قال ابن قتيبة : وإن أبابكر تفقد قوماً تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه ، فبعث إليهم عمر ، فجاء فناداهم وهم في دار علي ، فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لاحرقنها على من فيها ، فقيل له : يا أبا حفص ، إن فيها فاطمة؟ فقال : وإن!
وفي العقد الفريد وتاريخ أبي الفداء : حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ، ليخرجوا من بيت فاطمة ، وقال له : إن أبوا فقاتلهم ، فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة فقالت : يابن الخطاب ، أجئت لتحرق دارنا؟ قال : نعم ، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الامة.
ثم قال ابن قتيبة : فخرجوا فبايعوا إلاّ علياً ، فإنه زعم أنه قال : حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن ، فوقفت فاطمة رضي الله عنها على بابها ، فقالت : لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم ، تركتم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقاً.
فأتى عمر أبابكر ، فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة؟ فقال أبو بكر لقنفذ وهو مولى له : اذهب فادع لي علياً ، قال : فذهب إلى علي ، فقال له : ما حاجتك؟ فقال : يدعوك خليفة رسول الله ، فقال علي : لسريع ما كذبتم على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فرجع فأبلغ الرسالة ، قال : فبكى أبوبكر طويلاً ، فقال عمر الثانية : لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة! فقال أبوبكر لقنفذ : عد إليه فقل له : خليفة رسول الله يدعوك لتبايع ، فجاءه قنفذ ، فأدى ما أمر به ، فرفع علي صوته ، فقال : سبحان الله لقد ادعى ما ليس له ، فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة ، فبكى أبوبكر طويلاً ، ثم قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة ، فدقوا الباب ، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها : يا أبت يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟! فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين وكادت قلوبهم تنصدع وأكبادهم تنفطر ، وبقي عمر ومعه قوم ، فأخرجوا عليا فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايع ، فقال : إن أنا لم أفعل فمه؟ قالوا : إذاً والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك ، فقال : إذاً تقتلون عبد الله وأخا رسول الله ، فقال عمر : أما عبد الله فنعم ، وأما أخا رسوله فلا ، وأبو بكر ساكت لا يتكلم ، فقال عمر : ألا تأمر فيه بأمرك؟ فقال : لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه ، فلحق علي بقبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يصيح ويبكي وينادي : يا ابن أم ، إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني.
وما ذكره ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه فبهذه الصورة : ثم دخل عمر فقال لعلي : قم فبايع ، فتلكأ واحتبس ، فأخذ بيده وقال : قم ، فأبى أن يقوم ، فحمله ودفعه كما دفع الزبير ، ثم أمسكهما خالد ، وساقهما عمر ومن معه سوقاً عنيفاً واجتمع الناس ينظرون ، وامتلات شوارع المدينة بالرجال ، ورأت فاطمة ما صنع عمر فصرخت وولولت واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهن ، فخرجت إلى باب حجرتها ، ونادت : يا أبابكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله ....
ثم استمر ابن قتيبة قائلاً : فقال عمر لابي بكر : انطلق بنا إلى فاطمة ، فإنا قد أغضبناها ، فانطلقا جميعا فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما ، فأتيا علياً فكلماه ، فأدخلهما عليها ، فلما قعدا عندها حولت وجهها إلى الحائط ، فسلّما عليها فلم ترد عليهماالسلام ، فتكلم أبو بكر ، فقال : يا حبيبة رسول الله ، والله إن قرابة رسول الله أحب إليَّ من قرابتي ، وإنك لاحب إليَّ من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات أبوك أني مت ولا أبقى بعده ، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وامنع حقك وميراثك من رسول الله ، إلا أني سمعت أباك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « لا نُورَّث ، ما تركناه فهو صدقة ».
فقالت : أرأيتكما إن حدثتكما حديثاً عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تعرفانه وتفعلان به؟ قالا : نعم ، فقالت : نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول : « رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني »؟ قالا : نعم سمعناه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قالت : فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبي لاشكونكما إليه.
فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله من سخطه وسخطك يا فاطمة ، ثم انتحب أبوبكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق ، وهي تقول : والله لادعون الله عليك في كل صلاة أصلّيها ، ثم خرج باكياً فاجتمع إليه الناس ، فقال لهم : يبيت كل رجل معانقاً حليلته مسروراً بأهله وتركتموني وما أنا فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعتي.
ثم ذكر ابن قتيبة كيفية بيعته سلام الله عليه وأنه لم يبايعه إلاّ بعد وفاة الزهراء عليهاالسلام بما يقرب مما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة (1).
ومن أجل أن ابن قتيبة كان من قدماء أهل السنة رجحنا كلامه على من سواه فأوردناه بطوله. وإن كان ابن قتيبة استحق بسبب كتابه هذا أن يوصف من قِبَلِ ابن العربي بالصديق الجاهل. يعني أن صديقه العاقل هو الذي يكتم الحقائق المخالفة لمذهبه.
الباب الذي أوجب الله على المسلمين الدخول منه وكنت أفكر في قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب ».
وقد ورد هذا الحديث بهذا اللفظ عن كل من : علي عليهالسلام وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر بطرق كثيرة ، وقد اعترف المحدثون بصحة بعض الطرق الواردة عن الثلاثة الاُول.
وجاء في رواية جابر : أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعلي : « هذا أمير البررة ، قاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ـ يمد بها صوته ـ أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب ».
وأخرجه الحاكم النيسابوري عن ابن عباس وجابر ، وذكر صدر رواية جابر في موضع وذيلها في موضع آخر ، واعترف بصحته.
وأخرجه ابن عدي عن ابن عباس وجابر بن عبد الله.
وأورده المتقي الهندي في عدة مواضع من كنزه ذاكراً اعتراف ابن جرير وابن معين والحاكم بصحته ، ثم قال : قال الحافظ صلاح الدين العلائي : قد قال ببطلانه أيضاً الذهبي في الميزان وغيره ، ولم يأتوا في ذلك بعلة قادحة سوى دعوى الوضع ، دفعاً بالصدر.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا دار الحكمة وعلي بابها ـ أو أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ـ ومن أراد فليأت الباب ».
وأفرد أحمد بن محمد المغربي حول هذا الحديث كتاباً مستقلا باسم : [ فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي ]. وذكر الحديث بطرق كثيرة ، وردّ على من طعن فيه ، فقال في موضع منه : وأما الذهبي فلا ينبغي أن يقبل قوله في الاحاديث الواردة بفضل علي عليهالسلام ، فإنه ـ سامحه الله ـ كان إذا وقع نظره عليها اعترته حدّة أتلفت شعوره ، وغضبٌ أذهب وجدانه حتى لا يدري ما يقول ، وربما سبّ ولعن من روى فضائل علي عليهالسلام ، كما وقع منه في غير موضع من [ الميزان ] و [ طبقات الحفاظ ] تحت ستارة أن الحديث موضوع ، ولكنه لا يفعل ذلك فيمن يروي الاحاديث الموضوعة في مناقب أعدائه ، ولو بسطت المقام في هذا لذكرت لك ما تقضى منه العجب من الذهبي ( رحمه الله ) تعالى وسترنا بمنّه آمين.
ثم استمر في مناقشة كلام الذهبي ، فمن أراد فليراجع (2).
والحديث المروي عن كل من أمير المؤمنين عليهالسلام وجعفر بن أبي طالب وجابر بن عبد الله وابن عباس وأبي رافع وبريدة ووهب وغيرهم حول قوله تعالى : ( وتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ).
قال السيوطي : أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والواحدي وابن مردويه وابن عساكر وابن البخاري عن بريدة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي : « إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحق لك أن تعي » ، فنزلت هذه الاية : ( وَتَعِيها أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ).
وأخرجه الحسكاني بعدة طرق في شواهده.
وقريب من هذا ماروي عن أبي رافع وابن عباس ووهب وبعض الطرق المروية عن أمير المؤمنين عليهالسلام.
