
استدلّ القاضي البيضاوي في كتابه الشهير « طوالع الأنوار في علم الكلام » وابن حجر المكّي في « الصواعق المحرقة » وابن تيميّة في « منهاج السنّة » وولي الله الدهلوي ـ صاحب : حجّة الله البالغة ـ في كتابه « قرّة العينين في تفضيل الشيخين » ... ومن الطريف جدّاً أنّ هذا الأخير ينسب رواية الحديث إلى البخاري ومسلم ... وهذه عبارته :
« قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر .
فعن حذيفة : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : أقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . متّفق عليه .
وعن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّكوا بعهد ابن مسعود . أخرجه الترمذي » (1) .
إذ لا يخفى أنّ النسبة كاذبة ... إلاّ أن يكون « متّفق عليه » اصطلاحاً خاصاً بالدهلوي ، يعني به اتّفاقهما على عدم الإخراج !!
واستدلّ به الشيخ علي القاري ... ووقع فيما وقع فيه الدهلوي ...
فقد جاء في « شرح الفقه الأكبر » : « مذهب عثمان وعبدالرحمن بن عوف : أنّ المجتهد يجوز له أن يقلّد غيره إذا كان أعلم منه بطريق الدين ، وأن يترك اجتهاد نفسه ويتّبع اجتهاد غيره . وهو المروي عن أبي حنيفة ، لا سيّما وقد ورد في بعموم هذا الحديث وظاهره » .
ولعلّة يريد غير صحيحي البخاري ومسلم !! وإلاّ فقد نصّ الحاكم ـ كما عرفت ـ على أنّهما لم يخرجاه !!
وهكذا فإنّك تجد حديث الاقتداء ... يذكر أو يستدلّ به في كتب الاصول المعتمدة ... فقد جاء في المختصر :
« مسألة : الإجماع لا ينعقد بأهل البيت وحدهم خلافاً للشيعة . ولا بالأئمة الأربعة عند الأكثرين خلافاً لأحمد . ولا يأبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ عند الأكثرين . قالوا : عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي . اقتدوا باللذين من بعدي . قلنا : يدلّ على أهلية اتّباع المقلّد ، ومعارض بمثل : أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم . وخذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء » .
قال شارحه العضد : « أقول : لا ينعقد الإجماع بأهل البيت وحدهم مع مخالفة غيرهم لهم ، أو عدم الموافقة والمخالفة ، خلافاً للشيعة . ولا بالأئمة الأربعة عند الأكثرين خلافاً لأحمد . ولا بأبي بكر وعمر عند الأكثرين خلافاً لبعضهم .
لنا : أنّ الأدّلة لا تتناولهم . وقد تكرّر فلم يكرّر . أمّا الشيعة فبنوا على أصلهم في العصمة ، وقد قرّر في الكلام فلم يتعرّض له . وأمّا الآخرون فقالوا : قال عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي . وقال : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر .
الجواب : أنّهما إنّما يدلاّن على أهلية الأربعة أو الاثنين لتقليد المقلّد لهم ، لا على حجّية قولهم على المجتهد . ثم إنّه معارض بقوله : أصحابي كالنجوم ... » (2) .
وفي المنهاج وشرحه : « وذهب بعضهم إلى أنّ إجماع الشيخين وحدهما حجّة لقوله عليه السلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه أحمد بن حنبل وابن ماجة والترمذي وقال : حسن ، وذكره ابن حبان في صحيحه .
وأجاب الإمام وغيره عن الخبرين بالمعارضة بقوله : أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم . وهو حديث ضعيف . وأجاب الشيخ أبو إسحاق في ( شرح اللمع ) بأنّ ابن عبّاس خالف جميع الصحابة في خمس مسائل انفرد بها ، وابن مسعود انفرد بأربع مسائل ، ولم يحتجّ عليهما أحد بإجماع ... » (3) .
وفي مسلّم الثبوت وشرحه : « ولا ينعقد الإجماع بالشيخين أميري المؤمنين أبي بكر وعمر عند الأكثر ، خلافاً للبعض ، ولا ينعقد بالخلفاء الأربعة خلافاً لأحمد الإمام ولبعض الحنفية ... قالوا : كون اتّفاق الشيخين إجماعاً ، قالوا : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه أحمد ، فمخالفتهما حرام ... قلنا : هذا خطاب باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه أحمد ، فمخالفتهما حرام ... قلنا : هذا خطاب للمقلّدين ، فلا يكون حجّة على المجتهدين ، وبيان لأهليّة الأتّباع ، لا حصر الاتّباع فيهم ، وعلى هذا فالأمر للإباحة أو للندب ، وأحد هذين التأويلين ضروري ، لأنّ المجتهدين كانوا يخالفونهم ، والمقلّدون كانوا قد يقلّدون غيرهم ولم ينكر عليهم أحد ، لا الخلفاء أنفسهم ولا غيرهم ، فعدم حجّية قولهم كان معتقدهم . وبهذا اندفع ما قيل إنّ الإيجاب ينافي هذا التأويل ... » (4) .
فهذه نماذج من إستدلال القوم بحديث الاقتداء بالشيخين ... في مسائل الفقه والاصولين ...
لكنّ الذي يظهر من مجموع هذه الكلمات أنّ الأكثر على عدم حجّية أجماعهما ...
وإذا ضممنا إلى ذلك أنّ الأكثر ـ أيضاً ـ على أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لم ينصّ على خلافة أحدٍ من بعده ... كما جاء في المواقف وشرحها « والإمام الحقّ بعد النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : أبوبكر ثبتت إمامته بالإجماع ، وإن توقّف فيه بعضهم ... ولم ينصّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم على أحدٍ خلافاً للبكرية ، فإنّهم زعموا النصّ على أبي بكر ، وللشيعة فإنّهم يزعمون النصّ نفيهما » (5) .
وقال المناوي بشرحه : « فإن قلت : هذا الحديث يعارض ما عليه أهل الأصول من أنّه لم ينصّ على خلافة أحدٍ .
قلت : مرادهم : لم ينصّ نصّاً صريحاً ، وهذا كما يحتمل الخلافة يحتمل الاقتداء بهم في الرأي والمشورة والصلاة ونحو ذلك (6) .
علمنا أنّ المستدلّين بهذا الحديث في جميع المجالات ـ ابتداءً بباب الإمامة والخلافة ، وانتهاءً بباب الاجتهاد والإجماع ـ هم « البكرية » وأتباعهم ...
إذن ... فالأكثر يعرضون عن مدلول هذا الحديث ومفاده ... وإنّ المستدلّين به قوم متعصّبون لأبي بكر وإمامته ... وهذا وجه آخر من وجوه وضعه واختلاقه ...
