الشيعة في الشرق الاوسط

قال ابن خلدون عن الحاكم بأمر الله العبيدي الذي ولي الخلافة في مصر( 386 ـ 411 ) وأمّا مذهبه في الرافضة فمعروف ، ولقد كان مضطرباً فيه مع ذلك ، فكان يأذن في صلاة التراويح ثمّ ينهى عنها ، وكان يرى بعلم النجوم
Tuesday, April 4, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الشيعة في الشرق الاوسط
الشيعة في الشرق الاوسط

 





 

قال ابن خلدون عن الحاكم بأمر الله العبيدي الذي ولي الخلافة في مصر( 386 ـ 411 ) وأمّا مذهبه في الرافضة فمعروف ، ولقد كان مضطرباً فيه مع ذلك ، فكان يأذن في صلاة التراويح ثمّ ينهى عنها ، وكان يرى بعلم النجوم ويُؤثِره. ويُنقل عنه أنه منع النساء من التصرف في الأسواق ، ومنع من أكل الملوخيا ، ورفع إليه أن جماعة من الروافض تعرّضوا لأهل السنّة في التراويح بالرجم ، وفي الجنائز ، فكتب في ذلك سجلاً قُرئ على المنبر بمصر كان فيه : أمّا بعد ، فإنّ أمير المؤمنين يتلو عليكم من كتاب الله المبين ( لا إكراه في الدّين ) ...
إلى أن يقول : يصوم الصائمون على حسابهم ويفطرون ، ولا يعارض أهل الرؤية فيما هم عليه صائمون ومفطرون ، صلاة الخمس للدين بها جاءهم فيها يصلون ، وصلاة الضحى وصلاة التراويح لا مانع لهم منها ، ولا هم عنها يُدَفعون ، يخمّس في التكبير على الجنائز المخمّسون ، ولا يمنع من التكبير عليها المربّعون ، يؤذن بـ « حيّ على خير العمل » المؤذّنون ، ولا يؤذى من بها لا يؤذنون... ولا يؤذن من بها لا يؤذنون... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كتب في رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة(1).
وقال ابن الأثير في الكامل عن سبب قتله « ... وقيل كان سبب قتله أنّ أهل مصر كانوا يكرهونه لما يظهر منه من سوء أفعاله ، فكانوا يكتبون إليه الرِّقاع فيها سَبّه ، ـ إلى أن يقول ـ : منها أنه أمر في صدر خلافته بسبّ الصحابة رضي الله عنهم ، وأن تكتب على حيطان الجوامع والأسواق ، وكتب إلى سائر عماله بذلك ، وكان ذلك في سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.
ثمّ أمر في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة بترك صلاة التراويح ، فاجتمع الناس بالجامع العتيق ، وصلّى بهم [ إماماً ] جميع رمضان ، فأخذه وقتله ، ولم يصلِّ أحد التراويح إلى سنة ثمان وأربعمائة ، فرجع عن ذلك وأمر بإقامتها على العادة.
وبنى الجامع براشدة ، وأخرج إلى الجوامع والمساجد من الآلات والمصاحف ، والستور والحصر ما لم ير الناس مثله ، وحمل أهل الذمة على الإسلام ، أو المسير إلى مأمنهم ، أو لبس الغيار ، فأسلم الكثير منهم ، ثمّ كان الرجل منهم بعد ذلك يلقاه فيقول له : إني أريد العود إلى ديني ، فيأذن له ، ومنع النساء من الخروج من بيوتهن...(2)
وممّا يجب التنويه به هنا هو أن الحكام ـ بوصفهم حكّاماً ـ قد يتخذون بعض المواقف لمصلحة ، وقد تتدخل السياسة في بعض تصرفاتهم ، ولا أستثني الفاطميين من العباسيين أو العكس ، فهم بشر كغيرهم لهم ميولاتهم ونزعاتهم ، ولا يمكن النجاة من ذلك إلاّ بالإمام المعصوم.
بل الذي ذكرناه أو نذكره ما هو إلاّ بيان لامتداد النهجين ، وإن استُغلّ من قبل الحكام في بعض الحالات.

اليمامة ( سنة 394هـ )

ذكر ناصر خسرو المروزي الملقّب بحجّة المتوفّى سنة 450هـ في رحلته وعند حديثه عن أحوال مدينة اليمامة : ... وأمراؤها علويّون منذ القديم ، ولم ينتزع أحد هذه الولاية منهم.... ومذهبهم الزيديّة ، ويقولون في الإقامة ( محمّد وعليّ خير البشر وحيّ على خير العمل )(3).

