تعدد المرجعيات

ما من دين على الاطلاق الا وله مرجعية . وما من عقيدة الا ولها مرجعية . فالنبي محمد صلی الله عليه وآله وسلم هو المرجعية الوحيدة لدين الاسلام ولعقيدته ، فقوله الفصل ، واذا وجدت مرجعية ثانية بأمر الله ، فانها مرتبطة به
Monday, June 12, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
تعدد المرجعيات
 تعدد المرجعيات





 
 
ما من دين على الاطلاق الا وله مرجعية . وما من عقيدة الا ولها مرجعية . فالنبي محمد صلی الله عليه وآله وسلم هو المرجعية الوحيدة لدين الاسلام ولعقيدته ، فقوله الفصل ، واذا وجدت مرجعية ثانية بأمر الله ، فانها مرتبطة به بالدرجة الاولى بوصفه الاعلم والافهم بالعقيدة ومرتبطة بالعقيدة .
والديانة اليهودية لها مرجعية واحدة . فموسى عليه السلام هو المرجع ، وهارون تابع له ، واذا انفرد موسى عن هارون فهو خليفته ، فاذا عاد موسى عادت تبعية هارون له .
والديانة المسيحية لها مرجع وهو عيسى عليه السلام ، والحواريون مرتبطون به ومسخرون لخدمة الدين تحت امرته . فاذا انتقل محمد وموسى وهارون وعيسى الى الرفيق الاعلى ، فيستتبع بالضرورة وجود مرجعية واحدة لكل عقيدة من هذه العقائد الثلاث معينة من قبل المرجعية الاولى بأمر ربها ، وترك الدين والعقيدة بلا مرجعية ، تفريط تترفع عنه ملكات الانبياء ، ويتناقض مع كمال الديانات .
وفي الاسلام ، فان مرجعية المسلمين بالنصوص الشرعية القاطعة هم اهل بيت محمد ، وبالتحديد عميد هذا البيت الطاهر في كل زمان . أما لماذا اهل بيت النبوة ؟ فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء ، ومن جهة ثانية فقد اعدهم الرسول اعداداً علمياً ، وقد احتضنوا الرسول واحتضنوا دعوته . وقد بين لنا الله انهم هم الافضل في كل زمان ، وتلك من لوازم المرجعية .
وكان واضحا بعد وفاة النبي ان مرجعية المسلمين هو عميد اهل بيت النبوة وهو علي بن ابي طالب عليه السلام . فكل مسلم قد تبلغ بأن علياً هو مولاه ومولى كل مسلم ومسلمة . انظر الى قول الفاروق ( هذا مولاي ومولاك ومولى كل مؤمن ومؤمنة ) . تلك هي المرجعية الشرعية .

الغاء المرجعية الشرعية يستتبع بالضرورة ايجاد مرجعية بديلة

تلاحظ ان المرجعية الشرعية في الاسلام قد عطلت بعد موت نبيه ، فصار المرجع الرسمي ، او القائم مقام المرجع الشرعي هو الخليفة . ودارت الايام ، فعاد المرجع الشرعي ليقوم بعمله ووظيفته كولي للامة ومرجع شرعي لها .
فقامت الدنيا ولم تقعد الا بعد ان قتل ، وجاء الحسن فأدرك ان الدنيا ما زالت قائمة وانها لن تقعد الا بقتله ، فترك الامر ، واحيط بالحسين في كربلاء فقتل وابيد من حضر معه من اهل بيته الطاهرين ، فأصبحت الامة بغير مرجعية شرعية .
وبما ان المرجعية ضرورة من ضرورات وحدة المجتمع ، ركز الحاكمون الامويون ليكونوا هم المرجعية وليقنعوا الامة انهم المرجعية الشرعية ، ومن الطبيعي ان يكون للكثير من طلاب الدنيا مصلحة بالتعاون معهم لتحقيق هذه الغاية .

نظرية عدالة كل الصحابة هي الطريق الفرد لايجاد المرجعية البديلة

فصلت نظرية عدالة كل الصحابة لغة واصطلاحاً بحيث تتسع بالحاكمين والأمويين ، ثم اضيفت صفة العدالة على الصحابي ـ اي صحابي على الاطلاق ـ وبما ان المرجع الشرعي عادل ولا يجوز عليه الكذب ، وبما ان الصحابي عادل ولا يجوز عليه الكذب وهو من اهل الجنة ، فمعنى ذلك ان الحاكم الاموي عادل ومؤهل ليكون المرجع الشرعي لامة محمد ، وهذا هو مفتاح سير الاحداث .

