
لو كان له رأس مال و فرّقه في أنواع من التجارة فتلف رأس المال أو بعضه من نوع منها، فالأحوط عدم جبره بربح تجارة أُخرى بل و كذا الأحوط عدم جبر خسران نوع بربح أُخرى لكن الجبرلا يخلو عن قوّة خصوصاً في الخسارة ، نعم لو كان له تجارة وزراعة مثلاً فخسر في تجارته أو تلف رأس ماله فيها فعدم الجبر لا يخلو عن قوّة خصوصاً في صورة التلف، وكذا العكس، وأمّا التجارة الواحدة فلو تلف بعض رأس المال فيها وربح الباقي فالأقوى الجبر، و كذا في الخسران والربح في عام واحد في وقتين سواء تقدّم الربح أو الخسران فإنّه يجبر الخسران بالربح.
فاللازم أوّلاً، الوقوف على صور المسألة وهي تدور بين جبر التالف من رأسالمال، أو الخاسر من الربح ولا يختصّ الجبر بالتالف كما كان الأمر كذلك في المسألة السابقة، فإنّ البحث هناك كان مركّزاً على جبران التالف من المالبربحالتجارة، فنقول: أمّا إجمال الصور، فهو: أنّ التلف والخسران إمّاأنيكون في نوع واحد من التجارة كتجارة الحديد، لكن في وقتين أوفي نوعينمن التجارة كتجارة القطن والأواني، أو في أمرين متغايرين أحدهماكالتجارة الداخلة تحت الاكتساب، والزراعة الداخلة تحت الانتفاع.
جبر التلف والخسران في التجارة بنوع واحدإذا كانت التجارة بنوع واحد، كالأقمشة، وقد تلف بعض رأس المال في وقت ولكن يربح في وقت آخر، أو خسر في فرد، وربح في فرد آخر، فهل يجبر التلف والخسران بالربح أو لا؟
الظاهر نعم، لأنّ وحدة نوع المبيع في طول السنة يوجب احتساب الجميع تجارة واحدة، فلا يصدق عليه أنّه رابحٌ إلاّ بعد وضع التلف أو الخسران، ولا فرق بينهما وبين الدين، فكما يوضع الدين في الربح فهكذا التلف والخسران، والحاصل أنّ الموضوع هو الاغتنام، ولا يصدق عليه إلاّ إذا زاد الربح عليهما.
نعم جبران التلف أو الخسران السابق على الربح مبني على كون مبدأ الاحتساب هو سنة الاكتساب لا سنة الربح وإلاّ فيختص الجبران بما وقع بعده، اللهمّ إلاّ إذا كانت مقدمة لتحصيل الربح فيوضع من باب مؤنة التحصيل.
جبر التلف والربح في التجارة بنوعين
إذا فرّق رأس ماله في نوعين من التجارة، كالتجارة بالحديد والتجارة بالأقمشة، فتلف بعض رأس المال في أحد النوعين، أو خسر فيه، فهل يجبر بربح النوع الآخر أو لا؟ الظاهر هو الأوّل، لما ذكرنا عند البحث عن المعادن، أنّ الموضوع هو الغنم والاستفادة والكنز والمعدن والكسب مقدّمات له، ومن المعلوم أنّه لا يصدق عليه أنّه ربح وغنم، وقد عرفت أنّ السيرة المألوفة بين العقلاء المتدينين وغيرهم ملاحظة المجموع من حيث المجموع، أضف إلى ذلك أنّ الغالب على الكسبة العاديين عدم الاكتفاء بجنس واحد، بل ربّما يكون الكاسب في قرية أو منطقة محلاً لتهيئة أغلب البضائع الحيوية من غير فرق بين المأكل والملبس والفرش.وبذلك يسهل الأمر في مسألة الزراعة و التجارة لما عرفت من مرآتية العناوين وطريقيتها وليست لها موضوعية والملاك الاغتنام والضريبة عليها.
فإن قلت: القول بالجبر، يستلزم القول به في المسألة السابقة لعدم صدق الاغتنام بعد طروء التلف والخسران في مال من أمواله الخارج عن إطار التجارة.
قلت: الظاهر وجود الفرق بين المقامين وصدق الاغتنام في التجارة أو في الاكتساب وإن تضرّر في أمر خارج عن إطارهما وهذا بخلاف ما إذا تلف أو خسر في نفس التجارة أو الاكتساب.
لو كان سهيماً في شركة خاصة وليس له فيها شغل سوى المساهمة في رأس المال ففي جبره خسران التجارة التي يباشرها بنفسه، نظر وتأمّل، لعدم الصلة بين التجارتين، فضلاً عمّا إذا كان بين النوعين منها أو بين الزراعة والتجارة، وقد قلنا مثل ذلك في المعادن ، فلاحظ.
بقي هنا شيء: وهو أنّ الماتن فرّق بين التلف والخسارة، فقال بالجبر في الثانية دون الأوّل، فما وجه ذلك؟ ولعلّ وجهه ما ذكر السيد الحكيم: إنّ المعاملاتغير مبنيّة على التلف غالباً بل مبنيّة على الخسران ولذا يكون الجبر فيه أظهر.
