استجداء معاوية النصرة

كتب معاوية بن أبي سفيان إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب خاصة ، وإلى سعد بن أبي وقاص ، ومحمد بن مسلمة ، دون كتابه إلى أهل المدينة ، فكان في كتابه إلي ابن عمر :
Sunday, December 11, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
استجداء معاوية النصرة
استجداء معاوية النصرة

 





 

كتب معاوية بن أبي سفيان إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب خاصة ، وإلى سعد بن أبي وقاص ، ومحمد بن مسلمة ، دون كتابه إلى أهل المدينة ، فكان في كتابه إلي ابن عمر :
أما بعد فإنه لم يكن أحد من قريش أحب إلى أن يجتمع عليه الأمة بعد قتل عثمان منك. ثم ذكرت خذلك إياه وطعنك على أنصاره فتغيرت لك ، وقد هون ذلك علي خلافك على علي ، ومحا عنك بعض ما كان منك فأعنا ـ رحمك الله ـ على حق هذا الخليفة المظلوم ، فإني لست أريدالإمارة عليك ، ولكني أريدها لك. فإن أبيت كانت شورى بين المسلمين ».
وكتب في أسفل كتابه :
ألا قل لعبد الله واخصص محمدا / وفارسنا المأمون سعد بن مالك (١)
ثلاثة رهط من صحاب محمد / نجوم ومأوى للرجال الصعالك (٢)
ألا تخبرونا والحوادث جمة / وما الناس إلا بين ناج وهالك
أحل لكم قتل الإمام بذنبه / فلستم لأهل الجور أول تارك
وإلا يكن ذنبا أحاط بقتله / ففي تركه والله إحدى المهالك
وإما وقفتم بين حق وباطل / توقف نسوان إماء عوارك (٣)
وما القول إلا نصره أو قتاله / أمانة قوم بدلت غير ذلك
فإن تنصرونا تنصروا أهل حرمة / وفي خذلنا يا قوم جب الحوارك (٤)
قال : فأجابه ابن عمر :
« أما بعد فإن الرأي الذي أطمعك في هو الذي صيرك إلى ما صيرك إليه. أني تركت عليا في المهاجرين والأنصار ، وطلحة والزبير ، وعائشة أم المؤمنين ، واتبعتك (٥). أما زعمك أني طعنت علي على فلعمري ما أنا كعلي في الإيمان والهجرة ، ومكانه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونكايته في المشركين. ولكن حدث أمر لم يكن من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فيه عهد ، ففزعت فيه إلى الوقوف (6) ، وقلت : إن كان هدى ففضل تركته ، وإن كان ضلالة فشر نجوت منه. فأغن عنا نفسك ».
ثم قال لابن أبي غزية : أجب الرجل ـ وكان أبوه ناسكا ، وكان أشعر قريش ـ فقال :
معاوي لا ترج الذي لست نائلا / وحاول نصيرا غير سعد بن مالك (7)
ولا ترج عبد الله واترك محمدا / ففي ما تريد اليوم جب الحوارك
تركنا عليا في صحاب محمد / وكان لما يرجى له غير تارك
نصير رسول الله في كل موطن / وفارسه المامون عند المعارك
وقد خفت الأنصار معه وعصبة / مهاجرة مثل الليوث الشوابك (8)
وطلحة يدعو والزبير وأمنا / فقلنا لها قولي لنا ما بدا لك
حذار أمور شبهت ولعلها / موانع في الأخطار إحدى المهالك
وتطمع فينا يا ابن هند سفاهة / عليك بعليا حمير والسكاسك
وقوم يمانيون يعطوك نصرهم / بصم العوالي والسيوف البواتك
قال : وكان من كتاب معاوية إلى سعد :
« أما بعد فإن أحق الناس بنصر عثمان أهل الشورى من قريش ، الذين أثبتوا حقه واختاروه على غيره ، وقد نصره طلحة والزبير وهما شريكاك في الأمر ، ونظيراك في الإسلام ، وخفت لذلك أم المؤمنين. فلا تكرهن ما رضوا ، ولا تردن ما قبلوا ، فإنا نردها شورى بين المسلمين ».
