الغوص

لا خلاف في وجوب الخمس في الغوص وهو إخراج الجواهر من البحر مثل اللؤلؤ و المرجان وغيرهما معدنيّاً كان أو نباتيّاً، لا مثل السمك ونحوه من الحيوانات ، قال الشيخ في النهاية: ويجب أيضاً الخمس من الكنوز المذخورة على من وجدها،
Friday, June 10, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الغوص
الغوص

 






 

لا خلاف في وجوب الخمس في الغوص وهو إخراج الجواهر من البحر مثل اللؤلؤ و المرجان وغيرهما معدنيّاً كان أو نباتيّاً، لا مثل السمك ونحوه من الحيوانات ، قال الشيخ في النهاية: ويجب أيضاً الخمس من الكنوز المذخورة على من وجدها، وفي العنبر وفي الغوص ـ إلى أن قال: ـ والغوص لا يجب فيه الخمس إلاّ إذا بلغت قيمتُه ديناراً.
وقال سلاّر في المراسم: في عِداد ما يجبُ فيه الخمس: و المعادن والكنوز والغوص والعنبر.
وقال القاضي في المهذّب: في عداد مايجب فيه الخمس: والنفط والقير والغوص و....
وقال ابن سعيد في الجامع: وفي العنبر والغوص و....
وقال المحقّق في الشرائع: كلّ ما يخرج من البحر بالغوص كالجواهر والدرر بشرط أن تبلغ قيمته ديناراً فصاعداً.
وقال العلاّمة في المنتهى: الغوص وكلّ ما يستخرج من البحر كاللؤلؤ والمرجان والعنبر وغير ذلك يجب فيه الخمس.
إلى غير ذلك من الكلمات التي تعرب عن الاتفاق.
إنّما الكلام في تعيين ما هو الملاك في تعلّق الخمس، وإن شئت قلت: ما هو الموضوع حقيقة لوجوبه؟
العناوين الواردة في الروايات لا تتجاوز عن خمسة:
1. الغوص، 2. غوص اللؤلؤ، 3. ما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد، 4. العنبر، 5. ما يخرج من البحر.
فقد اختلف النظر في الجمع بين الروايات على وجوه:
1. فذهب المحقّق إلى الجمع بين العنوانين وقال : كلّما يخرج من البحر بالغوص كالجواهر والدرر فلو أخذ من البحر من غير غوص لم يجب الخمس. وتبعه المحقّق الهمداني نظراً إلى صلاحية كلّ منهما لتقييد الآخر فيجمع بينهما، عملاً بالقاعدة.
2. أو يجعل كلّ منهما موضوعاً مستقلاً للحكم نظراً إلى عدم الموجب للتقيد، لعدم كونهما مثبتين وعدم التنافي في البين ليتصدّى للعلاج أو لإرجاع أحدهما إلى الآخر وهو خيرة المحقّق الخوئي.
3. أو الأخذ بعنوان الغوص، وحمل ذكر البحر على الغالب.
4. أو الأخذ بالبحر، وحمل الغوص على الغلبة، لأنّ الغالب في إخراج الجواهر، هو الغوص.
5. أو الأخذ بكلّ منهما لا بمعنى استقلالها في الموضوعية، بل بمعنى إرجاع الجميع إلى عنوان واحد وما هو يخرج من قعر الماء، مقابل المعدن الذي يؤخذ من غور الأرض.
والظاهر هو الأخير.
توضيحه: إنّ مقتضى الذوق الفقهي هو إرجاع الثاني إلى الأوّل وأنّ ذكر اللؤلؤ بعنوان المثال فيكون الموضوع الغوص.
