ليلة و يوم عاشوراء

أقبل الإمام عليه‌ السلام مع الصفوة الطيبة المؤمنة من أهل بيته وأصحابه نحو الله يناجونه بقلوبهم وعواطفهم ، وهم يسألونه العفو والغفران ولم يذق أحد منهم طعم الرقاد ، فقد كانوا ما بين راكع وساجد وقارىء للقرآن ، وكان لهم دويّ
Saturday, June 3, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
ليلة و يوم عاشوراء
ليلة و يوم عاشوراء





 
أقبل الإمام عليه‌ السلام مع الصفوة الطيبة المؤمنة من أهل بيته وأصحابه نحو الله يناجونه بقلوبهم وعواطفهم ، وهم يسألونه العفو والغفران ولم يذق أحد منهم طعم الرقاد ، فقد كانوا ما بين راكع وساجد وقارىء للقرآن ، وكان لهم دويّ كدويّ النحل.
وكانوا ينتظرون انبثاق نور الصبح بفارغ الصبر لينالوا الشهادة بين يديّ ريحانة رسول الله صلى ‌الله ‌عليه‌ و آله وسلم .
وأما معسكر ابن زياد فقد باتوا وهم في شوق لطلوع الصبح ليريقوا دماء أهل البيت عليهم‌السلام ليقترّبوا بها إلى سيّدهم ابن مرجانة.

يوم عاشوراء

وليس مثل يوم العاشر من المحرّم في مآسيه وكآبته وكوارثه ، فلم تبق محنة من محن الدنيا ، ولا فاجعة من فواجع الدهر إلاّ جرت على ريحانة رسول الله صلى ‌الله ‌عليه‌ و آله وسلم فلا يوم مثل ذلك اليوم الخالد في دنيا الأحزان.
دعاء الامام :
وخرج أبو الأحرار من خبائه فرأى البيداء قد ملئت خيلاً ورجالاً وقد شهر أولئك البغاة اللئام سيوفهم لإراقة دمه ، ودماء الصفوة البررة من أهل بيته وأصحابه لينالوا الأجر الزهيد من الإرهابي المجرم ابن مرجانة ، ودعا الإمام بمصحف فنشره على رأسه ، ورفع يديه بالدعاء إلى الله قائلاً :
« اللهمّ أنت ثقتي في كل كرب ، ورجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة ، كم من همّ يضعف فيه الفؤاد ، وتقلّ فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدوّ أنزلته بك ، وشكوته إليك رغبة منّي إليك عمّن سواك ، ففرّجته وكشفته ، وكفيته ، فأنت وليّ كل نعمة ، وصاحب كل حسنة ، ومنتهى كل رغبة ... » (١).
لقد أناب الإمام إلى الله ، وأخلص له ، فهو وليّه ، والملجأ الذي يلجأ إليه في كل نائبة نزلت به.

خطبة الإمام :

