القبر واشراط الساعة

من المراحل التي يمرّ بها الانسان مرحلة إقباره ودفنه ، تكرمةً لبدنه ، وصيانة لجسده عن الهوام والمؤذيات. قال تعالى : (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ).
Sunday, April 17, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
القبر واشراط الساعة
القبر واشراط الساعة

 






 

من المراحل التي يمرّ بها الانسان مرحلة إقباره ودفنه ، تكرمةً لبدنه ، وصيانة لجسده عن الهوام والمؤذيات.
قال تعالى :
(مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ) (1).
وقال عزّ اسمه :
(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا) (2).
قال جلّ جلاله :
(الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ) (3).
وفي الحديث الرضوي الشريف :
«إنما أمر بدفن الميت لئلا يظهر الناس على فساد جسده ، وقبح منظره ، وتغير ريحه ، ولا يتأذى به الأحياء بريحه ، وبما يدخل عليه من الآفة والفساد ، وليكون مستوراً عن الأولياء والأعداء ، فلا يشمت عدوّ ولا يحزن صديق» (4).
والقبر أوّل منزلٍ من منازل البرزخ وعقبات الآخرة.
وفي الحديث الصادقي المبارك :
«إن للقبر كلاماً في كل يوم يقول : أنا يبت الغربة ، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود ، أنا القبر ، أنا روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار» (5).
السؤال في القبر
أوّل ما يكون في القبر بعد الدفن هو مسائلة العبد.
فيُسأل المكلّف عن ربّه ، وعن نبيّه ، وعن وليّه ، وعن دينه والحجج عليه ولبعض الأعمال بعد أن تردّ الحياة إلى العبد إمّا كاملاً أو إلى بعض بدنه» (6).
جاء في الاعتقادات :
«اعتقادنا في المساءلة في القبر أنها حق لابد منها.
فمن أجاب بالصواب فإذا بروح وريحان في قبره بجنة نعيم في الآخرة ، ومن لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره وتصلية جحيم في الآخرة» (7).
وفي التصحيح :
«جاءت الآثار الصحيحة عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّ الملائكة تنزل على المقبورين فتسألهم عن أديانهم ، وألفاظ الأخبار بذلك متقاربة.
فمنها أنّ ملكين لله تعالى يقال لهما : ناكر ونكير ، ينزلان على الميّت فيسألانه عن ربّه ونبيّه ودينه وإمامه ، فان أجاب بالحق سلّموه إلى ملائكة النعيم ، وإن ارتجّ عليه سلّموه إلى ملائكة العذاب.
وفي بعض الأخبار ان اسمي الملكين اللذين ينزلان على الكافر ناكير ونكير ، واسمي الملكين الذين ينزلان على المؤمن مبشّر وبشير» (8).
وفي حقّ اليقين :
«اعلم أنّ الأخبار الواردة في السؤال قد دلّت على أنّه يُسأل ـ الميّت ـ عن العقائد الايمانيّة ، ولا سيّما ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام وامامته ، وقد روى العامّة والخاصّة بطرق متواترة انّ الميّت يُسأل في القبر عن ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام» (9).
ومن أحاديث مسائلة القبر :
1 ـ حديث ابن عمّارة عن الامام الصادق عليه السلام أنّه قال :
«من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا : المعراج والمسائلة في القبر والشفاعة» (10).
2 ـ حديث الفضائل والروضة ، جاء فيه :
«لما ماتت فاطمة بنت أسد أم أميرالمؤمنين عليها السلام أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام باكياً فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ما يبكيك لا أبكى الله عينك؟
قال : توفت والدتي يا رسول الله.
قال له النبي صلى الله عليه وآله : بل ووالدتي يا علي فلقد كانت تجوع أولادها وتشبعني ، وتشعث أولادها وتدهنني ، والله لقد كان في دار أبي طالب نخلة فكانت تسابق إليها من الغداة لتلتقط ، ثم تجنيه رضي الله عنها فإذا خرجوا بنو عمي تناولني ذلك.