وبذلك يظهر وجه التفريق بين التلف والخسران فيما كان له تجارة، وزراعة فالجبر في الخسارة أولى من الجبر في التلف.
الخمس بجميع أقسامه متعلّق بالعين، ويتخيّر المالك بين دفع خمس العين أو دفع قيمته من مال آخر نقداً أو جنساً ولا يجوز له التصرّف في العين قبل أداء الخمس وإن ضمنه في ذمّته ، ولو أتلفه بعد استقراره ضمنه، و لو اتّجر به قبل إخراج الخمس كانت المعاملة فضوليّة بالنسبة إلى مقدار الخمس فإن أمضاه الحاكم الشرعيّ أخذ العوض و إلاّ رجع بالعين بمقدار الخمس إن كانت موجودة، و بقيمته إن كانت تالفة، ويتخيّر في أخذ القيمة بين الرجوع على المالك أو على الطرف المقابل الّذي أخذها و أتلفها هذا إذا كانت المعاملة بعين الربح، وأمّا إذا كانت في الذمّة و دفعها عوضاً فهي صحيحة و لكن لم تبرأ ذمّته بمقدار الخمس ويرجع الحاكم به إن كانت العين موجودة، و بقيمته إن كانت تالفة مخيـّراً حينئذ بين الرجوع على المالك أو الآخذ أيضاً. تحقيق حال هذه الفروع مبني على بيان كيفية تعلّق الخمس بالأموال، فنقول هناك احتمالات:
1. وجوب الخمس وجوب تكليفي
أن يكون التكليف بدفع خمس المال حكماً تكليفياً محضاً من دون أن يستعقب حكماً وضعياً في المقام، ويكون وجوبه كوجوب ردّالسلام.2. وجوب تكليفي يستتبع اشتغال الذمة به
أن يكون هناك حكم تكليفي بدفع الخمس مستعقب لحكم وضعي وهو اشتغال ذمّة المالك بالخمس، نظير ما إذا استدانه وصرفه، فالذمة مشغولة من دون أن تكون أمواله متعلّقةً بالحقّ.هذان الوجهان لا يساعدهما لسان الأدلّة كما سيوافيك.
وقد ردّه الشيخ في الخلاف وقال:إنّ كلّ خبر روي في وجوب الزكاة تضمّن «أنّ الإبل إذا بلغت خمساً ففيها شاة» ـ و إلى قوله: ـ «فإذا بلغت ستة وعشرين ففيها بنت مخاض» وكذلك فيما بعد.
وقالوا في البقر «إذا بلغ ثلاثين ففيها تبيع أو تبيعة» إلى أن قال: وهذه الأخبار صريحة بأنّ الفريضة تتعلّق بالأعيان لا بالذمة.(1)
يلاحظ عليه: أنّ بعض ما ذكره وإن كان صحيحاً، لكن الاستدلال بقولهعليه السَّلام : «إذا بلغ الإبل خمساً ففيها شاة» غير صحيح، بل يمكن أن يكون دليلاً على الخلاف لعدم وجود شاة بين الإبل، لأنّهما من نوعين، ولعلّه يصلح أن يقع شاهداً لبعض المحتملات من القول بالشركة في المالية .
3. تعلّق الخمس بالعين على نحو الإشاعة
هذا هو الاحتمال الثالث، واختاره أكثر المشايخ، واستدل عليه بالأُمور التالية:1. التعبير بالنصيب في بعض الروايات مثل قوله في رواية أبي بصير:«ولا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل إلينا نصيبناً».(2)
2. التعبير بأنّ لنا الخمس ممّا أخرج اللّه منها، ففي رواية مسمع بن عبد الملك فقال: «وما لنا من الأرض و ما أخرج اللّه منها إلاّ الخمس».(3)
3. التعبير عن نفس الفريضة بالخمس الظاهر في الإشاعة.
4. إضافة الخمس في عدّة من الروايات(4) إلى المال، مضافاً إلى نفس الآية.
5. التعبير بالظرفيّة، نظير «ففيه الخمس » كما في رواية زرارةوالبزنطي ومرسلة الصدوق ورواية سماعة.(5)
هذه التعابير ظاهرة في كون التعلّق بنحو الشركة والإشاعة.
وأشكل السيّد الحكيم على الاستدلال بالظرفية بقوله:إنّ الخمس وإن كان معناه الكسر المشاع، لكن جعله مظروفاً للعين يناسب جدّاً ـ بقرينة ظهور تباين الظرف والمظروف ـ أن يكون المراد به مقداراً من المال يساوي الخمس قائماً في العين نحو قيام الحقّ بموضوعه. فلا يدل على أنّ التعلّق بنحو الإشاعة بل يمكن أن يكون بوجه من الوجوه الآتية. (6)
يلاحظ عليه: أنّ موضوع تباين الظرف والمظروف إنّما يناسب بما ذكر إذا كان الكلام من قبيل الماء في الكوز والدينار في الصندوق، لا في مثل الجزء كما في المقام، فالمال الكثير ظرف اعتباري يحتوي الجزء القليل منه، وبما أنّهما من نوع واحد يكون قرينة على وجوده فيه، كوجود الكسر في المكسور.
