
قال : بنيّة قد قرب الأجل وانقطع الأمل .
قالت : فبكيت : فقال لي : يا بنيّة لا تبكي فإني لم أقل لك ذلك الا بما عهد اليّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
ثم انه نعس وطوى ساعة ثم استيقظ من نومه ، وقال : يا بنيّة اذا قرب الاذان فاعلميني . . ثم رجع الى ما كان عليه أول الليل من الصلاة والدعاء والتضرع الى الله ( سبحانه وتعالى ) .
قالت : فجعلت أرقب الأذان فلما لاح الوقت أتيته ومعي اناء فيه ماء ، ثم أيقظته ، فأسبغ الوضوء ، وقام ولبس ثيابه ، وفتح بابه ثم نزل الى الدار وكان في الدار أوزٌ قد اُهدين الى أخي الحسين ( عليه السلام ) ، فلما نزل خرجن وراءه ورفرفن ، وصحن في وجهه ، ولم يحدث ذلك من قبل ، فقال ( عليه السلام ) :
« لا اله الا الله صوارخ تتبعها نوايح وفي غداة غد يظهر القضاء .
فقلت : يا أبتاه هكذا تتطير ؟
قال : يا بنية ما منا أهل البيت من يتطير ولا يتطير به ، ولكن قول جرى على لساني ، ثم قال :
يا بنية بحقي عليك الا ما أطلقتيه ، وقد حبست ما ليس له لسان ، ولا يقدر على الكلام ، اذا جاع أو عطش ، فأطعميه واسقيه ، والا خلي سبيله يأكل من حشائش الأرض .
فلما وصل الى الباب فعالجه ليفتحه ، فتعلق الباب بمئزره فانحل ميزره حتى سقط ، فأخذه وشدّه وهو يقول :
أشدد حيازيمك للموت *** فإن الموت لاقيكا
ولا تجزع من الموت *** اذا حــل بناديكا
كما أضحكك الدهر *** كذاك الدهر يبكيكا
ثم قال : اللهم بارك لنا في الموت ، اللهم بارك لي في لقائك .
قالت: وكنت أمشي خلفه فلما سمعته يقول ذلك ، قلت: واغوثاه يا أبتاه أراك تنعى نفسك منذ الليلة ! ! .
قال : يا بنية ما هو بنعاء ولكنها دلالات وعلامات للموت يتبع بعضها بعضاً . . ثم فتح الباب وخرج (7) .
وما هي الا فترة بسيطة من الوقت واذا بالسيدة زينب تسمع نعي أبيها علي حيث ضربه عبد الرحمن بن ملجم من أتباع الخوارج بالسيف على هامته حين رفع رأسه من السجدة الأولى من الركعة الأولى لصلاة الصبح ، ووقع الإمام علي في محرابه صريعاً قائلاً : « فزت ورب الكعبة » .
ونقل الإمام الى داره حيث فارقت روحه الحياة بعد يومين من اصابته أي في الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك .
وقُبيل وفاته عرق جبينه فجعل يمسح العرق بيده ، فقالت السيدة زينب : يا ابه أراك تمسح جبينك ؟ .
قال : يا بنية سمعت جدك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : « إن المؤمن إذا نزل به الموت ، ودنت وفاته ، عرق جبينه ، كاللؤلؤ الرطب ، وسكن أنينه » .
فقامت زينب والقت بنفسها على صدر ابيها وقالت : يا أبه حدثتني أم أيمن بحديث كربلاء وقد أحببت أن أسمعه منك .
فقال : يا بنية ، الحديث كما حدثتك أم أيمن ، وكأني بك وبنساء أهلك لسبايا بهذا البلد ، خاشعين ، تخافون أن يتخطفكم الناس فصبراً صبراً.
وهكذا ودعت السيدة زينب أباها علياً ، ورزئت بفقده ، ولك أن تتصور مدى الحزن والألم الذي أحاط بها بعد أن فارقت أباها الذي كان ملئ حياتها ووجودها ، وكانت متعلقة به أشد التعلق كما كان يحبها أشد الحب .
