
روى أنس بن مالك وابن عباس أن سورة (والليل اذا يغشى) (الى آخرها) نزلت في أبي الدحداح الانصاري السخي وسمرة بن جندب البخيل . (1)
وروى المخالف أنها نزلت في أبي بكر. (2) فتعارضت الروايتان .
ولم يكن لاحد عند أبي الدحداح يد ونعمة . وكان لاحد من الفقراء في داره نخلة لسمرة . فلما كان حصاده أخذ تمرة ابن صاحب الدار، فأدخل سمرة يده في فمه وأخرجها. فمشى الفقير إلى النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) وشكا من ذلك. فنادى النبي (صلی الله عليه وآله وسلم): أن من اشتراها لهذا الفقير فله بستان في الجنة .
فقام أبوالدحداح فقال : (ان لي البستان الفلاني، فقابضها بتلك النخلة). وسلم النخلة إلى الفقير فنزلت (3) .
مع أنها نزلت في علي (عليه افضل الصلاة والسلام) (4) لأنه كان أتقى القوم، لأنه تزكى في صلاته، كما في آية الخاتم .
وجاهد في سبيل اللّه وبذل نفسه وماله في سبيل اللّه من غير أن يكون لاحد عليه حق، كما نزل فيه : (انما نطعمكم لوجه اللّه لانريد منكم جزاء ولا شكورا).
في علم علي (عليه افضل الصلاة والسلام) وفضل حبه
قال (عليه افضل الصلاة والسلام): ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر. (5)قال الارسول الاکرم صلی الله عليه وآله وسلم (أعلمكم بالحلال والحرام معاذ، وأفرضكم زيد، وأقرؤكم أبي . (6) و(أقضاكم علي ). (7) القاضي أفقه وأفرض وأعلم بالحلال والحرام بدليل : (أنا مدينة العلم وعلي بابها) (8) حتى قال علي (عليه افضل الصلاة والسلام): واللّه لو شئت لأوقرت من باء (بسم اللّه الرحمن الرحيم ) أربعين جملا(9).
وتقوى علي (عليه افضل الصلاة والسلام) من يوم الولادة لأنه تربى في حجر النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) ولم يكن لأحد عنده من نعمة تجزى .
وكذلك قيل : نزلت في أبي طالب، فانه رأى النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) وضمه إلى نفسه . (10) ولم يكن لاحد عنده من نعمة تجزى .
ومحبة على هي التقوى فكيف حال نفسه ؟ لما أجمع الناس أن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) قال : (لايحبك الا تقى ). وينسب إلى عائشة أنها قالت:
علي حبه جنة *** قسيم النار والجنة
وصى المصطفى حقا *** امام الانس والجنة
في معنى الشيعى والرافضي
قيل : ان عمار الدهنى شهد عند قاضي الكوفة، ابن ابي ليلى، فرد شهادته بأنه رافضى .فبكى عمار كثيرا لذلك .
قيل له : مم بكاؤك ؟ قال : فرحا بوقوع هذا الاسم الشريف على، والحمدللّه الذي شرفني به .
فقال : سمعت الصادق (عليه افضل الصلاة والسلام) يقول : ان فرعون سمى سحرته ـ لما تركوا دينه وآمنوا برب موسى وهرون وأقروا بنبوتهما لقيام الحجة به ـ الرفضة فالرافضي من رفض كل ما كرهه اللّه وفعل كل ما أمراللّه به .