نعم يبعّد ذلك الوجه أمران:
1. إنّ المرتكز عرفاً في الضرائب الحكومية تعلّقه بالذمّة، غاية الأمر ربّما يكون المال موضوعاً للحقّ، بحيث لو امتنع من أداء الضريبة، يحلّ للحاكم استيفاء حقّه من المال، وأمّا كون الحاكم شريكاً مع صاحب المال فممّا لا يخطر ببال العرف، والزكاة والخمس، ضرائب إسلامية، فرضت لغايات صحيحة معلومة، فإذا خوطب العرف مع ما عرفت من الارتكاز، تبادر إلى ذهنه، الشركة والإشاعة.
2. اختلاف التعبير، فقد جاء التعبير في بعض الروايات بحرف الاستعلاء مثل «على»،و أُخرى بحرف الابتداء.
أمّا الأُولى: ففي مرسلة الصدوق عن ابن أبي عمير: أنّ الخمس على خمسة أشياء. وفي رواية الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ عن العنبر وغوص اللؤلؤ فقال: «عليه الخمس».
أمّا الثانية: فعن العبد الصالح ـ عليه السَّلام ـ قال:« الخمس من خمسة أشياء».
ومرسلة أحمد بن محمد: «الخمس من خمسة أشياء».(7)
التعبير الأوّل يناسب كونه حقّاً قائماً بالعين، والثاني يناسب أكثر الاحتمالات.
4. تعلّقه بالعين على نحو الكلي في المعيّن
وهذا الوجه أحد الاحتمالات في تعلّق الخمس بالعين، وحاصل تصويره: بعد التمثيل به بقولهم: بعتك صاعاً من صبرة، هو أنّ المبيع تارة يقيّد بالمشخصات الفردية، مثل قولك: بعتك هذا الفرس، وأُخرى يكون المبيع أمراً مقيّداً بالمشخصات النوعية والصنفيّة، من دون تقيد بالفردية، وهذا كالمثال السابق، فالمبيع هو صاع من هذه الصبرة، لا من صبرة أُخرى، فالخصوصية النوعية والصنفية ملحوظتان ولو قبل المشتري صاعاً من صبرة أُخرى، فقد رضي بشيء مغاير عوضاً عن المبيع، ولكنّها تشمل على أُصوع متوفرة، فالخصوصية الفردية ملغاة، فأيّ فرد دفعه إلى المشتري فقد دفع المبيع الواقعي. والحاصل إذا كانت العناية متوجهة إلى جنس الشيء ونوعه وصنفه، دون خصوصية الفرد، فهو من قبيل الكلي في المعين، سواء وقع مورد البيع، أو صار متعلّقاً للحقّ كما في المقام.فالواجب على المالك، دفع خمس ما من الأخماس، من غير فرق بين هذا الفرد وذاك، ويجوز له التصرف فيه مادام الحقّ باقياً فيه حتى بعد انتهاء السنة، وهذا بخلاف ما إذا قلنا بالشركة والإشاعة فليس له التصرّف فيه.
وهذا وجه لا دليل على تعيّنه ـ مضافاً إلى كونه خلاف الارتكاز العرفي في مورد الضريبة إذ لا يرى الحاكم شريكاً مع المالك و لو بهذا النحو ـ و ما دلّ على أنّ الأئمّة جعلوا شيعتهم في حلّ لتطيب ولادتهم يوافق كلا القولين، من غير فرق بين هذا القول وغيره. (8)
5. تعلّقه بالعين نحو تعلّق الحقّ بها
هناك احتمال خامس وهو أن يكون تعلّق الخمس بالعين من قبيل تعلّق الحق بالعين، وهذا الوجه يتصور على أنحاء:ألف. أن يكون الخمس في ذمّة المالك لكن العين كالرهن فهي متعلّقة لحقوقهم بشخصها، فكما أنّه لا يجوز للراهن التصرّف في العين المرهونة إلاّ بعد فك الرهن فهكذا لا يجوز التصرّف إلاّ بعد أدائه. فتكون التصرّفات الناقلة فضولية قبل الأداء، ويتّحد هذا الوجه، مع الوجهين السابقين: الإشاعة والكلي في المعيّن في النتيجة وهو كون العقد فضولياً، ولو أجاز الحاكم ينتقل الخمس إلى الذمة لا إلى البدل.
ب. أن يكون الحقّ قائماً بشخص العين دون ذمّة المالك، فسواء بقي المالك أو مات، بقي في ملكه أو انتقل، فالحقّ قائم بالعين الشخصية فقط، والفرق بين هذا و ما تقدّم، هو الإذن في التصرّف يوجب انتقال الحقّ إلى الذمّة بخلاف المقام فالحقّ قائم بالعين ولو باعه، فالعين متعلّق للحقّ، وهذا هو الرائج في الضرائب المضروبة على الأبنية والبقاع حيث يأخذ الحاكم حقّه عمّن كان البناء بيده وإن كان حين التعلّق ملكاً لغيره.
