
قيّد التاريخ بين صفحاته بأنّ « حيّ على خير العمل » كانت شعاراً للشيعة على مرّ العصور ، ومؤشِّراً على تشيِّع حكومات وحركات ثورية عديدة ، مضافاً إلى الإجماع القاطع عليها من قَبِل أهل البيت ، وقد مرّ عليك أنّ حجّة شرعيّتها هو إجماع أهل البيت على الإتيان بها ، وقد نوه الشوكانيّ والأمير الصنعانيّ وغيرهما إلى حجية إجماع أهل البيت.
قال القائم : أيّ شيء تساوي خطبتهم وهم يؤذنون « حيّ على خير العمل »(1) ؟!
كما وقفت على المناظرة الطويلة التي ناظرها أبي هاشم أمير مكّة وقوله لهم : هذا أذان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(2).
ومن المؤثّرات الأُخرى التي يمكن لنا أن نجعلها دليلاً شاخصاً على شعاريّة « حيّ على خير العمل » للشيعة هو ما كُتِب على المساجد والحسينيّات والتكايا القديمة ، التي هي اليوم من المعالَم الأثريّة والحضاريّة للمسلمين في مختلف بقاع العالَم ، وحتّى حديثاً فقد ذكر مؤلف كتاب تاريخ مسجد الكوفة ، بأنَّ أمجد عليّ شاه أمر بكتابة « محمّد وعليّ خير البشر ، فمَن رضى فقد شكر ، ومَن أبى فقد كفر » على مأذنة مسجد الكوفة ، وكذا الحال في روضة مسلم بن عقيل.
قال الشيخ محمد رضا المظفر في ترجمته لصاحب جواهر الكلام الشيخ محمد حسن النجفي : ومن آثار الشيخ بناء مأذنة مسجد الكوفة وروضة مسلم بن عقيل... وكان ذلك ببذل ملك الهند أمجد علي شاه وقد أرخ الشيخ ابراهيم صادق ذلك من قصيدة مدح بها الشيخ والملك هذا ، فقال مؤرخاً للمأذنة في آخرها : .
واستنار الافق من مأذنه*** أذن الله بأن ترقى زحل
لهج الذاكر في تأريخها*** علناً حيّ على خير العمل
كما يمكننا ملاحظة شعاريّة « حيّ على خير العمل » في آثار شمال أفريقيّا التاريخيّة في المغرب والجزائر وتونس ، إذ انتشر التشيّع هناك بعد شهادة محمّد بن عبدالله بن الحسن ذي النفس الزكيّة ، وذلك بعد أن تفرّق الشيعة في مختلف أرجاء المعمورة ، وراحوا يتنفسون الصعداء بعيداً عن سطوة الحكومات الجائرة. (3)
وبهذا فقد ثبت لك مما سبق وجود اتجاهين عند المسلمين :
أحدهما : يتبع الخلفاء ويتّخذ الاجتهاد والرأي حتى على حساب القرآن والسنة في استنباطه.
والآخر : يأخذ بكـلام أهل البـيت والنص القـرآني والنبـوي ولا يرتضي الرأي.
وكان الاتجاهان على تضاد فيما بينهما ، فالذي لا يرتضي خلافة الإمام عليّ بن أبي طالب وولده لا يحبذ شعارية ( حيّ على خير العمل ).
أمّا الذي يعتقد بشرعية خلافة الأوصياء ، ويفهم من الحيعلة الثالثة أنّها دعوة إلى بر فاطمة وولدها الذين هم خير البرية بصريح الكتاب العزيز ـ أي محمّد وعليّ والزهراء والحسن والحسين ـ فيصر على شعاريتها وإن كلفه ذلك الغالي النفيس.
وليس من الاعتباط أن نجد ارتباطاً تاريخياً بين القول بإمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب والقول بشرعية الحيعلة الثالثة ، وبين رفض إمامة أمير المؤمنين والقول برفع الحيعلة الثالثة ، فهي إذن تمثّل أهمّ المسائل الفارقة بين نهج التعبد المحض ، وبين نهج الاجتهاد والرأي.