ولكن كما قال أبوها علي عند فقده أمها الزهراء :
وكل الذي دون الفراق قليل *** لكل اجتماع من خليلين فرقة
دليل على أن لا يدوم خليل *** وان افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ
امتداد لشخصية أبيها
عاصرت السيدة زينب اباها لخمس وثلاثين عاماً ، كانت خلالها القريبة الى قلبه والعزيزة عليه ، وكان هو الأقرب الى نفسها ، والأشد تأثيراً عليها . . لذلك تقمصت السيدة زينب شخصية أبيها علي في شجاعته واقدامه ، وفي فصاحته وبيانه ، وفي عبادته وانقطاعه الى الله وفي سائر الفضائل والخصال الكريمة التي ورثتها زينب من أبيها علي بعد أن تربت في أحضانه وتتلمذت على يديه طوال خمس وثلاثين سنة .
ففي مجال البلاغة والفصاحة يقول العلامة الشيخ جعفر النقدي بعد أن يتحدث عن بلاغة علي وبيانه . فأعلم أن هذه الفصاحة العلوية ، والبلاغة المرتضوية ، قد ورثتها هذه المخدرة الكريمة ، بشهادة العرب أهل البلاغة والفصاحة أنفسهم ، فقد تواترت الروايات عن العلماء وارباب الحديث بأسانيدهم عن حذلم بن كثير ، قال :
قدمت الكوفة في المحرم سنة احدى وستين عند منصرف علي بن الحسين من كربلاء ومعهم الأجناد ، يحيطون بهم ، وقد خرج الناس للنظر اليهم ، فلما أقبل بهم على الجمال بغير وطاء ، وجعلن نساء الكوفة يبكين وينشدن فسمعت علي بن الحسين يقول بصوت ضئيل وقد أنهكته العلة ، وفي عنقه الجامعة ويده مغلولة الى عنقه : أن هؤلاء النسوة يبكين فمن قتلنا ؟ .
قال : ورأيت زينب بنت علي ولم أرَ خفرة أنطق منها كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين .
وهذا حذلم بن كثير من فصحاء العرب أخذه العجب من فصاحة زينب وبلاغتها ، وأخذته الدهشة من براعتها وشجاعتها الأدبية ، حتى أنه لم يتمكن أن يشبهها الا بأبيها سيد البلغاء والفصحاء ، فقال : كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (8) .
وفي جانب العبادة والمناجاة والتضرع كانت تحفظ العديد من أدعية ومناجاة أبيها علي وتواظب على قرائتها ، فقد روي عنها أنها كانت تدعو بعد صلاة العشاء بدعاء أبيها علي وهو : « اللهم إني أسألك ياعالم الأمور الخفية ، ويا من الأرض بعزته مدحية ، ويا من الشمس والقمر بنور جلاله مشرقة مضيئة . . » ، الى آخر الدعاء (9) .
كما كانت تناجي ربها بمناجاة أبيها علي ، وهي قصيدة روحية تفيض خشوعاً وتضرعاً لله ( سبحانه ) مطلعها :
لك الحمد ياذا الجود والمجد والعلى * تباركت تُعطي من تشاء وتمنع (10)
وكانت تلهج أيضاً بأبيات حكمية وعظية لأبيها علي جاء فيها :
وكم لله من لطف خفي *** يدق خفاه عن فهم الذكي
وكم يسر أتى من بعد عسر *** وفرج كربة القلب الشجي
وكم أمر تساء به صباحاً *** فتأتيك الـمسّرة بالعشي
اذا ضاقت بك الأحوال يوماً *** فثق بالواحد الفرد العلي (11)
هكذا تتابع السيدة زينب خطى أبيها علي ، وتتقمص شخصيته وتلهج بأدعيته وكلماته .
في محنة أخيها الحسن عليه السلام
وبادر الناس الى مبايعة الإمام الحسن عليه السلام بعد شهادة أبيه علي ( عليه السلام ) لما تواتر في أوساطهم من أحاديث وروايات عن جده رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في فضله ومكانته كقوله ( صلى الله عليه وآله ) :
« من سره أن ينظر الى سيد شباب أهل الجنة فلينظر الى الحسن » (12) .
وما رواه البراء قال : رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والحسن على عاتقه يقول : « اللهم إني أحبه فأحبه » (13) .