نظيره حقّ غرماء الميت في التركة، فهي متعلّقة حقوقهم، وليس للشخص فيه دور، أمّا الميّت فقد هلك،وأمّا الورثة فهم كالغرماء مجتمعون حول هذه التركة يطلبون حقوقهم وليسوا ضامنين لحقوق الغرماء.
وإن كان هناك فرق بين الموردين، حيث إنّه لو تلف شيء من التركة، فلا تتوجّه الخسارة إلى الغرماء بل يستنقذون حقوقهم ممّا بقي منها إذا كانت وافية لها، بخلاف المقام حيث إنّ الخسارة تتوجه على المالك وأصحاب الخمس بالنسبة كما لا يخفى.
ج. تلك الصورة ولكن الحقّ قائم بمالية العين لا بشخصه، وهذا نظير إرث الزوجة من أعيان الدار الموروثة فليست شريكة للورثة فيها، ولكنّها متعلّقة لحقها بماليتها فلو باعها الورثة ينتقل حقّها إلى بدلها .
وإن شئت قلت: المتعلّق هو العين بماليتها القائمة بالعين أو البدل أو بماليتها السيّالة، وعلى ذلك تجوز المعاملة عليها مالم ينته إلى إعدام الموضوع كالهبة والإتلاف.
ولعلّ هذا الوجه هو الأقرب إلى الأذهان، وهي خالية عن الإشكالات المتوجهة إلى سائر الأقوال خصوصاً القول بالإشاعة أو الكلي في المعيّن.
إذا عرفت ما ذكرنا فلنرجع إلى الفروع المذكورة في المسألة فنقول هناك فروع:
الأوّل: يتخير المالك بين دفع خمس العين أو دفع قيمته من مال آخر نقداً أو جنساً.
أقول: تكلّم الأصحاب حول المسألة في كتاب الزكاة بصورة مبسطة، ولكن اقتصروا القول في المقام، ولعلّه لعطف أحدهما على الآخر . قال الشيخ الأنصاري ـ بعد اختيار تعلّق الخمس بالعين ـ : لكن الظاهر عدم وجوب أن يخرج من كلّ عين خمسها، لصدق إخراج خمس الفائدة، بل الظاهر أنّ الحكم كذلك في الكنز و الغوص والمعدن إذا اشتملت على أجناس مختلفة، وهل يجوز دفع النقد في هذه الأشياء؟ الظاهر ذلك، كما صرّح به بعض، بل يظهر من حاشية المدقق الخوانساري في مسألة وجوب بسط نصف الخمس على الأصناف أنّ جواز أداء القيمة مذهب الأصحاب ـ إلى أن قال: ـ فالظاهر من الروايات منضمة إلى ملاحظة سيرة الناس هو جواز التصرّف في الأعيان الخمسيّة مع ضمان الجنس.(9)
ويدل على ذلك الأُمور التالية:
1. إنّ المشهور في مورد الزكاة هو جواز الدفع من القيمة، قال المصنف في باب الزكاة: بل يجوز للمالك أن يخرج من غير جنس الفريضة بالقيمة السوقية من النقدين أو غيرهما، وإن كان الإخراج من العين أفضل.(10)
والظاهر اتّفاق حكمهم في الغلاّت والنقدين، ولو كان هناك خلاف فإنّما هو في الأنعام، ففي صحيح محمد بن خالد البرقي، قال: «كتبت إلى أبي جعفر الثاني ـ عليه السَّلام ـ : هل يجوز أن أخرج عمّا يجب في الحرث من الحنطة والشعير، وما يجب في الذهب، دراهم بقيمة ما يسوي، أم لا يجوز إلاّ أن يخرج من كلّ شيء ما فيه؟ فأجاب ـ عليه السَّلام ـ : «أيّما تيسّر يخرج».(11) وإذا جاز في الزكاة جاز في الخمس لأنّهما ضريبتان يستفيد من كل، طائفة خاصة.
2. ما ورد في زكاة الفطرة من أولوية دفع القيمة، فعن إسحاق بن عمّار الصيرفي قال: قلت لأبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ : جعلت فداك ما تقول في الفطرة يجوز أن أُؤدّيها فضة بقيمة هذه الأشياء التي سميّتها؟ قال: «نعم، إنّ ذلك أنفع له، يشتري ما يريد».(12)
والتعليل وإن جاء في مورد زكاة الفطرة لكن العرف يساعد على إلغاء الخصوصية في كلّ ضريبة على النفس والنفيس لأجل مصالح الفقراء فلا يرد على الاستدلال أنّه من باب القياس.
3. السيرة المستمرة بين الشيعة خصوصاً في عصر الجوادين، أو العسكريين حيث كانوا يرسلون النقود إليهم لا نفس الأعيان وذلك واضح لمن قرأ تاريخ حياتهم.