فسمع الصادق (عليه افضل الصلاة والسلام) هذه الحال وقال :لو أن على عمار من الذنوب ما هو أعظم من السماوات والارضين لمحيت عنه بهذه الكلمات، وانها لتزيد في حسناته عند ربه عزوجل حتى يجعل كل خردلة منها أعظم من الد نيا ألف مرة . (11)
عن موسى بن جعفر(عليه افضل الصلاة والسلام): ان شيعتنا هم ال ذين يتبعون آثارنا ويطيعوننا في جميع أوامرنا ونواهينا، فاولئك شيعتنا. وعن الصادق (عليه افضل الصلاة والسلام)ورد مثله فاستدل بقوله تعالى في ابراهيم : (وان من شيعته لا براهيم ). وقال :شيعتنا مثل سلمان وعمار والمقداد ومن لم يكن مثلهم لايكون شيعتنا، بل هؤلاء محبونا ومعادو أعدائنا. (12)
قال الباقر(عليه افضل الصلاة والسلام) أشرف أخلاق الائمة (عليه افضل الصلاة والسلام) والفاضلين من شيعتنا استعمال التقية . (13) والنبي (صلی الله عليه وآله وسلم) قال : مثل مؤمن لاتقية له كمثل جسد لا رأس له . وقال أميرالمؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام): أفضل أعمال المؤمن التقية .
يصون بها نفسه واخوانه عن الفاجرين . وقضاء حقوق الاخوان أشرف أعمال المتقين ويستجلب مودة الملائكة المقربين، وشوق الحور العين . وقال الحسين بن على الشهيد(عليه افضل الصلاة والسلام): لو لا التقية ما عرف ولينا من عدونا. (14)
ومروى عن الباقر(عليه افضل الصلاة والسلام) أنه قال : من كان له مال، وكان نفقته على نفسه أحب من أن ينفقه على اخوانه المؤمنين فليس هو بشيعى . ويقال انه قال : ولوكان لنا مال فنؤثر المؤمنين على أنفسنا. بلى يكون محبا مواليا، ومعاديا لاعدائنا. قال رجل للحسين بن على (عليه افضل الصلاة والسلام): أنا من شيعتك .
قال : اتق اللّه ولا تدع شيئا يقول اللّه كذبت وفجرت في دعواك . ان شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل فحش وغل ودغل، ولكن قل : أنا من مواليكم ومحبيكم . وقال الحسن بن على (عليه افضل الصلاة والسلام) لمن قال بحضرته مثل هذا، فقال :لست من شيعتنا، ولكن أنت إلى خير وفي خير. فالحاصل أن معنى التشيع، التتبع .
فمن تبعهم في جميع الوجوه فهو شيعى، ومن خالفهم في بعض الفرائض فهو الموالي لاوليائهم والمعادي لاعدائهم .
ومعروف أن رجلا قال لامرأته : اذهبي إلى فاطمة (سلام الله عليها) بنت رسول اللّه (صلی الله عليه وآله وسلم) وقولي : أنامن شيعتكم، فمالنا وماعلينا؟ فذهبت اليها(عليه افضل الصلاة والسلام) فقالت : (الشيعى من تبعنا بجميع أقطار أحكام الشرع ) إلى أن قالت مرة بعد مرة، كانت تعود إليها والى زوجها.
وفاطمة (سلام الله عليها)تقول : (ان شيعتنا من خيار أهل الجنة ). حتى قالت في من لا يكون مخلصا في الطاعة بهذه العبارة : (وهم مع ذلك في الجنة، ولكن بعد ماطهروا من ذنوبهم بالبلاياوالرزايا، وفي عرصات القيامة بأنواع شدائدها أوفي الطبق الاعلى من جهنم . حتى بلغت إلى قولها(سلام الله عليها): (ينقذهم اللّه تعالى منها وينقلهم إلى حضرتنا)، يعني : لايخلدون فيها.
وكثير من الاحاديث ورد بأن المؤمن الذي يرتكب المعاصي لايدخل الجنة الا بعد أن يطهره اللّه من الذنوب بالبلايا والرزايا، وسكرة الموت، وفي القبر، والعرصة، وظلم الظالمين.
قوله (صلی الله عليه وآله وسلم): النظر إلى وجه على عبادة
روى المخالفون، منهم العجلي ذكر في نكته : أن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) قال : النظر إلى وجه على عبادة . (15)وعندنا عن أبي امامة، قال : قال رسول اللّه (صلی الله عليه وآله وسلم): من نظر إلى وجه على كتب اللّه بها ألف ألف حسنة، ومحا عنه بها ألف ألف سيئة، ورفع له بها ألف ألف درجة .