ثمّ نهض صلى الله عليه وآله فأخذ في جهازها وكفّنها بقميصه صلى الله عليه وآله ، وكان في حال تشييع جنازتها يرفع قدماً ويتأنّى في رفع الآخر ، وهو حافي القدم ، فلما صلى عليها كبر سبعين تكبيرة ، ثم لحدها في قبرها بيده الكريمة بعد أن نام في قبرها ، ولقنها الشهادة فلما أهيل عليها التراب وأراد الناس الانصراف ، جعل رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لها : ابنك ، ابنك ، ابنك لا جعفر ولا عقيل ، ابنك ، ابنك علي بن أبي طالب.
قالوا : يا رسول الله فعلت فعلاً ما رأينا مثله قط ، مشيك حافي القدم ، وكبرت سبعين تكبيرة ، ونومك في لحدها ، وقميصك عليها ، وقولك لها ابنك ابنك ، لا جعفر ولا عقيل.
فقال صلى الله عليه وآله : أما التأني في وضع أقدامي ورفعها في حال التشييع للجنازة ، فلكثرة ازدحام الملائكة.
وأما تكبيري سبعين تكبيرة فإنها صلى عليها سبعون صفاً من الملائكة.
وأما نومي في لحدها فإني ذكرت في حال حياتها ضغطة القبر ، فقالت : واضعفاه ، فنمت في لحدها لأجل ذلك حتى كفيتها ذلك.
وأما تكفيني لها بقميصي فإني ذكرت لها في حياتها القيامة وحشر الناس عراة ، فقالت : وا سوأتاه فكفّنتها به لتقوم يوم القيامة مستورة.
وأما قولي لها : ابنك ابنك لا جعفر ولا عقيل ، فإنها لما نزل عليها الملكان وسألاها عن ربها ، فقالت : الله ربي وقالا : من نبيك؟ قالت : محمد نبيي ، فقالا من وليك وإمامك؟ فاستحيت أن تقول ولدي ، فقلت لها : قولي : ابنك علي بن أبي طالب فأقر الله بذلك عينها» (11).
3 ـ حديث أبي بصير عن الامام الصادق عليه السلام انه قال :
«إن المؤمن إذا أخرج من بيته شيعته الملائكة إلى قبره يزدحمون عليه حتى إذا انتهى به إلى قبره قالت له الأرض : مرحباً بك وأهلاً ، أما والله لقد كنت أحب أن يمشي علي مثلك لترين ما أصنع بك فتوسع له مد بصره.
ويدخل عليه في قبره ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير فيلقيان فيه الروح إلى حقويه فيقعدانه ويسألانه ، فيقولان له : من ربك؟ فيقول : الله ، فيقولان : ما دينك؟ فيقول : الإسلام ، فيقولان : ومن نبيك؟ فيقول : محمد صلى الله عليه وآله ، فيقولان : ومن إمامك؟ فيقول : فلان.
فينادي منادٍ من السماء : صدق عبدي افرشوا له في قبره من الجنة وافتحوا له في قبره باباً إلى الجنة وألبسوه من ثياب الجنة حتى يأتينا وما عندنا خير له ، ثم يقال له : نعم نومة عروس ، نم نومة لا حلم فيها.
قال : وإن كان كافراً خرجت الملائكة تشيعه إلى قبره تلعنونه حتى إذا انتهى به إلى قبره قالت له الأرض : لا مرحبا بك ولا أهلاً ، أما والله لقد كنت أبغض أن يمشي علي مثلك لا جرم لترين ما أصنع بك اليوم فتضيق عليه حتى تلتقي جوانحه.
قال : ثم يدخل عليه ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير.
قال أبو بصير : جعلت فداك يدخلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة؟
فقال : لا ، قال : يقعدانه ويلقيان فيه الروح إلى حقويه فيقولان له : من ربك؟ فيتلجلج ويقول : قد سمعت الناس يقولون ، فيقولان له : لا دريت ، ويقولان له : ما دينك؟ فيتلجلج ، فيقولان له : لا دريت ، ويقولان له : من نبيك؟ فيقول : قد سمعت الناس يقولون ، فيقولان له : لا دريت ويسأل عن إمام زمانه ، قال :
فينادي منادٍ من السماء كذب عبدي افرشوا له في قبره من النار وألبسوه من ثياب النار وافتحوا له باباً إلى النار حتى يأتينا وما عندنا شر له فيضربانه بمرزبة ثلاث ضربات ليس منها ضربة إلا يتطاير قبره ناراً لو ضرب بتلك المرزبة جبال تهامة لكانت رميماً.
وقال أبو عبدالله عليه السلام : ويسلّط الله عليه في قبره الحيات تنهشه نهشاً والشيطان يغمه غما قال ويسمع عذابه من خلق الله إلا الجن والإنس قال وإنه ليسمع خلق نعالهم ونقض أيديهم.
وهو قول الله عزّوجلّ : (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّـهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّـهُ مَا يَشَاءُ) (12).