كما يمكن إرجاع الثالث والرابع إلى الخامس وأنّ ذكر اللؤلؤ والياقوت والزبرجد والعنبر من باب التمثيل وأنّ الموضوع هو ما يخرج من البحر، وعندئذ تكون النسبة بين الموضوعين أعني: الغوص، وما يخرج من البحر عموماً وخصوصاً من وجه، فعلى الأوّل الموضوع خاص لاختصاصه بالغوص بالبدن وعام لشموله البحر والأنهار الكبيرة، وعلى الثاني الموضوع خاص لاختصاصه بالبحر، عام لشموله الإخراج بالغوص وغيره كالآلات، فيتفقان فيما إذا غاص ببدنه في البحر فاستخرج الجواهر والدراري، ويفترق الأوّل عن الثاني فيما إذا غاص ببدنه في الشطوط الكبيرة فاستخرج الجواهر، فيجب الخمس على الأوّل دون الثاني، كما يفترق الثاني عن الأوّل فيما إذا أخرج من البحر بالأدوات فيجب الخمس على الثاني دون الأوّل، فما وجه الجمع عندئذ في المقام؟
أقول: إنّ العرف يتلقّى الخمس ضريبة على الاغتنام في المقام ويعطف الغوص على المعادن بجامع أنّ المعدن يخرج من أعماق الأرض وذاك من أعماق الماء، ويجعل الموضوع هو الاستغنام من الغائصين في الماء والتراب، ولأجل ذلك يلغي شرطية الغوص بالبدن كما يلغي اشتراط كون الأخذ من ماء البحر، بل يكفي كونه في أعماق الماء إذاكان تكوّن الجواهر فيه أمراً طبيعياً كما في الشطوط الكبيرة،
فإذاً يُصبح الموضوع ما أُخرج من الماء الكثير كالبحر والبحيرة والخليج والشطوط العظيمة المنهدرة إليه سواء كان الاستخراج بالغوص أو بالآلات.
وإن شئت قلت: الموضوع هو الجامع المشترك بين الغوص وما يخرج من البحر، وهو ما يخرج من الماء الكبير، فتكون النتيجة ثبوت الخمس في جميع مصاديقها لا في خصوص مورد التصادق، وإنّما اخترنا ذلك لكون الدليلين مثبتين وليس أحدهما نافياً والآخر مثبتاً، وفي مثل ذلك يؤخذ بهما على النحو الذي عرفت.
والحاصل: حمل كلّ من الخصوصيتين أي الغوصية والبحرية على المثال، وأنّ المدار هو مطلق إخراج شيء من الماء الكثير، هو المتبادر لدى الأذهان العرفية.
ثمّ إنّ المحقّق الهمداني تبع المحقّق في الشرائع، فخصّ الخمس بالقدر الجامع بين الموضوع، وهو الغوص في البحر ونفاه في غيره، وحاصل ما أفاده:
1. إنّ مقتضى ظواهر كلمات الأصحاب ـ كظواهر النصوص، خصوصاً الأخبار الحاصرة للخمس في خمسة ـ عدم كون كلّ من العنوانين بحياله موضوعاً مستقلاً يناط به الحكم، فيجب إرجاع بعضها إلى بعض بشيء من الدعاوى المزبورة، أو بتقييد كلّ من العنوانين بالآخر والالتزام بأنّ الخمس لا يجب إلاّفي ما أخرج من البحر بالغوص.
2. انّ مقتضى القواعد عند دوران الأمر بين كون الإطلاق جارياً مجرى الغالب أو القيد كذلك، إهمال الإطلاق لا إلغاء الخصوصية المعلّق عليها الحكمُ في عنوان دليله الأخص.
3. مقتضى الأصل بعد فرض تكافؤ الاحتمالات وعدم إمكان الالتزام باستقلال كلّ من العنوانين بالموضوعية، هو الرجوع فيما عدا القدر المتيقن ـ و هو مورد تصادق العنوانين ـ إلى أصالة البراءة من وجوب الخمس.
4. هذا كلّه بعد الإغماض عن إمكان دعوى انصراف كلّ من الإطلاقين، خصوصاً إطلاق الغوص إلى الأفراد المتعارفة الشائعة التي هي مورد الإجماع، واستنتج من هذه الأدلّة أنّ الأظهر اختصاص وجوب الخمس بما يخرج من البحر بالغوص.(1)
ولا يخفى عدم تمامية هذه الوجوه الأربعة:
أمّا الأوّل: أعني حفظ الحصر في خمسة، فيرد عليه:
أوّلاً: أنّ الصيانة على الحصر كما يتحقق بتقيد أحدهما بالآخر كذلك يتحقّق بإرجاعهما إلى الجامع بين العنوانين حتى لا يكون كلّ موضوعاً بحياله واستقلاله.