وفي رواية عن أبي هريرة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) انه قال للحسن : « اللهم إني أحبه فأحبه ، وأحبب من يحبه » (14) .
وعنه ( صلى الله عليه وآله ) : « الحسن والحسين ريحانتاي من الدينا » (15) .
وقد بادر بعض الصحابة للإدلاء بشهاداتهم وما سمعوه عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حق الإمام الحسن عندما خطب الإمام الحسن مؤبّناً أباه علياً ومستقبلاً البيعة من الناس كما روى زهير بن الأقمر قال :
بينما الحسن بن علي يخطب بعدما قتل علي إذ قام اليه رجل من الأزد آدم طوال ، فقال : لقد رأيت رسول الله ( صلى الله علي وآله ) واضعه في حبوته يقول « من أحبني فليحبه فليبلغ الشاهد الغائب » ولولا عزمه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما حدثتكم (16) .
ومما دفع الناس الى مبايعة الإمام الحسن ما عرفوه من صفاته وكفاءاته التي لا يدانيه فيها أحد ، فهو أفضل الأمة بعد أبيه علي .
فهذا أنس بن مالك يقول : لم يكن أشبه برسول الله من الحسن .
وتذاكر قوم من الصحابة يوماً حول من أشبه النبي من أهله ، فقال عبدالله بن الزبير ، أنا أحدثكم بأشبه أهله به وأحبهم اليه الحسن بن علي (17) .
وهذا عبدالله بن عمر وهو جالس في مسجد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بالمدينة في حلقة فمرّ الحسن بن علي ، فقال : « هذا أحب أهل الأرض الى أهل السماء » (18) .
ويقول عمرو بن اسحاق : ما تكلم أحد أحب اليّ أن لا يسكت من الحسن بن علي وما سمعت منه كلمة فحش قط (19) .
وعن واصل بن عطاء : كان الحسن بن علي عليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك .
وقال محمد بن اسحاق : ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ما بلغ الحسن كان يبسط له على باب داره ، فاذا خرج وجلس ، انقطع الطريق ، فما يمر أحد من خلق الله اجلالاً له ، فاذا علم قام ودخل بيته فمر الناس ، ولقد رأيته في طريق مكة ماشياً فما من خلق الله رآه الا نزل ومشى ، وحتى رأيت سعد بن أبي وقاص يمشي (20) .
ولأن الإمام الحسن بعد ذلك وصي أبيه أمير المؤمنين ، فلهذه العوامل جميعاً بادر الناس الى مبايعته ، فقد انبرى عبيدالله بن العباس مخاطباً الجمع الحاشد الذي اجتمع بعد مقتل الإمام علي قائلاً :
معاشر الناس هذا ابن نبيكم ـ يعني الحسن ـ ووصي إمامكم فيايعوه فهتف الناس مستجيبين قائلين : « ما أحبه الينا وأوجب حقه علينا ، وأحقه بالخلافة » (21) .
وهكذا بويع الإمام الحسن بالخلافة في الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة 40 هـ ، بايعه الناس في الكوفة والبصرة والمدائن وجميع أهل العراق ، وبايعته فارس والحجازيون واليمانيون وجميع البلاد الإسلامية ، لكن معاوية بن أبي سفيان أصر على التمرد كما كان موقفه من خلافة الإمام علي ، بل وبدأ يعد العدة ويحشد الجيوش للزحف على عاصمة الخلافة الشرعية الكوفة ، ولم تنجح الجهود التي بذلها الإمام الحسن من رسائل ومبعوثين الى معاوية من ثنيه عن موقفه المتمرد الخارج على الشرعية .
فصصم الإمام الحسن على مواجهة بغي معاوية ، واستنهض جمهوره وعبأهم للقتال ، بعد ما بلغته أنباء تحرك جيش معاوية باتجاه العراق وقوامه ( 60 الفاً ) ، وقيل أكثر من ذلك (22) .
لكن الظروف لم تكن في صالح الإمام الحسن ، فقد كان جيشه وجمهوره متعباً منهكاً من الحروب الثلاثة التي خاضها مع الإمام علي ، كما كان الجيش والجمهور موزّع الولاء والاتجاه للتيارات المختلفة ومنها الخوارج وأصحاب المطامع ، وبلغ تعداد جيش الإمام الحسن ( 40 الفاً ) على أرجح الروايات التاريخية (23) .