والأحاديث في سؤال القبر بالغة حدّ التواتر ، ومفيدة العلم بالمساءلة ، نعم خصت في بعض الأحاديث بمن محض الايمان ومن محض الكفر لا جميع الأموات كما في حديث عبدالله بن سنان في الكافي (13).
فمسائلة القبر إذاً من الأمور المسلّمة ، بحيث كان تلقين الميّت وتفهيمه حين دفنه بما يسأل عنه في قبره من المستحبّات.
وأفاد صاحب الجواهر :
«يستحب تلقين الميت بعد وضعه في لحده قبل تشريج اللبن بلا خلاف أعرفه فيه بل في الغنية الاجماع عليه» (14).
وفي الوسائل باب في استحباب التلقين مشتمل على أحاديث كثيرة فلاحظ (15).
ونقل المحدّث القمي عن العلّامة المجلسي تلقيناً جامعاً فراجع (16).
ضغطة القبر
من جملة أحداث القبر الضغطة التي تصاب ببدن الميّت ، وتسمّى بضمّة القبر.
وقد أثبتتها الأحاديث المعتبرة وقام عليها أجماع الطائفة الحقّة.
قال السيّد شبّر :
«وأمّا الكلام في ضغطة القبر فهو اجماعي.والذي يظهر من بعض الأخبار في الباب أن ضغطة القبر يقع في البدن الأصلي ، وانها ليست بعامّة» (17).
ومن دليل السنّة في ضغطة القبر :
1 ـ حديث السكوني عن الامام الصادق ، عن آباءه الطيّبين عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله انّه قال :
«ضغطة القبر للمؤمن كفارة لما كان منه من تضييع النعم» (18).
2 ـ حديث بشير النبّال عن الامام الصادق عليه السلام :
«إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ليس من مؤمن إلا وله ضمة» (19).
3 ـ حديث أبي بصير عن الامام الصادق عليه السلام ورد فيه :
إنّ سعداً لمّا مات شيّعه سبعون ألف ملك ، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله على قبره فقال : ومثل سعد يُضم ... إنّ سعد كان في لسانه غلظ على أهله.
هذا ويستفاد من بعض الأحاديث الشريفة في هذا الباب أنّ المؤمنين ، أو بعض المؤمنين كمن مات ليلة الجمعة أو يومها لا تصيبهم ضغطة القبر مثل :
حديث حمّاد بن عيسى في ثواب الأعمال (20).
بل عرفت من بعض الأحاديث المتقدّمة في ساعة الموت أنّ الأرض ترفق بالمؤمنين وانه يفتح لهم من قبرهم باب إلى الجنّة ويفسح لهم من قبرهم وانه ليس على المؤمنين منها شيء (21).
وجمع السيّد شبّر بين هاتين الطائفتين من الأخبار باحدى وجوه ثلاثة ذكرها في حقّ اليقين ، وهي (22) :
1) أن تحمل أخبار رفع الضغطة عن المؤمنين مثل سلمان وأبي ذر والمقداد ، وتحمل أخبار الضغطة على سائر المؤمنين بالضغطة الخفيفة.
2) أن تحمل ضغطة المؤمن على وجه تنقية المؤمن من الذنوب كالحجامة المطلوب وتحمل ضغطة الكافر على وجه العذاب والعقوبة.
3) أن يقال أنّ الضغطة لجميع المؤمنين كانت في صدر الاسلام ، ثمّ ببركات المعصومين عليهم السلام وشفاعتهم ارتفقت عن شيعتهم.
عذاب القبر
من أحداث القبر عذابه للكافرين ، ولبعض المخالفات للدين ، ففي الأحاديث الشريفة :
1 ـ حديث زيد بن علي عليه السلام عن أبيه عن جدّه عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه قال :
«عذاب القبر يكون من النميمة ، والبول ، وعزب الرجل عن أهله» (23).
2 ـ حديث الكشي عن الامام الرضا عليه السلام أنّه قَالَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ أَبِي حَمْزَةَ :
«إنه أقعد في قبره فسئل عن الأئمة عليهم السلام فأخبر بأسمائهم حتى انتهى إلي فسئل فوقف ، فضرب على رأسه ضربة امتلأ قبره ناراً» (24).
3 ـ حديث تفسير الامام العسكري عليه السلام :
«إن في القبر نعيماً يوفر الله به حظوظ أوليائه وإن في القبر عذاباً يشدد الله به على أشقياء أعدائه» (25).
وقانا الله تعالى من عذاب القبر الذي يرتفع ببركة الايمان وحبّ أهل البيت عليهم السلام وببركة تلاوة القرآن ، خصوصاً آية الكرسي ، وسورة الملك ، وسورة التكاثر وصلاة الليل ، ووضع الجريدتين الرطبتين مع الميّت وغيرها ممّا تلاحظها في أحاديثها (26).