قال الحافظ ابن الجوزي : « قد تعصّب قوم لا خلاق لهم يدّعون التمسّك بالسنّة فوضعوا لأبي بكر فضائل ... » (7) .
لكن من هم ؟
هم « البكرية أنفسهم !!
قال العلاّمة المعتزلي : « فلمّا رأت البكرية ما صنعت الشيعه (الذي صنعته الشيعة أنّها استدلّت بالأحاديث التي رواها أهل السنّة في فضل أمير المؤمنين عليه السلام باعتبار أنّها نصوص جليّة أو خفيّة على امامته كما ذكر صاحب « شرح المواقف » وغيره .) ، وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث ، نحو : ( لو كانت متّخذاً خليلاً ) فإنّهم وضعوه في مقابلة ( حديث الإخاء ) . ونحو ( سدّ الأبواب ) فإنّه كان لعلي عليه السلام ، فقلبته البكرية إلى أبي بكر . ونحو : ( إيتوني بدواةٍ وبياض أكتب فيه لأبي بكر كتاباً لا يختلف عليه إثنان ) ثم قال : ( يأبي الله والمسلمون إلاّ أبابكر ) فإنّهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه في مرضه : ( إبتوني بدواةٍ وبياض أكتب لكم ما لا تضلّون بعده أبداً . فاختلفوا عنده وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله ) ونحو حديث : ( أنا راضٍ عنك ، فهل أنت عنّي راض ؟ ) ونحو ذلك » (8) .
وبعد ، فما مدلول هذا الحديث ونحن نتكلّم هنا عن هذه الجهة وبغضّ النظر عن السند ؟
يقول المناوي : « أمره بمطاوعتهما يتضمّن الثناء عليهما ، ليكونا أهلاً لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه ... » .
لكنّ أوّل شيء يعترض عليه به تخلّف أمير المؤمنين عليه السلام ومن تبعه عن البيعة مع أمرها به ، ولذا قال :
« فإن قلت : حيث أمر باتّباعهما فكيف تخلّف علي رضي الله عنه عن البيعة؟
قلت : كان لعذر ثم بايع ، وقد ثبت عنه الانقياد لأوامراهما ونواهيهما ... » (9) .
أقول : لقد وقع القوم ـ بعد إنكار النصّ وحصر دليل الخلافة في الإجماع ـ في مأزق كبير وإشكال شديد ، وذلك لأنّهم قرّروا في علم الاصول أنّه إذا خالف واحد من الامّة أو اثنان لم ينعقد الإجماع .
قال الغزّالي : « إذا خالف واحد من الامّة أو اثنان لم ينعقد الإجماع دونه ، فلو مات لم تصر المسألة إجماعاً ، خلافاً لبعضهم . ودليلنا : أنّ المحرّم مخالفة الامّة كافّة ... » (10) .
وفي مسلّم الثبوت وشرحه : « قيل : إجماع الأكثر مع ندرة المخالف بأن يكون واحداً أو أثنين إجماع ... والمختار أنّه ليس بإجماع لانتفاء الكلّ الذي هو مناط العصمة . ثم اختلفوا فقيل : ليس بحجّةٍ أصلاً كما أنّه ليس بإجماع ، وقيل : بل حجّة ظنّية غير الإجماع ، لأنّ الظاهر إصابة السواد الأعظم ... قيل : ربّما كان الحقّ مع الأقل وليس فيه بعد ... » .
فقال المكتفون بإجماع الأكثر : « صحّ خلافة أبي بكر مع خلاف علي وسعد ابن عبادة وسلمان » .
فأجيب : « ويدفع بأنّ الإجماع بعد رجوعهم إلى بيعته . هذا واضح في أمير المؤمنين علي » .
فلو سلّمنا ما ذكروه من بيعة أمير المؤمنين عليه السلام ، فما الجواب عن تخلّف سعد بن عبادة »؟!
أمّا المناوي فلم يتعرّض لهذه المشكلة ... وتعرّض لها شارح مسلّم الثبوت فقال بعدما تقدّم : « لكنّ رجوع سعد بن عبادة فيه خفاء ، فإنّه تخلّف ولم يبايع وخرج عن المدينة ، ولم ينصرف إلى أن مات بحوران من أرض الشام لسنتين ونصف مضتا من خلافة أمير المؤمنين عمر ، وقيل : مات سنة إحدى عشرة في خلافة أمير المؤمنين الصدّيق الأكبر . كذا في الاستيعاب وغيره . فالجواب الصحيح عن تخلّفه : أنّ تخلّفه لم يكن عن اجتهاد ، فإنّ أكثر الخزرج قالوا : منّا أمير ومنكم أمير ، لئلاّ تفوت رئاستهم ... ولم يبايع سعد لما كان له حبّ السيادة ، وإذا لم تكن مخالفته عن الاجتهاد فلا يضرّ الإجماع ...
فإن قلت : فحينئذٍ قد مات هو رضي الله عنه شاقّ عصا المسلمين مفارق الجماعة وقد قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وأصحابه وسلّم : لم يفارق الجماعة أحد ومات إلاّ مات ميتة الجاهلية . رواه البخاري . والصحابة لا سيّما مثل سعد برآء عن موت الجاهلية .
قلت : هب أنّ مخالفة الإجماع كذلك ، إلاّ أنّ سعداً شهد بدراً على ما في صحيح مسلم ، والبدريّون غير مؤاخذين بذنب ، مثلهم كمثل التائب وإن عظمت المصيبة ، لما أعطاهم الله تعالى من المنزلة الرفيعة برحمته الخاصة بهم . وأيضاً : هو عقبي ممّن بايع في العقبة ، وقد وعدهم رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وأصحابه وسلّم الجنّة والمغفرة . فإيّاك وسوء الظنّ بهذا الصنيع . فاحفظ الأدب ... » (11) .
ولو تنزّلنا عن قضية سعد بن عبادة ، فما الجواب عن تخلّف الصدّيقة الزهراء عليها السلام ؟ ! وهي من الصحابة ، بل بضعة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم .
فإذا كان الصحابة ـ لا سيّما مثل سعد ـ برآء عن موت الجاهلية ، فما ظنّك بالزهراء التي قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني » (12) وقال : « فاطمة بضعة منّي ، يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها » .
وقال : « فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة إلاّ مريم بنت عمران » هذه الأحاديث التي استدلّ بها الحافظ السهيلي وغيره من الحفّاظ على أنّها أفضل من الشيخين فضلاً عن غيرهما (13) .
... فإنّ من ضروريّات التاريخ أنّ الزهراء عليها السلام فارقت الدنيا ولم تبايع أبابكر ... وأنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يأمرها بالمبادرة إلى البيعة ، وهو يعلم أنّه « لم يفارق الجماعة أحد ومات إلاّ مات ميتة الجاهليّة »!!