عدّة من الروايات في باب الخمس
ألف. صحيحة الريّان بن الصلت قال: كتبت إلى أبي محمد ـ عليه السَّلام ـ ما الذي يجب عليّ يا مولاي في غلّة رحى أرض في قطيعة لي، وفي ثمن سمك وبُرديّ وقصب ، أبيعه من أجمة هذه القطيعة؟ فكتب:« يجب عليك فيه الخمس إن شاء اللّه».(13) وقد تلقّى الراوي كفاية دفع الثمن في الموارد الثلاثة وإنّما سأل الإمام عن مقداره فأجاب بتعيين المقدار وقال: «الخمس».ب. خبر أبي بصير : في الرجل يكون في داره البستان فيه الفاكهة يأكله العيال إنّما يبيع منه الشيء بمائة درهم أو خمسين درهماً هل عليه الخمس؟ فكتب:« أمّا ما أكل فلا وأمّا البيع فنعم هو كسائر الضياع».(14)
ج. ما ورد فيمن وجد ركازاً فباعه بثلاثمائة درهم ومائة شاة متبع. فحكم الإمام علي ـ عليه السَّلام ـ بوجوب أداء خمس ما أخذ وأنّ الخمس عليه، لأنّه الذي وجد الركاز.(15)
وقد أورد السيد الحكيم على الاستدلال بالروايات بوجهين:
الأوّل : إنّ مفادها جواز إيقاع المعاملة على المال الذي فيه الخمس فينتقل إلى الثمن، ولا تدل على جواز دفع القيمة إلاّ أن تكون نوعاً من المعاوضة ولا يخلو من تأمّل. (16)
يلاحظ عليه: بأنّ العرف يلغي الخصوصية، فإذا جاز البيع من الغير لغاية التبديل، فلماذا لا يجوز التبديل بلا بيع، فإنّ التفريق بين بيعه من الغير، أو حفظه لنفسه وأداء الخمس من ماله الآخر لا يساعده الذوق الفقهي.
الثاني: إنّ هذه الروايات ليست في مقام البيان، فالقدر المتيقن هو جواز التبديل أثناء السنة، لا بعد انتهائها الذي هو محلّ البحث اللّهمّ إلاّ أن يتعدّى إليه باستصحاب الولاية الثابتة في أثناء الحول.
يلاحظ عليه: بأنّ ما ذكره على فرض صحته إنّما يتمّ في الحديثين الأوّلين حيث إنّ موردهما الأرباح، دون حديث الركاز فانّ الخمس يجب فيه بعد الاستخراج، فقد عرفت أنّ الإمام فرض على بائعه أداء خمس قيمة الركاز ولا يعتبر في تعلّق الخمس به، مرور السنة.
وأمّا الدفع من الجنس فيجوز إذا كان منه أمراً ميسراً لأصحاب السادة أخذاً بالغرض من إيجاب الخمس دون ما إذا لم يكن كذلك بل يتعين عندئذ تبديله كما إذا كانت مهنته انتاج الدواء أو المواد الكيماوية المخطورة، فانّ دفع العين ليس لصالح أصحاب الخمس .
نعم لو استلزم التبديل صرف شيء منه في طريقه، فالظاهر أنّه على عهدة المالك فإنّه مقدمة للقيام بالواجب.
وأمّا الأداء بجنس آخر، فيجوز لما عرفت من تعلّقه بالمالية القائمة بالعين، فإذا كان الجنس الآخر، مساوياً معه فيها، فالأداء به، أداء لخمس المالية.
الفرع الثاني
ولا يجوز له التصرّف في العين قبل أداء الخمس وإن ضمنه في ذمّته.
ما ذكره مبني على الأقوال الأربعة: الإشاعة، والكلي في المعين، وكون العين كالرهن، والمالية القائمة بالعين الشخصيّة وأمّا على القول بأنّ العين متعلّق بالخمس بماليته فيجوز التبديل فيتعلّق ببدله.
ثمّ على الآراء الأربعة، هل يجوز التصرف إذا ضمنه وجعل في ذمّته مطلقاً، أو بشرط الملاءة، أو الاطمئنان من نفسه بالأداء؟ الظاهر لا، لعدم الدليل على صحّة ضمانه بوجه من الوجوه:
هذا على حسب القاعدة، وأمّا حسب النصوص فمقتضى الروايات الثلاث السابقة جوازالتصرف، ولكن مقتضى بعضها عدمه، نظير:
1. خبر أبي بصير : «كلّ شيء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّداً رسول اللّه، فإنّ لنا خمسه، ولا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل إليناحقّنا».(17)
2. مرسل العياشي عن إسحاق بن عمّار، قال: سمعت أبا عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ يقول:«لا يعذر عبد اشترى من الخمس شيئاً أن يقول يا ربّ اشتريته بمالي حتى يأذن له أهل الخمس».(18)
وقد ذُكر في الجمع بين الطائفتين وجوه:
1. حمل الطائفة الأُولى على ما إذا تصرّف مع نيّة الأداء بمال آخر، على خلاف الطائفة الثانية حيث تحمل على ما إذا تصرّف بلا نيّة الأداء.
2. حمل الأُولى على صورة الأداء، والثانية على صورة عدمه.
3. حمل الأُولى على صورة الانضاض للتمكن من أداء الخمس، والثانية على صورة استمرار التجارة لأداء الخمس.
