منزلة الإمام الحسن عليه السلام عند مخالفيه

ان ما سمعته الأمة ورأته من أقوال ومواقف النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) تجاه الامام الحسن (عليه السلام).. و علم الجميع بنزول العديد من الآيات القرآنية، التي تعرب عن فضله، وتشيد بكريم خصاله، وتؤكد على ما يؤهله الله له من دورٍ قيادي في مستقبل الأمة..
Monday, August 22, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
منزلة الإمام الحسن عليه السلام عند مخالفيه
 منزلة الإمام الحسن عليه السلام عند مخالفيه

 





 

ان ما سمعته الأمة ورأته من أقوال ومواقف النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) تجاه الامام الحسن (عليه السلام).. و علم الجميع بنزول العديد من الآيات القرآنية، التي تعرب عن فضله، وتشيد بكريم خصاله، وتؤكد على ما يؤهله الله له من دورٍ قيادي في مستقبل الأمة..
ـ إن كل ذلك وسواه ـ قد جعل موقفه (عليه السلام) في قبال معاوية والأمويين، أكثر قوة، وأعظم أثراً، حيث لم يكن ثمة شبهات يستطيع خصومه التشبث بها لتضعيف مركزه، وزعزعة سلطانه، كما أنه لم يواجه ما يشبه قضية التحكيم، التي فُرِضَت على أمير المؤمنين (عليه السلام) من قبل..
نعم.. هو ابن لذلك الذي وَتَرَ قريشاً، وقتل صناديدها، الذين أرادوا أن يطفئوا نور الله سبحانه، بكل ما يملكون من حيلة ووسيلة.
ولعل مدى ضعف حجة معاوية في مقابل الإمام الحسن (عليه السلام)، يتجلى أكثر، بالمراجعة إلى أقوال معاوية نفسه، وذلك حينما لا يجد حجة يحتج بها لتصديه لهذا الأمر، سوى أنه أطول من الإمام الحسن (عليه السلام) ولاية، وأقدم تجربة، وأكثر سياسة، وأكبر سناً (1).
قال بعض الباحثين: «وهكذا.. صارت مقاييس الخلافة كمقاييس الأزياء، أو الكمال الجسماني: أطول، وأكبر، وأقدم، وأكثر» (2).
إلا أن جيش الإمام الحسن (عليه السلام)، وكذلك الظروف الخاصة التي مرت بها الأمة، والعراق خاصة، والنواحي العقيدية والاجتماعية، وغير ذلك ـ كل ذلك وسواه ـ هو الذي أضعف من موقف الإمام الحسن (عليه السلام)، وقوى من شوكة معاوي، وإن كان العامل الزمني قد كان ـ على ما يبدو ـ لصالح الإمام الحسن (عليه السلام) على المدى الطويل. ولا سيما بعد وجود بعض التحول في المجتمع العراقي تجاه أهل البيت، بعد جهود أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا المجال..
وقد شرحنا بعض ما يرتبط المجتمع العراقي في بحث لنا آخر حول الخوارج، وفيما تقدم بعض ما يمكن أن يفيد في ذلك. وليس هذا موضع بحثنا الآن، لأنه يرتبط بظروف صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية.. كما هو معلوم..
هل كان الإمام الحسن (عليه السلام) عثمانياً؟!
ويحاول البعض أن يدعي: أن الإمام الحسن (عليه السلام) «كان عثمانياً بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة»، قال: «وربما غلا في عثمانيته، حتى قال لأبيه ذات يوم ما لا يحب، فقد روى الرواة: أن علياً مر بابنه الحسن ن وهو يتوضأ، فقال له: أسبغ الوضوء يا حسن، فأجابه الحسن بهذه الكلمة المرة: «لقد قتلتم بالأمس رجلاً كان يسبغ الوضوء»، فلم يزد على أن قال: لقد أطال الله حزنك على عثمان». وفي نص آخر للبلاذري: «لقد قتلت رجلاً كان يسبغ والوضوء» (3).