إذن ... لا يدلّ هذا الحديث علي شيء ممّا زعموه أو أرادوا له الاستدلال به فما هو واقع الحال ؟
سنذكر له وجهاً على شبيل الاحتمال في نهاية المقال ...
ثمّ إنّ ممّا يبطل هذا الحديث من حيث الدلالة والمعنى وجوهاً اخر .
1-إنّ أبابكر وعمر اختلفا في كثير من الأحكام ، والأفعال ، واتّباع المختلفين متعذّر غير ممكن ... فمثلاً : أقرّ أبوبكر جواز المتعة ومنعها عمر . وأنّ عمر منع أن يورّث أحداً من الأعاجم إلاّ واحداً ولد في العرب ... فبمن يكون الاقتداء ؟!
ثم جاء عثمان فخالف الشيخين في كثير من أقواله وأفعاله وأحكامه ... وهو عندهم ثالث الخلفاء الراشدين ...
وكان في الصّحابة من خالف الشيخين أو الثلاثة كلّهم في الأحكام الشرعية والآداب الدينيّة ... وكلّ ذلك مذكور في مظانّه من الفقه والاصول ... ولو كان واقع هذا الحديث كما يقتضيه لفظه لوجب الحكم بضلالة كلّ هؤلاء!!
2- إنّ المعروف من الشيخين الجهل بكثير من المسائل الإسلاميّة ممّا يتعلّق
بالاصول والفروع ، وحتّى في معاني بعض الألفاظ العربية في القرآن الكريم ... فهل يأمر النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بالاقتداء المطلق لمن هذه حاله ويأمر بالرجوع إليه والانقياد له في أوامره نواهيه كلّها ؟!
3- إنّ هذا الحديث بهذا اللفظ يقتضي عصمة أبي بكر وعمر والمنع من جواز الخطأ عليهما ، وليس هذا بقول أحدٍ من المسلمين فيهما ، لأنّ إيجاب الاقتداء بمن ليس بمعصوم إيجاب لما لا يؤمن من كونه قبيحاً ...
4- ولو كان هذا الحديث عن النبي صلّى الله عليه وآله لا حتجّ به أبوبكر نفسه يوم السقيفة ... ولكن لم نجد في واحدٍ من كتب الحديث والتاريخ أنّه احتجّ به على القوم ... فلو كان لنقل واشتهر ، كما نقل خبر السقيفة وما وقع فيها من النزاع والمغالبة ...
بل لم نجد احتجاجاً له به في وقتٍ من الأوقات .
5- بل وجدناه في السقيفة يخاطب الحاضرين بقوله : « بايعوا أيّ الرجلين شئتم » يعني : أبا عبيدة وعمر بن الخطّاب (15) .
ويلتفت إلى أبي عبيدة الجرّاح قائلاً : « أمدد يدك ابايعك » (15) .
6- ثمّ لمّا بويع بالخلافة قال :
« أقيلوني ، أقيلوني ، فلست بخيركم ... » (16) .
7- ثمّ لمّا حضرته الوفاة قال :
« وددت أنّي سألت رسول الله لمن هذا الأمر ، فلا ينازعه أحد ، وددت أني كنت سألت : هل للأنصار في هذا الأمر نصيب » (17) .
8- وجاء عمر يقول :
« كانت بيعة أبي بكر فلتة ، وقى المسلمين شرّها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه » (18) .
وبعد :
فما هو متن الحديث ؟ وما هو مدلوله ؟
قد عرفت سقوط هذا الحديث معنىً على فرض صدوره ...
وعلى الفرض المذكور ... فلا بدّ من الالتزام بأحد أمرين : إمّا وقوع التحريف في لفظه ، وإمّا صدوره في قضيّة خاصّة ...
أمّا الأوّل فيشهد به : أنّه قد روي هذا الخبر بالنصب ، أي جاء بلفظ « أبابكر وعمر » بدلاً عن « أبي بكر وعمر » وجعل أبوبكر وعمر مناديين مأمورين بالاقتداء ... (19) .
فالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يأمر المسلمين عامةً بقوله « اقتدوا » ـ مع تخصيصٍ لأبي بكر وعمر بالخطاب ـ « باللذين من بعده » وهما « الكتاب والعترة » ، وهما ثقلاه اللذان طالما أمر بالاقتداء والتمسّك والاعتصام بهما (20) .
وأمّا الثاني ... فهو ما قيل : من أن سبب هذا الخبر : أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلم كان سالكاً بعض الطرق ، وكان أبوبكر وعمر متأخّرين عنه ، جائيين على عقبه ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله لبعض من سأله عن الطريق الذي سلكه في اتّباعه واللحوق به : « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » وعني في سلوك الطريق دون غيره (21) .
وعلى هذا فليس الحديث على إطلاقه ، بل كانت تحفّه قرائن تخصّه بمورده ، فأسقط الرّاوي القرائن عن عمدٍ أو سهو ، فبدا بظاهره أمراً مطلقاً بالاقتداء بالرجلين ... وكم لهذه القضية من نظير في الأخبار والأحاديث الفقهية والتفسيريّة والتاريخيّة ... ومن ذلك ... ما في ذيل « حديث الاقتداء » نفسه في بعض طرقه ... وهذا ما نتكلّم عليه بإيجاز ... ليظهر لك أنّ هذا الحديث ـ لو كان صادراً ـ ليس حديثاً واحداً ، بل أحاديث متعدّدة صدر كلّ منها في موردٍ خاصّ لا علاقة له بغيره ...
تكملة :
لقد جاء في بعض طرق هذا الحديث :
« اقتدوا باللذين ...واهتدوا بهدي عمّار .وتمسكوا بعهد ابن أمّ عبد : أو : إذا حدّثكم ابن أمّ عبدٍ فصدّقوه . أو : ما حدّثكم ابن مسعود فصدّقوه » .
فالحديث مشتمل على ثلاث فقرات ، الاولى تخصّ الشيخين ، والثانية عمّار ابن ياسر ، والثالثة عبدالله بن مسعود .
أمّا الفقرة الاولى فكانت موضوع بحثنا ، فلذا أشبعنا فيها الكلام سنداً ودلالة ... وظهر عدم جواز الاستدلال بها والأخذ بظاهر لفظها ، وأنّ من المحتمل قويّاً وقوع التحريف في لفظها أو لدى النقل لها بإسقاط القرائن الحافّة بها الموجب لخروج الكلام من التقييد إلى الإطلاق ، فإنّه نوع من أنواع التحريف ، بل من أقبحها وأشنعها كما هو معلوم لدى أهل العلم .
وأمّا الفقرتان الاخريان فلا نتعرّض لهما إلاّ من ناحية المدلول والمفاد لئلا يطول بنا المقام ... وإن ذكرا في فضائل الرجلين ، وربّما استدلّ بهما بعضهم في مقابلة بعض فضائل أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ... فنقول :
قوله : « اهتدوا بهدي عمار » معناه : « سيروا بسيرته واسترشدوا بإرشاده » .