ولعلّ الأولى هو الجمع الأوّل، وهو أنّ التصرّف في الأوّل لا ينتهي إلى حرمان أهل الخمس بل يؤدي بعد فترة، بخلاف الثانية فانّه سينتهي إليه، والشاهد هو قوله في رواية إسحاق بن عمّار«لا يعذر عبد اشترى من الخمس شيئاً أن يقول يا ربّ اشتريته بمالي حتى يأذن له أهل الخمس»، حيث يدل على أنّ البائع لم يكن بصدد أداء الخمس، والمشتري أيضاً كان يعتذر بأنّه اشترى بماله.
والذي يقرب ذلك أنّ القدر المتيقن من مورد هذه الروايات هو الغنائم التي كانت تقسم بين السلطة والمجاهدين ، من دون دفع أي سهم لأصحاب الخمس حيث إنّ الخلفاء أسقطوا سهم ذوي القربى من الغنائم ، كما هو مقرر في محلّه .
الفرع الثالث:
ولو أتلفه بعد استقراره ضمنه سواء صرفه في مؤنته، أووهبه، وجه الضمان أنّه أتلف ما ليس له.
الفرع الرابع:
ولو اتّجر به قبل إخراج الخمس، كانت المعاملة فضولية بالنسبة إلى مقدار الخمس، فإن أمضاها الحاكم أخذ العوض ورجع بالعين بمقدار الخمس إن كانت موجودة، وبقيمتها إن كانت تالفة، ويتخيّر في أخذ القيمة بين الرجوع على المالك أو الطرف المقابل الذي أخذها وأتلفها.
أقول: قوله:«فإن أمضاها الحاكم الشرعي أخذ العوض» إنّما يتم على غير القول بأنّ التعلّق أشبه بكون العين رهناً، إذ عليه ينتقل الحقّ إلى الذمة، لعدم وجود الشركة بين المالك وأصحاب الخمس، غاية الأمر كان ممنوع البيع، فإذا رضى به يملك العوض من كان يملك المبيع.
وأمّا على المختار فليست المعاملة فضولية مطلقاً، غاية الأمر ينتقل الحقّ إلى البدل.
الفرع الخامس:
ويتخير في أخذ القيمة بين رجوعه على المالك أو الطرف المقابل الذي أخذها وأتلفها.
ولا يبعد تعين الرجوع إلى البائع لكون استناد التلف إليه أقوى من استناده إلى المشتري خصوصاً إذا كان جاهلاً.
يجوز له أن يتصرّف في بعض الربح مادام مقدار الخمس منه باق في يده مع قصده إخراجه من البقيّة، إذ شركة أرباب الخمس مع المالك إنّما هي على وجه الكلّي في المعيّن كما أنّ الأمر في الزكاة أيضاً كذلك، وقد مرّ في بابها.
إذا حصل الربح في ابتداء السنة أو في أثنائها فلا مانع من التصرّف فيه بالاتّجار، و إن حصل منه ربح لا يكون ما يقابل خمس الربح الأوّل منه لأرباب الخمس بخلاف ما إذا اتّجر به بعد تمام الحول فإنّه إن حصل ربح كان ما يقابل الخمس من الربح لأربابه مضافاً إلى أصل الخمس فيخرجهما أوّلاً، ثمّ يخرج خمس بقيّته إن زادت على مؤنة السنة.
وحصيلة الكلام أنّه يترتب على المختار أُمور:
1. يجوز التصرّف في المبيع بعد انتهاء السنة مالم ينجرّ الأمر إلى إعدام المالية.
2. إنّ المعاملات الواقعة على الأعيان ليست فضولية محتاجة إلى إذن الحاكم إذا كانت المالية محفوظة.
3. عدم وجوب العزل، أو المصالحة مع الحاكم، أو دفعه إليه ثمّ الاستقراض منه على ما هو الرائج في هذه الأزمنة، بل أصحاب الخمس شركاء المالك في المالية السيّالة لا المالية القائمة بخصوص العين، ويجب على المالك تكليفاً الخروج عن عهدة التكليف ولا يجوز التأخير المنجرّ إلى التسويف. واللّه العالم.
سنوية يُخرج مرّة واحدة في السنة كما يدل عليه قوله ـ عليه السَّلام ـ :«فأمّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كلّ عام، قال اللّه تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ...) والغنائم والفوائد يرحمك اللّه فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها».(19)
وعلى ذلك فيلاحظ مجموع الفوائد والعوائد سواء كانت متدرجة أو غير متدرجة، دفعة واحدة، فيخرج في كلّ عام مرّة واحدة، ونتيجته عدم كون كلّ ربح موضوعاً مستقلاً، بل المجموع ربح واحد يتعلّق به الخمس بعد المؤنة في كلّ سنة مرّة واحدة.
وأمّا إذا قلنا بأنّ كلّ ربح موضوع مستقل فلازمه أنّه لو اتّجر وربح ثانياً وثالثاً قبل انتهاء السنة بحيث حصل من الأصل والربح ربح آخر، أن يختص الربح المستند إلى خمس الربح الأوّل بأرباب الخمس.