وثانياً: أنّ الوجه في عدم استقلالهما في الموضوعية إنّما هو المناسبة المودعة في الأذهان في المقام من أنّ هنا موضوعاً واحداً لحكم واحد، نظير المعادن غير أنّ الأخير إخراج من البرّ و الآخر إخراج من البحر، وأمّا الاستناد في إثبات عدم الانفراد بالموضوع بالرواية الحاصرة لما يجب فيه في خمسة، فقد عرفت ما فيه في صدر الكتاب من أنّ الحصر غير حاصر، وأنّ مورده أزيد، وأنّ الحصر الوارد في رواية ابن أبي عمير لابدّمن تأويله.
وأمّا الثاني: فإنّ تقييد إطلاق الدليلين إنّما يلزم إذا كان بين الدليلين تناف في الحكم، كما إذا كان أحدهما مثبتاً والآخر نافياً، وأمّا إذا كانا مثبتين كما في المقام فالجمع بعد تسليم استقلال كلّ منهما في الموضوعية، كما يحصل بالتقييد، يحصل بإرجاعهما إلى جامع بين الدليلين كما عرفت.
وأمّا الثالث: وهو الرجوع إلى البراءة في غير مجمع العنوانين، أعني: ما أخرج من البحر بغير الغوص، أو أخرج بالغوص من غير البحر، فضعيف جدّاً، بعد إمكان رفع التعارض بما ذكرنا وشمول الدليل لموردي الافتراق.
على أنّ وجوب الخمس في كلا الموردين مسلّم، غير أنّ الشك في كيفية تعلّقه، وأنّه هل هو بعنوان الغوص أو بعنوان الفوائد؟ ولا أصل خاص في المقام بعد العلم الإجمالي بتعلّقه بأحد العنوانين.
وأمّا الرابع: فالانصراف ممنوع، لأنّه إنّما يصحّ إذا كان ناشئاً من كثرة الاستعمال، وهو بعد غير محرز بعد كثرة وجود الغوص في الأنهار الكبيرة وإخراج ما في البحر بالآلات.
والحاصل: أنّ الطريق الصحيح هو الأخذ بالجامع بين العنوانين.
والقول بأنّ الخمس في الغوص ضريبة على كلّ ما يخرج من الماء ـ إلاّ ما قام الدليل على عدم وجوب الخمس فيه كالسمك ـ و في المعادن ضريبة على ما يخرج من الأرض، لا يخلو من قوّة.
وبما ذكرنا يظهر حال ما ذكره السيّد الحكيم: من أنّ النصوص المشتملة على الغوص واردة في مقام الحصر، ولا كذلك نصوص ما يخرج من البحر، فيتعيّن أن تكون مقيدة لإطلاق غيرها، وحينئذ فلا مجال لتعميم الحكم للإخراج لا بطريق الغوص.(2) لما عرفت من أنّه لا تصل الحاجة إلى التقييد بعد إمكان إرجاع العنوانين إلى القدر المشترك.
فإذا كان المناط هو ما يخرج من ماء البحر وما يشبهه، فالأدلّة منصرفة عن السمك وإن أُخرج بالغوص في الماء، إذ لو كان واجباً لبان واشتهر، لكثرة الابتلاء به أوّلاً، ولاقتران المعادن بالغوص ثانياً وهو قرينة على أنّ المراد إخراج ما يكون في البحر من الجمادات والنباتات، لا الحيوان.
فيجب فيه الخمس بشرط أن يبلغ قيمته ديناراً فصاعداً فلا خمس فيما ينقص من ذلك.