إنّ ما تنطوي عليه الحيعلة الثالثة من حقيقة الإمامة حينما دخلت الصراع يكشف بلا ريب عن أنّ حلبة هذا الصراع أكبر من كونها نزاعاً حول فصل من فصول الأذان ، وما ( حيّ على خير العمل ) إلاّ نافذة من تلك النوافذ الكثيرة المعبرة عن أصالة نهج التعبد المحض ، شأنها في ذلك شأن التكبير على الجنائز خمساً أو أربعاً ، وحكم الأرجل في الوضوء هل هو المسح أو الغسل ، والقول بمشروعية المتعة وعدمه ، والإرسال أو القبض في الصلاة ، والتختم في اليمين أو الشمال ، والجهر بالبسملة أو إخفاتها ، وعدم شرعية صلاة التراويح والضحى أو شرعيتها ، وحرمة شرب الفقاع وأكل السمك الذي لا قشر له أو حليتهما ، وجواز لبس السواد في محرم والاحتفال بيوم الغدير أو بدعيتهما وإجراء أحكام المواريث والمناكح طبق هذا المذهب أو ذاك و...
فكل هذه المفردات تشير إلى وجود نهج يخالف الحكام وما سنوه من سنن تخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فندرة وجود ما يؤيد هذا النهج في مدرسة الخلفاء لا يخدش في شرعيتها ، بل يؤكّد أصالتها ، وإنّ ثبوتها وبعد أربعة عشر قرناً ـ رغم كلّ الظروف التي مرت بها ـ ليؤكّد ارتباطها واستقاءها من أهل البيت ، وهو الآخر قد وضح لك سر الاختلاف في الوضوء والأذان وغيرها من عشرات المسائل التي اختلف فيها المسلمون والتي لم يذكرها ابن حزم وغيره .
هذا ومما يجب التأكيد عليه هنا هو : أننا حينما نتخذ بعض الحكّام فاطميين كانوا أم عباسيين كنماذج للنهجين لا نريد أن نعتبرهم القدوة والأسوة ، مادحين هذا أو ماسّين بذاك ، فلا يحق لنا أن نسقط تصوّراتنا على هذا المذهب أو ذاك طبق ما عرفناه من أعمال هذا الحاكم أو ذاك ، فهؤلاء أناس لهم سلوكياتهم وتصرفاتهم .
وكلّ ما في الأمر أنهم يلتزمون نهجاً خاصاً ، فقد يكونون متعبدين بما عرفوه من ذلك النهج ، وقد يكونون متجاوزين على أصوله غير عاملين بأوامره ، فلا يمكن القول بأنّ كلّ حكام هذا الفريق كذا ، وحكام ذاك الفريق كذا ، لأن بعض هؤلاء تخطَّوا الموازين ، كما تخطى الطـرف الآخر كذلك ، لكنّ ما نريد بيانه في هذا الفصل هو وجود اتجاه ـ ين عند المسـلمين دون النظر إلى سلوكيات الأفراد والحكومات.
تلخص ممّا سبق عدة اُمور :
أحدها : شرعية « حيّ على خير العمل » ؛ وذلك لاتفاق الفريقين على اصل مشروعيتها ، وانفراد أهل السنة والجماعة بدعوى النسخ ، وقد اثبتنا عدم وقوع النسخ ، ناقلين كلامَ السيد المرتضى :
وقد روت العامة أنّ ذلك ممّا كان يقال في بعض أيام النبيّ صلى الله عليه وآله ، وإنّما ادّعي أنّ ذلك نسخ ورفع ، وعلى من ادعى النسخ الدلالة له ، وما يجدها(4).
وتأذينَ أكثر من ثلاثين رجل من أهل البيت والصحابة بها ، بل وضّحنا إجماع العترة على ذلك ، حاكين في البين ما نقل عن الشافعي وبعض ائمّة المذاهب الأربعة من القول بجزئيتها.
ثمّ عرجنا في الفصل الثاني لبيان سقوطها على عهد عمر بن الخطّاب ، متسائلين عن موقف بلال الحبشي في الحيعلة الثالثة والصلاة خير من النوم ، وهل أنّه أذن للشيخين أم لا ؟ بل ما هو موقفه اتجاه أهل البيت ، وما موقف أهل البيت اتجاهه ؟ وقد توصلنا إلى كونه لم يؤذن إلاّ للزهراء والحسنين ، وأنّ خروجه إلى الشام كان اعتراضاً على السياسة الحاكمة.