مثلاً لو اتّجر وربح ستمائة وكانت المؤنة بين الربحين مائة فاتّجر بخمسمائة، التي خُمسها لأربابه وربح مثله، فعلى القول بملاحظة المجموع أمراً واحداً يكون مقدار الخمس الواجب مائتين، وأمّا إذا لوحظ كلّ ربح على وجه الاستقلال فخمس الربح الأوّل عبارة عن مائة، فإذا اتّجر بخمسمائة فقد اتّجر بشيء خمسه مال لأصحاب الخمس، ولو ربح بخمسمائة، فنماء المائة(وهو أيضاً مائة) لهم، فيبلغ سهمهم من خمس الربح الأوّل ونمائه إلى مائتين، وإذا اضيف إليه خمس الأربعمائة وهو ثمانون، يكون سهمهم عندئذ مائتين وثمانين وإلى ذلك أشار صاحب الجواهر ناقلاً عن بعضهم ـ ولم يُسمّه ـ:بل قد يقال، إنّ المتّجه وجوب خمس تلك الزيادة وإن لم يكن قد أخرج الخمس مثلاً انتظاراً به تمام الحول ـ إلى أن قال: ـ فلو ربح ستمائة وكانت مؤنته مائة وقد أخذها فاتّجر بالباقي مثلاً من غير فصل معتدّ به فربح خمسمائة كان تمام الخمس مائتين وثمانين، مائة من الربح الأوّل ويتبعها نماؤها من الربح الثاني وهو مائة فيكون الباقي من الربح الثاني أربعمائة وخمسها ثمانون فيكون المجموع مائتين وثمانين.(20)
يلاحظ عليه: أنّه مبني على احتساب كلّ ربح على حدة وكونه بنفسه موضوع الحكم، وكان الاتّجار به من قبيل المضاربة ،لكن الملحوظ عدم احتساب كلّ ربح بنفسه موضوعاً للحكم، بل يلحظ الجميع بالنسبة إلى رأس المال كربح واحد ويرد على الاحتمال الثاني أمران:
1. يستلزم الحرج، ولا يرتفع إلاّ باستخدام محاسب ليس له شغل إلاّ محاسبة الأرباح.
2. إنّ المراد من المؤنة المستثناة هي مؤنة السنة فلحاظ المؤنة، بصورة أمر واحد، دليل على لحاظ جميع ما يستفاد ممّا فضل من المؤنة أمراً واحداً.
قال الشيخ الأنصاري :إنّ وحدة المؤنة الموضوعة من التجارة والصناعة مع حصول الأرباح المتدرجة، تدل على أنّ المستثنى من الجميع مؤنة واحدة ولا يكون إلاّ بأن يكون لها سنة واحدة.(21)
وهنا وجه ثالث يستفاد من كلام المحقّق الخوئي وهو أنّ المؤنة المستثناة ليس هو المقدّر، بل ما يصرف خارجاً، قال: دلّت على أنّ الخمس إنّما يجب في الربح بعد استثناء ما صرفه من مؤنة سنته من مجموع الأرباح لا من بعضها ليجب دفع تمام البعض الآخر خمساً باعتبار كونه ربح الربح.(22)
ولا يخفى أنّ ما أفاده هو المفتى به قولاً وعملاً، لكنّه مخالف لما اختاروه من القول بالإشاعة، والكلي في المعيّن، فانّ لازم هذا القول كون الاتّجار أثناء السنة ليس للمالك أن ينقل الخمس إلى ذمّته ثمّ التصرّف فيه كما أشرنا إليه، نعم يجوز له ذلك بالمصالحة مع الحاكم، وحينئذ فيجوز له التصرّف فيه، ولا حصّة له من الربح إذا اتّجر به، و لو فرض تجدّد مؤن له في أثناء الحول على وجه لا يقوم بها الربح انكشف فساد الصلح.
كالاتّجار بالربح غير المخمّس بعد انتهاء الحول، اللّهمّ إلاّ أن يقال بعدم تعلّقه إلاّ بعد مضيّ الحول، وهو كما ترى، وبالجملة عدم صحّة النتيجة دليل على عدم صحّة المبنى.
نعم لو قلنا بأنّ تعلّق الخمس على العين من قبيل تعلّق الحقوق عليها أو كون الاشتراك في المالية السيالة لا المالية القائمة بالعين فقط كان لما ذكر وجه، وعدم تمامية النتيجة دليل على عدم صحّة المبنى، أي: مالكية أصحاب الخمس جزء من المال سواء كانت بنحو الإشاعة، أو الكلي في المعيّن، أو المالية القائمة بالعين، ممّا يوجب تبعيّة ربح الخمس له، ولعلّ الاتفاق والسيرة في هذه المسألة كاشف عن بطلان هذه الفروض.
وبما أنّ مورد المسألة هو التصرّف بعد تمام السنة يظهر عدم صلة ذيل المسألة بموضوعها، أعني قوله: «ولو فرض تجدّد مؤن له في أثناء الحول على وجه لا يقوم بها الربح انكشف فساد الصلح» وذلك لأنّ البحث في الصلح بعد السنة وبعد الفراغ عن المؤنة، وعندئذ فلا معنى لتجدّد المؤن. وإن كان البحث عن التصالح في أثناء السنة فهو أمر غير محتاج إليه، لجواز التأخير إلى آخر السنة، وجواز التصرّف في الأصل والربح، وعدم تعلّق الخمس على خمس الربح، إلى غير ذلك من الأحكام التي قدّمها في الفرع السابق.