فكيف كانت سيرة عمار ؟ وما كان إرشاده ؟
وهل سار القوم بسيرته واسترشدوا بإرشاده ؟!!
هذه كتب السير والتواريخ بين يديك !!
وهذه نقاط من « سيرته » و « إرشاده » :
تخلّف عن بيعة أبي بكر (22) وقال لعبد الرحمن بن عوف ـ حينما قال للناس في قصة الشورى : أشيروا عليّ ـ « إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليّاً » (23) .
وقال : بعد أن بويع عثمان ـ : « يا معشر قريش ، أمّا إذ صدفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم هاهنا مرّةً هاهنا مرّةً ، فما أنا بآمن من أن ينزعه الله فيضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله » (24) وكان مع علي عليه السلام منذ اليوم الأول حتى استشهد معه بصفّين وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « عمار تقتله الفئة الباغية » (25) و« من عادى عمّاراً عاداه الله » (26) .
ثم لماذا أمر النبيّ صلّى الله عليه وآله بالاهتداء بهدي عمّار والسير على سيرته ؟ لأنّه قال له من قبل : « يا عمّار ، إن رأيت علياً قد سلك وادياً وسلك الناس كلّهم وادياً غيره فاسلك مع علي ، فإنّه لن يدليك في ردى ولن يخرجك من هدى ... يا عمار : إنّ طاعة علي من طاعتي ، وطاعتي من طاعة الله عزّ وجلّ (27) .
وقوله : « وتمسّكوا بعهد ابن أمّ عبد » أو « إذا حدّثكم ابن أمّ عبد فصدّقوه » ما معناه ؟
إن كان « الحديث » فهل يصدّق في كلّ ما حدّث ؟
هذا لا يقول به أحد ... وقد وجدناهم على خلافه ... فقد منعوه من الحديث ، بل كذّبوه ، بل ضربوه ... فراجع ما رووه ونقلوه ... (28) .
وإن كان « العهد » فأيّ عهدٍ هذا ؟
لابدّ أن يكون إشارةً إلى أمر خاصّ ... صدر في موردٍ خاصّ ... لم تنقله الرواة ...
لقد رووا في حقّ ابن مسعود حديثاً آخر ـ جعلوه من فضائله ـ بلفظ : « رضيت لكم ما رضي به ابن امّ عبد » (29) ... ولكن ما هو ؟
لابدّ أن يكون صادراً في موردٍ خاصّ ... بالنسبة إلى أمرٍ خاصّ ... لم ننقله الرواة ...
إنّه ـ فيما رواه الحاكم ـ كما يلي :
« قال النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لعبد الله بن مسعود : إقرأ .
قال : اقرأ وعليك انزل ؟!
قال : إنّي أحبّ أن أسمع من غيري .
قال : فافتتح سورة النساء حتى بلغ : ( فكيف إذا جئنا من كلّ امّةٍ بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) فاستعبر رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، وكفّ عبدالله .
فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : تكلّم .
فحمد الله في أول كلامه وأثنى على الله وصلّى على النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وشهد شهادة الحقّ . وقال :
رضينا بالله ربّاً وبالإسلام ديناً ، ورضيت لكم ما رضي الله ورسوله .
فقال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : رضيت لكم ما رضي لكم ابن أمّ عبد .
هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه » (30) .
فانظر كيف تلاعبوا بأقوال النبي صلّى الله عليه وآله وتصرّوا في السنّة الشريفة ... فضلّوا وأضلّوا ... !!
ونعود فنقول : إنّ السنّة الكريمة بحاجةٍ ماسّةٍ إلى تحقيق وتمحيص ، لا سيّما في القضايا التي لها صلة وثيقة بأساس الدين الحنيف ، تبنى عليها أصول العقائد ، وتتفرّع منها الأحكام الشرعيّة .
والله نسأل أن يوفقنا لتحقيق الحقّ وقبول ما هو به جدير ، إنّه سميع مجيب وهو على كلّ شيء قدير .
المصادر :
1- قرة العينين : 189 .
2- شرح المختصر في الاصول 2 / 36 .
3- الإبهاج في شرح المنهاج 2 / 367 .
4- فواتح الرحموت في مسلّم الثبوت 2 / 231 .
5- شرح المواقف ـ مباحث الإمامة .
6- فيض القدير 2 / 56 .
7- الموضوعات 1 / 303 .
8- شرح نهج البلاغة 11 / 49 .
9- فيض القدير 2 / 56 .
10- المستصفى 1 / 203 .
11- فواتح الرحموت ـ شرح مسلّم الثبوت 2 / 223 ـ 224 .
12- فيض القدير 4 / 421 عن البخاري في المناقب .
13- فيض القدير 4 / 421 .
14- صحيح البخاري ـ باب فضل أبي بكر ، مسند أحمد 1 / 56 ، تاريخ الطبري 3 / 209 ، السيرة الحلبية 3 / 386 ، وغيرها
15- الطبقات الكبرى 3 / 128 ، مسند أحمد 1 / 35 ، السيرة الحلبية 3 / 386 .
16- الإمامة والسياسة 1 / 14 ، الصواعق المحرفة : 30 ، الرياض النضرة 1 / 175 ، كنز العمّال 3 / 132 .
17- تاريخ الطبري 3 / 431 ، العقد الفريد 2 / 254 ، الإمامة والسياسة 1 / 18 ، مروج الذهب 2 / 302 .
18- صحيح البخاري 5 / 208 ، الصواعق المحرقة : 5 ، تاريخ الخلفاء : 67 .
19- تلخيص الشافي 3 / 35 .
20- خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمّة الأطهار » بقلم علي الحسيني الميلاني .
21- تلخيص الشافي 3 / 38 .
22- المختصر في أخبار البشر 1 / 156 ، تتمّة المختصر 1 / 187 .
23- تاريخ الطبري 3 / 297 ، الكامل 3 / 37 ، العقد الفريد 2 / 182 .
24- مروج الذهب 2 / 342 .
25- المسند 2 / 164 ، تاريخ الطبري 4 / 2 و 4 / 28 ، طبقات ابن سعد 3 / 253 ، الخصائص : 133 ، المستدرك 3 / 378 ، عمدة القاري 24 / 1992 ، كنز العمّال 16 / 143 .
26- الاستيعاب 3 / 1138 ، الإصابة 2 / 506 ، كنز العمال 13 / 298 ، إنسان العيون 2 / 265 .
27- تاريخ بغداد 13 / 186 ، كنز العمّال 12 / 212 ، فرائد السمطين 1 / 178 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 57 و 124 .
28- مسند الدارمي 1 / 61 ، طبقات ابن سعد 2 / 336 ، تذكرة الحفّاظ 1 / 5 ـ 8 ، المعارف : 194 ، الرياض النضرة 2 / 163 ، تاريخ الخلفاء 158 ، اسد الغابة 3 / 259 .