هذا وقد تكلمنا في الفصل الثالث عن معنى « حيّ على خير العمل » وأنّها دعوة إلى الولاية ، مبينين الأسباب التي دعت عمر بن الخطاب لحذفها ، مشيرين إلى بعض العلل الخفية في هذا الأمر ، موضحين ذلك من خلال القرآن المجيد والسنة المطهرة وكلام الإمام الكاظم عليه السلام .
أمّا الكلام في الفصل الرابع فكان عن تاريخها العقائدي والسياسي وما حدث في بغداد وغيرها من الفتن ، مشيرين إلى التأذين بها في حلب ، وبغداد ، ومصر ، وحمص ، والاندلس ، والهند ، وإيران ، ومكّة ، والمدينة ، واليمامة ، والقطيف ، و... على مر العصور والأيّام.
كلّ ذلك ضمن بياننا للسير التاريخي للأحداث ، والدول التي حكمت البلدان ، فاطمية كانت أم عباسية ، بويهية كانت أم سلجوقية و.. مؤكدين بأن الحيعلة الثالثة ما هي إلاّ نافذة من النوافذ الكثيرة في التاريخ والشريعة كالجهر بالبسملة والجمع بين الصلاتين وعدم جواز المسح على الخفين و...
والمشيرة إلى وجود اتجاهين بعد رسول الله : أحدهما أتباع أهل البيت ، والآخر أتباع الخلفاء ، وأن « حيّ على خير العمل » كانت شعار الشيعة والطالبيين على مر الدهور ، وكان حذفها وإبدالها بـ « الصلاة خير من النوم » شعار أهل السنة والجماعة.
اللّهم أرنا الحقَّ حقّاً فنتّبعه ، والباطل باطلاً فنجتنبه ، واجعل هوانا في طاعتك وطاعة نبيك وأوليائك المخلَصين ، واهدنا لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
اللّهم عرّفنا ما نجهل من كتابك ، وعلّمنا ما لا نعلم من سنّة نبيّك ، وبصّرنا بما لا نبصر من أسرار حكمك ، واجعلنا أبراراً أتقياء برحمتك يا أرحم الراحمين ، آمين ربَّ العالمين.
المصادر:
1- الكامل 10 : 64.
2- النجوم الزاهرة 5 : 92.
3- جواهر الكلام 1 : 21.
4- الانتصار : 39.
قال القائم : أيّ شيء تساوي خطبتهم وهم يؤذنون « حيّ على خير العمل »(1) ؟!
كما وقفت على المناظرة الطويلة التي ناظرها أبي هاشم أمير مكّة وقوله لهم : هذا أذان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(2).
ومن المؤثّرات الأُخرى التي يمكن لنا أن نجعلها دليلاً شاخصاً على شعاريّة « حيّ على خير العمل » للشيعة هو ما كُتِب على المساجد والحسينيّات والتكايا القديمة ، التي هي اليوم من المعالَم الأثريّة والحضاريّة للمسلمين في مختلف بقاع العالَم ، وحتّى حديثاً فقد ذكر مؤلف كتاب تاريخ مسجد الكوفة ، بأنَّ أمجد عليّ شاه أمر بكتابة « محمّد وعليّ خير البشر ، فمَن رضى فقد شكر ، ومَن أبى فقد كفر » على مأذنة مسجد الكوفة ، وكذا الحال في روضة مسلم بن عقيل.
قال الشيخ محمد رضا المظفر في ترجمته لصاحب جواهر الكلام الشيخ محمد حسن النجفي : ومن آثار الشيخ بناء مأذنة مسجد الكوفة وروضة مسلم بن عقيل... وكان ذلك ببذل ملك الهند أمجد علي شاه وقد أرخ الشيخ ابراهيم صادق ذلك من قصيدة مدح بها الشيخ والملك هذا ، فقال مؤرخاً للمأذنة في آخرها : .