ورأى الإمام عليه‌ السلام أن يقيم الحجّة البالغة على أُولئك الوحوش قبل أن يقدموا على اقتراف الجريمة ، فدعا براحلته فركبها ، واتجه نحوهم ، فخطب فيهم خطابه التأريخي الحافل بالمواعظ والحجج ، فقد نادى بصوت عال يسمعه جلّهم :
« أيّها الناس اسمعوا قولي ، ولا تعجلوا حتى أعظكم بما هو حقّ لكم عليّ ، وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم ، فان قبلتم عذري ، وصدقتم قولي وأعطيتموني النصف ، كنتم بذلك أسعد ، ولم يكن لكم عليَّ سبيل ، وان لم تقبلوا منّي العذر ، ولم تعطوا النصف من أنفسكم ، فاجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمّة ، ثم امضوا إليَّ ولا تُنظرون ، إن ولّيي الله الذي نزّل الكتاب وهو يتولّى الصالحين .. ».
وحمل الأثير هذه الكلمات إلى السيدات من عقائل النبوة ، ومخدرات الرسالة فتصارخن بالبكاء ، فبعث إليهنّ أخاه العباس ، وابنه عليّاً ، وقال لهما :
سكّتاهنّ ، فلعمري ليكثر بكاؤهنّ ، ولما سكتن استرسل في خطابه فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على جدّه الرسول صلى ‌الله ‌عليه‌ و آله وسلم وعلى الملائكة والأنبياء ، وقال في ذلك : ما لا يحصى ذكره ، ولم يسمع لا قبله ، ولا بعده أبلغ منه في منطقه (2).
وكان مما قاله :
« أيّها الناس ان الله تعالى خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال ، متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال ، فالمغرور من غرّته ، والشقيّ من فتنته ، فلا تغرنّكم هذه الدنيا ، فانها تقطع رجاء من ركن إليها ، وتخيب طمع من طمع فيها ، وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم ، وأعرض بوجهه الكريم عنكم ، وأحلّ بكم نقمته ، فنعم الرب ربّنا ، وبئس العبيد أنتم ، أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول صلى ‌الله ‌عليه‌ و آله وسلم ثم أنكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم ، لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم ، فتبّاً لكم ولما تريدون ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبُعداً للقوم الظالمين ».
لقد وعظ الإمام عليه‌ السلام أعداءه بهذه الكلمات التي تمثّل هدي الأنبياء ومحنتهم في أممهم ، لقد حذّرهم من فتنة الدنيا وغرورها ، وأهاب بهم من التورّط في قتل عترة نبيّهم وذريّته ، وانّهم بذلك يستوجبون العذاب الأليم ، والسخط الدائم ، ثم استرسل الإمام الممتحن في خطابه فقال :
« أيّها الناس : انسبوني من أنا ، ثم ارجعوا إلى أنفسكم ، وعاتبوها ، وانظروا هل يحلّ لكم قتلي ، وانتهاك حرمتي ، ألست ابن بنت نبيّكم ، وابن وصيّه ، وابن عمّه ، وأول المؤمنين بالله ، والمصدق لرسوله ، بما جاء من عند ربّه ، أو ليس حمزة سيّد الشهداء عمّ أبي ، أو ليس جعفر الطيّار عمّي ، أو لم يبلغكم قول رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم لي ولأخي « هذان سيّدا شباب أهل الجنّة » فان صدّقتموني بما أقول : وهو الحقّ ، والله ما تعمّدت الكذب منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله ، ويضرّ به من اختلقه ، وإن كذّبتموني فان فيكم من إذا سألتموه أخبركم ، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري ، وابا سعيد الخدري ، وسهل ابن سعد الساعدي ، وزيد بن أرقم ، وأنس بن مالك يخبروكم انّهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله ٩ لي ولأخي أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي ، .. ».
وكان خليقاً بهذا الخطاب المشرق أن يرجع لهم حوازب عقولهم ، ويردّهم عن طغيانهم ، فقد وضع الإمام النقاط على الحروف ، ودعاهم إلى التأمل ولو قليلاً ليمعنوا في شأنه أليس هو حفيد نبيّهم وابن وصيه ، وهو سيّد شباب أهل الجنة كما أعلن ذلك جدّه الرسول صلى ‌الله ‌عليه‌ و آله وسلم وفي ذلك حصانة له من سفك دمه وانتهاك حرمته ، ولكن الجيش الأموي لم يع هذا المنطق ، فقد خلد إلى الجريمة ، واسودّت ضمائرهم ، وحيل بينهم وبين ذكر الله.
وتصدّى لجواب الإمام شمر بن ذي الجوشن وهو من الممسوخين فقال له :
« هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما تقول .. ».
وحقاً انه لم يع ما يقول الإمام فقد ران على قلبه الباطل ، وغرق في الاثم وقد أجابه حبيب بن مظاهر وهو من أعلام الهدى والصلاح فقال له :
« والله انّي لأراك تعبد الله على سبعين حرفاً ، وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك .. ».
والتفت الإمام إلى قطعات الجيش فخاطبهم :
« فإن كنتم في شكّ من هذا القول ، أفتشكّون أنّي ابن بنت نبيكم فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري فيكم ، ولا في غيركم ، ويحكم أتطلبونني بقتيل منكم قتلته ، أو مال لكم استهلكته ، أو بقصاص جراحة .. ».
وغدوا حيارى لا يملكون جواباً لردّه ، ثم التفت الإمام إلى قادة الجيش الذين دعوه بالقدوم إلى مصرهم فقال لهم :
« يا شبث بن ربعي ، ويا حجار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ، ويا زيد بن الحرث ، ألم تكتبوا إليَّ ان قد أينعت الثمار ، وأخضر الجناب ، وإنّما تقدم على جند لك مجنّدة ... ».
وأنكر أُولئك الخونة كتبهم ، وما عاهدوا عليه الله من نصرهم للإمام ، فقالوا له « لم نفعل ذلك .. ».
وبهر الإمام من ذلك وراح يقول :
« سبحان الله !! بلى والله لقد فعلتم .. ».
وأعرض الإمام عنهم ، ووجّه خطابه إلى جميع قطعات الجيش قائلاً :
« أيّها الناس : إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الأرض .. ».
وتصدّى لجوابه قيس بن الأشعث وهو من رؤوس المنافقين ، وقد خلع كل شرف وحياء فقال له :
« أو لا تنزل على حكم بني عمّك ، فانّهم لن يروك إلاّ ما تحبّ ، ولن يصل إليك منهم مكروه .. ».
فردّ عليه الإمام قائلاً :
« أنت أخو أخيك ، أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل ، لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أفرّ فرار العبيد ، عباد الله إنّي عذت بربي وربّكم أن ترجمون ، أعوذ بربّي وربّكم من كل متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب ... (3) ».
ومثلت هذه الكلمات عزّة الأحرار وشرف الأباة ، ولم تنفذ إلى قلوب أُولئك الجفاة الذين غرقوا في الجهل والآثام.
وتكلّم أصحاب الإمام مع معسكر ابن زياد ، وأقاموا عليهم الحجّة ، وذكّروهم بجور الامويين ، وما أنزلوه بهم من الجور والاستبداد ، ولم تُجدِ معهم النصائح شيئاً ، وراحوا يفخرون بنصرتهم لابن مرجانة ، وقتالهم لريحانة رسول الله صلى ‌الله ‌عليه‌ و آله وسلم .