29- فيض القدير 4 / 33 .
30- المستدرك على الصحيحين 3 / 319 .
« قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر .
فعن حذيفة : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : أقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . متّفق عليه .
وعن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّكوا بعهد ابن مسعود . أخرجه الترمذي » (1) .
إذ لا يخفى أنّ النسبة كاذبة ... إلاّ أن يكون « متّفق عليه » اصطلاحاً خاصاً بالدهلوي ، يعني به اتّفاقهما على عدم الإخراج !!
واستدلّ به الشيخ علي القاري ... ووقع فيما وقع فيه الدهلوي ...
فقد جاء في « شرح الفقه الأكبر » : « مذهب عثمان وعبدالرحمن بن عوف : أنّ المجتهد يجوز له أن يقلّد غيره إذا كان أعلم منه بطريق الدين ، وأن يترك اجتهاد نفسه ويتّبع اجتهاد غيره . وهو المروي عن أبي حنيفة ، لا سيّما وقد ورد في بعموم هذا الحديث وظاهره » .
ولعلّة يريد غير صحيحي البخاري ومسلم !! وإلاّ فقد نصّ الحاكم ـ كما عرفت ـ على أنّهما لم يخرجاه !!
وهكذا فإنّك تجد حديث الاقتداء ... يذكر أو يستدلّ به في كتب الاصول المعتمدة ... فقد جاء في المختصر :
« مسألة : الإجماع لا ينعقد بأهل البيت وحدهم خلافاً للشيعة . ولا بالأئمة الأربعة عند الأكثرين خلافاً لأحمد . ولا يأبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ عند الأكثرين . قالوا : عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي . اقتدوا باللذين من بعدي . قلنا : يدلّ على أهلية اتّباع المقلّد ، ومعارض بمثل : أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم . وخذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء » .
قال شارحه العضد : « أقول : لا ينعقد الإجماع بأهل البيت وحدهم مع مخالفة غيرهم لهم ، أو عدم الموافقة والمخالفة ، خلافاً للشيعة . ولا بالأئمة الأربعة عند الأكثرين خلافاً لأحمد . ولا بأبي بكر وعمر عند الأكثرين خلافاً لبعضهم .
لنا : أنّ الأدّلة لا تتناولهم . وقد تكرّر فلم يكرّر . أمّا الشيعة فبنوا على أصلهم في العصمة ، وقد قرّر في الكلام فلم يتعرّض له . وأمّا الآخرون فقالوا : قال عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي . وقال : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر .
الجواب : أنّهما إنّما يدلاّن على أهلية الأربعة أو الاثنين لتقليد المقلّد لهم ، لا على حجّية قولهم على المجتهد . ثم إنّه معارض بقوله : أصحابي كالنجوم ... » (2) .
وفي المنهاج وشرحه : « وذهب بعضهم إلى أنّ إجماع الشيخين وحدهما حجّة لقوله عليه السلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه أحمد بن حنبل وابن ماجة والترمذي وقال : حسن ، وذكره ابن حبان في صحيحه .
وأجاب الإمام وغيره عن الخبرين بالمعارضة بقوله : أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم . وهو حديث ضعيف . وأجاب الشيخ أبو إسحاق في ( شرح اللمع ) بأنّ ابن عبّاس خالف جميع الصحابة في خمس مسائل انفرد بها ، وابن مسعود انفرد بأربع مسائل ، ولم يحتجّ عليهما أحد بإجماع ... » (3) .
وفي مسلّم الثبوت وشرحه : « ولا ينعقد الإجماع بالشيخين أميري المؤمنين أبي بكر وعمر عند الأكثر ، خلافاً للبعض ، ولا ينعقد بالخلفاء الأربعة خلافاً لأحمد الإمام ولبعض الحنفية ... قالوا : كون اتّفاق الشيخين إجماعاً ، قالوا : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه أحمد ، فمخالفتهما حرام ... قلنا : هذا خطاب باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه أحمد ، فمخالفتهما حرام ... قلنا : هذا خطاب للمقلّدين ، فلا يكون حجّة على المجتهدين ، وبيان لأهليّة الأتّباع ، لا حصر الاتّباع فيهم ، وعلى هذا فالأمر للإباحة أو للندب ، وأحد هذين التأويلين ضروري ، لأنّ المجتهدين كانوا يخالفونهم ، والمقلّدون كانوا قد يقلّدون غيرهم ولم ينكر عليهم أحد ، لا الخلفاء أنفسهم ولا غيرهم ، فعدم حجّية قولهم كان معتقدهم . وبهذا اندفع ما قيل إنّ الإيجاب ينافي هذا التأويل ... » (4) .
فهذه نماذج من إستدلال القوم بحديث الاقتداء بالشيخين ... في مسائل الفقه والاصولين ...
لكنّ الذي يظهر من مجموع هذه الكلمات أنّ الأكثر على عدم حجّية أجماعهما ...
وإذا ضممنا إلى ذلك أنّ الأكثر ـ أيضاً ـ على أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لم ينصّ على خلافة أحدٍ من بعده ... كما جاء في المواقف وشرحها « والإمام الحقّ بعد النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : أبوبكر ثبتت إمامته بالإجماع ، وإن توقّف فيه بعضهم ... ولم ينصّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم على أحدٍ خلافاً للبكرية ، فإنّهم زعموا النصّ على أبي بكر ، وللشيعة فإنّهم يزعمون النصّ نفيهما » (5) .
وقال المناوي بشرحه : « فإن قلت : هذا الحديث يعارض ما عليه أهل الأصول من أنّه لم ينصّ على خلافة أحدٍ .
قلت : مرادهم : لم ينصّ نصّاً صريحاً ، وهذا كما يحتمل الخلافة يحتمل الاقتداء بهم في الرأي والمشورة والصلاة ونحو ذلك (6) .
علمنا أنّ المستدلّين بهذا الحديث في جميع المجالات ـ ابتداءً بباب الإمامة والخلافة ، وانتهاءً بباب الاجتهاد والإجماع ـ هم « البكرية » وأتباعهم ...
إذن ... فالأكثر يعرضون عن مدلول هذا الحديث ومفاده ... وإنّ المستدلّين به قوم متعصّبون لأبي بكر وإمامته ... وهذا وجه آخر من وجوه وضعه واختلاقه ...
قال الحافظ ابن الجوزي : « قد تعصّب قوم لا خلاق لهم يدّعون التمسّك بالسنّة فوضعوا لأبي بكر فضائل ... » (7) .
لكن من هم ؟
هم « البكرية أنفسهم !!
