أصول الاعتزال

لما قتل عثمان بن عفان ، بايع الناس عليا (عليه السلام) ، فسموا الجماعة ثم افترقوا بعد ذلك فصاروا ثلاث فرق : فرقة أقامت على ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) . وفرقة منهم اعتزلت مع سعد بن مالك ، وهو سعد بن أبي وقاص وعبد الله ابن
Sunday, September 25, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
أصول الاعتزال
 أصول الاعتزال

 





 

لما قتل عثمان بن عفان ، بايع الناس عليا (عليه السلام) ، فسموا الجماعة ثم افترقوا بعد ذلك فصاروا ثلاث فرق : فرقة أقامت على ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) . وفرقة منهم اعتزلت مع سعد بن مالك ، وهو سعد بن أبي وقاص وعبد الله ابن عمر بن الخطاب ومحمد بن مسلمة الأنصاري وأسامة بن زيد بن حارثة الكلبي مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
فإن هؤلاء اعتزلوا عن علي (عليه السلام) وامتنعوا من محاربته والمحاربة معه بعد دخولهم في بيعته والرضا به ، فسموا المعتزلة ، وصاروا أسلاف المعتزلة إلى آخر الأبد . وقالوا : لا يحل قتال علي ولا القتال معه . وذكر بعض أهل العلم أن الأحنف بن قيس التميمي اعتزل بعد ذلك في خاصة قومه من بني تميم لا على التدين بالاعتزال ، لكن على طلب السلامة من القتل وذهاب المال ، وقال لقومه : اعتزلوا الفتنة أصلح لكم . وفرقة خالفت عليا (عليه السلام) ، وهم طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعائشة بنت أبي بكر ، فصاروا إلى البصرة . . . وهم أصحاب الجمل .
وقالت المعتزلة : إن الإمامة يستحقها كل من كان قائما بالكتاب والسنة ، فإذا اجتمع قرشي ونبطي وهما قائمان بالكتاب والسنة ولينا القرشي ، والإمامة لا تكون إلا بإجماع الأمة واختيار ونظر(1) .
وقال الشيخ المفيد (رحمه الله) في أوائل المقالات في المذاهب والمختارات : اسم الاعتزال هو لقب حدث لها عند القول بالمنزلة بين المنزلتين ، وما أحدثه واصل بن عطاء من المذهب في ذلك ، ونصب من الاحتجاج له ، فتابعه عمرو ابن عبيد ، ووافقه على التدين بمن قال بها ، ومن اتبعهما عليه إلى اعتزال الحسن البصري وأصحابه والتحيز عن مجلسه ، فسماهم الناس : المعتزلة ، لاعتزالهم مجلس الحسن ، ولم يكن قبل ذلك يعرف الاعتزال ، ولا كان علما على فريق من الناس ، فمن وافق المعتزلة فيما تذهب إليه من المنزلة بين المنزلتين كان معتزليا على الحقيقة . (2)