خطاب آخر للامام الحسين :

وانبرى سبط رسول الله صلى ‌الله ‌عليه‌ و آله وسلم مرّة أخرى إلى إسداء النصحية إلى الجيش الأموي مخافة أن يدّعي أحد منهم أنّه غير عارف بالأمر ، فانطلق عليه‌ السلام نحوهم ، وقد نشر كتاب الله العظيم على رأسه ، واعتمّ بعمامة جدّه رسول الله صلى ‌الله ‌عليه‌ و آله وسلم وتقلّد لامة حربه ، وكان على هيبة تحكي هيبة الأنبياء والأوصياء فقد علت أسارير النور على وجهه الكريم فقال :
« تَبّاً لَكُمُ أَيَّتُهَا الْجَماعَةُ وَتَرْحاً حينَ إِسْتَصْرَخْتُمُونا والِهينَ فَأَصْرَخْناكُمْ مُوجِفينَ ، سَلَلْتُمْ عَلَيْنا سَيْفاً لَنا في ايمانِكُمْ ، وَحَشَشْتُم
عَلَيْنا ناراً إِقْتَدَحْناها عَلى عَدُوِّنا وَعَدُوِّكُمْ ، فَأَصْبَحْتُمْ أُلَبّاً لاِعْدائِكُمْ عَلى أَوْلِيائِكُمْ بِغَيْرِ عَدْلٍ أَفْشَوْهُ فيكُمُ وَلا أَمَلٍ أَصْبَحَ لَكُمْ فيهِمْ.
مَهْلاً ـ لكُمُ الْوَيْلاتُ ـ تَرَكْتُمُونا وَالسَّيْفُ مِشيَمٌ وَالْجَأْشُ طامِنُ وَالرَّأْي لَمّا يَسْتَحْصِفُ ، وَلكِنْ أَسْرَعْتُم إِلَيْها كَطَيْرَةِ الدَبا ، وَتَداعَيْتُمْ إِلَيْها كَتَهافَتِ الْفَراشِ.
فَسُحْقاً لَكُمْ يا عَبيدَ الأمّة ، وَشِذاذَ الاْحْزابِ ، وَنَبَذَةَ الْكِتابِ ، ومُحَرِّفي الْكَلِمَ ، وَعَصَبَةَ الاَْثامِ ، وَنَفَثَةَ الشَّيْطانِ ، وَمُطْفِىََ السُّنَنِ.
أَهوَلاءِ تَعْضُدُونَ ، وَعَنّا تَتَخاذَلُونَ ؟!
أَجَلْ وَاللهِ غَدْرٌ فيكُمُ قَديمٌ وَشَجَتْ إِلَيْهِ أُصُولُكُمْ وَتَأَزَّرَتْ عَلَيْهِ فُرُوعُكُمْ ، فَكُنْتُمْ أَخْبَثَ شَجَرٍ شَجاً لِلنّاظِرِ وَأُكْلَةٌ لِلْغاصِبِ.
أَلا وَإِنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الَّدعِي قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ : بَيْنَ السِّلَّةِ وَالذِّلَةِ ، وَهَيْهاتَ مِنَّا الذِّلَّةُ ، يَأْبَى اللهُ لَنا ذلِكَ وَرَسُولُهُ وَالْمُوَْمِنُونَ وَحُجُورٌ طابَتْ وَطَهُرَتْ وَأُنُوفٌ حِمِيَّةٌ وَنُفُوسٌ أَبِيَّةٌ : مِنْ أَنْ تُوَثِرَ طاعَةَ اللِّئامِ عَلى مَصارِعِ الْكِرامِ.
أَلا وَإِنّى زاحِفٌ بِهذِهِ الأسرة مَعَ قِلَّةِ الْعَدَدِ وَخَذْلَةِ النّاصِرِ ».
ثُمَّ أَوْصَلَ كَلامَهُ عليه‌ السلام بِأَبْياتِ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكِ الْمُرادي :
« فَـإِنْ نَهْـزِمْ فَهَزّامُونَ قِدْماً
وَإِنْ نُغْلَبْ فَغَيْرُ مُغَلِّبينا
وَما إِنْ طِبُّنا جُبْنٌ وَلكِنْ
مَنايانـا وَدَوْلَة آخَرينا
إِذا مَا الْمَوْتُ رَفَّعَ عَنْ أُناسٍ
كَلاكِلَـهُ أَنـاخَ بِآخِرينا
فَأَفْنى ذلِكُمْ سَرَواتِ قَوْمي
كَما أَفْنـى الْقُـرُون الأوّلينا
فَلَوْ خِلْدَ الْمُلُوكُ إِذاً خُلِدْنا
وَلَوْ بَقِـيَ الْكِـرامُ إِذاً بَقينا
