مواقف الوهابيّة

ألم يأتك حديث البدعة الذي قاله الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله منذ مئات السنين ، يحذّرنا منها ويصفها لنا بدقّة ، ويبيّن أفكارها ، ويخبر عن أصحابها ومكانهم في الدار الآخرة.
Thursday, April 27, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
مواقف الوهابيّة
مواقف الوهابيّة




 

ألم يأتك حديث البدعة الذي قاله الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله منذ مئات السنين ، يحذّرنا منها ويصفها لنا بدقّة ، ويبيّن أفكارها ، ويخبر عن أصحابها ومكانهم في الدار الآخرة.
لقد روت كتب الحديث أنّه (صلوات الله وسلامه عليه وآله) قال : «إنَّ على كلِّ حقيقة نوراً ، وإنَّ شرّ الأمور محدّثاتها ، وإنَّ كلَّ بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالةفي النار» (1).
البدعة : هي إحداث شيء ليس من الدين ، وإلصاقه بالدين والتعبّد به ، أو دعوة الناس إلى التعبّد به. وفي الحديث الشريف : «مَنْ سمعَ ناطقاً فقد عبده ؛ فإنْ كانَ الناطقُ مِنْ عندِ اللهِ فقدْ عبد اللهَ ، وإنْ كانَ منْ عندِ الشَّيطان فقد عبد الشَّيطان» (2).
والحبيب المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله وأئمّة المسلمين كانوا دائماً يحذّرون الأُمّة من البدع الضالة ، وليس هناك بدع حسنة في الدين كما يقول العلماء ، ويتبرؤون منهم ويطردونهم من مجالسهم ؛ حتّى لا يفتتن الضعفاء من الأُمّة بهم.
وقصّة الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله مع ذي الثدية حين دخل المسجد النبوي الشريف فأعجب الصحابة به ، فأمر أبا بكر بأن يأخذ السيف ويضرب عنقه ، ثمّ أمر عمر بذلك بعد أن عاد صاحبه دون أن يفعل بحجّة أنّه كان ساجداً يصلّي ، فعاد عمر بذات الحجّة ، فأخذ السيف أمير المؤمنين علي عليه‌السلام فقال له صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اضرب عنقه إن وجدته».
فذهب إليه الأمير عليه‌السلام فلم يجده ؛ لأنّه خرج من الباب الآخر للمسجد ، وكان هذا فيما بعد من رؤوس الخوارج ، وقُتل في النهروان مع مَنْ قُتل منهم يومذاك ، وبحث عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام مع أصحابه ولمّا وجدوه كبّروا (3).
وكان ذلك بمثابة معجزة للحبيب المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لأنّه أخبر عنه قبل أكثرمن ثلاثين سنة وأعطى أوصافه بدقة.
إذا كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر الأُمّة عن البدعة وحذّر منها أُمّته ، وإذا كان الصحابة الكرام يتوقّون أن يُقال لأحدهم أنّه أبدع في الدين ، رغم كلّ الذي عملوه وفعلوه من تغيير وتبديل تحت اسم الاجتهاد ، فكيف يمكن لأهل نجد بعد أكثر من ألف سنة أن يأتوا بدين جديد غير دين الإسلام؟!
كيف لِمَنْ لا يعترف بالله والرسول وأئمّة الإسلام أن يقول عن نفسه أنّه مسلم أو على دين الإسلام؟! وسيأتيك التفصيل بإذن الله.
وكيف لِمَنْ يرمي أُمّة الإسلام بالكفر والشرك والضلال أن يدّعي أنّه مسلم؟! نعم ، إنّه مسلم ولكن على دين محمد بن عبد الوهاب لا دين محمد بن عبد الله!
وبالتالي كيف لهؤلاء أن يدّعوا العلم بالدين ، والقرآن والسُّنَّة ، واللغة والفلسفة ، وأحكام العقل وأخبار النقل ، وأنّهم علماء ومجتهدون ومجدّون للدين؟!
حقاً إنّها لطامّة كبرى نزلت على هذه الأُمّة من أصحاب هذه الأفكار الغريبة والعجيبة!