لو جاءت النظرية عن طريق غير الحاكمين لفشلت

لو نادى بنظرية عدالة كل الصحابة اشخاص عاديون لفشلت تماما . ولكن نادى بها صحابة بتأييد مادي ومعنوي من الحكام ، فقد خصصوا جعلا لمن يضع الاحاديث للطعن بالمرجعية الشرعية بعد وفاة النبي ، وقربوا القائلين بنظرية عدالة كل الصحابة ، وبذلوا لهم المال والجاه ، وسخروا كل وسائل اعلام الدولة للترويج لهذه النظرية .
ومن الطبيعي ان لا تخفى هذه الاساليب على ذوي البصيرة من الصحابة الكرام ، لكن اياديهم مغلولة ، والامة متفرقة ، وقد غلبت على امرها ، فاستنكرها كبار الصحابة بالقول والفعل ، لكن هذا الاستنكار كان يموت لحظة ولادته في زوايا البيوت ، بينما كان تأييد هذه النظرية يعمم بكل وسائل الاعلام ، وبدعم الدولة نفسها .
فعمليات التنقيص من ولي الامة ومرجعها الشرعي ولعنه وشتمه كانت اموراً يومية تمارسها الامة بقوة السلاح ، وعنفاً عن ادارتها ، ومن يعارض ذلك فمصيره مصير حجر بن عدي ، وهو القتل وحرمانه من العطايا الشهرية او لقمة العيش .
وبنفس الوقت ، كانت عملية ايجاد المرجعية البديلة تشق طريقها بريح ملائمة .

المرجعية البديلة اصبحت شرعية

مات جيل الصحابة الكرام ، ومات التابعون الصادقون ، وماتت المعارضة ، واختفت حجة هؤلاء جميعا ، ولم يبق منها الا النزر اليسير . وبقيت كافة المعلومات الضرورية لاضفاء الشرعية على المرجعية المزيفة والبديلة موجودة بكامل تفاصيلها ، لانها جزء من وثائق الدولة المحفوظة ، وبالتالي اصبحت شرعية حقيقية من حيث الظاهر بعد ان مات كل الذين يعرفون الحقيقة ، واخفيت حجتهم ومعارضتهم ، ولم يبق منها الا اليسير .
فاعتقد اللاحقون ان المرجعية الشرعية التي امر الله بها واوجدها هي عينها التي نقلت إليهم عن طريق الدولة من اسلافهم ، فأصبحت معارضة هذه النظرية معارضة للدين نفسه لا معارضة للذين اوجدوها ، واصبحت تقليداً لا تقبل المناقشة ، ومن يناقشها او يعارضها او ينتقص من الذين وضعوها فهو زنديق لا يؤاكل ولا يشارب ... الخ .
ولان الشيعة بزعامة اهل البيت يعارضون ذلك ولا يقبلون به ، فمن الطبيعي ان تصب عليهم كل اللعنات وان يصوروا كأنهم اعداء للدين وكفار مجرمون . وهذا ما استقر بذهن العامة ، وبذهن العلماء الذين تخرجوا من جامعات هذه النظرية ، ورووا التاريخ من خلالها .

الحل

انه لا بديل عن الصبر ، ولا بديل عن الاقتداء بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد قاومه كل الناس ولم يركع ، بل استطاع بالحكمة والموعظة الحسنة ، وبالاساليب الشرعية ، وبالحجة القاطعة والبراهين الساطعة ان يهتك حجب التقليد ، وان يزيح عن وجه الحقيقة كل ما علق بها . واقتنع الناس في النهايه ، وتلك هي الوسيلة الوحيدة امام عشاق الحقيقة الشرعية .

في غياب المرجعية الشرعية

انقسم الناس الى شيع واحزاب متنافرة متعارضة كل حزب يدعي انه على الحق ، وان غيره على الباطل ، وهم جميعا يعلمون ان الامة في غياب المرجعية الشرعية ستنقسم الى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة ، وهم يعلمون انه لا يوجد الا حق واحد وهو الذي تسير عليه هذه الفرقة الناجية ، والفرقة الناجية هي التي تتبع المرجعية الشرعية ، وهذا الانقسام كان واحداً من المبررات التي وجدت من اجلها نظرية عدالة كل الصحابة .

الانقسام الفقهي

في غياب المرجعية الشرعية المخصصة لبيان المقصود الشرعي من النص وتكييف النص على الوقائع انقسم المسلمون الى عشرات الشيع والاحزاب الفقهية والتي تحمل في ثناياها طابعاً سياسياً بالضرورة ، وتمركزت هذه الاقسام بخمسة قوى :
1 ـ مذهب أهل البيت الكرام : وهو اول المذاهب الاسلامية على الاطلاق ، وقد اطلق عليه المذهب الجعفري نسبة الى جعفر الصادق عليه السلام .
2 ـ المذهب الحنفي : نسبة الى ابي حنيفة ، وقد اخذ ابو حنيفة عن الامام جعفر ثم انفرد بمذهب خاص .
3 ـ المذهب المالكي : نسبة الى مالك ، وقد اخذ عن ابي حنيفه وانفرد بمذهبه ايضا .
4 ـ المذهب الشافعي : نسبة الى الشافعي ، وقد اخذ عن مالك وانفرد بمذهبه كذلك .
5 ـ المذهب الحنبلي : نسبة الى احمد ، وقد اخذ عن الشافعي وانفرد بمذهبه .
وانت تلاحظ ان الامام جعفر الصادق هو استاذ اصحاب المذاهب الاربعة ، وهم يفخرون بذلك . بينما يعتبر العوام ان اتباع المذهب الجعفري على الضلال ، وان العوام على الصواب .
المصادر :
راسخون 2017
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.