وقال شعرا :
يا سعد قد أظهرت شكا / وشك المرء في الأحداث داء
على أي الأمور وقفت حقا / يرى أو باطلا فله دواء
وقد قال النبي وحد حدا / يحل به من الناس الدماء
ثلاث : قاتل نفسا ، وزان / ومرتد مضى فيه القضاء
فإن يكن الإمام يلم منها / بواحدة فليس له ولاء
وإلا فالتي جئتم حرام / وقاتله وخاذله سواء
وهذا حكمه لا شك فيه / كما أن السماء هي السماء
وخير القول ما أوجزت فيه / وفي إكثارك الداء العياء
أبا عمرو دعوتك في رجال / فجاز عراقي الدلو الرشاء
فأما إذ أبيت فليس بيني / وبينك حرمة ، ذهب الرجاء
سوى قولي ، إذا اجتمعت قريش : / على سعد من الله العفاء
فأجابه سعد :
« أما بعد فإن عمر لم يدخل في الشورى إلا من يحل له الخلافة من قريش ، فلم يكن أحد منا أحق بها من صاحبه [ إلا ] باجتماعنا عليه ، غير أن عليا قد كان فيه ما فينا ولم يك فينا ما فيه. وهذا أمر قد كرهنا أوله وكرهنا آخره. فأما طلحة والزبير فلو لزما بيوتهما كان خيرا لهما. والله يغفر لأم المؤمنين ما أتت ».
ثم أجابه في الشعر :
معاوي داؤك الداء العياء / فليس لما تجئ به دواء
طمعت اليوم في يا ابن هند / فلا تطمع فقد ذهب الرجاء
عليك اليوم ما أصبحت فيه / فما يكفيك من مثلي الإباء
فما الدنيا بباقية لحي / ولا حي له فيها بقاء
وكل سرورها فيها غرور / وكل متاعها فيها هباء
أيدعوني أبو حسن علي / فلم أردد عليه بما يشاء
وقلت له اعطني سيفا بصيرا / تمر به العداوة والولاء
فإن الشر أصغره كبير / وإن الظهر تثقله الدماء
أتطمع في الذي أعيا عليا / على ما قد طمعت به العفاء
ليوم منه خير منك حيا / وميتا ، أنت للمرء الفداء
فأما أمر عثمان فدعه / فإن الرأي أذهبه البلاء
وكان كتاب معاوية إلى محمد بن مسلمة :
« أما بعد فإني لم أكتب إليك وأنا أرجو متابعتك ، ولكني أردت أن أذكرك النعمة التي خرجت منها والشك الذي صرت إليه. إنك فارس الأنصار ، وعدة المهاجرين ، ادعيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا لم تستطع إلا أن تمضي عليه ، فهذا نهاك عن قتال أهل الصلاة ، فهلا نهيت أهل الصلاة عن قتال بعضهم بعضا. وقد كان عليك أن تكره لهم ما كره لك رسول الله صلى الله عليه وسلم. أو لم تر عثمان وأهل الدار من أهل الصلاة ؟ فأما قومك فقد عصوا الله وخذلوا عثمان ، والله سائلك وسائلهم عن الذي كان ، يوم القيامة ».
فكتب إليه محمد [ بن مسلمة ] :
« أما بعد فقد اعتزل هذا الأمر من ليس في يده من رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم مثل الذي في يدي. فقد أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن قبل أن يكون ، فلما كان كسرت سيفي ، وجلست في بيتي واتهمت الرأي على الدين ، إذ لم يصح لي معروف آمر به ، ولا منكر أنهى عنه. وأما أنت فلعمري ما طلبت إلا الدنيا ، ولا اتبعت إلا الهوى. فإن تنصر عثمان ميتا فقد خذلته حيا. فما أخرجني الله من نعمة ولا صيرني إلى شك. إن كنت أبصرت خلاف ما تحبني به ومن قبلنا من المهاجرين والأنصار ، فنحن أولى بالصواب منك ».
ثم دعا محمد بن مسلمة رجلا من الأنصار ، وكان فيمن يرى رأي محمد في الوقوف ، فقال : أجب يا مروان بجوابه فقد تركت الشعر. فقال مروان. لم يكن عند ابن عقبة الشعر.