وممّا يقضي منه العجب تخصيص المدارك متعلّق الخمس بالعنبر واللؤلؤ، قال: استدل عليه بما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ قال: سألته عن العنبر وغوص اللؤلؤ؟ قال: «عليه الخمس». وهي قاصرة عن إفادة التعميم لاختصاصها بغوص اللؤلؤ إلاّ أن يقال: إنّه لا قائل بالفرق.(3)
يلاحظ عليه: أنّ العرف يساعد حمل اللؤلؤ على المثال، أضف إليه وجود رواية صحيح عن ابن أبي عمير التي علّق فيها الحكم على نفس الغوص، قال: الخمس على خمسة أشياء على الكنوز والمعادن والغوص والغنيمة ونسي ابن أبي عمير الخامس.(4) أي في مطلق ما يخرج عن طريق الغوص، والرواية وإن كانت مرسلة لكن الأصحاب كما صرّح به الشيخ في العدة تلقّوا مراسيله بالقبول ، مع أنّه رواها عن غير واحد من الأصحاب.
ذهب الشيخ المفيد إلى أنّ:النصاب هو عشرون ديناراً، وذهب المشهور إلى أنّه دينار واحد، واستظهر المحقّق الخوئي، عدم اعتبار النصاب وأنّه يتعلّق بقليله وكثيره.
قال المفيد في الرسالة الغرية: الخمس واجب فيما يستفاد من غنائم الكفّار والكنوز والعنبر والغوص، فمن استفاد من هذه الأربعة الأصناف عشرين ديناراً أو ما قيمته ذلك كان عليه أن يخرج منه الخمس.
وقال العلاّمة بعد نقله قول المفيد وهذا القول ليس بواضح فانّه يشعر باعتبار العشرين في الغنائم والغوص والمشهور في الأوّل، إيجاب الخمس في قليله وكثيره وفي الغوص اعتبار دينار واحد.
وقال في الحدائق: إنّه لا خلاف في اعتبار النصاب، وإنّما الخلاف في تقديره، فالمشهور أنّه ما بلغ قيمته ديناراً ، ثمّ نقل قول الشيخ المفيد تقديره بعشرين ديناراً وقال: لم نقف على مستنده.
ومستند المشهور رواية محمد بن علي بن أبي عبد اللّه، عن أبي الحسن ـ عليه السَّلام ـ قال: سألته عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد عن معادن الذهب والفضة هل فيها زكاة؟ فقال: «إذا بلغ قيمته ديناراً ففيه الخمس».
والراوي عن الإمام مجهول، يروي عنه حسب ما صرّح به المامقاني: علي بن أسباط وأحمد بن أبي نصر البزنطي، والذي يدفع عنه الجهالة نقل البزنطي عنه على القول بأنّه لا يروي إلاّعن ثقة كابن أبي عمير وصفوان بن يحيى. كما أوضحناه في كتابنا «كلّيات في علم الرجال».
نعم كثرة رواية الثقة عن شخص أمارة كونه ثقة، ولكن رواياته لا تتجاوز عن اثنين أو ثلاث، وفي نفسي في صحّة المتن شيء، إذ يحتمل أن يكون الصحيح عشرين ديناراً، فسقطت لفظة العشرين وبقيت لفظة «ديناراً» ويقرّب ذلك أُمور:
1. فتوى الشيخ المفيد على النصاب في الغوص عشرون ديناراً، ولعلّه استند ولا فرق بين اتّحاد النوع و عدمه ، فلو بلغ قيمة المجموع ديناراً وجب الخمس، ولا بين الدفعة والدفعات فيضمّ بعضها إلى البعض كما أنّ المدار على ما أخرج مطلقاً، وإن اشترك فيه جماعة لا يبلغ نصيب كلّ منهم النصاب، و يعتبر بلوغ النصاب بعد إخراج المؤن كما مرّ في إلى هذه الرواية وكانت نسخته مشتملة على لفظ «العشرون».
2. إنّ الراوي سأل عن الغوص والمعدن، فلو كان الصادر عنه ـ عليه السَّلام ـ عشرون ديناراً يكون جواباً عن السؤالين، بخلاف ما لو كان «ديناراً» إذ ينحصر عندئذ بالغوص، وهو خلاف الظاهر.
3. إنّ مقتضى عطف الغوص على الكنز والمعادن في كثير من الروايات وحدة النصاب، نظراً إلى أنّ الأوّلين انتفاع من الأرض والثالث انتفاع من الماء.