وبالنسبة لدفاعه عن قضية أهل البيت (عليهم السلام)، وحقهم بالخلافة، دون كل من عداهم، فإننا لا نستطيع استقصاء جميع مواقفه وأقواله فعلاً، ولكننا نذكر نموذجاً منها:
1 ـ عن الحسن (عليه السلام): «إن أبا بكر وعمر عمدا إلى هذا الأمر، وهو لنا كله، فأخذاه دوننا، وجعلا لنا فيه سهماً كَسَهم الجدة، أما والله، لتهمنهما أنفسهما، يوم يطلب الناس فيه شفاعتنا» (4).
قال التستري: «والظاهر: أن المراد بقوله (عليه السلام): كسهم الجدة: أنهما جعلا لهم من الخلافة، وباقي حقوقهم، مجرد طعمة، كالجدة مع الوالدين» (5).
2 ـ وعنه (عليه السلام) في خطبة له: «ولولا محمد (صلى الله عليه وآله)، وأوصياؤه، كنتم حيارى، لا تعرفون فرضاً من الفرائض الخ..» قال هذا بعد أن عدد الفرائض، وكان منها الولاية لأهل البيت (عليهم السلام) (6).
3 ـ وتقدم قوله (عليه السلام) في خطبة له بعد بيعة الناس له: «فإن طاعتنا مفروضة، إذ كانت بطاعة الله عز وجل ورسوله مقرونة، قال الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا، أطيعوا الله، وأطيعوا الرسول، وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) الخ... (7).
4 ـ وقال الأربلي: عن معاوية: «وكان بينه وبين الحسن مكاتبات، واحتج عليه الحسن، في استحقاقه الأمر، وتوثب من تقدم على أبيه، وابتزازه سلطان ابن عمه رسول الله (صلى الله عليه وآله)...» (8).
وقد كتب (عليه السلام) لمعاوية، بعد ذكره، مجاهدة قريش لهم، بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، مايلي:
«وقد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا، في حقنا، وسلطان نبينا (صلى الله عليه وآله).. إلى أن قال: فأمسكنا عن منازعتهم، مخافة على الدين: أن يجد المنافقون والأحزاب بذلك مغمزاً يثلمونه به. إلى أن قال: وبعد، فإن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، لما نزل به الموت ولاَّني الأمر بعده» (9).
5 ـ وحسبنا أن نذكر هنا: أن أباه أرسله إلى الكوفة، فعزل أبا موسى الأشعري، الذي كان يثبط الناس عن أمير المؤمنين (عليه السلام). وجاء إلى أبيه بعشرة آلاف مقاتل. وجرت في هذه القضية حوادث مثيرة وهامة، عبر فيها الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام عن فنائه المطلق في قضية أبيه، التي هي قضية الإسلام والإيمان، والتي نذر نفسه للدفاع عنها، مهما كلفه ذلك من تضحيات (10).
6 ـ ثم هناك موقفه (عليه السلام) في تفنيد ما احتج به المعترضون على قضية التحكيم، حيث أورد بهذه المناسبة احتجاجات هامة، جديرة بالبحث والدراسة، وهي تدل على بعد نظره، وثاقب فكره، وعمق وعيه لكل الأمور والقضايا.. فلتراجع في مصادرها (11).
7 ـ وعنه (عليه السلام): نحن أولى الناس بالناس، في كتاب الله، وعلى لسان نبيه (12).
8 ـ وقال (عليه السلام) في خطبة له: «إن علياً باب من دخله كان مؤمناً، ومن خرج عنه كان كافراً» (13).
9 ـ وفي موقف له من حبيب بن مسلمة، قال له: «رُب مسير لك في غير طاعة الله، فقال له حبيب: أما مسيري إلى أبيك فليس من ذلك، قال: بلى والله، ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة زائلة، فلئن قام بك في دنياك لقد قعد بك في آخرتك، ولو كنت إذ فعلت شراً، قلت خيراً الخ..» (14).
10 ـ ولتراجع خطبة الإمام الحسن (عليه السلام)، التي يُكَّذِب فيها: أن يكون يرى معاوية أهلاً للخلافة. وقد تقدمت إشارة إلى ذلك مع مصادره، حين الكلام تحت عنوان: «الأئمة في مواجهة الخطة» فلا نعيد.