اتفق أهل الإمامة على أنه لا بد في كل زمان من إمام موجود يحتج الله عز وجل به على عباده ، واجتمعت المعتزلة على خلاف ذلك وجواز خلو الأزمان الكثيرة من إمام موجود . وأفكار المعتزلة لا تعدو واحدا من أمور ثلاثة : الأول : إن واصل بن عطاء الغزال كان يتبنى رأي معبد الجهني وغيلان الدمشقي في أفعال الإنسان ، وإنه هو وحده الذي يصنع أفعاله بدون أن يكون لله أي أثر في ذلك ، وهما أول من أظهر القول بالقدر بمعنى الاختيار المطلق .
وقد أضمر واصل هذه العقيدة وأخفاها عن رفقائه وأستاذه الحسن البصري ، فيكون وصفه بالاعتزال لأنه اعتزل رأي الجمهور الأكبر القائل بالقدرالمرادف للجبر . الثاني : إن وصف الاعتزال غلب عليهم لأنهم اعتزلوا قول الخوارج والمرجئة والفقهاء في مرتكب الكبيرة ، حيث إن الخوارج يرونه كافرا ، والمرجئة يرونه مؤمنا مستحقا للنعيم ، والفقهاء يرونه منافقا ، وأجاب واصل بأنهم بين المنزلتين : الإيمان والكفر ، ويستحقون الخلود في جهنم (3) .
الثالث : إنهم إنما وصفوا بالاعتزال لأنهم عزلوا مرتكب الكبيرة عن المؤمنين والكافرين كما يظهر ذلك من المسعودي في مروج الذهب . ويرى بعض المؤرخين أن وصف الاعتزال كان أسبق من تأريخ واصل ابن عطاء ، وأنه وصف لجماعة من المسلمين قد لزموا منازلهم عندما صالح الحسن ابن علي (عليه السلام) معاوية واعتزلوا الفريقين . ويرى بعض المستشرقين أن جماعة من المسلمين كانوا أتقياء للغاية أعرضوا عن ملاذ الحياة وزهدوا في الدنيا ، فسماهم الناس : معتزلة .
ووردت في كتاب قيس بن سعد بن عبادة ، وكان واليا لعلي (عليه السلام) على مصر ، قالفي كتابه إلى علي (عليه السلام) : إن قبلي قوما معتزلين ، وقد سألوني أن أكف عنهم . وجميع فرق المعتزلة متفقون على خمسة مبادئ : التوحيد ، العدل ، الوعيد والوعد ، المنزلة بين المنزلتين ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وهذه الأصول الخمسة هي الأركان التي لا بد منها في وصفهم بالاعتزال . وقد بدأ المعتزلة نشاطهم في مطلع القرن الثاني ، بينما ظهر واصل بن عطاء بآرائه ، ثم بدأت تنشط وتنتشر مبادئها بمناصرة الحكام العباسيين إلى أوائل
القرن الرابع الهجري سنة 331 ، وفي السنة التي توفي فيها الجبائي ، الزعيم الأخير لتلك المدرسة ، وفي خلال هذه المدة بلغ عدد المتزعمين من المعتزلة عشرين شيخا . ولعب الأشاعرة دورا بارزا في الصراع الذي حدث بين المعتزلة والمحدثين ، أدى إلى حرق كتبهم وتشريدهم في البلاد شرقا وغربا ، وأصبح المسلمون ينظرون إلى مذهب المعتزلة بعين الريبة والحذر .