حديث الخوارج :
حذّر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الخوارج. ومَنْ يتتبّع الأحاديث الشريفة يلاحظ أنّه حذّر من فئتين من الخوارج : سلف وخلف.
أمّا السلف : فهم أصحاب ذي الثدية الذي مرّ ذكره آنفاً ، ووصفهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأكثر من حديث ورواية ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يمرقون من الإسلام (الدين) كما يُمرَق السهم من الرمية ، أينما لقيتموهم فاقتلوهم» (4).
وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أوصافهم في الآخرة : «إنّهم كلاب أهل النار» (5).
وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يقرؤون القرآن يحسبونه لهم وهو عليهم» (6).
أو : «يقرؤون القرآن تحتقرون قراءتكم عند قراءتهم ، وصلاتكم عند صلاتهم ، لا يتجاوز تراقيهم. يقرؤون القرآن والقرآن يلعنهم» (7).
واُولئك هم الذين خرجوا على أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، الخليفة الشرعي ، وإمام الزمان الذي اجتمعت عليه الأُمّة الإسلاميّة ، عدا الشام لوجود معاوية بن أبي سفيان فيها ، وبايعه الصحابة والتابعون بعد الفتنة التي اصطنعها صبيان بني أُميّة حول عثمان الضعيف تجاههم ، ولم تنجلي إلاّ بقتله وإلقائه في حشِّ كوكب.
وكانوا حوالي العشرة آلاف خرجوا بعد التحكيم ، فكفّروا الإمام علياً عليه‌السلام ـ والعياذ بالله ـ ومعاوية والحكمين وكل مَنْ يلوذ بهما ، فبعث إليهم أمير المؤمنين يستتيبهم مع عبد الله بن عباس ، فرجع إلى حظيرة الإسلام المباركة ستة آلاف وبقي أربعة آلاف منهم.
وراحوا يسعون في الأرض فساداً ، فخرج إليهم أمير المؤمنين عليه‌السلام بجيشه والتقوا عند النهروان ، فقتلهم جميعاً ولم ينجُ منهم إلاّ أقل من عدد الأصابع كما أخبر بذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لا يُقتل منكم عشر ، ولا ينجو منهم عشر».
ورغم الذي فعلوه فإنّ شعار أمير المؤمنين عليه‌السلام كان : «لا نبدؤكم بقتال ، ولا نمنعكم عن مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه ، ولا نمنعكم من الفيء ما دامت أيديكم معنا» (8).
اُولئك هم السلف ، خوارج الأمس البعيد الماضي السحيق ، فذهبوا وكانوا لعنة التاريخ على هذه الأُمّة ، ولكن لعنة الله تلاحقهم إلى أن ترميهم في الدرك الأسفل من النار ؛ لأنّهم : «شرّ قتلى تحت أديم السماء» (9)
كما يصفهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في كلمة له.
وأمّا الخلف ، فهم خوارج اليوم القريب والحاضر الذي نعيش فيه ، وهم أشنع وأبشع من اُولئك اللعناء في تاريخ الأُمّة الإسلاميّة.
تروي كتب الحديث قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّما أخاف على أُمّتي الأئمّة المضلّين ، وإذا وضع عليهم السيف لم يُرفع إلى يوم القيامة ، ولا تقوم الساعة حتّى يلحق حي من أُمّتي بالمشركين ، وحتى تعبد فيأم (فيآم) من أُمّتي الأوثان ، وإنّه يكون في أُمّتي كذّابون ثلاثون كلّهم يزعم أنّه نبي ، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي ، ولا تزال طائفة من أُمّتي على الحقّ منصورة لا يضرّهم مَنْ خذلهم حتّى يأتي أمر الله» (10).
مَنْ هم الضّالون المضلّون الذين خرجوا من الدين ومرقوا منه ، بعد أن كفّروا الأُمّة واستباحوا دماءها ، وأموالها وأعراضها ، دون ذنب أو جريمة سوى أنّهم خالفوا آراء الوهابيّة السلفيّة بالعقائد والأحكام والأخلاق الباطلة ، الذين (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) (11)؟!