فَقُلْ لِلشّامِتينَ بِنا : أَفيقُوا
سَيَلْقىَ الشّامِتُونَ كَما لَقينا »
ثُمَّ قالَ : « أَيْمُ وَاللهِ لا تَلْبَثُونَ بَعْدَها إِلاّ كَرَيْثِ ما يُرْكَبُ الْفَرَسُ حَتّى يَدُورَ بِكُمْ دَوْرَ الرَّحى وَتَقْلَقَ بِكُمْ قَلَقَ الْمِحْوَرِ ، عَهْدٌ عَهْدَهُ إِلَيَّ أَبي عَنْ جَدّي ، فَأَجْمَعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ، ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةٌ ، ثُمَّ اقُضوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونَ.
إِنّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبّي وَرَبِّكُمْ ، ما مِنْ دابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتها ، إِنَّ رَبّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ.
أَللّهُمَّ احْبِسْ عَنْهُمْ قَطَرَ السَّماءِ ، وَابْعَثْ عَلَيْهِمْ سِنينَ كَسِنَيْ يُوسُفَ ، وَسَلِّطْ عَلَيْهِمْ غُلامَ ثَقيفٍ يَسُومُهُمْ كَأْساً مُصْبَرَةً ، فَإِنَّهُمْ كَذَّبُونا وَخَذَلُونا ، وَأَنْتَ رَبُّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ ».
ومثلّ هذا الخطاب الثوري صلابة الإمام ، وقوّة عزيمته ، وشدّة بأسه ، فقد استهان بأولئك الأقزام الذين هبّوا إليه يستنجدون به ، ويستغيثون لينقذهم من جور الامويين وظلمهم ، فلما أقبل إليهم انقلبوا عليه رأساً على عقب ، فسلّوا عليه سيوفهم وشهروا عليه رماحهم تقرّباً للطغاة والظالمين لهم .
والمستبدّين بشؤونهم في حين أنّه لم يبدو من أولئك الحكام أية بارقة من العدل فيهم ، كما أعلن الإمام عن رفضه الكامل لدعوة ابن مرجانة من الاستسلام له ، فقد أراد له الذلّ والهوان ، وهيهات أن يرضخ لذلك وهو سبط الرسول صلى ‌الله ‌عليه‌ و آله وسلم والممثّل الأعلى للكرامة الإنسانية ، فقد صمّم على الحرب بأسرته التي مثّلت البطولات ليحفظ بذلك كرامته ، وكرامة الأمة.
وقد أخبرهم الإمام عن مصيرهم بعد قتلهم له أنّهم لا ينعمون بالحياة ، وان الله يسلّط عليهم من يسقيهم كأساً مصبرة ، ويجرعهم الغصص وينزل بهم العذاب الأليم ، وقد تحقّق ذلك فلم يمض قليل من الوقت بعد اقترافهم لقتل الإمام حتى ثار عليهم البطل العظيم ، والثائر المجاهد ، ناصر الإسلام الزعيم الكبير المختار بن يوسف الثقفي فقد ملأ قلوبهم رعباً وفزعاً ، ونكّل بهم تنكيلاً فظيعاً ، وأخذت شرطته تلاحقهم في كل مكان فمن ظفرت به قتلته أشرّ قتلة ، ولم يفلت منهم إلاّ القليل.
وقد وجم جيش ابن سعد بعد هذا الخطاب التأريخي الخالد ، وودّ الكثيرون منهم أن تسيخ بهم الأرض.
المصادر :
1- تأريخ ابن عساكر ١٣ : ١٤.
2- تأريخ الطبري ٦ : ٢٤٢.
3- تأريخ الطبري ٦ : ٤٣.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.