وعلى كلّ تقدير، فلو ثبت رواية الدينار وقلنا بجبرها بعمل المشهور فهو، وإلاّ فالأحوط تعلّقه بالقليل والكثير.
المعدن; و المخرج بالآلات من دون غوص في حكمه على الأحوط وأمّا لو غاص و شدّه بآلة فأخرجه فلا إشكال في وجوبه فيه، نعم لو خرج بنفسه على الساحل أو على وجه الماء فأخذه من غير غوص لم يجب فيه من هذه الجهة، بل يدخل في أرباح المكاسب، فيعتبر فيه مؤنة السنة، ولا يعتبر فيه النصاب.
المتناول من الغوّاص لا يجري عليه حكم الغوص إذا لم يكن غائصاً. وأمّا إذا تناول منه و هو غائص أيضاً، فيجب عليه إذا لم ينو
الغوّاص الحيازة، وإلاّ فهو له، و وجب الخمس عليه.
إذا غاص من غير قصد للحيازة فصادف شيئاًففي وجوب الخمس عليه وجهان، والأحوط إخراجه.
إذا أخرج بالغوص حيواناً وكان في بطنه شيء من الجواهر فإن كان معتاداً وجب فيه الخمس، وإن كان من باب الاتّفاق بأن يكون بلع شيئاً اتّفاقاً فالظاهر عدم وجوبه، و إن كان الأحوط.
الأنهار العظيمة كدجلة و النيل والفرات حكمها حكم البحر بالنسبة إلى ما يخرج منها بالغوص إذا فرض تكوّن الجوهر فيها كالبحر.
إذاغرق شيء في البحر و أعرض مالكه عنه فأخرجه الغوّاص ملكه، ولا يلحقه حكم الغوص على الأقوى، وإن كان من مثل اللؤلؤ و المرجان، لكن الأحوط إجراء حكمه عليه.
إذا فرض معدن من مثل العقيق أو الياقوت أو نحوهما تحت الماء بحيث لا يخرج منه إلاّ بالغوص فلا إشكال في تعلّق الخمس به،
أمّا أنّ ما أخرجه الغواص فهو له ما رواه الكليني بسند معتبر، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ في حديث قال: «وإذا غرقت السفينة وما فيها فأصابه الناس فما قذف به البحر على ساحله فهو لأهله وهم أحقّ به، وما غاص عليه الناس وتركه صاحبه فهو لهم»، ورواه الشيخ، عن الشعيري الذي هو لقب آخر للسكوني، واسمه إسماعيل بن أبي زياد، وسند الكليني معتبر دون سند الشيخ، ففيه منصور بن العباس الذي لم يُوثّق، ومثله أُمية بن عمرو، وقد جاء في النقل الأوّل «تركه صاحبه» الذي هو بمعنى أعرض عنها، لكنّه ليس فيما رواه الشيخ صاحبه أعرض عنها، ولعلّه سقط من المتن، وإطلاقه يعمّ ما عرف صاحبه ولم يعرف، أعرض عن كره، أو عن قهر، لعدم القدرة على الإخراج، وأمّا كون ما غاص عليه الناس فهو لهم لأجل الحيازة، وأمّا ما قذف به البحر على ساحله فهو لأهله، فهو أيضاً بملاك الاستيلاء له قبل الآخرين لا أنّه يقسم بين من يسكن الساحل وإن لم يشارك في الحيازة.
وأمّا عدم إلحاقه بالغوص فلأنّ الظاهر من الأدلّة تعلّق الخمس بما يتكوّن في البحر، ويكون فيه إلى أن يخرج، فلا يعمّ ما إذا لم يكن مما يتكوّن فيه أو تكوّن فيه، لكنّه أخرج عنه، ثمّ ورد عليه.
لكنّه هل يعتبر فيه نصاب المعدن أو الغوص؟ وجهان، والأظهر الثاني.
