
يقول السلفيون والوهابيون عن شهادة الإمام عليهالسلام نقلاً عن عميدهم وسيّدهم ابن تيمية في جملة غاية في الصدق واللطافة : بل تمكّن اُولئك الظَّلمة الطغاة من سبط رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى قتلوه مظلوماً شهيداً (1).
ولكن إذا سألته بعد هذه الجملة التي يعترف بها أنّ الإمام الحسين عليهالسلام هو سبط رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنّه قُتل مظلوماً ليس ظالماً ، وأنّ قتلته هم طغاة ظالمون ، إذا سألته مَنْ القاتل الظالم ، أليس الطاغية يزيد بن معاوية الذي أمر بقتل الإمام ولو كان متعلّقاً بأستار الكعبة؟!
يقول : لا ، يزيد بريء من دم الحسين ؛ لأنّه أمير المؤمنين! وحاكم سياسي أعلى للدولة ، ولذا فإن خروج الحسين على يزيد رأي فاسد ؛ لأنّ مفسدته أعظم من مصلحته ، وقلَّ مَنْ خرج على إمام ذي سلطان إلاّ كان ما تولّد على فعله من الشرّ أعظم ممّا تولّد من الخير (2).
وتتعجّب كيف يكون خروج الإمام الحسين عليهالسلام لا مصلحة ولا خير فيه؟!
وكيف يمكن لإنسان مسلم أن يقول أنّ رأي الإمام الحسين عليهالسلام فاسد ، وأنّ عمله فيه مفسدة للأُمّة الإسلاميّة ، وهو الذي خرج لطلب الإصلاح في أُمّة جدّه؟!
اسمعه يقول : ولم يكن في خروجه مصلحة لا في دين ولا في دنيا ، وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده (3).
هل يمكن لعاقل أن يتكلّم بهذا ، سبحانك هذا بهتان عظيم؟! إذ أنّه كيف لم يرَ هذا الرجل وأتباعه المصلحة المتوخّاة من نهضة الإمام عليهالسلام؟ وينفيها من الدنيا والآخرة ، كيف ذلك؟ ومن أين له العلم بأحوال الآخرة؟!
ويقول ما هو أدهى وأعظم من ذلك : إنّ ما قصده الحسين من تحصيل الخير
ودفع الشرّ لم يحصل منه شيء ، بل زاد الشرّ بخروجه وقتله ، ونقص الخير بذلك وصار سبباً لشرّ عظيم (4).
لماذا صار الإمام الحسين عليهالسلام سبباً لشرّ عظيم يابن تيمية المبجّل؟!
يقول : لأنّ خروجه ممّا أوجب الفتن (5).
ويعني بالفتن التي كان الإمام الحسين عليهالسلام سبباً فيها : الثورات المتتالية على بني أُميّة إلى أن أسقطتهم ، ورمت بأسطورة معاوية إلى مزابل ونفايات التاريخ ، من ثورة المدينة المنوّرة إلى حركة ابن الزبير في مكة المكرّمة مروراً بثورة التوابين .
وثورة زيد بن علي بن الحسين عليهالسلام ، ونهضات تلو نهضات وثورات تعقبها ثورات حتّى أطاح العباسيون ببني أُميّة ودفعوها إلى أرذل ما يمكن.
وهذا ما لا يتمنّاه الجماعة السلفية وشيخهم ابن تيمية الذي كان يريد أن يطول الظلم الأموي ، وتدوم الجولة الأمويّة إلى آخر الدهر.
وهذا ما صرّح به مؤسس دولتهم معاوية بن أبي سفيان حين قال للمغيرة بن شعبة نديمة : لا والله ، إلاّ دفناً دفناً. ويقصد الدفن لذكر رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي يعلن عنه بالأذان خمس مرّات.
ألا تعجب عزيزي القارئ أن يرى الهندوسي مصلحةً بخروج الإمام الحسين عليهالسلام ويتعلّم منه ، والمسيحي يرى كلّ الخير بنهضة الإمام الحسين عليهالسلام ويتمنّى أن يكون لديهم مثل هذا العظيم ؛ ليصنعوا له تماثيل من ذهب ، ويدعون الناس إلى المسيحية باسمه ، وقبل هؤلاء جميعاً الله سبحانه وتعالى يقرّر أنّ كلّ المصلحة والخير بنهضة المولى أبي عبد الله الحسين عليهالسلام ويأمره بالخروج على يزيد.