المدينة / مصر ( سنة 400هـ )

جاء في ( النجوم الزاهرة ) : أنّ الحاكم بأمر الله العبيدي أرسل إلى مدينة الرسول إلى دار جعفر الصادق مَن فتحها وأخذ منها ما كان فيها من مصحف وسرير والآت . وكان الذي فتحها ختكين العضدي الداعي ، وحمل معه رسوم الأشراف ، وعاد إلى مصر بما وجد في الدار . وخرج معه من شيوخ العلوية جماعة ، فلمّا وصلوا إلى الحاكم أطلق لهم نفقات قليلة وردّ عليهم السرير وأخذ الباقي ، وقال : أنا أحقّ به ، فانصرفوا داعين عليه ، وشاع فعله في الأمور التي خرق العادات فيها ودعي عليه في أعقاب الصلوات ، وظوهر بذلك فأشفق فخاف ، وأمر بعمارة دار العلم وفرشها ، ونقل إليها الكتب العظيمة وأسكنها من شيوخ السنّة شيخين يُعرف أحدهما بأبي بكر الأنطاكي ، وخلع عليهما وقرّبهما ورسم لهما بحضور مجلسه وملازمته ، وجمع الفقهاء والمحدثين إليها وأمر أن يقرأَ بها فضائل الصحابة ، ورفع عنهم الاعتراض في ذلك ، وأطلق صلاة التراويح والضحى ، وغيَّر الأذان وجعل مكان « حيّ على خير العمل » « الصلاة خير من النوم » ، وركب بنفسه إلى جامع عمرو بن العاص وصلّى فيه الضحى ، وأظهر الميل إلى مذهب مالك والقول به.. وأقام على ذلك ثلاث سنين ، وفعل ما لم يفعله أحد.
ثمّ بدا له بعد ذلك فقتل الفقيه أبا بكر الانطاكي والشيخ الآخر وخَلقاً كثيراً من أهل السنّة ، لا لأمر يقتضي ذلك ، وفَعَلَ ذلك كلّه في يوم واحد ، وأغلق دار العلم ، ومنع من جميع ما كان فعله(4).
وقال المقريزي في ( المواعظ والاعتبار ) : ... وفي صفر سنة أربعمائة شُهِر جماعة بعد أن ضربوا بسبب بيع الفقاع والملوخيا لانه كان قد قرئ في سنة 395 سِجِلٌ فيه منع الناس من تناول الملوخيا أكلة معاوية ابن أبي سفيان المفضَّلة ومنعهم من أكل البقلة المسماة بالجرجير المنسوبة إلى عائشة ومن المتوكّلية المنسوبة إلى المتوكّل ، والمنع من عجين الخبز بالرِّجل ، والمنع من أكل الدلينس ، وكان في هذا الكتاب أيضاً : المنع من عمل الفقاع وبيعه في الأسواق ، لما يؤثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من كراهية شرب الفقاع ، وضرب في الطرقات والأسواق بالجرس ونودي أن لا يدخل أحد الحمام إلاّ بمئزر ، ولا تكشف امراة وجهها في طريق ولا خلف جنازة ولا تتبرج ، ولا يباع شيء من السمك بغير قشر ولا يصطاده أحد من الصيادين (5)
والدلينس والترمس ، وفي تاسع عشر شهر شوّال أمر الحاكم بأمر الله برفع ما كان يؤخذ من الخمس والزكاة والفطرة والنجوى ، وأبطل قراءة مجالس الحكمة في القصر ، وأمر بردّ التثويب في الأذان ، وأذّن للناس في صلاة الضحى وصلاة التراويح ، وأمرالمؤذّنين بأسرهم في الأذان بأن لا يقولوا « حيّ على خير العمل » ، وأن يقولوا في الأذان للفجر : « الصلاة خير من النوم » ، ثمّ أمر في ثاني عشر من ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعمائة بإعادة قول « حيّ على خير العمل » في الأذان وقطع التثويب وترك قولهم « الصلاة خير من النوم » ، ومنع من صلاة الضحى وصلاة التراويح ، وفتح باب الدعوة ، وأعيدت قراءة المجالس بالقصر على ما كانت ، وكان بين المنع من ذلك والأذان فيه خمسة أشهر.
وضُرب في جمادى من هذه السنة جماعة وشُهروا بسبب بيع الملوخيا والسمك الذي لا قشر له وشرب المسكرات وتتبّع السكارى فضيّق عليهم(6).
وفي السادس والعشرين منه [ من المحرم سنة 401هـ ] قرئ بجامع مصر سجلّ يتضمن النهي عن معارضة الحاكم فيما يفعله وترك الخوض فيما لا يعني ، وإعادة « حيّ على خير العمل » إلى الأذان وإسقاط « الصلاة خير من النوم » والنهي عن صلاة التراويح والضحى...(7)