فرق المعتزلة :

- الواصلية : قال الشهرستاني : هم أصحاب أبي حذيفة واصل بن عطاء الغزال الألثغ ، كان تلميذا للحسن البصري ، وكان في أيام عبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك . وبالمغرب الآن منهم شرذمة قليلة في بلد إدريس بن عبد الله الحسني الذي خرج بالمغرب في أيام أبي جعفر المنصور . (4)
واعتزالهم يدور على أربع قواعد :
1 - القول بنفي صفات الباري تعالى ، من العلم والقدرة والإرادة والحياة .
2 - القول بالقدر ، وسلكوا مسلك معبد الجهني وغيلان الدمشقي .
3 - القول بالمنزلة بين المنزلتين .
4 - قوله في الفريقين من أصحاب الجمل وصفين أن أحدهما مخطئ لا بعينه ، وكذلك قوله في عثمان وقاتليه ، قال : إن أحد الفريقين فاسق لا محالة ، وجوز أن يكون عثمان وعلي على خطأ . وهو رئيس المعتزلة ، وتوفي سنة 131 .
الهذيلية : قال الاسفرائيني : هؤلاء أتباع أبي الهذيل محمد بن الهذيل المعروف بالعلاف(5) .
وقال الشهرستاني : هو حمدان بن الهذيل شيخ المعتزلة ومقدم الطائفة ومقرر الطريقة ، أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل ابن عطاء(6) .
ولدفي البصرة سنة 135 ، ولم يرتحل عنها قبل سنة 204 بعد أن استدعاه المأمون لبغداد . وقد ذهب إلى أن الله سبحانه لا يقدر أن يعطي عباده القدرة على الإحياء والإماتة ، ومن آرائه أن الله لا يقدر على ما أقدر عليه عباده ، ولا يوصف بالقدرة على الصلاة والصيام النظامية : أتباع إبراهيم بن سيار بن هانئ النظام المتوفى سنة 221 وله من العمر خمس وثلاثون سنة ،(7) وكان من مشاهير العلماء البارعين في علم الكلام والفلسفة ، وقد طالع كثيرا من كتب الفلاسفة وخلط كلامهم بكلام المعتزلة ، وقد نسب إليه أنه كان يقول : إن القرآن لا إعجاز في نظمه ، وينكر جميع المعجزات التي رواها المحدثون عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكان يتأول صفات الله سبحانه تأويلا سلبيا .
- الخابطية (8) والحدثية : أصحاب أحمد بن خابط (وقيل : أحمد بن حائط ، وفرقته الحائطية) ، وهو من تلامذة النظام ، وقد قال بالتناسخ ، ونسب إلى الخابطية القول بأن للعالم إلهين : أحدهما قديم وهو الله ، والثاني محدث وهو السيد المسيح . وقيل : إن الذي ادعى بالتناسخ هم (الحدثية) من المعتزلة ، وهم أتباع الفضل بن الحدثي أحد تلامذة النظام .
- البشرية : أتباع بشر بن المعتمر . وقال الشهرستاني (9) : كان من أفضل علماء المعتزلة ، وقد ذهب إلى أن الإنسان يخلق اللون والطعم والرائحة والسمع والبصر على سبيل التولد . وقال الاسفرائيني (10) : قال أعوانه من القدرية بتكفيره .
- المعمرية (11) : أصحاب معمر بن عباد السلمي ، وهو من أعظم القدرية فرية في تدقيق القول بنفي الصفات ونفي القدر خيره وشره من الله تعالى . وقد تفرد عن شيوخ المعتزلة بأمور منها أن الإنسان ليس الصورة التي نشاهدها ، وإنما هو شيء في هذه الصورة ، عالم ، قادر ، مختار ، يدبر بلا حركة ولا سكون .
وقال الاسفرائيني (12) : وكان رأسا للملحدة وذنبا للقدرية ، وفضائحه على الأعداد كثيرة الأمداد .
- المزدارية (13) : أصحاب عيسى بن صبيح المكنى بأبي موسى الملقب بالمزدار ، وقد تتلمذ لبشر بن المعتمر وأخذ العلم منه وتزهد ، ويسمى راهب المعتزلة ، وكان من أعاظم معتزلة بغداد وزهادهم ، وقد ذهب إلى أن الله يقدر على الظلم والكذب ، وإن الناس قادرون على الإتيان بمثل القرآن وأحسن منه نظما ، وكفر من عاشر السلطان وحكم بعدم التوارث بينه وبين أقربائه .
- الثمامية : أصحاب ثمامة بن أشرس النميري ، كان جامعا بين سخافة الدين وخلاعة النفس ، وكان ثمامة في أيام المأمون ، وقد رآه المأمون سكران يتمرغ في الوحل .