العنبر إذا أُخرج بالغوص جرى عليه حكمه، و إن أُخذ على وجه الماء أو الساحل ففي لحوق حكمه له وجهان، والأحوط اللحوق، وأحوط منه إخراج خمسه و إن لم يبلغ النصاب أيضاً.
المعدن المتكوّن تحت الماء ينطبق عليه عنوانا: المعدن،والمخرج من الماء، فهل يتعلّق به الخمس بعنوان المعدن أو بعنوان الغوص؟ تظهر الثمرة إذا بلغ ديناراً ولم يبلغ العشرين، فعلى الأوّل لا يتعلّق به الخمس فيدخل في الأرباح والمكاسب، بخلاف الثاني، وقد رجّح المصنف القول الثاني، ولعلّ وجهه: أنّه ينطبق عليه كلا العنوانين، غير أنّ أحد العنوانين فاقد لشرطه، دون الآخر، فيؤثر الجامع للشرط، ولا يكون فقدان الآخر، مانعاً من تعلّقه بالعنوان الجامع لشرطه.
هذا، ويمكن أن يقال: إنّ الغوص منصرف إلى ما يتكوّن في قعر الماء على وجه الأرض، بحيث لا يحتاج إلى الحفر والقلع، فلا يصدق عليه إلاّ عنوان المعدن.
وهناك احتمال ثالث، تعلّق الخمس الواحد، مالم يبلغ العشرين، وأمّا إذا بلغ، فيتعلّق به الخمسان بعنوانين لو لم نقل إنّه إحداث قول ثالث.
يقع الكلام في أُمور:
1. لا شكّ أنّه يتعلّق الخمس بالعنبر، لصحيح الحلبي قال: سألت أبا عبداللّه ـ عليه السَّلام ـ عن العنبر وغوص اللؤلؤ؟ فقال ـ عليه السَّلام ـ : «عليه الخمس».
2. ما هو العنبر؟ فقد اختلفت فيه كلمة المعاجم، وإليك موجز نظرهم:
أ. اتّفقوا على أنّه مادة صلبة فاقدة للطعم والريح، وكلّما سحق أو أُحرق ينتشر منه الريح الحاد.
ب. وأمّاحقيقته، فقيل إنّه رجيع الحيوان البحري، أو أنّه عين في البحر نابعة، وقيل إنّه نبات ينبت في قعر البحر.
وفي المعجم الفارسي، للدكتور معين: أنّه مادة دهنية لها طيب، رمادي اللون، يتكوّن في جوف السمك الموسوم بالعنبر، ويتراوح وزنه بين 5 إلى 10 كيلوغرام، و يتكوّن العنبر في معدة السمك المزبور، من تغذيته من السمك المركب
3. وعلى ما ذكره، فلا ينطبق عليه عنوان المعدن، وما ذكره المحقّق الهمداني من أنّ العنبر حيث إنّ له مكاناً خاصاً يتكوّن فيه ولا يوجد في غيره وهو البحر، فاذاً يصدق على ذلك المكان أنّه معدنه وأنّه أخذ من معدنه توسعاً، غير تام، لوضوح كون الاستعمال من باب التوسّع، وإلاّ فيجب القول بتعلّقه بالسمك أيضاً، لأنّ له موضعاً خاصاً وهو البحر.
وعلى ما ذكره فهو داخل في الغوص، وقد قلنا :إنّه لا مدخلية للغوص، وأنّ الموضوع هو الاستيلاء على ما خلقه اللّه في البحر ابتداءً، فيتعلّق به الخمس، سواء أُخرج بالغوص، أو أُخذ عن وجه الماء. و الأحوط دفع خمس ما دفعه البحر إلى الساحل مطلقاً.
4. أمّا نصابه، فبما أنّه من قبيل الغوص فيكون نصابه ديناراً واحداً، لرواية محمد بن علي بن أبي عبد اللّه.(5)
المصادر :
1- مصباح الفقيه: 122، الطبعة القديمة; ص 86، الطبعة الحديثة.
2- المستمسك:9/483.
3- مدارك الأحكام:5/375.
4- الوسائل: ج6، الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 7.
5- مصباح الفقيه:14/90. . الوسائل:ج6، الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 5.

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.