موقعيّة القبور

أفضل مكان للقبور هي الأماكن المقدّسة ، والمشاهد المشرّفة ، والضرائح المقدّسة كما يستفاد من أحاديثها الشريفة الآتية فينقل الميّت إليها ويدفن فيها.
وقد استقرّ فتوى الفقهاء العظام ، وعمل الاماميّة الكرام على ذلك.
قال العلّامة المجلسي أعلى الله مقامه :
«والمشهور بينهم جواز النقل إلى المشاهد بل استحبابه.
وقال في المعتبر : «إنّه مذهب علمائنا خاصّة ، وعليه عمل الأصحاب من زمن الأئمّة عليهم السلام إلى الآن ، وهو مشهور ، بينهم لا يتناكرونه.
ونقل عمل الاماميّة واجماعهم على ذلك في التذكرة والذكرى ...
وروى هذا المضمون في أخبار كثيرة ...
ويدل على استحباب تقريب الميت إلى الضرائح المقدسة والزيارة بهم كما هو الشائع في المشاهد المقدسة ، وعلى استحباب الدفن بقرب الأقارب والصلحاء والمقدسين ويشهد بذلك دفن ثلاثة من الأئمة بعد الامام الحسن عليه السلام بجنبه صلوات الله عليهم أجمعين» (27).
وأضاف في باب المزار أن من خواص تربة الغري اسقاط عذاب القبر ، وترك محاسبة منكر ونكير للمدفون هناك كما وردت به الأخبار الصحيحة (28).
وأفاد صاحب الجواهر :
«يستحب بلا خلاف فيه نقل الميّت إلى أحد المشاهد المشرّفة» (29).
ومن حيث الدليل الأخبار المستفاد منها ذلك كثيرة مثل :
1 ـ حديث زياد المخارقي قال :
«لمّا حضر الحسن عليه السلام الوفاة استدعى الحسين بن علي عليهما السلام فقالَ لَهُ : يا أخي! إني مفارقك ولا حق بربي ـ إلى أن قال ـ :
فإذا قضيت نحبي فغمضني وغسلني وكفني واحملني على سريري إلى قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله لأجدد به عهدا ثم ردني إلى قبر جدتي فاطمة بنت أسد فادفني هناك» (30).
2 ـ حديث محمّد بن مسلم عن الامام الباقر عليه السلام أنّه قال :
«لمّا مات يعقوب حمله يوسف عليهما السلام في تابوت إلى أرض شام فدفنه في بيت المقدس».
3 ـ حديث المفضل الجعفي عن الامام الصادق عليه السلام :
«إنّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى نوح عليه السلام وهو في السفينة أن يطوف بالبيت أسبوعا فطاف بالبيت أسبوعا كما أوحى الله إليه ، ثم نزل في الماء إلى ركبتيه ، فاستخرج تابوتا فيه عظام آدم عليه السلام ، فحمل التابوت في جوف السفينة حتى طاف بالبيت ما شاء الله أن يطوف ، ثم ورد إلى باب الكوفة في وسط مسجدها ، ففيها قال الله للأرض ابلعي ماءك فبلعت ماءها من مسجد الكوفة كما بدأ الماء من مسجدها ، وتفرق الجمع الذي كان مع نوح في السفينة ، فأخذ نوح التابوت فدفنه في الغري» (31).