قال العلاّمة المعتزلي : « فلمّا رأت البكرية ما صنعت الشيعه (الذي صنعته الشيعة أنّها استدلّت بالأحاديث التي رواها أهل السنّة في فضل أمير المؤمنين عليه السلام باعتبار أنّها نصوص جليّة أو خفيّة على امامته كما ذكر صاحب « شرح المواقف » وغيره .) ، وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث ، نحو : ( لو كانت متّخذاً خليلاً ) فإنّهم وضعوه في مقابلة ( حديث الإخاء ) . ونحو ( سدّ الأبواب ) فإنّه كان لعلي عليه السلام ، فقلبته البكرية إلى أبي بكر . ونحو : ( إيتوني بدواةٍ وبياض أكتب فيه لأبي بكر كتاباً لا يختلف عليه إثنان ) ثم قال : ( يأبي الله والمسلمون إلاّ أبابكر ) فإنّهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه في مرضه : ( إبتوني بدواةٍ وبياض أكتب لكم ما لا تضلّون بعده أبداً . فاختلفوا عنده وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله ) ونحو حديث : ( أنا راضٍ عنك ، فهل أنت عنّي راض ؟ ) ونحو ذلك » (8) .
وبعد ، فما مدلول هذا الحديث ونحن نتكلّم هنا عن هذه الجهة وبغضّ النظر عن السند ؟
يقول المناوي : « أمره بمطاوعتهما يتضمّن الثناء عليهما ، ليكونا أهلاً لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه ... » .
لكنّ أوّل شيء يعترض عليه به تخلّف أمير المؤمنين عليه السلام ومن تبعه عن البيعة مع أمرها به ، ولذا قال :
« فإن قلت : حيث أمر باتّباعهما فكيف تخلّف علي رضي الله عنه عن البيعة؟
قلت : كان لعذر ثم بايع ، وقد ثبت عنه الانقياد لأوامراهما ونواهيهما ... » (9) .
أقول : لقد وقع القوم ـ بعد إنكار النصّ وحصر دليل الخلافة في الإجماع ـ في مأزق كبير وإشكال شديد ، وذلك لأنّهم قرّروا في علم الاصول أنّه إذا خالف واحد من الامّة أو اثنان لم ينعقد الإجماع .
قال الغزّالي : « إذا خالف واحد من الامّة أو اثنان لم ينعقد الإجماع دونه ، فلو مات لم تصر المسألة إجماعاً ، خلافاً لبعضهم . ودليلنا : أنّ المحرّم مخالفة الامّة كافّة ... » (10) .
وفي مسلّم الثبوت وشرحه : « قيل : إجماع الأكثر مع ندرة المخالف بأن يكون واحداً أو أثنين إجماع ... والمختار أنّه ليس بإجماع لانتفاء الكلّ الذي هو مناط العصمة . ثم اختلفوا فقيل : ليس بحجّةٍ أصلاً كما أنّه ليس بإجماع ، وقيل : بل حجّة ظنّية غير الإجماع ، لأنّ الظاهر إصابة السواد الأعظم ... قيل : ربّما كان الحقّ مع الأقل وليس فيه بعد ... » .
فقال المكتفون بإجماع الأكثر : « صحّ خلافة أبي بكر مع خلاف علي وسعد ابن عبادة وسلمان » .
فأجيب : « ويدفع بأنّ الإجماع بعد رجوعهم إلى بيعته . هذا واضح في أمير المؤمنين علي » .
فلو سلّمنا ما ذكروه من بيعة أمير المؤمنين عليه السلام ، فما الجواب عن تخلّف سعد بن عبادة »؟!
أمّا المناوي فلم يتعرّض لهذه المشكلة ... وتعرّض لها شارح مسلّم الثبوت فقال بعدما تقدّم : « لكنّ رجوع سعد بن عبادة فيه خفاء ، فإنّه تخلّف ولم يبايع وخرج عن المدينة ، ولم ينصرف إلى أن مات بحوران من أرض الشام لسنتين ونصف مضتا من خلافة أمير المؤمنين عمر ، وقيل : مات سنة إحدى عشرة في خلافة أمير المؤمنين الصدّيق الأكبر . كذا في الاستيعاب وغيره . فالجواب الصحيح عن تخلّفه : أنّ تخلّفه لم يكن عن اجتهاد ، فإنّ أكثر الخزرج قالوا : منّا أمير ومنكم أمير ، لئلاّ تفوت رئاستهم ... ولم يبايع سعد لما كان له حبّ السيادة ، وإذا لم تكن مخالفته عن الاجتهاد فلا يضرّ الإجماع ...
فإن قلت : فحينئذٍ قد مات هو رضي الله عنه شاقّ عصا المسلمين مفارق الجماعة وقد قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وأصحابه وسلّم : لم يفارق الجماعة أحد ومات إلاّ مات ميتة الجاهلية . رواه البخاري . والصحابة لا سيّما مثل سعد برآء عن موت الجاهلية .
قلت : هب أنّ مخالفة الإجماع كذلك ، إلاّ أنّ سعداً شهد بدراً على ما في صحيح مسلم ، والبدريّون غير مؤاخذين بذنب ، مثلهم كمثل التائب وإن عظمت المصيبة ، لما أعطاهم الله تعالى من المنزلة الرفيعة برحمته الخاصة بهم . وأيضاً : هو عقبي ممّن بايع في العقبة ، وقد وعدهم رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وأصحابه وسلّم الجنّة والمغفرة . فإيّاك وسوء الظنّ بهذا الصنيع . فاحفظ الأدب ... » (11) .
ولو تنزّلنا عن قضية سعد بن عبادة ، فما الجواب عن تخلّف الصدّيقة الزهراء عليها السلام ؟ ! وهي من الصحابة ، بل بضعة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم .
فإذا كان الصحابة ـ لا سيّما مثل سعد ـ برآء عن موت الجاهلية ، فما ظنّك بالزهراء التي قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني » (12) وقال : « فاطمة بضعة منّي ، يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها » .
وقال : « فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة إلاّ مريم بنت عمران » هذه الأحاديث التي استدلّ بها الحافظ السهيلي وغيره من الحفّاظ على أنّها أفضل من الشيخين فضلاً عن غيرهما (13) .
... فإنّ من ضروريّات التاريخ أنّ الزهراء عليها السلام فارقت الدنيا ولم تبايع أبابكر ... وأنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يأمرها بالمبادرة إلى البيعة ، وهو يعلم أنّه « لم يفارق الجماعة أحد ومات إلاّ مات ميتة الجاهليّة »!!
إذن ... لا يدلّ هذا الحديث علي شيء ممّا زعموه أو أرادوا له الاستدلال به فما هو واقع الحال ؟
سنذكر له وجهاً على شبيل الاحتمال في نهاية المقال ...
ثمّ إنّ ممّا يبطل هذا الحديث من حيث الدلالة والمعنى وجوهاً اخر .