واجتهد معاوية بن أبي سفيان كثيراً لتفتيت وتخريب الجبهة الداخلية لمعسكر الإمام الحسن فبث في أوساطه العملاء الذين ينشرون الأشاعات المثبطة والتشكيكات ، كما كثف مساعيه لأغراء واستقطاب العديد من الزعماء والرؤساء والشخصيات في معسكر الإمام ، بتقديم المبالغ المالية الضخمة لهم وتطميعهم بالمناصب والمواقع .
وبالفعل فقد تخلى عن الإمام الكثير من قيادات جيشه حتى ابن عمه عبيدالله بن العباس والذي كان يقود مقدمة جيش الإمام لمواجهة معاوية ، حيث أغراه معاوية بمبلغ مليون درهم فتسلل منحازاً الى معاوية ومعه ثمانية الآف جندي من أصل اثني عشر ألفاً كان يقودهم ! ! .
كل ذلك أدى الى اضطراب جيش الإمام ، مما جرأ البعض منهم على النيل من هيبة الإمام شخصياً ومحاولة اغتياله وقد هجم جماعة من معسكر الإمام على مضاربه وسرداقه وانتهبوا أمتعته ، وتضيف بعض المصادر أنهم نزعوا بساطاً كان يجلس عليه وسلبوا رداءه ، كما خاطبه أحد الخوارج وهو الجراح بن سنان قائلاً :
أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل ! .
وجرت ثلاث محاولات لأغتيال الإمام في معسكره (24) .
هذه الظروف المؤلمة الحرجة دفعت الإمام الحسن لأعادة النظر في قرار المواجهة والقتال مع معاوية ، لعدم تكافؤ المعسكرين عدداً وعدة وتماسكاً ، مما يجعل مستقبل المواجهة والحرب لصالح معاوية حتماً ، وذلك يعني الأخطار والمضاعفات الكبيرة على وضع الأمة الإسلامية ككل وخط أهل البيت ( عليهم السلام ) بشكل خاص .
لذلك قرر الإمام الحسن الأستجابة الى دعوة الصلح التي كان معاوية يلح في طرحها ، وتنازل الإمام عن الخلافة والحكم بشروط قبلها معاوية ومن أهمها العمل بكتاب الله وسنة نبيه ، وعدم الظلم والأعتداء على حقوق الناس وخاصة أهل البيت وأتباعهم ، وأن تكون الخلافة بعد معاوية للإمام الحسن أو حسب اختيار المسلمين .
وتم الصلح حوالي شهر ربيع الأول سنة ( 41 هـ ) أي بعد ستة أشهر من خلافة الإمام الحسن ( عليه السلام ) .
بالطبع كان مؤلماً للإمام الحسن ولأهل بيته وأتباعه أن يروا معاوية متسلطاً على المسلمين متحكماً في أمورهم ، وأن يلاحظوا الأنحرافات الكبيرة الخطيرة التي يقوم بها دون رادع أو مانع ، لكن ماذا يصنع الإمام الحسن وقد خانته الظروف ولم تخلص له الأمة ؟ .
وانفعل العديد من المخلصين من أتباع الإمام لما حدث ، ووجهوا للإمام الحسن عتابهم الحاد الجارح على قرار الصلح ، لكن الإمام بقلبه الواسع وحلمه الكبير كان يعذرهم على انفعالهم ، ويوضح لهم حقيقة الموقف وأبعاده .
وبعد الصلح بقي الإمام في الكوفة أياماً وهو مكلوم القلب قد طافت به الهموم والالام ، يتلقى من شيعته مرارة الكلام ، وقسوة النقد ، ويتلقى من معاوية وحزبه الاستهانة بمركزه الرفيع ، وهو مع ذلك صابر محتسب ، قد كظم غيظه ، وأوكل الى الله أمره ، وقد عزم على مغادرة العراق ، والشخوص الى مدينة جده (25) .