ورسول الله صلىاللهعليهوآله يرى كلّ المصلحة والخير بخروج حفيده الإمام السبط الشهيد فيأمره بالخروج إلى الشهادة ؛ لأنّ له مكانة عند الله لا ينالها إلاّ بالشهادة ، وأنّ دين الإسلام لن يستمر ويستقيم إلاّ بشهادة سيّد شباب أهل الجنّة.
وأبو الأحرار الحسين عليهالسلام وكلّ مَنْ معه من آل البيت عليهمالسلام وأصحابه الكرام يرون الخير والمصلحة بالنهضة ، ويأتي ابن تيمية بعد ذلك ليكتشف الحقيقة ويعلنها مدوّيةً على الملأ وكأنّه اكتشف كنزاً من العلم أنّ الإمام عليهالسلام صار سبباً لشرٍّ عظيم. لماذا؟!
لأنّ خروجه أوجب الفتن (6)!
هل تتصوّر هذا من إنسان يدّعي الانتماء إلى الإسلام والإنسانيّة؟!
ويحتجّ على سبط الرسول وعلينا ببعض تلك الآراء الفاسدة ، أو الغير ناضجة ممّن نصح الإمام السبط بعدم الخروج على يزيد ، يقول : لذا أشار عليه بعضهم أن لا يخرج ، وهم بذلك قاصدون نصيحته ، طالبون لمصلحته ومصلحة المسلمين! والله ورسوله إنّما يأمر بالصلاح لا بالفساد (7)!
ولكن الإمام عليهالسلام لم يخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرج لطلب الإصلاح في أُمّة جدّه ، وليسير بسيرة جدّه وأبيه أمير المؤمنين ، والله ورسوله قطعاً مع الحسين عليهالسلام ونهضته ، وليس مع يزيد وطغيانه وفساده وتهتّكه.
ولكن دعه مع إمامه يزيد ، ودعنا وإمامنا الحسين عليهالسلام ، خير لبني الإنسان ألف مرة أن يكون فيهم خُلقٌ كخُلق الحسين الذي أغضب يزيد بن معاوية ، من أن يكون جميع بني الإنسان على ذلك الخُلق الذي يرضى به يزيد (8).
إنّه كلام حقّ لا يرضى به ابن تيمية وأمثاله من السلفيّة والوهابيّة الذين يرون ويعتقدون بإمامة يزيد الدينيّة والدنيويّة ، ويطالبون السبط الشهيد عليهالسلام بالبيعة والاعتذار عمّا بدر منه في نهضته ؛ لأنّه أوجب الفتن على إمامهم يزيد.
وأعجب شيء أن يُطلب الحسين بن علي أن يبايع مثل هذا الرجل ، ويزكّيه أمام المسلمين ، ويشهد له عندهم أنّه نِعمَ الخليفة المأمول ، صاحب الحقّ في الخلافة ، وصاحب القدرة عليها!
ولا مناص للحسين من خصلتين : هذه البيعة ، أو الخروج ؛ لأنّهم لن يتركوه بمعزل عن الأمر لا له ولا عليه.
إنَّ بعض المؤرّخين من المستشرقين وضعاف الفهم من الشرقيين ، ينسون هذه الحقيقة ولا يولونها نصيباً من الرجحان في كفّ الميزان.
وكان خليقاً بهؤلاء أن يذكروا أنّ مسألة العقيدة الدينية في نفس الحسين بن علي لم تكن مسألة مزاج أو مساومة ، وأنّه كان رجلاً يؤمن أقوى الإيمان بأحكام الإسلام .
ويعتقد أشدّ الاعتقاد أنّ تعطيل حدود الدين هو أكبر بلاء يحيق به وبأهله وبالأُمّة قاطبةً في حاضرها ومصيرها ؛ لأنّه مسلم ولأنّه سبط محمد ، فمَنْ كان إسلامه هداية نفس ، فالإسلام عند الحسين هداية في نفس وشرف بيت (9).
ولكنّ السلفية لا ترى الإسلام هداية نفس ، ولا يعتقدون بشرف البيت النبوي ؛ لأنّهم يحاربون أهله لا سيما ذرية رسول الله صلىاللهعليهوآله.
المصادر :
1- منهاج السنة النبوية 2 ص 241.
2- المصدر السابق.
3- المصدر السابق.
4- المصدر السابق :ج2 ص 242.
5- المصدر السابق.