1-إنّ أبابكر وعمر اختلفا في كثير من الأحكام ، والأفعال ، واتّباع المختلفين متعذّر غير ممكن ... فمثلاً : أقرّ أبوبكر جواز المتعة ومنعها عمر . وأنّ عمر منع أن يورّث أحداً من الأعاجم إلاّ واحداً ولد في العرب ... فبمن يكون الاقتداء ؟!
ثم جاء عثمان فخالف الشيخين في كثير من أقواله وأفعاله وأحكامه ... وهو عندهم ثالث الخلفاء الراشدين ...
وكان في الصّحابة من خالف الشيخين أو الثلاثة كلّهم في الأحكام الشرعية والآداب الدينيّة ... وكلّ ذلك مذكور في مظانّه من الفقه والاصول ... ولو كان واقع هذا الحديث كما يقتضيه لفظه لوجب الحكم بضلالة كلّ هؤلاء!!
2- إنّ المعروف من الشيخين الجهل بكثير من المسائل الإسلاميّة ممّا يتعلّق
بالاصول والفروع ، وحتّى في معاني بعض الألفاظ العربية في القرآن الكريم ... فهل يأمر النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بالاقتداء المطلق لمن هذه حاله ويأمر بالرجوع إليه والانقياد له في أوامره نواهيه كلّها ؟!
3- إنّ هذا الحديث بهذا اللفظ يقتضي عصمة أبي بكر وعمر والمنع من جواز الخطأ عليهما ، وليس هذا بقول أحدٍ من المسلمين فيهما ، لأنّ إيجاب الاقتداء بمن ليس بمعصوم إيجاب لما لا يؤمن من كونه قبيحاً ...
4- ولو كان هذا الحديث عن النبي صلّى الله عليه وآله لا حتجّ به أبوبكر نفسه يوم السقيفة ... ولكن لم نجد في واحدٍ من كتب الحديث والتاريخ أنّه احتجّ به على القوم ... فلو كان لنقل واشتهر ، كما نقل خبر السقيفة وما وقع فيها من النزاع والمغالبة ...
بل لم نجد احتجاجاً له به في وقتٍ من الأوقات .
5- بل وجدناه في السقيفة يخاطب الحاضرين بقوله : « بايعوا أيّ الرجلين شئتم » يعني : أبا عبيدة وعمر بن الخطّاب (15) .
ويلتفت إلى أبي عبيدة الجرّاح قائلاً : « أمدد يدك ابايعك » (15) .
6- ثمّ لمّا بويع بالخلافة قال :
« أقيلوني ، أقيلوني ، فلست بخيركم ... » (16) .
7- ثمّ لمّا حضرته الوفاة قال :
« وددت أنّي سألت رسول الله لمن هذا الأمر ، فلا ينازعه أحد ، وددت أني كنت سألت : هل للأنصار في هذا الأمر نصيب » (17) .
8- وجاء عمر يقول :
« كانت بيعة أبي بكر فلتة ، وقى المسلمين شرّها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه » (18) .
وبعد :
فما هو متن الحديث ؟ وما هو مدلوله ؟
قد عرفت سقوط هذا الحديث معنىً على فرض صدوره ...
وعلى الفرض المذكور ... فلا بدّ من الالتزام بأحد أمرين : إمّا وقوع التحريف في لفظه ، وإمّا صدوره في قضيّة خاصّة ...
أمّا الأوّل فيشهد به : أنّه قد روي هذا الخبر بالنصب ، أي جاء بلفظ « أبابكر وعمر » بدلاً عن « أبي بكر وعمر » وجعل أبوبكر وعمر مناديين مأمورين بالاقتداء ... (19) .
فالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يأمر المسلمين عامةً بقوله « اقتدوا » ـ مع تخصيصٍ لأبي بكر وعمر بالخطاب ـ « باللذين من بعده » وهما « الكتاب والعترة » ، وهما ثقلاه اللذان طالما أمر بالاقتداء والتمسّك والاعتصام بهما (20) .
وأمّا الثاني ... فهو ما قيل : من أن سبب هذا الخبر : أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلم كان سالكاً بعض الطرق ، وكان أبوبكر وعمر متأخّرين عنه ، جائيين على عقبه ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله لبعض من سأله عن الطريق الذي سلكه في اتّباعه واللحوق به : « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » وعني في سلوك الطريق دون غيره (21) .
وعلى هذا فليس الحديث على إطلاقه ، بل كانت تحفّه قرائن تخصّه بمورده ، فأسقط الرّاوي القرائن عن عمدٍ أو سهو ، فبدا بظاهره أمراً مطلقاً بالاقتداء بالرجلين ... وكم لهذه القضية من نظير في الأخبار والأحاديث الفقهية والتفسيريّة والتاريخيّة ... ومن ذلك ... ما في ذيل « حديث الاقتداء » نفسه في بعض طرقه ... وهذا ما نتكلّم عليه بإيجاز ... ليظهر لك أنّ هذا الحديث ـ لو كان صادراً ـ ليس حديثاً واحداً ، بل أحاديث متعدّدة صدر كلّ منها في موردٍ خاصّ لا علاقة له بغيره ...
تكملة :
لقد جاء في بعض طرق هذا الحديث :
« اقتدوا باللذين ...واهتدوا بهدي عمّار .وتمسكوا بعهد ابن أمّ عبد : أو : إذا حدّثكم ابن أمّ عبدٍ فصدّقوه . أو : ما حدّثكم ابن مسعود فصدّقوه » .
فالحديث مشتمل على ثلاث فقرات ، الاولى تخصّ الشيخين ، والثانية عمّار ابن ياسر ، والثالثة عبدالله بن مسعود .
أمّا الفقرة الاولى فكانت موضوع بحثنا ، فلذا أشبعنا فيها الكلام سنداً ودلالة ... وظهر عدم جواز الاستدلال بها والأخذ بظاهر لفظها ، وأنّ من المحتمل قويّاً وقوع التحريف في لفظها أو لدى النقل لها بإسقاط القرائن الحافّة بها الموجب لخروج الكلام من التقييد إلى الإطلاق ، فإنّه نوع من أنواع التحريف ، بل من أقبحها وأشنعها كما هو معلوم لدى أهل العلم .
وأمّا الفقرتان الاخريان فلا نتعرّض لهما إلاّ من ناحية المدلول والمفاد لئلا يطول بنا المقام ... وإن ذكرا في فضائل الرجلين ، وربّما استدلّ بهما بعضهم في مقابلة بعض فضائل أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ... فنقول :
قوله : « اهتدوا بهدي عمار » معناه : « سيروا بسيرته واسترشدوا بإرشاده » .
فكيف كانت سيرة عمار ؟ وما كان إرشاده ؟
وهل سار القوم بسيرته واسترشدوا بإرشاده ؟!!