ومن نظر إلى الحسن والحسين كتب اللّه بها خمس مائة حسنة، ومحا عنه بها خمس مائة سيئة ورفع له بها خمس مائة درجة ومن نظر إلى أحد من أولاد الحسن والحسين (عليه افضل الصلاة والسلام) كتب اللّه له بها مائة حسنة، ومحا عنه بها مائة سيئة، ورفع له بهامائة درجة .
بشارة عظيمة للشيعة
عن الصادق (عليه افضل الصلاة والسلام): (ان للّه تعالى ملكا في السماء السابعة وهو موكل بكم يا معشرالشيعة، ومستغفر لكم . وانه ليطلع رأسه من السماء السابعة إلى سماء الدنيا، فينظر اليكم والى هذا الخلق المنكوس).في حكاية طويلة يرجع فحواها إلى أن هذا الملك يتعجب من المبغضين لاهل بيت محمد(عليه افضل الصلاة والسلام) فيدعو لهم صباحا ومساء بعد ثناء اللّه . وبرهان ذلك أن المخالف أضعاف هذه الشرذمة القليلة .
ومع هذه، هؤلاء الفرقة القليلة في سائر الاحوال يقاومونهم، ويبارونهم، ويغلبون عليهم وينقلون الخلق من تلك الطريقة إلى هذه الشرذمة.
الامر بالدعاء للقائم (عليه افضل الصلاة والسلام)
عن الصادق (عليه افضل الصلاة والسلام) أنه امر المؤمنون بأن يدعوا للقائم (عليه افضل الصلاة والسلام) بعد كل صلاة بهذه العبارة :اللهم صل على محمد وآل محمد، وامدد للقائم في عمره، وزد له في أجله، وانشر عليه رحمتك، وانتصربه لدينك، ولاتستبدل به من سواه، آمين رب العالمين . (16)المصادر :
1- الافصاح في الإمامة : 172, أسباب النزول : 195, مجمع البيان 5: 501, تفسير البحر المحيط 8: 483.
2- الكشاف 4: 762, الدر المنثور 6: 360.
3- مجمع البيان 5: 501, تفسير نور الثقلين 5: 589.
4- تفسير فرات الكوفي : 213, والمصادر الماضية .
5- سنن الترمذي 5: 334, سير أعلام النبلاء 2: 59, شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 8: 259.
6- سنن الترمذي 5: 330.
7- 3778سنن ابن ماجة 1: 55, الاربعين في أصول الدين : 466, شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 18, شرح المقاصد2: 300.
8- ترجمة الامام علي بن أبي طالب 2: 464. وتقدمت أيضا مصادره الاخرى .
9- المناقب لابن المغازلي : 195, احقاق الحق 7: 206ـ نقلا عن الاربعين للهروي : 54.
10- بحار الأنوار 68: 156ـ نقلا عن تفسير الامام العسكري (عليه افضل الصلاة والسلام): 123ـ125.
11- مشكاة الانوار: 71, بحار الأنوار 22: 330 و68: 156ـ نقلا عن تفسير الامام العسكرى (عليه افضل الصلاة والسلام).
12- بحار الأنوار 75:2890ـ نقلا عن تفسير الامام العسكري (عليه افضل الصلاة والسلام).
13- نفس المصدر 75: 415ـ نقلا عن تفسير الامام العسكري (عليه افضل الصلاة والسلام).
14- المستدرك على الصحيحين 3: 141ـ142, حلية الاولياء 5: 58, كفاية الطالب : 157, فرائد السمطين 1: 181..
15- بـعـض هـذه الـمـضامين في : بحار الانوار 26: 349ـ نقلا عن ايضاح دفائن النواصب : 52.
16- انـظر هذا المضمون في كثير من الادعية له (عليه افضل الصلاة والسلام), منها: بحار الأنوار 102: 81ـ 230ـ نقلا عن مصباح الزائر, والمزارالكبير.