وفي رواية واردة عنه عليهالسلام : أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « يا علي إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك ، وأعلّمك لتعي ، وأنزلت عليَّ هذه الاية : ( وَتَعِيَها أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) ، فأنت الاذن الواعية لعلمي ، وأنا المدينة وأنت الباب ، ولا يُؤتى المدينة إلاّ من بابها ».
وقال الصالحي الشامي : وروى سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن مكحول ، وسعيد بن منصور وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عنه عن علي ، وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر وابن النجار عن بريدة ، وأبو نعيم من طريق آخر عن علي في قوله تعالى : ( وَتَعِيَها أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) .. ثم ذكر الحديث كما تقدم (3).
والحديث المروي عن أنس بن مالك وأبي سعيد الخدري أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعلي عليهالسلام : « يا علي أنت تبين لامتي ما اختلفوا فيه من بعدي » (4).
والحديث المروي عن أبي ذر أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « علي باب علمي ومبين لامَّتي ما أُرسلت به من بعدي،حبه إيمان وبغضه نفاق والنظر إليه رأفة » (5).
وقول أمير المؤمنين عليهالسلام : علّمني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ألف باب من العلم ، واستنبطت من كل باب ألف باب.
وفي رواية : كل باب يفتح ألف باب.
وفي رواية أخرى : فتشعب لي من كل باب ألف باب.
وفي رواية عن ابن عباس : علمه ألف ألف كلمة كل كلمة تفتح ألف كلمة.
ذكر فخر الدين الرازي هذا الحديث في تفسيره الكبير ثم قال : فإذا كان حال الولي هكذا فكيف حال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (6).
وقوله عليهالسلام : سلوني ، فو الله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا أخبرتكم به. وسلوني عن كتاب الله ، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم بسهل أم بجبل ... (7).
وكنت أقول في نفسي : إن علمائنا لم يدخلوا المدينة من بابها ولم يأخذوا الحكمة من أهلها ، فلماذا لم يوجد في كتب أهل السنة من هذا العلم إلاّ شيء يسير؟!
وإذا قابلنا بين ماروى محدثو أهل السنة عنه وبين ما رووا عن غيره ممن لم يُسلِموا إلاّ في أواخر عهد الرسالة أمثال أبي هريرة ، وجدنا فرقاً عظيماً.
فهذا محمد بن إسماعيل البخاري الذي نعدّ كتابه أصح الكتب بعد كتاب الله! قد روى فيه عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام تسعة وعشرين حديثا ، وروى عن أبي هريرة اربعمائة وستة وأربعين حديثا.
وذاك مسلم القشيري روى عن الامام عليهالسلام ثمانية وستين حديثاً مع الاحاديث المتكررة عنه في صحيحه،وروى عن أبي هريرة ألفا وخمسين حديثاً كذلك (8).
بل وصلتْ نتيجةُ عدم الاهتمام بهذا الشخص الذي أُمِرْنا باتباعه وأخذ العلم والدين منه إلى الجهل بمحل دفنه ومرقده المقدس.
المبشرون بالجنة :
ومما أثار الشبهة في ذهني : أنه قد وردت روايات صحيحة مستفيضة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في بشارة بعض الصحابة بالجنة : كحمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة وأبي ذر الغفاري ومقداد بن الاسود وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم.
بل يوجد من بين هؤلاء من بلغوا إلى درجة من الاهمية حتى كان سبباً لان يوجب الله على نبيه أن يحبهم ، كما روي عن بريدة بعدة طرق بعضها صحيحة وبعضها حسنة : أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنّه يحبهم » ، قيل يارسول الله سمهم لنا ، قال : « علي منهم » ـ يقول ذلك ثلاثا ـ « وأبوذر والمقداد وسلمان ، وأمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم ».
أخرجه أحمد وابنه عبد الله والقطيعي والترمذي وابن ماجه وأبو نعيم وابن عساكر وغيرهم ، وأخرجه الحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (9).
وجاء في حديث صحيح مروي عن أنس : أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « إن الجنة لتشتاق إلى علي وعمار وسلمان ».
وقد روي في ذلك عن علي عليهالسلام وحذيفة بن اليمان أيضا (10).