- الهشامية : أصحاب هشام بن عمرو الفوطي ، ومبالغته في القدر أشد وأكثر من مبالغة أصحابه ، وهو من معتزلة القرن الثاني المعاصرين للمأمون العباسي ، وكان لا يجيز لأحد من المسلمين أن يقول حسبنا الله ونعم الوكيل .
- الجاحظية : أصحاب عمرو بن بحر أبي عثمان الجاحظ . قال الشهرستاني : كان من فضلاء المعتزلة والمصنفين لهم ، وكان في أيام المعتصم والمتوكل ، توفي سنة 256 ، ومن مؤلفاته طبائع الحيوان .
- الخياطية : أتباع عبد الرحيم بن محمد المعروف بأبي الحسين الخياط المتوفى سنة 290 ، من تلامذة جعفر بن بشر . وقال الشهرستاني (14) : أبي الحسين ابن أبي عمرو الخياط أستاذ أبي القاسم الكعبي ، وهما من معتزلة بغداد ، إلا أن الخياط غالى في إثبات المعدوم ، وانفرد الكعبي عن أستاذه .
- الجبائية (15) : أتباع محمد بن عبد الوهاب الجبائي المتوفى سنة 303 ، وهو الزعيم الأول للطبقة الثالثة من طبقات المعتزلة ، وقد عرف بالذكاء منذ كان صغيرا . وقال الشهرستاني : كنيته أبو علي ، وابنه أبي هاشم عبد السلام وهما من معتزلة البصرة ، وخالفه ابنه وسائر أصحابه .
- البهشمية (16) : قال الاسفرائيني : هؤلاء أتباع أبي هاشم بن الجبائي ، وأكثر معتزلة عصرنا على مذهبه ، لدعوة ابن عباد (هو أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن العباس الطالقاني الملقب بالصاحب ، ولد سنة 326 في إصطخر وتوفي سنة 326 بالري ثم نقل إلى أصبهان) وزير آل بويه إليه ، ويقال لهم : الذمية ، لقولهم باستحقاق الذم لا على فعل ، وقد شاركوا المعتزلة في أكثر ضلالتها .
- الكعبية (17) : هؤلاءأتباع أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي ، المعروف بالكعبي ، وكان حاطب ليل يدعي في أنواع العلوم ، خالف البصريين من المعتزلة في أقوال كثيرة . وقد أضاف الاسفرائيني فرق أخرى للمعتزلة هي :
- الأسوارية (18) : أتباع علي الأسواري ، وكان من أتباع أبي الهذيل ، ثم انتقل إلى مذهب النظام ، وزاد عليه في الضلالة بأن قال : إن ما علم الله أن لا يكون لم يكن مقدورا لله تعالى .
- الجعفرية (19) : أتباع جعفر بن بشير المتوفى سنة 234 ، وجعفر بن حرب المتوفى سنة 236 ، وقد ذهبا إلى أن الله لا يقدر على ظلم الأطفال والمجانين .
- الإسكافية (20) : هؤلاء أتباع محمد بن عبد الله الإسكافي ، وكان خياطا ، وكان قد أخذ ضلالته في القدر من جعفر بن حرب ، ثم خالفه في بعض فروعه ومات سنة 140 .
- الشحامية (21) : هؤلاء أتباع أبي يعقوب (هو : أبو يعقوب يوسف بن عبد الله بن إسحاق الشحام) الشحام وكان أستاذ الجبائي ، من أصحاب أبي الهذيل ، وإليه انتهت رئاسة المعتزلة في البصرة في وقته ، ويروى أن الواثق العباسي أمر أن يجعل مع أصحاب الدواوين رجال من المعتزلة فاختار أبا يعقوب الشحام ، المتوفى سنة 267 ه‍.
المصادر:
1- فرق الشيعة ، للنوبختي : 10 .
2- أوائل المقالات : 43 - 45 .
3- التبصير في الدين : 64 ، وفجر الإسلام : 298 .
4- الملل والنحل 1 : 50 ، والفرق بين الفرق : 133 .
5- الفرق بين الفرق : 138 .
6- الملل والنحل 1 : 53 .
7- الملل والنحل 1 : 56 ، والفرق بين الفرق : 147 .
8- الملل والنحل 1 : 61 . (2).
9- الملل والنحل 1 : 63 .
10- الفرق بين الفرق : 170 .
11- الملل والنحل 1 : 65 .
12- الفرق بين الفرق : 166 .
13- الملل والنحل 1 : 67 ، والتبصير في الدين : 71 ، والفرق بين الفرق : 178 ، وفيه : المردارية بالراء المهملة .
14- ) الملل والنحل 1 : 73 .
15- الفرق بين الفرق : 194 ، والملل والنحل 1 : 73 .
16- الفرق بين الفرق : 294 ، والملل والنحل 1 : 73 .
17- الفرق بين الفرق : 192 ، والملل والنحل 1 : 73 .
18- الفرق بين الفرق : 165 .
19- الفرق بين الفرق : 180 .
20- الفرق بين الفرق : 182 .
21- الفرق بين الفرق : 190 .

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.