وعلى ذلك فلو رفض الإرفاق وقدم الخمس بعد تقدير المؤنة بما يظن فبان عدم كفاية المقدَّر لها، فحكم الماتن بجواز الرجوع مع بقاء عينه لامع تلفها في يده إلاّ إذا كان عالماً بالحال، وسنشرح المراد من العلم بالحال.
وظاهر «الجواهر» عدم جواز الرجوع مطلقاً، قال في شرح قول المحقّق الحلي: «ولكن يؤخر ما يجب في أرباح التجارات احتياطاً للمكتسب»: و المنع له من الرجوع مع تلف العين وعدم علم المستحق لأنّه هو الذي سلّط عليه باختياره، بل و مع العلم أيضاً وبقاء العين في وجه قوي كما استوجهه المسالك، فضلاً عن أحدهما، لاحتمال كون المعتبر عند إرادة التعجيل تخمين المؤنة وظنّها وإن لم يصادف الواقع.(23)
و الخمس يتعلّق بما عدا المؤنة المظنونة، فإذا أخرج ماعداها ودفعه إلى صاحبه فقد أدّى الخمس الواقعي.
ولكنّ الحقّ خلافه، لأنّ الخمس بعد ظهور الربح يتعلّق بما عدا المؤنة الواقعية لا بما عدا المؤنة المظنونة، والظنّ في المقام إنّما أخذ طريقاً إلى الواقع وليست له موضوعية حتى يكون الحكم دائراً مدار الظن وافق الواقع أم خالفه، وعلى ذلك فيكون ما دفعه إلى أصحاب الخمس كلّه أو بعضه ملكاً شخصياً له سلّطهم عليه جهلاً بالواقع ويرجع في مثله إلى قواعد الضمان، فلو كان باقياً فهو أولى بملكه من الغير، وتسليط الغير عليه لا يخرجه عن ملكه إذا كان دافعاً بعنوان استحقاق الغير له، مع عدم كونه مستحقاً له وإن كان تالفاً والآخذ جاهلاً لا يكون ضامناً لضابطة «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده» وملاكه تسليط الغير على ملك بعنوان أنّه له ويجوز فيه التصرف بلا عوض وإن كان الآخذ عالماً بالحال بمعنى أنّ المدفوع خمس وأنّ المؤنة أخرجت تخميناً لا تحقيقاً وأنّه يمكن زيادة المؤنة على المقدار المظنون فالحقّ ضمانه لأنّ رضا الدافع بالتصرّف فيه على أساس أنّه يجب دفعه إلى مستحقه، والآخذ بما أنّه يحتمل استحقاقه له وعدم استحقاقه فلا يصحّ له الإتلاف إلاّ على وجه الضمان.
اللّهمّ إلاّ أن يقال: إنّ تسليط الدافع للغير على ماله قبل انتهاء السنة مع احتمال أنّ المؤنة يمكن أن تكون زائدة على ما ظن، يوجب جعل ماله معرضاً للإتلاف ويكون هو الهاتك لحرمة ماله فنسبة الإتلاف هنا إلى السبب أقوى من نسبته إلى المباشر، فالقول بعدم الضمان في صورة العلم بالحال أقوى فتأمّل.
المصادر :
1- الخلاف:2/30، كتاب الزكاة، المسألة 29.
2- الوسائل: الجزء 6، الباب 3 من أبواب الأنفال، الحديث 9 ولاحظ الحديث 20; من الباب 4 من الأنفال.
3- الوسائل: الجزء 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، الحديث 12.
4- الوسائل: الجزء 6 ، الباب 10 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 1، 2، 3، 4.
5- الوسائل: الباب 3 ، الحديث 3; والباب 5 ، الحديث 2; والباب 7، الحديث 2; والباب 8، الحديث 6 من أبواب ما يجب فيه الخمس.
6- المستمسك:9/559.
7- الوسائل: الجزء 6، الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 4و9 وغيرهما.
8- الوسائل: الجزء 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، الحديث9 وغيره.
9- الخمس: 278ـ 279، المسألة 25.
10- العروة الوثقى ، فصل «زكاة الأنعام الثلاثة»، المسألة 5.
11- الوسائل: الجزء 6، الباب 14 من أبواب زكاة الذهب و الفضة، الحديث 1.
12- الوسائل: الجزء 6، الباب 9 من أبواب الفطرة، الحديث 6.
13- الوسائل:الجزء 6، الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 9 .
14- الوسائل: الجزء 6، الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 10.
15- الوسائل: الجزء 6،الباب 6 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 1.
16- المستمسك: 9/554.
17- الوسائل: الجزء 6، الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 5.
18- الوسائل: الجزء 6، الباب 3 من أبواب الأنفال، الحديث 10.
19- الوسائل: الجزء 6، الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث 5.
20- الجواهر:16/55.
21- كتاب الخمس: 218.
22- مستند العروة الوثقى : 293، كتاب الخمس.
23- الجواهر:16/80.