6- منهاج السنة النبوية 2 ص 242.
7- المصدر نفسه 2 ص 241.
8- ـ أبو الشهداء الحسين بن علي ص 108.
ولكن إذا سألته بعد هذه الجملة التي يعترف بها أنّ الإمام الحسين عليهالسلام هو سبط رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنّه قُتل مظلوماً ليس ظالماً ، وأنّ قتلته هم طغاة ظالمون ، إذا سألته مَنْ القاتل الظالم ، أليس الطاغية يزيد بن معاوية الذي أمر بقتل الإمام ولو كان متعلّقاً بأستار الكعبة؟!
يقول : لا ، يزيد بريء من دم الحسين ؛ لأنّه أمير المؤمنين! وحاكم سياسي أعلى للدولة ، ولذا فإن خروج الحسين على يزيد رأي فاسد ؛ لأنّ مفسدته أعظم من مصلحته ، وقلَّ مَنْ خرج على إمام ذي سلطان إلاّ كان ما تولّد على فعله من الشرّ أعظم ممّا تولّد من الخير (2).
وتتعجّب كيف يكون خروج الإمام الحسين عليهالسلام لا مصلحة ولا خير فيه؟!
وكيف يمكن لإنسان مسلم أن يقول أنّ رأي الإمام الحسين عليهالسلام فاسد ، وأنّ عمله فيه مفسدة للأُمّة الإسلاميّة ، وهو الذي خرج لطلب الإصلاح في أُمّة جدّه؟!
اسمعه يقول : ولم يكن في خروجه مصلحة لا في دين ولا في دنيا ، وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده (3).
هل يمكن لعاقل أن يتكلّم بهذا ، سبحانك هذا بهتان عظيم؟! إذ أنّه كيف لم يرَ هذا الرجل وأتباعه المصلحة المتوخّاة من نهضة الإمام عليهالسلام؟ وينفيها من الدنيا والآخرة ، كيف ذلك؟ ومن أين له العلم بأحوال الآخرة؟!
ويقول ما هو أدهى وأعظم من ذلك : إنّ ما قصده الحسين من تحصيل الخير
ودفع الشرّ لم يحصل منه شيء ، بل زاد الشرّ بخروجه وقتله ، ونقص الخير بذلك وصار سبباً لشرّ عظيم (4).
لماذا صار الإمام الحسين عليهالسلام سبباً لشرّ عظيم يابن تيمية المبجّل؟!
يقول : لأنّ خروجه ممّا أوجب الفتن (5).
ويعني بالفتن التي كان الإمام الحسين عليهالسلام سبباً فيها : الثورات المتتالية على بني أُميّة إلى أن أسقطتهم ، ورمت بأسطورة معاوية إلى مزابل ونفايات التاريخ ، من ثورة المدينة المنوّرة إلى حركة ابن الزبير في مكة المكرّمة مروراً بثورة التوابين .
وثورة زيد بن علي بن الحسين عليهالسلام ، ونهضات تلو نهضات وثورات تعقبها ثورات حتّى أطاح العباسيون ببني أُميّة ودفعوها إلى أرذل ما يمكن.
وهذا ما لا يتمنّاه الجماعة السلفية وشيخهم ابن تيمية الذي كان يريد أن يطول الظلم الأموي ، وتدوم الجولة الأمويّة إلى آخر الدهر.
وهذا ما صرّح به مؤسس دولتهم معاوية بن أبي سفيان حين قال للمغيرة بن شعبة نديمة : لا والله ، إلاّ دفناً دفناً. ويقصد الدفن لذكر رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي يعلن عنه بالأذان خمس مرّات.
ألا تعجب عزيزي القارئ أن يرى الهندوسي مصلحةً بخروج الإمام الحسين عليهالسلام ويتعلّم منه ، والمسيحي يرى كلّ الخير بنهضة الإمام الحسين عليهالسلام ويتمنّى أن يكون لديهم مثل هذا العظيم ؛ ليصنعوا له تماثيل من ذهب ، ويدعون الناس إلى المسيحية باسمه ، وقبل هؤلاء جميعاً الله سبحانه وتعالى يقرّر أنّ كلّ المصلحة والخير بنهضة المولى أبي عبد الله الحسين عليهالسلام ويأمره بالخروج على يزيد.