وصدق الشريف عبد الله الذي كتب كتاباً عنهم يبيّن فيه حالهم منذ بداية انتشارهم تحت عنوان (صدق الخبر في خوارج القرن الثاني عشر) ، إنّهم خوارج العصر الحديث. فأحاديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن آخر الزمان ، وأخباره عن الكثير من الحوادث والقضايا تؤكّد لنا ذلك وبما لا يدع لنا مجالاً للشك.
مَنْ هو محمد بن عبد الوهاب؟
إنّه محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي ، نشأ في بلدة العيينة من بلاد نجد ، وقرأ الفقه على مذهب أحمد بن حنبل ، سافر إلى مكة ثمّ إلى المدينة ودرس عند الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن يوسف ، وأظهر الإنكار على الاستغاثة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند قبره الشريف ، ثمّ عاد إلى نجد ثمّ إلى البصرة.
يقول مستر همفر : (لقد وجدت في (محمد بن عبد الوهاب) ضالّتي المنشودة ؛ فإنّ تحرّره وطموحه وتبرّمه من مشايخ عصره ، ورأيه المستقل الذي لا يهتم حتّى بالخلفاء الأربعة أمام ما يفهمه هو من القرآن والسنّة ...) (12).
ثمّ هرب من (البصرة) وعاد إلى قرية (حريملة) من نجد بعد أن تأثّر واقتنع من المستر همفر الذي آخاه على أنّه مجدّد الدين ونبيّه الجديد ، إلاّ أنّ أباه كان في تلك القرية فلم يستطع أن يظهر دعوته ، إلى أن مات أبوه فتجرّأ على إظهار عقائده والإنكار على المسلمين عقائدهم.
وتبعه حثالة من الناس إلى أن ضجّ الناس بهم ، وهمّوا بقتلهم فخرج قاصداً (العيينة) وكان فيها زعيم اسمه (عثمان بن أحمد بن معمّر) فأطمعه ابن عبد الوهاب في ملوكية نجد فساعده الرجل طمعاً بالملك ، فأظهر دعوته وذهب إلى قبر زيد بن الخطاب فهدمه ، فوصل خبره إلى زعيم الإحساء والقطيف (سليمان بن محمد بن عزيز) ، فأرسل إلى عثمان يطالبه بقتله ، فأخرجه من منطقته فذهب إلى (الدرعية) سنة (1160 هـ).
و (الدرعية) هي المكان الذي خرج منه مسيلمة الكذاب وأظهر الفساد ، وكان صاحبها محمد بن سعود من قبيلة عنيزة ، فتوسّل الرجل بامرأة الحاكم إليه ، وطمعه في الغزو للغلبة والاستيلاء على بلاد نجد ، فبايعه محمد بن سعود على سفك دماء المسلمين ، وجعل ابن سعود يجهّز الجيوش لنصرته ، ويؤلّب العساكر لترويج دعوته وطريقته حتّى استقام أمره (13).
وتوفّي محمد بن عبد الوهاب في عام (1206 هـ) بعد أن أحدث في الإسلام شرخاً لا يندمل أبداً ، وأفسد في البلاد والعباد فساداً لا يتصوّر ، فإلى الله المشتكى وعليه المعوّل ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.
المصادر:
1- مستدرك الوسائل 12 ص 324 ، كشف الغمة 2 ص 134.
2- وسائل الشيعة 17 ص 317.
3- الإرشاد ص 150 ـ 152.
4- صحيح مسلم ص باب (الخوارج شرّ الخلق والخليقة) ح 1068 ، وكذا ح (1063 ـ 1067) فراجع ، صحيح البخاري ص باب (مَنْ ترك قتال الخوارج).
5- سنن الترمذي ص ح 4086 ، الطبراني في الكبير 8 ص 167 ح1034.
6- صحيح مسلم 8 ص 180 ، الحاكم في المستدرك 2 ص 148.
7- المصدر نفسه.
8- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك 5 ص 135 ، أحداث سنة 37 هـ.
9- مسند أحمد 12 ص 338 ، سنن ابن ماجة ص ح 3952 ، سنن أبو داود : ح 4252.
10- كتاب العمدة ص 431.
11- سورة الأنعام : الآية 112.
12- مذكرات مستر همفر ص 34.
13- الصواعق الإلهية في الردّ على الوهابيّة ص 27 ، عن تاريخ نجد لابن الآلوسي.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.