وحسبنا ما ذكرناه هنا، فإننا لم لم نقصد إلا إلى ذكر نماذج من ذلك، ومن أراد المزيد فعليه بمراجعة كتب الحديث والتاريخ.
إن تطهير الله سبحانه وتعالى للإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه، وكلمات النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) في حقه، ثم ما عرف عنه (عليه السلام) من أخلاق فاضلة، وسجايا كريمة.. ليكذب كل ما ينسب إليه صلوات الله وسلامه عليه من أمور وكلمات؛ مثل قوله: أمرتك، ونحو ذلك تتنافى مع أبسط قواعد الأدب الإسلامي الرفيع، والخلق الإنساني الفاضل، ولا سيما مع أبيه الذي يعرف هو قبل كل أحد قول النبي (صلى الله عليه وآله) فيه: أنه مع الحق، والحق معه، يدور معه حيث دار (15).
فكيف إذا كان ذلك الذي ينسب إليه مما يأباه حتى الرعاع من الناس، فضلاً عن خامس أصحاب الكساء، وأشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) خلقاً وخُلُقاً وهدياً، وسلوكاً، ومنطقاً.
وبعد.. فهل يعقل أن يكون الإمام الحسن (عليه السلام)، الذي عاش في كنفي جده النبي (صلى الله عليه وآله)، وأبيه علي.. الإمام الحسن، الذي كان بحراً من العلم لا ينزف، وقد أجاب منذ طفولته على الأسئلة التي أحالها إليه جده، ثم أبوه بعد ذلك، كما تقدم، هل يعقل: أنه لم يكن يحسن الوضوء؟!
إنه إذا كان (عليه السلام) عثمانياً بالمعنى الدقيق للكلمة ـ كما يزعمه طه حسين فإنَّ معنى ذلك: هو أنه يبارك جميع تصرفات عثمان، وأعماله التي تخالف كتاب الله وسنة نبيه (16).
ألم يكن الإمام الحسن يرى إباء أبيه للبيعة، وقوله لهم: دعوني والتمسوا غيري، ثم إصراره الشديد على ذلك؟!.
ألم يكن يرى انثيال الناس عليه للبيعة كعرف الضبع حتى لقد وطيء الحسنان، وشق عطفاه؟.
ألم يكن يرى سرور الناس ببيعته حتى الأطفال والشيوخ؟.
كما أن رجالات الإسلام يصرون عليه بالبيعة، وفي مقدمتهم طلحة والزبير بالذات ن وكلمات الناس آنئذٍ خير شاهد على ما نقول..
ألم يكن يرى: أن العدو الأموي الغاشم يترصد الفرصة لينقض على البقية الباقية ليلتهمها ويقضي عليها؟.
أما كان يعلم أن وجود الناصر يوجب على العالم القيام بالأمر؟.
بلى.. لقد كان يرى ذلك كله ويعلمه.. وإن كلماته الخالدة في المناسبات المختلفة، لتدل على كمال موافقته لسياسة أبيه في البيعة، والحرب، وفي كل مواقفه، وهو يؤكد ذلك قولاً وعملاً، فهو يستنفر أهل الكوفة إلى الجهاد، وهو يمعن في الحرب، حتى يقول أبوه: أملكوا عني هذا الغلام لا يهدني.
هذا.. وقد كذبوا على الإمام كذبة أخرى، وهي أنه قال لأبيه في الربذة، وهو يبكي: أمرتك فعصيتني، فأنت اليوم تقتل بمضيعة، لا ناصر لك، فقال أمير المؤمنين: مالك تحن حنين الأمة، وما الذي أمرتني فعصيتك الخ (17).
كما أن ابن قتيبة ينقل ما يدل على أن الإمام المجتبى (عليه السلام) قد كان من بدء الأمر عازماً على تسليم الأمر لمعاوية..