زيارة القبور

ممّا يستحبّ ويندب زيارة قبور المؤمنين خصوصاً الوالدين والأقربين كما دلّت عليه النصوص ، وأفادته الفتاوى.
ففي الجواهر قال بعد ذكر حديث علي بن بلال :
«فإنّه دالّ على استحباب وضع اليد ـ على القبر ـ ولو في غير حال دفن ، كما انّه دالّ على استحباب قراءة إنّا أنزلناه ، وعلى استحباب زيارة قبور الاخوان كما استفاضت به الأخبار ، وتداولته الطائفة الأخيار.
وقد حكى الاجماع عليه العلّامة والشهيد بالنسبة إلى الرجال.
ويتأكّد استحباب ذلك يوم الاثنين وغداء السبت تأسّياً بالمحكي من فعل فاطمة عليها السلام في زيارتها قبور الشهداء ، ومنه يعلم استحباب زيارة النساء للقبور» (32).
1 ـ حديث محمّد بن مسلم عن الامام الصادق عليه السلام انه قال :
«قال أميرالمؤمنين عليه السلام : زوروا موتاكم فإنهم يفرحون بزيارتكم ، وليطلب أحدكم حاجته عند قبر أبيه وعند قبر أمه بما يدعو لهما».
2 ـ حديث محمّد بن مسلم الآخر قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام الموتى نزورهم؟
قال : نعم ، قلت : فيعلمون إذا أتيناهم؟ فقال : أي والله انّهم ليعلمون بكم ويفرحون بكم ويستأنسون إليكم.
3 ـ حديث يونس عن الامام الصادق عليه السلام انه قال :
«إنّ فاطمة كانت تأتي قبور الشهداء في كلّ غداة سبت ، فتأتي قبر حمزة ، وتترحم عليه ، وتستغفر له».
4 ـ حديث صفوان الجمّال قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول :
«كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج في ملإ من الناس من أصحابه كل عشية خميس إلى بقيع المدنيين فيقول : السلام عليكم يا أهل الديار ، ثلاثاً ، رحمكم الله ، ثلاثاً».
5 ـ حديث علي بن بلال عن الامام الرضا عليه السلام انّه قال :
«من أتى قبر أخيه ثمّ وضع يده على القبر وقرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر ، سبع مرات أمن يوم الفزع الأكبر أو يوم الفزع» (33).
6 ـ حديث الراوندي عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال :
«من حقّ المؤمن على المؤمن إذا مات الزيارة له إلى قبره» (34).
إلى غير ذلك من الأحاديث التي تجدها مجموعة في بابها (35).
وقد ورد الحث على زيارة القبور حتّى من طرق العامّة تلاحظها مع أدب الزيارة وكلمات أعلامهم في استحباب الزيارة ، مع ذكر القبور المقصودة بالزيارة مجموعة في كتاب الغدير الشريف فراجع (36).

