
ما من دين على الاطلاق الا وله مرجعية . وما من عقيدة الا ولها مرجعية . فالنبي محمد صلی الله عليه وآله وسلم هو المرجعية الوحيدة لدين الاسلام ولعقيدته ، فقوله الفصل ، واذا وجدت مرجعية ثانية بأمر الله ، فانها مرتبطة به بالدرجة الاولى بوصفه الاعلم والافهم بالعقيدة ومرتبطة بالعقيدة .
والديانة اليهودية لها مرجعية واحدة . فموسى عليه السلام هو المرجع ، وهارون تابع له ، واذا انفرد موسى عن هارون فهو خليفته ، فاذا عاد موسى عادت تبعية هارون له .
والديانة المسيحية لها مرجع وهو عيسى عليه السلام ، والحواريون مرتبطون به ومسخرون لخدمة الدين تحت امرته . فاذا انتقل محمد وموسى وهارون وعيسى الى الرفيق الاعلى ، فيستتبع بالضرورة وجود مرجعية واحدة لكل عقيدة من هذه العقائد الثلاث معينة من قبل المرجعية الاولى بأمر ربها ، وترك الدين والعقيدة بلا مرجعية ، تفريط تترفع عنه ملكات الانبياء ، ويتناقض مع كمال الديانات .
وفي الاسلام ، فان مرجعية المسلمين بالنصوص الشرعية القاطعة هم اهل بيت محمد ، وبالتحديد عميد هذا البيت الطاهر في كل زمان . أما لماذا اهل بيت النبوة ؟ فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء ، ومن جهة ثانية فقد اعدهم الرسول اعداداً علمياً ، وقد احتضنوا الرسول واحتضنوا دعوته . وقد بين لنا الله انهم هم الافضل في كل زمان ، وتلك من لوازم المرجعية .
وكان واضحا بعد وفاة النبي ان مرجعية المسلمين هو عميد اهل بيت النبوة وهو علي بن ابي طالب عليه السلام . فكل مسلم قد تبلغ بأن علياً هو مولاه ومولى كل مسلم ومسلمة . انظر الى قول الفاروق ( هذا مولاي ومولاك ومولى كل مؤمن ومؤمنة ) . تلك هي المرجعية الشرعية .
فقامت الدنيا ولم تقعد الا بعد ان قتل ، وجاء الحسن فأدرك ان الدنيا ما زالت قائمة وانها لن تقعد الا بقتله ، فترك الامر ، واحيط بالحسين في كربلاء فقتل وابيد من حضر معه من اهل بيته الطاهرين ، فأصبحت الامة بغير مرجعية شرعية .
وبما ان المرجعية ضرورة من ضرورات وحدة المجتمع ، ركز الحاكمون الامويون ليكونوا هم المرجعية وليقنعوا الامة انهم المرجعية الشرعية ، ومن الطبيعي ان يكون للكثير من طلاب الدنيا مصلحة بالتعاون معهم لتحقيق هذه الغاية .
ومن الطبيعي ان لا تخفى هذه الاساليب على ذوي البصيرة من الصحابة الكرام ، لكن اياديهم مغلولة ، والامة متفرقة ، وقد غلبت على امرها ، فاستنكرها كبار الصحابة بالقول والفعل ، لكن هذا الاستنكار كان يموت لحظة ولادته في زوايا البيوت ، بينما كان تأييد هذه النظرية يعمم بكل وسائل الاعلام ، وبدعم الدولة نفسها .
فعمليات التنقيص من ولي الامة ومرجعها الشرعي ولعنه وشتمه كانت اموراً يومية تمارسها الامة بقوة السلاح ، وعنفاً عن ادارتها ، ومن يعارض ذلك فمصيره مصير حجر بن عدي ، وهو القتل وحرمانه من العطايا الشهرية او لقمة العيش .
وبنفس الوقت ، كانت عملية ايجاد المرجعية البديلة تشق طريقها بريح ملائمة .
فاعتقد اللاحقون ان المرجعية الشرعية التي امر الله بها واوجدها هي عينها التي نقلت إليهم عن طريق الدولة من اسلافهم ، فأصبحت معارضة هذه النظرية معارضة للدين نفسه لا معارضة للذين اوجدوها ، واصبحت تقليداً لا تقبل المناقشة ، ومن يناقشها او يعارضها او ينتقص من الذين وضعوها فهو زنديق لا يؤاكل ولا يشارب ... الخ .
ولان الشيعة بزعامة اهل البيت يعارضون ذلك ولا يقبلون به ، فمن الطبيعي ان تصب عليهم كل اللعنات وان يصوروا كأنهم اعداء للدين وكفار مجرمون . وهذا ما استقر بذهن العامة ، وبذهن العلماء الذين تخرجوا من جامعات هذه النظرية ، ورووا التاريخ من خلالها .
1 ـ مذهب أهل البيت الكرام : وهو اول المذاهب الاسلامية على الاطلاق ، وقد اطلق عليه المذهب الجعفري نسبة الى جعفر الصادق عليه السلام .