وطلب منه بعض أهل الكوفة البقاء عندهم ، لكنه لم يستجب لهم وكان يوم سفره مشهوداً في الكوفة حيث خرج الناس بمختلف طبقاتهم الى توديعه ، وهم ما بين باك وآسف .
ولم تكن العقيلة زينب بعيدة عن تلك الأحداث القاسية ، بل كانت الى جانب أخيها الحسن تشاطره معاناته ، وتعيش معه آلام الأمة المنكوبة . . وقد غادرت الكوفة مع أخيها الى مدينة جدها ومسقط رأسها بعد أن قضت في الكوفة حوالي خمس سنوات مليئة بالحوادث والآلام ، ومن أشدها وأفجعها فقد أبيها علي .
وفي المدينة واصلت السيدة زينب تحمل مسؤليتها في الهداية والأرشاد وبث المعارف الوعي ، كما كانت تشارك أخاها الإمام الحسن مواجة اساءات الحكم الأموي وانحرافاته ، حيث لم يلتزم معاوية بأي شرط من شروط الصلح ، وصار يحكم المسلمين حسب رغباته وشهواته بعيداً عن تعاليم كتاب الله وسنة رسوله ، كما كان يوجه سهام بغيه وحقده صوب أهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم ، فسن شتم الإمام علي على المنابر ، وقتل خيار أتباعه ، وضيق على شيعته ، وصار يخطط لتنصيب ولده يزيد خليفة وحاكماً على الأمة من بعده .
بالطبع كان وجود الإمام الحسن يقلق معاوية ، ويعرقل بعض مخططاته الفاسدة ، لذلك فكر في تصفية الإمام الحسن والقضاء على حياته ، فأغرى زوجته جعدة بنت الأشعث بمائة ألف درهم ، ووعدها بأن يزوجها ولده يزيداً إن هي دست السم للإمام الحسن وقضت على حياته .
واستجابت جعدة لتلك الأغراءات وألقت السم الفتاك الذي بعثه اليها معاوية في طعام الإمام الحسن ، فتقطعت بذلك كبده وامعاؤه واستعد لمفارقة الحياة .
ورأته أخته زينب وهو في فراش الموت ، فانفطر قلبها لمأساة أخيها وتجددت عليها المصائب والأحزان .
ومما زاد في آلام السيدة زينب وأحزانها ما تعرضت له جنازة أخيها من إساءة وهوان ، حيث كان الإمام الحسن قد أوصى بأن يدفن عند قبر جده رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أولاً أقل أن يمر به على قبر جده ليجدد به عهداً ، لكن الحزب الأموي اعترض جنازة الإمام وأثاروا السيدة عائشة لتتبنى مواجهة الهاشميين ومنعهم من الأقتراب بجنازة الإمام الحسن عند قبر جده بحجة أنه يقع في بيتها وأنها لا تسمح لهم بذلك ! ! .
وهكذا رافقت الظلامة والمأساة الإمام الحسن حتى بعد وفاته ، ومنعوا اقتراب جنازته من قبر جده رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو سبطه الحبيب وولده العزيز ! .
كل ذلك ضاعف من أحزان السيدة زينب والهاشميين لذلك ورد في التاريخ أن نساء بني هاشم وفي طليعتهن السيدة زينب استمرين في النياحة على الإمام الحسن ( عليه السلام ) شهراً كاملاً ، وأظهرن الحداد ، ولبسن السواد سنة كاملة (26) .
بطلة كربلاء
يبدو أن كل ما سبق في حياة السيدة زينب كان بمثابة اعداد وتهيئة للدور الأكبر الذي ينتظرها في هذه الحياة .
فالسنوات الخمس الأولى من عمرها والتي عايشت فيها جدها المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) وهو يقود معارك الجهاد لتثبيت أركان الإسلام ويتحمل هو وعائلته ظروف العناء والخطر .
والأشهر الثلاثة التي رافقت خلالها أمها الزهراء بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ورأت أمها تدافع عن مقام الخلافة الشرعي ، وتطالب بحقها المصادر ، وتعترض على ما حصل بعد الرسول من تطورات ، وتصارع الحسرات والآلام التي أصابتها .