أشراط الساعة

أشراط : جمع شَرَط ـ بفتحتين ـ معناه العلامة.
والساعة : تعبيرٌ عن يوم القيامة لوقوعها بغتةً ، أو لأنّها على طولها هي عند الله تعالى كساعة من ساعات الخلق.
وأشراط الساعة هي علامات يوم القيامة ، التي تدلّ على قربها (37).
ويوم القيامة قريبٌ عند الله تعالى (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا) (38).
وهي العلامات الواقعة قبل نفخ الصور (39).
وهذه العلامات كثيرة يلزم الايمان بها ولو إجمالاً.
وقد دلّ الدليل على هذه الأشراط والعلامات من الكتاب والسنّة ...
فمن القرآن الكريم :
1 ـ قوله تعالى :
(حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ) (40).
2 ـ قوله تعالى :
(فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ) (41).
3 ـ قوله تعالى :
(فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ) (42).
ومن السنّة المباركة :
1 ـ الحديث النبوي الشريف جاء فيه :
«أمّا أول شرط من أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب» (43).
2 ـ حديث السكوني عن الامام الصادق عليه السلام أنّه قال :
«قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أشراط الساعة أن يفشو الفالج وموت الفجأة» (44).
3 ـ حديث عبدالله بن عبّاس جاء فيه :
«حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجّة الوداع ، فأخذ بحلقة باب الكعبة وأقبل بوجهه علينا فقال : معاشر الناس ألا أخبركم بأشراط الساعة؟ فكان أدنى الناس منه يومئذ سلمان فقال : بلى يا رسول الله.
فقال : من أشراط السّاعة إضاعة الصلوات ، واتباع الشهوات ، والميل مع الأهواء ، وتعظيم المال ، وبيع الدين بالدنيا ، فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه ، كما يذوب الملح في الماء ، مما يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيره» (45).
والحديث الشريف طويل وفيه فوائد جمّة ، فلاحظ.
4 ـ حديث روضة الواعظين عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال :
«إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويظهر الجهل ، ويشرب الخمر ، ويفشو الزنا وتقل الرجال ، وتكثر النساء حتى أن الخمسين امرأة فيهن واحد من الرجال» (46).
5 ـ حديث حذيفة بن اسيد عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال :
«إنكم لا ترون الساعة حتى ترون قبلها عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها والدجال ، ودابة الأرض ، وثلاثة خسوف في الأرض خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ، وخروج عيسى ابن مريم ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وتكون في آخر الزمان نار تخرج من اليمن من قعر الأرض لا تدع خلفها أحدا تسوق الناس إلى المحشر كلما قاموا قامت لهم تسوقهم إلى المحشر» (47).
إلى غير ذلك من الأحاديث الشريفة التي تراها مجموعة في بابها (48).
واعلم أنّه قد ورد ذكر بعض هذه العلائم في الملاحم ، وبعضها في علامات الظهور ، وبعضها في أحاديث الأشراط كما هو واضح (49).
ولا ضير في ذلك ..
لأن جميعها أمارات وعلامات دالّة على قرب يوم القيامة تكون قبل الظهور فتكون قبل القيامة ففي الحديث الشريف المسند عن رسول الله صلى الله عليه وآله :«بُعثت والساعة كهاتين ـ وأشار باصبعيه صلى الله عليه وآله السبّابة والوسطى ـ ثمّ قال : والذي بعثني بيده اني لأجد الساعة بين كتفي» (50).
المصادر :
1- سورة طه ، الآية 55.
2- سورة المرسلات ، الآية 25. من الكفت بمعنى الضمّ.
3- سورة عبس ، الآيات 17 ـ 21.
4- الوسائل : ج 2 ، ص 819 ، ب 1 ، ح 1.
5- الكافي : ج 3 ، ص 242 ، ح 2.
6- البحار : ج 6 ، ص 270.
7- الاعتقادات للصدوق : ص 58.
8- تصحيح الاعتقادات : ص 99.
9- حقّ اليقين : ج 2 ، ص 75.
10- البحار : ج 6 ، ص 223 ، ب 8 ، ح 23.
11- البحار : ج 6 ، ص 241 ، ب 8 ، ح 60.
12- الكافي : ج 3 ، ص 239 ، ح 12.
13- الكافي : ج 3 ، ص 235 ، ح 1.
14- الجواهر : ج 4 ، ص 305.
15- الوسائل : ج 2 ، ص 844 ، ب 20 ، ح 6.
16- المفاتيح : ص 848 ، ط بيروت.
17- حقّ اليقين : ج 2 ، ص 81.
18- علل الشرايع : ص 309 ، ب 262 ، ح 3.
19- كتاب الزهد : ص 88 ، ح 235.
20- ثواب الأعمال : ص 231 ، ح 1.
21- الكافي : ج 3 ، ص 131 ، ح 402.
22- حقّ اليقين : ص 84 ، ح 2.
23- علل الشرايع : ص 309 ، ب 262 ، ح 2.
24- رجال الكشي : ص 345.
25- البحار : ج 6 ، ص 237 ، ب 8 ، ح 54.
26- المعالم الزلفى : ص 122 و ص 290 ؛ الكافي : ج 3 ، ص 153 ، ح 7 ؛ السفينة : ج 7 ، ص 194 .
27- البحار : ج 82 ، ص 69 ـ 70.
28- البحار : ج 100 ، ص 232.
29- الجواهر : ج 4 ، ص 342 و 346.
30- الوسائل : ج 2 ، ص 835 ، ب 13 ، ح 10.
31- المستدرك : ج 2 ، ص 309 ، ب 13 ، ح 5.
32- الجواهر : ج 4 ، ص 321.
33- الوسائل : ج 2 ، ص 878 ، ص 787 ، ص 789 ، ص 881 ، ص 881 .
34- المستدرك : ج 2 ، ص 363 ، ب 45 ، ح 5.
35- ينابيع الحكمة : ج 4 ، ص 361.
36- الغدير : ج 5 ، ص 166.
37- مجمع البحرين : ص 363 و ص 382.
38- سورة المعارج ، الآيتان 6 ـ 7.
39- حقّ اليقين : ج 2 ، ص 91.
40- سورة الأنبياء ، الآيتان 96 ـ 97.
41- سورة الدخان ، الآيات 10 ـ 16.
42- سورة محمّد صلى الله عليه وآله ، الآية 18.
43- علل الشرائع : ص 95 ، ح 3.
44- الكافي : ج 3 ، ص 261 ، ح 39.
45- تفسير القمي : ج 2 ، ص 303.
46- تفسير الكنز : ج 12 ، ص 234.
47- الخصال : ص 449 ، ح 52.
48- البحار : ج 6 ، ص 295.
49- لاحظ مرآة الأنوار : ص 122.
50- البحار : ج 6 ، ص 315 ، ب 1 ، ح 26.


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.