2 ـ المذهب الحنفي : نسبة الى ابي حنيفة ، وقد اخذ ابو حنيفة عن الامام جعفر ثم انفرد بمذهب خاص .
3 ـ المذهب المالكي : نسبة الى مالك ، وقد اخذ عن ابي حنيفه وانفرد بمذهبه ايضا .
4 ـ المذهب الشافعي : نسبة الى الشافعي ، وقد اخذ عن مالك وانفرد بمذهبه كذلك .
5 ـ المذهب الحنبلي : نسبة الى احمد ، وقد اخذ عن الشافعي وانفرد بمذهبه .
وانت تلاحظ ان الامام جعفر الصادق هو استاذ اصحاب المذاهب الاربعة ، وهم يفخرون بذلك . بينما يعتبر العوام ان اتباع المذهب الجعفري على الضلال ، وان العوام على الصواب .
المصادر :
راسخون 2017
والديانة اليهودية لها مرجعية واحدة . فموسى عليه السلام هو المرجع ، وهارون تابع له ، واذا انفرد موسى عن هارون فهو خليفته ، فاذا عاد موسى عادت تبعية هارون له .
والديانة المسيحية لها مرجع وهو عيسى عليه السلام ، والحواريون مرتبطون به ومسخرون لخدمة الدين تحت امرته . فاذا انتقل محمد وموسى وهارون وعيسى الى الرفيق الاعلى ، فيستتبع بالضرورة وجود مرجعية واحدة لكل عقيدة من هذه العقائد الثلاث معينة من قبل المرجعية الاولى بأمر ربها ، وترك الدين والعقيدة بلا مرجعية ، تفريط تترفع عنه ملكات الانبياء ، ويتناقض مع كمال الديانات .
وفي الاسلام ، فان مرجعية المسلمين بالنصوص الشرعية القاطعة هم اهل بيت محمد ، وبالتحديد عميد هذا البيت الطاهر في كل زمان . أما لماذا اهل بيت النبوة ؟ فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء ، ومن جهة ثانية فقد اعدهم الرسول اعداداً علمياً ، وقد احتضنوا الرسول واحتضنوا دعوته . وقد بين لنا الله انهم هم الافضل في كل زمان ، وتلك من لوازم المرجعية .
وكان واضحا بعد وفاة النبي ان مرجعية المسلمين هو عميد اهل بيت النبوة وهو علي بن ابي طالب عليه السلام . فكل مسلم قد تبلغ بأن علياً هو مولاه ومولى كل مسلم ومسلمة . انظر الى قول الفاروق ( هذا مولاي ومولاك ومولى كل مؤمن ومؤمنة ) . تلك هي المرجعية الشرعية .
الغاء المرجعية الشرعية يستتبع بالضرورة ايجاد مرجعية بديلة
تلاحظ ان المرجعية الشرعية في الاسلام قد عطلت بعد موت نبيه ، فصار المرجع الرسمي ، او القائم مقام المرجع الشرعي هو الخليفة . ودارت الايام ، فعاد المرجع الشرعي ليقوم بعمله ووظيفته كولي للامة ومرجع شرعي لها .فقامت الدنيا ولم تقعد الا بعد ان قتل ، وجاء الحسن فأدرك ان الدنيا ما زالت قائمة وانها لن تقعد الا بقتله ، فترك الامر ، واحيط بالحسين في كربلاء فقتل وابيد من حضر معه من اهل بيته الطاهرين ، فأصبحت الامة بغير مرجعية شرعية .
وبما ان المرجعية ضرورة من ضرورات وحدة المجتمع ، ركز الحاكمون الامويون ليكونوا هم المرجعية وليقنعوا الامة انهم المرجعية الشرعية ، ومن الطبيعي ان يكون للكثير من طلاب الدنيا مصلحة بالتعاون معهم لتحقيق هذه الغاية .
نظرية عدالة كل الصحابة هي الطريق الفرد لايجاد المرجعية البديلة
فصلت نظرية عدالة كل الصحابة لغة واصطلاحاً بحيث تتسع بالحاكمين والأمويين ، ثم اضيفت صفة العدالة على الصحابي ـ اي صحابي على الاطلاق ـ وبما ان المرجع الشرعي عادل ولا يجوز عليه الكذب ، وبما ان الصحابي عادل ولا يجوز عليه الكذب وهو من اهل الجنة ، فمعنى ذلك ان الحاكم الاموي عادل ومؤهل ليكون المرجع الشرعي لامة محمد ، وهذا هو مفتاح سير الاحداث .لو جاءت النظرية عن طريق غير الحاكمين لفشلت
لو نادى بنظرية عدالة كل الصحابة اشخاص عاديون لفشلت تماما . ولكن نادى بها صحابة بتأييد مادي ومعنوي من الحكام ، فقد خصصوا جعلا لمن يضع الاحاديث للطعن بالمرجعية الشرعية بعد وفاة النبي ، وقربوا القائلين بنظرية عدالة كل الصحابة ، وبذلوا لهم المال والجاه ، وسخروا كل وسائل اعلام الدولة للترويج لهذه النظرية .ومن الطبيعي ان لا تخفى هذه الاساليب على ذوي البصيرة من الصحابة الكرام ، لكن اياديهم مغلولة ، والامة متفرقة ، وقد غلبت على امرها ، فاستنكرها كبار الصحابة بالقول والفعل ، لكن هذا الاستنكار كان يموت لحظة ولادته في زوايا البيوت ، بينما كان تأييد هذه النظرية يعمم بكل وسائل الاعلام ، وبدعم الدولة نفسها .