بغداد ( سنة 441 ـ 442هـ )

ذكر ابن الأثير في حوادث هذه السنة : ... وفيها مُنع أهل الكرخ من النَّوح ، وفعل ما جرت عادتهم بفعله يوم عاشوراء ، فلم يقبلوا وفعلوا ذلك ، فجرى بينهم وبين السنيّة فتنة عظيمة قُتل فيها وجرح كثير من الناس ، ولم ينفصل الشرّ بينهم حتّى عبر الأتراك وضربوا خيامهم عندهم فكفّوا حينئذ.
ثمّ شرع أهل الكرخ في بناء سور على الكرخ ، فلمّا رآهم السنيّة من القلاّئين ومن يجري مجراهم شرعوا في بناء سور على سوق القلاّئين ، وأخرج الطائفتان في العمارة مالاً جليلاً ، وجرت بينهما فتن كثيرة ، وبطلت الأسواق وزاد الشر حتّى انتقل كثير من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي فأقاموا به.
وتقدّم الخليفة إلى أبي محمّد بن النسوي بالعبور وإصلاح الحال وكفّ الشر ، فسمع أهل الجانب الغربي ذلك فاجتمع السنة والشيعة على المنع منه ، وأذّنوا في القلاّئين وغيرها بـ « حيّ على خير العمل » وأذّنوا في الكرخ بـ « الصلاة خير من النوم » وأظهروا الترحّم على الصحابة ، فبطل عبوره(8).
وفي ( المنتظم ) وضمن بيان حوادث سنة 442هـ : ... انّه ندب أبو محمّد النسوي للعبور وضبط البلد ، ثمّ اجتمع العامّة من أهلِ الكرخ والقلاّئين وباب الشعير وباب البصرة على كلمة واحدة في أنه متى عبر ابن النسوي أحرقوا أسواقهم وانصرفوا عن البلد ، فصار أهل الكرخ إلى باب نهر القلاّئين ، فصلّوا فيه وأذنوا في المشهد « حيّ على خير العمل » وأهل القلاّئين بالعتيقة والمسجد بالبزّازين بـ « الصلاة خير من النوم » واختلطوا واصطلحوا وخرجوا إلى زيارة المشهدين مشهد عليّ والحسين(9).
وفي ( تاريخ أبي الفداء ) : ... وقعت الفتنة ببغداد بين السنّة والشيعة ، وعَظُم الأمر حتّى بطلت الأسواق ، وشرع أهل الكرخ في بناء سور عليهم محيطاً بالكرخ ، وشرع السنّة من القلاّئين ومن يجري مجراهم في بناء سور على سوق القلائين ، وكان الأذان بأماكن الشيعة بـ « حيّ على خير العمل » وبأماكن السنة « الصلاة خير من النوم »(10).
وفي ( النجوم الزاهرة ) : ... فيها كان من العجائب أنّه وقع الصلح بين أهل السنّة والرافضة وصارت كلمتهم واحدة ، وسبب ذلك : أن أبا محمّد النسوي ولي شرطة بغداد وكان فاتكاً ، فاتّفقوا على أنّه متى رحل إليهم قَتَلوه ، واجتمعوا وتحالفوا ، وأُذّن بباب البصرة « حيّ على خير العمل » ، وقرئ في الكرخ فضائل الصحابة ، ومضى أهل السنة والشيعة إلى مقابر قريش ، فعدّ ذلك من العجائب ، فإنّ الفتنة كانت قائمة والدماء تُسكب والملوك والخلفاء يعجزون عن ردّهم حتّى ولي هذا الشرطة ، فتصالحوا على هذا الأمر اليسير(11).
المصادر :
1- تاريخ ابن خلدون 4 : 60 ـ 61.
2- الكامل في التاريخ 7 : 305 حوادث سنة 411.
3- سفر نامه ناصر خسرو : 122.
4- النجوم الزاهرة 4 : 222 ـ 223.
5- المواعظ والاعتبار 2 : 341
6- المواعظ والاعتبار 2 : 342.
7- نهاية الارب في فنون الادب / الفن 5 / القسم 5 / الباب 12 اخبار الملوك العبيديون.
8- الكامل في التاريخ 8 : 53.
9- المنتظم 15 : 325.
10- تاريخ أبي الفداء 1 : 170.
11- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 5 : 49.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.