ورغم كل ذلك لم يُروّجوها بين الناس ، وعندما وجدوا رواية واحدة فيها بشارة بالجنة لعشرة أشخاص ـ وجلّهم من الذين كان مدحهم ينفع السلطة الحاكمة وسياستها ـ أذاعوها بين الناس وحفَّظوها صبيانهم ونساءهم ، وحرروها في كتبهم العقائدية بأن المبشرين بالجنة كانوا عشرة نفر ، فلم كل هذا؟! مع أن الحديث ليس بصحيح ، بل الظاهر أنه وضع في مقابل حديث ( الطير ) وحديث ( أول داخل ) الواردين في حق أميرالمؤمنين عليهالسلام.
عن أنس بن مالك أنه قال : أُهديَ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم طير مشوي ، فلما وضع بين يديه ، قال : « اللهم ائتني بأحب خلقك إليك ، يأكل معي من هذا الطائر » ، قال : فقلت في نفسي : اللهم اجعله رجلاً من الانصار ، قال : فجاء علي ، فقرع الباب قرعاً خفيفاً ، فقلت : من هذا؟ فقال : علي ، فقلت : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على حاجة! فانصرف ، قال : فرجعت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول الثانية : « اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير » ، فقلت في نفسي : اللهم اجعله رجلاً من الانصار ، قال : فجاء علي فقرع الباب ، فقلت : ألم أخبرك أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على حاجة!! فانصرف ، قال : فرجعت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول الثالثة : « اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر » ، فجاء علي فضرب الباب ضرباً شديداً ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إفتح ، إفتح ، إفتح » ، قال : فلما نظر إليه رسول الله ، قال : « اللهم وإليّ ، اللهم وإليّ ، اللهم وإليّ » ، قال : فجلس مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأكل معه من الطير.
أخرجه الحاكم ، وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وقد رواه عن أنس جماعة من أصحابه زيادة على ثلاثين نفساً ، ثم صحّت الرواية عن علي وأبي سعيد وسفينة ....
وقال الذهبي : وأمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جداً قد افردتها بمصنّف ، ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل.
أقول : وهو مروي عن عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله ويعلى بن مرة وعمرو بن العاص أيضاً.
وأخرج ابن المغازلي الشافعي هذا الحديث بعدة طرق ، ثم قال : قال أسلَم : روى هذا الحديث عن أنس بن مالك يوسف بن إبراهيم الواسطي واسماعيل بن سليمان الازرق والزهري وإسماعيل السدي وإسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة وثمامة بن عبد الله بن أنس وسعيد بن زربي.
وقال ابن سمعانة سعيد بن زربي إنما حدث به عن ثابت عن أنس ، وقد روى جماعة عن أنس منهم سعيد بن المسيب وعبد الملك بن عمير ومسلم الملائي وسليمان بن الحجاج الطائفي وابن أبي رجال المدني وأبو الهندي وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر ويغنم بن سالم بن قنبر وغيرهم. انتهى كلامه.
وأخرجه أبو نعيم الاصفهاني في الحلية ، وقال : رواه الجم الغفير عن أنس.
وأخرجه الكنجي الشافعي بعدة طرق ، ثم قال : وحديث أنس الذي صدرته في أول الباب أخرجه الحاكم أبو عبد الله الحافظ النيسابوري عن ستة وثمانين رجلاً كلهم رووه عن أنس ، وهذا ترتيبهم على حروف المعجم ... ثم ذكر أسمائهم ، فمن أراد فليراجع [ كفاية الطالب ] له.
ورواه ابن عساكر في تاريخه بطرق كثيرة ، وابن عدي في الكامل.
وأورده ابن الجوزي في تذكرته ، ثم قال : قال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري : حديث الطائر صحيح ، يلزم البخاري ومسلم اخراجه في صحيحيهما لان رجاله ثقات وهو من شرطهما (11).