فعمليات التنقيص من ولي الامة ومرجعها الشرعي ولعنه وشتمه كانت اموراً يومية تمارسها الامة بقوة السلاح ، وعنفاً عن ادارتها ، ومن يعارض ذلك فمصيره مصير حجر بن عدي ، وهو القتل وحرمانه من العطايا الشهرية او لقمة العيش .
وبنفس الوقت ، كانت عملية ايجاد المرجعية البديلة تشق طريقها بريح ملائمة .
المرجعية البديلة اصبحت شرعية
مات جيل الصحابة الكرام ، ومات التابعون الصادقون ، وماتت المعارضة ، واختفت حجة هؤلاء جميعا ، ولم يبق منها الا النزر اليسير . وبقيت كافة المعلومات الضرورية لاضفاء الشرعية على المرجعية المزيفة والبديلة موجودة بكامل تفاصيلها ، لانها جزء من وثائق الدولة المحفوظة ، وبالتالي اصبحت شرعية حقيقية من حيث الظاهر بعد ان مات كل الذين يعرفون الحقيقة ، واخفيت حجتهم ومعارضتهم ، ولم يبق منها الا اليسير .فاعتقد اللاحقون ان المرجعية الشرعية التي امر الله بها واوجدها هي عينها التي نقلت إليهم عن طريق الدولة من اسلافهم ، فأصبحت معارضة هذه النظرية معارضة للدين نفسه لا معارضة للذين اوجدوها ، واصبحت تقليداً لا تقبل المناقشة ، ومن يناقشها او يعارضها او ينتقص من الذين وضعوها فهو زنديق لا يؤاكل ولا يشارب ... الخ .
ولان الشيعة بزعامة اهل البيت يعارضون ذلك ولا يقبلون به ، فمن الطبيعي ان تصب عليهم كل اللعنات وان يصوروا كأنهم اعداء للدين وكفار مجرمون . وهذا ما استقر بذهن العامة ، وبذهن العلماء الذين تخرجوا من جامعات هذه النظرية ، ورووا التاريخ من خلالها .
الحل
انه لا بديل عن الصبر ، ولا بديل عن الاقتداء بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد قاومه كل الناس ولم يركع ، بل استطاع بالحكمة والموعظة الحسنة ، وبالاساليب الشرعية ، وبالحجة القاطعة والبراهين الساطعة ان يهتك حجب التقليد ، وان يزيح عن وجه الحقيقة كل ما علق بها . واقتنع الناس في النهايه ، وتلك هي الوسيلة الوحيدة امام عشاق الحقيقة الشرعية .في غياب المرجعية الشرعية
انقسم الناس الى شيع واحزاب متنافرة متعارضة كل حزب يدعي انه على الحق ، وان غيره على الباطل ، وهم جميعا يعلمون ان الامة في غياب المرجعية الشرعية ستنقسم الى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة ، وهم يعلمون انه لا يوجد الا حق واحد وهو الذي تسير عليه هذه الفرقة الناجية ، والفرقة الناجية هي التي تتبع المرجعية الشرعية ، وهذا الانقسام كان واحداً من المبررات التي وجدت من اجلها نظرية عدالة كل الصحابة .الانقسام الفقهي
في غياب المرجعية الشرعية المخصصة لبيان المقصود الشرعي من النص وتكييف النص على الوقائع انقسم المسلمون الى عشرات الشيع والاحزاب الفقهية والتي تحمل في ثناياها طابعاً سياسياً بالضرورة ، وتمركزت هذه الاقسام بخمسة قوى :1 ـ مذهب أهل البيت الكرام : وهو اول المذاهب الاسلامية على الاطلاق ، وقد اطلق عليه المذهب الجعفري نسبة الى جعفر الصادق عليه السلام .
2 ـ المذهب الحنفي : نسبة الى ابي حنيفة ، وقد اخذ ابو حنيفة عن الامام جعفر ثم انفرد بمذهب خاص .
3 ـ المذهب المالكي : نسبة الى مالك ، وقد اخذ عن ابي حنيفه وانفرد بمذهبه ايضا .
4 ـ المذهب الشافعي : نسبة الى الشافعي ، وقد اخذ عن مالك وانفرد بمذهبه كذلك .
5 ـ المذهب الحنبلي : نسبة الى احمد ، وقد اخذ عن الشافعي وانفرد بمذهبه .
وانت تلاحظ ان الامام جعفر الصادق هو استاذ اصحاب المذاهب الاربعة ، وهم يفخرون بذلك . بينما يعتبر العوام ان اتباع المذهب الجعفري على الضلال ، وان العوام على الصواب .
المصادر :
راسخون 2017