ورسول الله صلىاللهعليهوآله يرى كلّ المصلحة والخير بخروج حفيده الإمام السبط الشهيد فيأمره بالخروج إلى الشهادة ؛ لأنّ له مكانة عند الله لا ينالها إلاّ بالشهادة ، وأنّ دين الإسلام لن يستمر ويستقيم إلاّ بشهادة سيّد شباب أهل الجنّة.
وأبو الأحرار الحسين عليهالسلام وكلّ مَنْ معه من آل البيت عليهمالسلام وأصحابه الكرام يرون الخير والمصلحة بالنهضة ، ويأتي ابن تيمية بعد ذلك ليكتشف الحقيقة ويعلنها مدوّيةً على الملأ وكأنّه اكتشف كنزاً من العلم أنّ الإمام عليهالسلام صار سبباً لشرٍّ عظيم. لماذا؟!
لأنّ خروجه أوجب الفتن (6)!
هل تتصوّر هذا من إنسان يدّعي الانتماء إلى الإسلام والإنسانيّة؟!
ويحتجّ على سبط الرسول وعلينا ببعض تلك الآراء الفاسدة ، أو الغير ناضجة ممّن نصح الإمام السبط بعدم الخروج على يزيد ، يقول : لذا أشار عليه بعضهم أن لا يخرج ، وهم بذلك قاصدون نصيحته ، طالبون لمصلحته ومصلحة المسلمين! والله ورسوله إنّما يأمر بالصلاح لا بالفساد (7)!
ولكن الإمام عليهالسلام لم يخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرج لطلب الإصلاح في أُمّة جدّه ، وليسير بسيرة جدّه وأبيه أمير المؤمنين ، والله ورسوله قطعاً مع الحسين عليهالسلام ونهضته ، وليس مع يزيد وطغيانه وفساده وتهتّكه.
ولكن دعه مع إمامه يزيد ، ودعنا وإمامنا الحسين عليهالسلام ، خير لبني الإنسان ألف مرة أن يكون فيهم خُلقٌ كخُلق الحسين الذي أغضب يزيد بن معاوية ، من أن يكون جميع بني الإنسان على ذلك الخُلق الذي يرضى به يزيد (8).
إنّه كلام حقّ لا يرضى به ابن تيمية وأمثاله من السلفيّة والوهابيّة الذين يرون ويعتقدون بإمامة يزيد الدينيّة والدنيويّة ، ويطالبون السبط الشهيد عليهالسلام بالبيعة والاعتذار عمّا بدر منه في نهضته ؛ لأنّه أوجب الفتن على إمامهم يزيد.
وأعجب شيء أن يُطلب الحسين بن علي أن يبايع مثل هذا الرجل ، ويزكّيه أمام المسلمين ، ويشهد له عندهم أنّه نِعمَ الخليفة المأمول ، صاحب الحقّ في الخلافة ، وصاحب القدرة عليها!
ولا مناص للحسين من خصلتين : هذه البيعة ، أو الخروج ؛ لأنّهم لن يتركوه بمعزل عن الأمر لا له ولا عليه.
إنَّ بعض المؤرّخين من المستشرقين وضعاف الفهم من الشرقيين ، ينسون هذه الحقيقة ولا يولونها نصيباً من الرجحان في كفّ الميزان.
وكان خليقاً بهؤلاء أن يذكروا أنّ مسألة العقيدة الدينية في نفس الحسين بن علي لم تكن مسألة مزاج أو مساومة ، وأنّه كان رجلاً يؤمن أقوى الإيمان بأحكام الإسلام .
ويعتقد أشدّ الاعتقاد أنّ تعطيل حدود الدين هو أكبر بلاء يحيق به وبأهله وبالأُمّة قاطبةً في حاضرها ومصيرها ؛ لأنّه مسلم ولأنّه سبط محمد ، فمَنْ كان إسلامه هداية نفس ، فالإسلام عند الحسين هداية في نفس وشرف بيت (9).
ولكنّ السلفية لا ترى الإسلام هداية نفس ، ولا يعتقدون بشرف البيت النبوي ؛ لأنّهم يحاربون أهله لا سيما ذرية رسول الله صلىاللهعليهوآله.
المصادر :
1- منهاج السنة النبوية 2 ص 241.
2- المصدر السابق.
3- المصدر السابق.
4- المصدر السابق :ج2 ص 242.
5- المصدر السابق.
6- منهاج السنة النبوية 2 ص 242.
7- المصدر نفسه 2 ص 241.
8- ـ أبو الشهداء الحسين بن علي ص 108.