العيوب الموجبة لخيار فسخ العقد

من اجل بناء اسرة فاضلة ، وتشكيل زواج ناجح ومستقر ، فلابد من معالجة العيوب التي يكتشفها الزوجان بعد اجراء العقد . ولما كان الاصل في الزواج استقرار العائلة بما فيها من زوجين ومن فروع واصول ، كان لابد ايضاً من معالجة المشاكل الجسدية
Saturday, April 30, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
العيوب الموجبة لخيار فسخ العقد

العيوب الموجبة لخيار فسخ العقد
 

 






 

من اجل بناء اسرة فاضلة ، وتشكيل زواج ناجح ومستقر ، فلابد من معالجة العيوب التي يكتشفها الزوجان بعد اجراء العقد . ولما كان الاصل في الزواج استقرار العائلة بما فيها من زوجين ومن فروع واصول ، كان لابد ايضاً من معالجة المشاكل الجسدية الخطيرة ، معالجة حاسمة وفورية ، مع ضمان حقوق الزوج والزوجة بشكل تام .
فالعيوب الموجبة للخيار بين فسخ العقد وامضائه ، هي العيوب التي يكتشفها احد الزوجين في الآخر بعد اتمام العقد مثل الاضطراب العقلي ( الجنون ) ، والخصاء ، والجب ، والعنن بالنسبة للرجل فيثبت الخيار للمرأة . والاضطراب العقلي والبرص ، والجذام ، والعمى ، والعرج ، والقرن ، والعفل ، والافضاء ، والرتق بالنسبة للمرأة فيثبت الخيار للرجل .
ويثبت خيار الفسخ على الفور ، باتفاق الفقهاء . فاذا لم يبادر الزوج او الزوجة الى الفسخ لزم العقد . ولا يعتبر اذن الحاكم الشرعي في الفسخ ، لان الادلة التي دلت على جواز الفسخ مطلقة وغير مقيدة باذن الحاكم .
ويتباين الفسخ عن الطلاق في عدة مواضع . فيصبح الفسخ من غير شهود ، ولا يتطلب طهر المرأة ، وليس لها من المهر شيء قبل الدخول الاّ في حالة العنن ، ولا يعتبر الفسخ من التطليقات الثلاث . اما الطلاق فلا يصح الا بشاهدين ، وان تكون المرأة في طهر لم يواقعها فيه ، وتحتسب من التطليقات الثلاث ، ولها نصف المهر قبل الدخول .
والاضطراب العقلي او الجنون من العيوب المشتركة بين الرجل والمرأة ، فاذا تبين لها الجنون بعد العقد فلها الفسخ للرواية المروية عن الامام (عليه السلام)عندما سُئل عن امرأة يكون لها زوج قد اصيب في عقله بعد ان تزوجها ؟ فقال : ( لها ان تنزع نفسها منه ان شاءت ) (1) .
ورواية اخرى بشأن الزوجة : ( انما يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل ) (2) . والمشهور بين الفقهاء ان للمرأة حق الفسخ اذا علمت ان زوجها اصيب بالجنون قبل العقد او بعده ، اما الرجل فيحق له الفسخ اذا علم ان زوجته اصيبت بجنون سابق على العقد دون اللاحق . بمعنى ان الزوجة اذا اصابها الجنون بعد اجراء العقد والدخول لفترة ، فلا يحق للزوج اجراء الفسخ ، بل يحق له طلاقها . و « هذا هو المشهور شهرة عظيمة كادت ان تكون اجماعاً ، لاستصحاب اللزوم الذي هو مقتضى الاصل في العقود ، وامكانية انجبار الضرر بالطلاق منه » (3) .
واذا تم الفسخ بعد الدخول فلها المهر وعليها العدة ، واذا تم قبل الدخول فلا مهر ولا عدة للمرأة . واذا رضي احدهما بالعيب قولاً او فعلاً فلا يجوز له ان يعدل ويفسخ بعد ذلك .