وفي حديث صالح بن صدقة بإسناده قال : ضربت الركبان إلى الشام بقتل عثمان ، فبينما معاوية [ يوما ] إذ أقبل رجل متلفف ، فكشف عن وجهه فقال : يا أمير المؤمنين ، أتعرفني؟ قال : نعم ، أنت الحجاج بن خزيمة بن الصمة فأين تريد؟ قال : إليك القربان ، أنعى إليك ابن عفان. ثم قال :
إن بني عمك عبد المطلب / هم قتلوا شيخكم غير الكذب
وأنت أولى الناس بالوثب فثب / واغضب معاوي للإله واحتسب
وسر بنا سير الجرئ المتلئب / وانهض بأهل الشام ترشد وتصب (9)
ثم اهزز الصعدة للشأس الكلب
يعني « عليا ». فقال له : عندك مهز ؟ قال : نعم. ثم أقبل الحجاج بن الصمة على معاوية فقال : يا أمير المؤمنين (10) ، إني كنت فيمن خرج مع يزيد بن أسد [ القسري ] مغيثا لعثمان ، فقدمنا أنا وزفر بن الحارث فلقينا رجلا زعم أنه ممن قتل عثمان ، فقتلناه. وإني أخبرك يا أمير المؤمنين أنك تقوي على علي بدون ما يقوي به عليك ، لأن معك قوما لا يقولون إذا قلت ، ولا يسألون إذا أمرت. وإن مع علي قوما يقولون إذا قال ، ويسألون إذا أمر ؛ فقليل ممن معك خير من كثير ممن معه. واعلم أنه لا يرضى علي إلا بالرضا ، وإن رضاه سخطك. ولست وعلي سواء : لا يرضى علي بالعراق دون الشام ، ورضاك الشام دون العراق.
فضاق معاوية [ صدرا ] بما أتاه ، وندم على خذلانه عثمان.
وقال معاوية حين أتاه قتل عثمان :
وفيه بكاء للعيون طويل / وفيه فناء شامل وخزاية
وفيه اجتداع للأنوف أصيل / مصاب أمير المؤمنين وهدة
وافتخر الحجاج على أهل الشام بما كان من تسليمه على معاوية بإمرة المؤمنين.
صالح بن صدقة ، عن إسماعيل بن زياد ، عن الشعبي ، أن عليا قدم من البصرة مستهل رجب الكوفة ، وأقام بها سبعة عشر شهرا يجري الكتب فيما بينه وبين معاوية وعمرو بن العاص.
المصادر :
1- هو سعد بن أبي وقاص ، واسمه سعد بن مالك بن أهيب ـ وقيل وهيب ـ بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري. وهو أحد الستة أهل الشورى ، وولي الكوفة لعمر ، وهو الذي بناها ، ثم عزل ووليها لعثمان. توفى سنة ٥٥. الإصابة ٣١٨٧.
2- الصعالك : جمع صعلوك. وحذف الياء في مثله جائز. والصعلوك : الفقير الذي لا مال له.
3- العوارك : الحوائض من النساء ، جمع عارك.
4- الحوارك : جمع حارك ، وهو أعلى الكاهل.
5- « أترك » مع إسقاط كلمة : « أني » قبلها. وفي ح أيضا « وأتبعك » بدل : « واتبعتك ».
6- « ولكن عهد إلى في هذا الأمر عهد ففرغت فيه الوقوف » ، تحريف ونقص.
7- أغن نفسك : اصرفها وكفها. ومنه قول الله : ( لن يغنوا عنك من الله شيئا ). وفي الأصل : « فاعزل عنا نفسك » ، صوابه من ح.
8- أسد شابك : مشتبك الأنياب مختلفها. والشابك أيضا من أسماء الأسد. وفي الأصل : « الشوائك » تحريف.
9- قال ابن أبي الحديد في ( ١ : ٢٥٣ ) : « المتلئب : المستقيم المطرد ». وفي اللسان أيضا : اتلأب : أقام صدره ورأسه. وفي الأصل : « الملتبب » ولا وجه له.
10- زاد ابن أبي الحديد : « ولم يخاطب معاوية بأمير المؤمنين قبلها » أي قبل هذه الزيارة. وهذه العبارة تعليق من ابن أبي الحديد. وتقرأ بفتح الطاء من « يخاطب » وإلا فإن الحجاج خاطبه قبلها بأمير المؤمنين في أول الحديث. وانظر ص ٨٠ س ٦.

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.