هذه كتب السير والتواريخ بين يديك !!
وهذه نقاط من « سيرته » و « إرشاده » :
تخلّف عن بيعة أبي بكر (22) وقال لعبد الرحمن بن عوف ـ حينما قال للناس في قصة الشورى : أشيروا عليّ ـ « إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليّاً » (23) .
وقال : بعد أن بويع عثمان ـ : « يا معشر قريش ، أمّا إذ صدفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم هاهنا مرّةً هاهنا مرّةً ، فما أنا بآمن من أن ينزعه الله فيضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله » (24) وكان مع علي عليه السلام منذ اليوم الأول حتى استشهد معه بصفّين وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « عمار تقتله الفئة الباغية » (25) و« من عادى عمّاراً عاداه الله » (26) .
ثم لماذا أمر النبيّ صلّى الله عليه وآله بالاهتداء بهدي عمّار والسير على سيرته ؟ لأنّه قال له من قبل : « يا عمّار ، إن رأيت علياً قد سلك وادياً وسلك الناس كلّهم وادياً غيره فاسلك مع علي ، فإنّه لن يدليك في ردى ولن يخرجك من هدى ... يا عمار : إنّ طاعة علي من طاعتي ، وطاعتي من طاعة الله عزّ وجلّ (27) .
وقوله : « وتمسّكوا بعهد ابن أمّ عبد » أو « إذا حدّثكم ابن أمّ عبد فصدّقوه » ما معناه ؟
إن كان « الحديث » فهل يصدّق في كلّ ما حدّث ؟
هذا لا يقول به أحد ... وقد وجدناهم على خلافه ... فقد منعوه من الحديث ، بل كذّبوه ، بل ضربوه ... فراجع ما رووه ونقلوه ... (28) .
وإن كان « العهد » فأيّ عهدٍ هذا ؟
لابدّ أن يكون إشارةً إلى أمر خاصّ ... صدر في موردٍ خاصّ ... لم تنقله الرواة ...
لقد رووا في حقّ ابن مسعود حديثاً آخر ـ جعلوه من فضائله ـ بلفظ : « رضيت لكم ما رضي به ابن امّ عبد » (29) ... ولكن ما هو ؟
لابدّ أن يكون صادراً في موردٍ خاصّ ... بالنسبة إلى أمرٍ خاصّ ... لم ننقله الرواة ...
إنّه ـ فيما رواه الحاكم ـ كما يلي :
« قال النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لعبد الله بن مسعود : إقرأ .
قال : اقرأ وعليك انزل ؟!
قال : إنّي أحبّ أن أسمع من غيري .
قال : فافتتح سورة النساء حتى بلغ : ( فكيف إذا جئنا من كلّ امّةٍ بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) فاستعبر رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، وكفّ عبدالله .
فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : تكلّم .
فحمد الله في أول كلامه وأثنى على الله وصلّى على النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وشهد شهادة الحقّ . وقال :
رضينا بالله ربّاً وبالإسلام ديناً ، ورضيت لكم ما رضي الله ورسوله .
فقال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : رضيت لكم ما رضي لكم ابن أمّ عبد .
هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه » (30) .
فانظر كيف تلاعبوا بأقوال النبي صلّى الله عليه وآله وتصرّوا في السنّة الشريفة ... فضلّوا وأضلّوا ... !!
ونعود فنقول : إنّ السنّة الكريمة بحاجةٍ ماسّةٍ إلى تحقيق وتمحيص ، لا سيّما في القضايا التي لها صلة وثيقة بأساس الدين الحنيف ، تبنى عليها أصول العقائد ، وتتفرّع منها الأحكام الشرعيّة .
والله نسأل أن يوفقنا لتحقيق الحقّ وقبول ما هو به جدير ، إنّه سميع مجيب وهو على كلّ شيء قدير .
المصادر :
1- قرة العينين : 189 .
2- شرح المختصر في الاصول 2 / 36 .
3- الإبهاج في شرح المنهاج 2 / 367 .
4- فواتح الرحموت في مسلّم الثبوت 2 / 231 .
5- شرح المواقف ـ مباحث الإمامة .
6- فيض القدير 2 / 56 .
7- الموضوعات 1 / 303 .
8- شرح نهج البلاغة 11 / 49 .
9- فيض القدير 2 / 56 .
10- المستصفى 1 / 203 .
11- فواتح الرحموت ـ شرح مسلّم الثبوت 2 / 223 ـ 224 .
12- فيض القدير 4 / 421 عن البخاري في المناقب .
13- فيض القدير 4 / 421 .
14- صحيح البخاري ـ باب فضل أبي بكر ، مسند أحمد 1 / 56 ، تاريخ الطبري 3 / 209 ، السيرة الحلبية 3 / 386 ، وغيرها
15- الطبقات الكبرى 3 / 128 ، مسند أحمد 1 / 35 ، السيرة الحلبية 3 / 386 .
16- الإمامة والسياسة 1 / 14 ، الصواعق المحرفة : 30 ، الرياض النضرة 1 / 175 ، كنز العمّال 3 / 132 .
17- تاريخ الطبري 3 / 431 ، العقد الفريد 2 / 254 ، الإمامة والسياسة 1 / 18 ، مروج الذهب 2 / 302 .
18- صحيح البخاري 5 / 208 ، الصواعق المحرقة : 5 ، تاريخ الخلفاء : 67 .
19- تلخيص الشافي 3 / 35 .
20- خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمّة الأطهار » بقلم علي الحسيني الميلاني .
21- تلخيص الشافي 3 / 38 .
22- المختصر في أخبار البشر 1 / 156 ، تتمّة المختصر 1 / 187 .
23- تاريخ الطبري 3 / 297 ، الكامل 3 / 37 ، العقد الفريد 2 / 182 .
24- مروج الذهب 2 / 342 .
25- المسند 2 / 164 ، تاريخ الطبري 4 / 2 و 4 / 28 ، طبقات ابن سعد 3 / 253 ، الخصائص : 133 ، المستدرك 3 / 378 ، عمدة القاري 24 / 1992 ، كنز العمّال 16 / 143 .
26- الاستيعاب 3 / 1138 ، الإصابة 2 / 506 ، كنز العمال 13 / 298 ، إنسان العيون 2 / 265 .
27- تاريخ بغداد 13 / 186 ، كنز العمّال 12 / 212 ، فرائد السمطين 1 / 178 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 57 و 124 .
28- مسند الدارمي 1 / 61 ، طبقات ابن سعد 2 / 336 ، تذكرة الحفّاظ 1 / 5 ـ 8 ، المعارف : 194 ، الرياض النضرة 2 / 163 ، تاريخ الخلفاء 158 ، اسد الغابة 3 / 259 .
29- فيض القدير 4 / 33 .
30- المستدرك على الصحيحين 3 / 319 .