اما الخصاء فهو سل الانثيين او رضهما ، والخصي يولج ويبالغ ولكنه لا ينزل . والجب هو قطع ذكر الرجل بشكل تام . وفي كلا الحالتين يكون الخيار للمرأة الجاهلة بحاله في فسخ الزواج او امضائه .
وانما اُلحِقَ الجب بالخصاء لانه اقوى عيباً من الخصاء ، لقدرة الخصي على الجماع اجمالاً . وقيل ان الخصاء والجب اذا حصلا بعد العقد يثبت الخيار للمرأة ايضاً لصحيحة ابي بصير ، قال : ( سألت ابا عبد الله (عليه السلام)عن امرأة ابتلي زوجها ، فلا يقدر على جماع ، أتفارقه ؟ قال : نعم ، ان شاءت ) (4) .
والعنن عيب تتسلط المرأة بسببه على الفسخ لا فرق ان كان قبل عقد والزواج او بعده . وهو مرض تضعف معه القوة عن نشر العضو بحيث يعجز عن الايلاج ، بمعنى انه داء يعجز معه الرجل عن الجماع اطلاقاً .
الا ان المشهور بين الفقهاء انه لا خيار لها لقوله (عليه السلام): ( ان عليا (عليه السلام)كان يقول : اذا تزوج الرجل امرأة فوقع عليها وقعة واحدة ، ثم اعرض عنها فليس لها الخيار ، لتصبر فقد ابتليت ) (5) .
ولكن الشيخ المفيد وجماعة ذهبوا الى « ان لها الفسخ ايضاً ، للاشتراك في الضرر الحاصل باليأس من الوطء ، واطلاق الروايات بثبوت الخيار للمرأة من غير تفصيل « (6) .
واذا ثبت العنن فان صبرت عالمة بالعنن وبان لها الخيار فلا خلاف في عدم الخيار لها بعد ذلك اذا ارادته ، لانه حق يسقط بالاسقاط ، و « لقول الامام (عليه السلام): متى اقامت المرأة مع زوجها بعدما علمت انه عنين ، ورضيت به لم يكن لها خيار بعد الرضا » (7) .
واذا لم تصبر على العنن رفعت امرها الى الحاكم الشرعي ، الذي ينبغي ان يؤجله بدوره سنة كاملة من حين المرافعة ، وعليها ان تسكن مع الزوج خلال فصول السنة لاحتمال تأثير المناخ من حرارة او برودة على العنن . واذا واقعها خلال السنة فلا خيار لها ، واذا لم يواقعها يحق لها الفسخ بالاجماع والنص .
والعيوب الموجبة للفسخ المتعلقة بالمرأة هي : البرص والجذام وهما من الامراض المعدية ، والعمى ، والعرج . فاذا كانت المرأة مصابة بهذه العيوب وكان الرجل جاهلاً بها قبل العقد ، حق له حينئذٍ الفسخ . اما القرن والعفل وهي زوائد لحمية في الفرج ، والافضاء وهو اختلاط المسلكين ، والرتق وهو انسداد الفرج ، فانها تؤدي الى تعسر الجماع ، ولذلك فقد الحقها الفقهاء بالعيوب ايضاً .
فقد ورد في الرواية ان الامام جعفر بن محمد (عليه السلام)عندما سُئِل عن رجل تزوج امرأة فوجد بها قرنا ! قال : ( هذه لاتحبل ، وينقبض زوجها من مجامعتها ، وترد على اهلها . قال السائل : فان كان دخل بها ؟ قال : ان كان علم قبل ان يجامعها ثم جامعها فقد رضي بها ، وان لم يعلم الا بعد ما جامعها فان شاء امسكها ، وان شاء سرّحها الى اهلها ، ولها ما اخذت منه [ أي من المهر ] بما استحل من فرجها ) (8) .
الخيار بالتدليس