واستنار الافق من مأذنه*** أذن الله بأن ترقى زحل
لهج الذاكر في تأريخها*** علناً حيّ على خير العمل
كما يمكننا ملاحظة شعاريّة « حيّ على خير العمل » في آثار شمال أفريقيّا التاريخيّة في المغرب والجزائر وتونس ، إذ انتشر التشيّع هناك بعد شهادة محمّد بن عبدالله بن الحسن ذي النفس الزكيّة ، وذلك بعد أن تفرّق الشيعة في مختلف أرجاء المعمورة ، وراحوا يتنفسون الصعداء بعيداً عن سطوة الحكومات الجائرة. (3)
وبهذا فقد ثبت لك مما سبق وجود اتجاهين عند المسلمين :
أحدهما : يتبع الخلفاء ويتّخذ الاجتهاد والرأي حتى على حساب القرآن والسنة في استنباطه.
والآخر : يأخذ بكـلام أهل البـيت والنص القـرآني والنبـوي ولا يرتضي الرأي.
وكان الاتجاهان على تضاد فيما بينهما ، فالذي لا يرتضي خلافة الإمام عليّ بن أبي طالب وولده لا يحبذ شعارية ( حيّ على خير العمل ).
أمّا الذي يعتقد بشرعية خلافة الأوصياء ، ويفهم من الحيعلة الثالثة أنّها دعوة إلى بر فاطمة وولدها الذين هم خير البرية بصريح الكتاب العزيز ـ أي محمّد وعليّ والزهراء والحسن والحسين ـ فيصر على شعاريتها وإن كلفه ذلك الغالي النفيس.
وليس من الاعتباط أن نجد ارتباطاً تاريخياً بين القول بإمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب والقول بشرعية الحيعلة الثالثة ، وبين رفض إمامة أمير المؤمنين والقول برفع الحيعلة الثالثة ، فهي إذن تمثّل أهمّ المسائل الفارقة بين نهج التعبد المحض ، وبين نهج الاجتهاد والرأي.
إنّ ما تنطوي عليه الحيعلة الثالثة من حقيقة الإمامة حينما دخلت الصراع يكشف بلا ريب عن أنّ حلبة هذا الصراع أكبر من كونها نزاعاً حول فصل من فصول الأذان ، وما ( حيّ على خير العمل ) إلاّ نافذة من تلك النوافذ الكثيرة المعبرة عن أصالة نهج التعبد المحض ، شأنها في ذلك شأن التكبير على الجنائز خمساً أو أربعاً ، وحكم الأرجل في الوضوء هل هو المسح أو الغسل ، والقول بمشروعية المتعة وعدمه ، والإرسال أو القبض في الصلاة ، والتختم في اليمين أو الشمال ، والجهر بالبسملة أو إخفاتها ، وعدم شرعية صلاة التراويح والضحى أو شرعيتها ، وحرمة شرب الفقاع وأكل السمك الذي لا قشر له أو حليتهما ، وجواز لبس السواد في محرم والاحتفال بيوم الغدير أو بدعيتهما وإجراء أحكام المواريث والمناكح طبق هذا المذهب أو ذاك و...
فكل هذه المفردات تشير إلى وجود نهج يخالف الحكام وما سنوه من سنن تخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فندرة وجود ما يؤيد هذا النهج في مدرسة الخلفاء لا يخدش في شرعيتها ، بل يؤكّد أصالتها ، وإنّ ثبوتها وبعد أربعة عشر قرناً ـ رغم كلّ الظروف التي مرت بها ـ ليؤكّد ارتباطها واستقاءها من أهل البيت ، وهو الآخر قد وضح لك سر الاختلاف في الوضوء والأذان وغيرها من عشرات المسائل التي اختلف فيها المسلمون والتي لم يذكرها ابن حزم وغيره .
هذا ومما يجب التأكيد عليه هنا هو : أننا حينما نتخذ بعض الحكّام فاطميين كانوا أم عباسيين كنماذج للنهجين لا نريد أن نعتبرهم القدوة والأسوة ، مادحين هذا أو ماسّين بذاك ، فلا يحق لنا أن نسقط تصوّراتنا على هذا المذهب أو ذاك طبق ما عرفناه من أعمال هذا الحاكم أو ذاك ، فهؤلاء أناس لهم سلوكياتهم وتصرفاتهم .