وكل ذلك مما تكذبه جميع أقوال ومواقف الإمام الحسن (عليه السلام)، وقد افتعلوه طمعاً بالمال والمناصب، من أجل أن يشيعوا عنه (عليه السلام): أنه كان ضعيفاً، ولم يكن رجل سياسة، وحزم وعزم وشجاعة..
ولكنهم قد نسوا أو تناسوا سائر مواقفه واحتجاجاته على معاوية والامويين، وتجاهلوا كل خطبه، وكتبه، ومواقفه في الحروب، حتى ليطلب علي (عليه السلام) منهم منعه من الحرب بقوله: أملكوا عني هذا الغلام لا يهدني (18).
وحتى ليكتب معاوية إلى زياد عنه:
أما حسن فابن الذي كان قبله إذا سار سار الموت حيث يسير
وهل يلد الرئبال إلا نظيره وذا حسن شبه له ونظير
ولكنه لو يوزن الحلم والحجى بأمرٍ لقالوا: يذبل، وثبير (19)
المصادر :
1- مقاتل الطالبيين ص 58 وشرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 36، وحياة الحسن بن علي، للقرشي ج 2 ص 33 و 35.
2- حياة الإمام الحسن بن (عليه السلام)، لآل يس ص 85.
3- الفتنة الكبرى، قسم: علي وبنوه ص 176، وأنساب الأشراف ج 3 ص 12 بتحقيق المحمودي و ج 5 ص 81 وراجع: الإمام الحسن بن علي لآل يس ص 50 وسيرة الأئمة الإثني عشر ج 1 ص 543.
4- أمالي المفيد ص 49 وبهج الصباغة ج 4 ص 569.
5- بهج الصباغة ج 4 ص 569.
6- ينابيع المودة ص 480 وعن الأمالي للطوسي ص 56.
7- ينابيع المودة ص 21 وأمالي المفيد ص 349 ومروج الذهب ج 2 ص 432 وحياة الحسن بن علي للقرشي ج 1 ص 153 وأمالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 121، وصلح الحسن لآل يس، ص 59 وعن جمهرة الخطب ج 2 ص 17 عن المسعودي.
8- كشف الغمة ج 2 ص 165.
9- مروج الذهب ج 2 ص 432 وشرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 34 ومقاتل الطالبيين ص 55/56 والفتوح لابن اعثم ج 4 ص 151 والمناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 31 وحياة الحسن بن علي للقرشي ج 2 ص 29 والبحار ج 44 ص 54 وصلح الإمام الحسن لآل يس ص 82 والأحمدي عن ناسخ التواريخ ج 5 ص 84 وعن جمهرة رسائل العرب ج 2 ص 9 وعن مكاتيب الأئمة ص 3 و 4 و 7.وفي بعض تلك المصادر: «ولاني المسلمون الأمر بعده» وراجع: الغدير ج 10 ص 159.
10- حياة الحسن بن علي للقرشي، وسيرة الأئمة الاثني عشر ج 1 ص 546/548.
11- العقد الفريد ج 4 ص 350 والبحار ط قديم ج 8 ص 564 والإمامة والسياسة ج 1 ص 138 والمناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 193 وحياة الحسن بن علي للقرشي ج 1 ص 261 و 262 وعن جمهرة خطب العرب ج 1 ص 392.
12- العلامة الأحمدي عن ناسخ التواريخ ج 1 ص 101 ط حجرية وعن البحار باب احتجاجاته (عليه السلام).
13- كشف الغمة للأربلي ج 2 ص 198 والبحار ج 43 ص 350 و 351 عن تفسير فرات. ونقل عن ناسخ التواريخ ج 5.
14- شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 18.
15- كشف الغمة للأربلي ج 1 ص 143 ـ 148 فقد ذكر روايات كثيرة جداً.
16- سيرة الأئمة الأثني عشر ج 1 ص 544. ص 545.
17- تاريخ الطبري ط ليدن ج 6 ص 3107 و 3108.
18- نهج البلاغة وتذكرة الخواص وعن الطبري ووقعة صفين وبهج الصباغة ج 3 ص 216 و 217 عنهم.
19- شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 195، وصلح الحسن لآل يس ص 202.

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.