وعن أنس بن مالك أنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا أنس ، اسكب لي وضوئي » ، ثم قام فصلى ركعتين ، ثم قال : « يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين وخاتم الوصيين » قال أنس : قلت : اللهم اجعله رجلاً من الانصار ، وكتمته ، إذ جاء علي ، فقال : « من هذا يا أنس؟ » فقلت : علي ، فقام مستبشراً فاعتنقه ، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه ويمسح عرق علي بوجهه ، قال علي : يا رسول الله ، لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل! قال : « وما يمنعني وأنت تؤدّي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي » ، قال أبو نعيم : رواه جابر الجعفي عن أبي طفيل عن أنس نحوه.
وأخرجه ابن عساكر ومحمد بن سليمان من طرق ، والموفق بن أحمد والجويني عن أنس بن مالك (12).
المصادر :
1- الامامة والسياسة لابن قتيبة : 1 / 30 ـ 32 ، العقد الفريد : 5 / 13 ، تاريخ أبي الفداء : 1 / 219 ، شرح نهج البلاغة : 6 / 48 ـ 49 ، صحيح مسلم 12 / 320 ـ 325 ح : 1759 ، شرح نهج البلاغة : 6 / 11 ، تاريخ المدينة لابن شبة : 1 / 110.
2- ـ حلية الاولياء : 1 / 63 ـ 64 ، سنن الترمذي : 5 / 402 ح : 3744 ، المستدرك : 3 / 126 ـ 127 و 129 ، مصابيح السنة : 2 / 451 ح : 2687 ب : 31 .
3- الدر المنثور : 8 / 267 حول آية : 12 من سورة الحاقة ، حلية العلماء : 1 / 67 ، شواهد التنزيل : 2 / 363 ـ 377 ح : 1008 ـ 1027 ، مجمع الزوائد : 1 / 131 ، كنز العمال : 13 / 135 ـ 136 و 177 ح : 36426 و 36525 .
4- منتخب كنز العمال : 5 / 33 ، المستدرك : 3 / 122 ، تاريخ دمشق : 42 / 387 ، المناقب للخوارزمي / 329 ح : 346 ، كنز العمال : 11 / 615 ح : 32983.
5- كنز العمال : 11 / 614 ح : 32981.
6- فتح الملك العلي / 19 ، كنز العمال : 13 / 164 و 165 ح : 36420 و 36500 ، فرائد السمطين : 1 / 101 ح : 70 ، ينابيع المودة / 77 ـ 78 ب : 14.
7- الاصابة في تمييز الصحابة : 4 / 467 م : 5704 ، الاستيعاب : 3 / 208 في ترجمة علي عليهالسلام ، فتح الملك العلي / 37 ـ 38 ، جواهر المطالب : 1 / 204 ، جامع المسانيد والسنن : 19 / 16 ، تاريخ دمشق : 42 / 397 ـ 400 ، .
8- هدى الساري مقدمة فتح الباري / 660 و 661 ، الفهارس لصحيح مسلم بشرح النووي / 396 ـ 422 و 500 و 501.
9- سنن الترمذي : 5 / 400 ح : 3739 ، المستدرك : 3 / 130 ، مسند أحمد : 5 / 351 و 356 ، وابن ماجه في المقدمة : 1 / 53 ح 149 ، مناقب علي عليهالسلام لابن المغازلي / 290 ـ 292 ح : 331 ـ 333 .
10- مناقب علي بن أبي طالب لابن أخي تبوك / 436 ح : 21 ، سنن الترمذي : 5 / 438 ح : 3822 ، المستدرك مع تلخيصه وصححاه : 3 / 137 ، الصواعق المحرقة / 125 ، .
11- حلية الاولياء : 1 / 63 و 6 / 339 ، المعجم الكبير : 7 / 82 ح : 6437 و 1 / 253 ح : 730 ، المعجم الاوسط : 2 / 443 ح : 1765 و 10 / 171 ـ 172 ح : 9368 ،
12- حلية الاولياء : 1 / 63 ، شرح نهج البلاغة : 9 / 169 ، مختصر تاريخ دمشق : 17 / 376 ، المناقب للخوارزمي / 85 ح : 75 ، كفاية الطالب / 184 ، تاريخ دمشق : 42 / 303 و 386 ، فرائد السمطين : 1 / 145 ح : 109 ب : 27 ، ينابيع المودة / 313