وكلّ ما في الأمر أنهم يلتزمون نهجاً خاصاً ، فقد يكونون متعبدين بما عرفوه من ذلك النهج ، وقد يكونون متجاوزين على أصوله غير عاملين بأوامره ، فلا يمكن القول بأنّ كلّ حكام هذا الفريق كذا ، وحكام ذاك الفريق كذا ، لأن بعض هؤلاء تخطَّوا الموازين ، كما تخطى الطـرف الآخر كذلك ، لكنّ ما نريد بيانه في هذا الفصل هو وجود اتجاه ـ ين عند المسـلمين دون النظر إلى سلوكيات الأفراد والحكومات.
تلخص ممّا سبق عدة اُمور :
أحدها : شرعية « حيّ على خير العمل » ؛ وذلك لاتفاق الفريقين على اصل مشروعيتها ، وانفراد أهل السنة والجماعة بدعوى النسخ ، وقد اثبتنا عدم وقوع النسخ ، ناقلين كلامَ السيد المرتضى :
وقد روت العامة أنّ ذلك ممّا كان يقال في بعض أيام النبيّ صلى الله عليه وآله ، وإنّما ادّعي أنّ ذلك نسخ ورفع ، وعلى من ادعى النسخ الدلالة له ، وما يجدها(4).
وتأذينَ أكثر من ثلاثين رجل من أهل البيت والصحابة بها ، بل وضّحنا إجماع العترة على ذلك ، حاكين في البين ما نقل عن الشافعي وبعض ائمّة المذاهب الأربعة من القول بجزئيتها.
ثمّ عرجنا في الفصل الثاني لبيان سقوطها على عهد عمر بن الخطّاب ، متسائلين عن موقف بلال الحبشي في الحيعلة الثالثة والصلاة خير من النوم ، وهل أنّه أذن للشيخين أم لا ؟ بل ما هو موقفه اتجاه أهل البيت ، وما موقف أهل البيت اتجاهه ؟ وقد توصلنا إلى كونه لم يؤذن إلاّ للزهراء والحسنين ، وأنّ خروجه إلى الشام كان اعتراضاً على السياسة الحاكمة.
هذا وقد تكلمنا في الفصل الثالث عن معنى « حيّ على خير العمل » وأنّها دعوة إلى الولاية ، مبينين الأسباب التي دعت عمر بن الخطاب لحذفها ، مشيرين إلى بعض العلل الخفية في هذا الأمر ، موضحين ذلك من خلال القرآن المجيد والسنة المطهرة وكلام الإمام الكاظم عليه السلام .
أمّا الكلام في الفصل الرابع فكان عن تاريخها العقائدي والسياسي وما حدث في بغداد وغيرها من الفتن ، مشيرين إلى التأذين بها في حلب ، وبغداد ، ومصر ، وحمص ، والاندلس ، والهند ، وإيران ، ومكّة ، والمدينة ، واليمامة ، والقطيف ، و... على مر العصور والأيّام.
كلّ ذلك ضمن بياننا للسير التاريخي للأحداث ، والدول التي حكمت البلدان ، فاطمية كانت أم عباسية ، بويهية كانت أم سلجوقية و.. مؤكدين بأن الحيعلة الثالثة ما هي إلاّ نافذة من النوافذ الكثيرة في التاريخ والشريعة كالجهر بالبسملة والجمع بين الصلاتين وعدم جواز المسح على الخفين و...
والمشيرة إلى وجود اتجاهين بعد رسول الله : أحدهما أتباع أهل البيت ، والآخر أتباع الخلفاء ، وأن « حيّ على خير العمل » كانت شعار الشيعة والطالبيين على مر الدهور ، وكان حذفها وإبدالها بـ « الصلاة خير من النوم » شعار أهل السنة والجماعة.
اللّهم أرنا الحقَّ حقّاً فنتّبعه ، والباطل باطلاً فنجتنبه ، واجعل هوانا في طاعتك وطاعة نبيك وأوليائك المخلَصين ، واهدنا لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
اللّهم عرّفنا ما نجهل من كتابك ، وعلّمنا ما لا نعلم من سنّة نبيّك ، وبصّرنا بما لا نبصر من أسرار حكمك ، واجعلنا أبراراً أتقياء برحمتك يا أرحم الراحمين ، آمين ربَّ العالمين.
المصادر:
1- الكامل 10 : 64.
2- النجوم الزاهرة 5 : 92.
3- جواهر الكلام 1 : 21.
4- الانتصار : 39.