والتدليس هو التمويه باخفاء نقص او عيب موجود ، او ادّعاء كمال غير موجود اصلاً ، قبل العقد . فقد يكون النقص او العيب ، جسديا كالعمى في العينين او في عين واحدة مثلاً ، وادعاء الكمال كادعاء المكانة الاجتماعية والشرف او البكر والشباب .
وقد يكون الزوج هو المدلس ، وقد تكون الزوجة هي المدلسة . فاذا كان الامر كذلك ، جاز الفسخ بسبب التدليس .
ويحصل خيار فسخ الزواج في حالات اخرى لتخلف الشروط ؛ ومنها : ان تكون صفة عدم النقص او الكمال من شروط العقد ، مثل قول المرأة : زوجتك نفسي بشرط ان تكون سليماً من الامراض السارية . او قول الرجل : تزوجتك بشرط ان تكوني باكراً . ومنها : ان يكون عدم النقص والكمال وصفاً لا شرطاً ، كقوله : زوجتك موكلتي فلانة بنت فلان البكر .
ومنها : ان يكون العقد مبنياً على اساس عدم النقص ، كأن يذكر الكمال وعدم النقص في حديثه عن الزواج . وفي هذه الحالات يحصل الخيار لتخلف الشروط لا للتدليس .
واذا حصل الفسخ فانه يجب ان يكون فورياً ، لان سكوت الزوج بعد العلم لا يبيح له الفسخ بعد ذلك . وقد اختلف الفقهاء في ثبوت الخيار للزوجة المخدوعة بالتدليس .
فقال بعضهم ان لها حق الفسخ واستدلوا على ذلك برواية محمد بن مسلم التي تجيز للمرأة الفسخ اذا تزوجت برجل بناءً على انه حر فبان لها انه مملوك ( قال سألت الامام ابا عبد الله (عليه السلام)عن امرأة حرة تزوجت مملوكاً على انه حر ، فعلمت بعد انه مملوك ؟ فقال : هي املك بنفسها ان شاءت قرت [ اقامت ] معه ، وان شاءت فلا ، فان كان دخل بها فلها الصداق ، وان لم يدخل بها فليس لها شيء ، فان هو دخل بها بعد ما علمت انه مملوك وأقرت بذلك فهو املك لها ) (9) .
واذا حصل التدليس على الزوج من قبل طرف ثالث ، فلا يفسخ العقد وانما يؤخذ المهر من الذي زوّجها ، حيث « يرجع الزوج بالمهر على المدلس ان كان ، والاّ فلا رجوع ، ولو كانت هي المدلسة رجع عليها الاّ بأقل ما يمكن ان يكون مهراً ، وهو اقل متمول على المشهور » (10) .
وقد ورد في بعض الروايات ان الامام جعفر بن محمد (عليه السلام)سُئِل عن رجل ولّته امرأة امرها ، او ذات قرابة ، او جارة لها ، لا يعلم دخيلة امرها ، فوجدها قد دلست عيباً هو بها ؟ قال (عليه السلام): ( يؤخذ المهر منها ، ولا يكون على الذي زوّجها شيء ) (11) . وفي رواية اخرى : ( في كتاب علي (عليه السلام)من زوّج امرأة فيها عيب دلسه ، ولم يبين ذلك لزوجها ، فانه يكون لها الصداق بما استحل من فرجها ، ويكون الذي ساق الرجل اليها على الذي زوّجها ولم يبين ) (12) . اي يكون المهر على الذي زوّجها ولم يبين .
المصادر :

1- الكافي : ج 2 ص 126 .
2- التهذيب : ج 2 ص 232 .
3- الجواهر : ج 30 ص 320 .
4- الكافي : ج 2 ص 30 .
5- الاستبصار : ج 3 ص 250 .
6- المسالك ـ كتاب النكاح .
7- الجواهر : ج 30 ص 325 .
8- الكافي : ج 2 ص 30 .
9- من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 146 .
10- اللمعة الدمشقية : ج 5 ص 395 .
11- الكافي : ج 2 ص 29 .
12- التهذيب : ج 2 ص 234 .



 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.