والفترة الحساسة الخطيرة التي عاصرت فيها حكم أبيها علي وخلافته وما حدث فيها من مشاكل وحروب .
ثم مواكبتها لمحنة أخيها الحسن وما تجرع فيها من غصص وآلام كل تلك المعايشة للأحداث والمعاصرة للتطورات . . كان لإعداد السيدة زينب لتؤدي امتحانها الصعب ودورها الخطير في ثورة أخيها الحسين بكربلاء .
وما كان للسيدة زينب أن تنجح في أداء ذلك الأمتحان ، وممارسة ذلك الدور لو لم تكن تمتلك ذلك الرصيد الضخم من تجارب المقاومة والمعاناة ، ولو لم يتوفر لها ذلك الارث الكبير من البصيرة والوعي .
وواقعة كربلاء تعتبر من أهم الأحداث التي عصفت بالأمة الإسلامية بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
ففي واقعة كربلاء تجلى تيار الردة الى الجاهلية والأنقلاب على الأعقاب ووصل الى قمته وذروته من خلال المعسكر الأموي . . كما تجسد وتبلور خط الرسالة والقيم الالهية في الموقف الحسيني العظيم .
وواقعة كربلاء شرعت للأمة مقاومة الظلم والطغيان ، وشقت طريق الثورة والنضال أمام الطامحين للعدالة والحرية .
وكان للسيدة زينب دور أساسي رئيسي في هذه الثورة العظيمة .
فهي الشخصية الثانية على مسرح الثورة بعد شخصية أخيها الإمام الحسين ( عليه السلام ) .
ومن يقرأ أحداث كربلاء ويقلب صفحات كتابها ، يرى السيدة زينب الى جانب الحسين في اغلب الفصول والمواقف ، بل انها قادت مسيرة الثورة بعد استشهاد الإمام الحسين وأكملت حلقاتها .
ولولا كربلاء لما بلغت شخصية السيدة زينب هذه القمة من السمو والتألق والخلود . . ولولا السيدة زينب لما حققت كربلاء أهدافها ومعطياتها وآثارها في واقع الأمة والتاريخ .
لقد أظهرت كربلاء جوهر شخصية السيدة زينب ، وكشفت عن عظيم كفاءاتها وملكاتها القيادية ، كما أوضحت السيدة زينب للعالم حقيقة ثورة كربلاء ، وأبعاد حوادثها .
وحقاً انها بطلة كربلاء وشريكة الامام الحسين عليه السلام .
المصادر:
1- ( نهج البلاغة ) الإمام علي ، الخطبة رقم : 27 .
2- المصدر السابق ، الخطبة رقم : 123 .
3- المصدر السابق ، الخطبة رقم : 171 .
4- المصدر السابق ، الخطبة رقم : 156 .
5- ( بحار الأنوار ) المجلسي ج 41 ، ص 300 .
6- ( زينب الكبرى ) جعفر النقدي ص 17 ـ 18 ـ 25 ـ 38 .
7- ( علي من المهد إلى اللحد ) القزويني ص 559 .
8- ( زينب الكبرى ) جعفر النقدي ص 48 .
9- ( عقلية بني هاشم ) الهاشمي ص 16 .
10- المصدر السابق ص 16 .
11- المصدر السابق ص 19 .
12- ( حياة الإمام الحسن ) القرشي ج 1 ، ص 96 .
13- ( صحيح البخاري ) ج 5 ، ص 33 .
14- ( صحيح مسلم ) ج 2 ، ص 367 .
15- ( حياة الإمام الحسن ) القرشي ج 1 ، ص 96 .
16- ( الاصابة في تمييز الصحابة ) ابن حجر ج 1 ، ص 329 .
17- المصدر السابق ص 329 .
18- ( در السحابة في مناقب القرابة والصحابة ) الشوكاني ص 289 .
19- ( أئمتنا ) علي دخيل ج 1 ، ص 167 .
20- المصدر السابق ص 168 .
21- ( حياة الإمام الحسن ) القرشي ج 2 ، ص 34 .
22- المصدر السابق ص 71 .
23- المصدر السابق ص 80 .
24- المصدر السابق ص 106 .
25- المصدر السابق ص 285 .
26- المصدر السباق ص 502 .