تولّى الامام الجواد عليه السلام زعامة الطائفة الشيعيّة روحيّاً ودينيّاً وعلميّاً وفكريّاً وهو لا يزيد عن سبع سنين، هذه الظاهرة التي ظهرت لأوّل مرّةٍ في حياة الأئمّة في الإمام الجواد (عليه الصلاة والسلام)- لو درسناها بحساب الاحتمالات، لوجدنا أنّها وحدها كافية للاقتناع بحقّانيّة هذا الخطّ الذي كان يمثّله الإمام الجواد (عليه الصلاة والسلام)؛ إذ كيف يمكن أن نفترض فرضاً آخر غير فرض الإمامة الواقعيّة في شخصٍ لا يزيد عمره عن سبع سنين ويتولّى زعامة هذه الطائفة في كلّ المجالات الروحيّة والفكريّة والفقهيّة والدينيّة؟!
إمام أهل البيت كان مكشوفاً أمام الطائفة، وكانت الطائفة بكلّ طبقاتها تتفاعل معه مباشرةً في مسائلها الدينيّة، في قضاياها الروحيّة والأخلاقيّة، والإمام الجواد (عليه الصلاة والسلام) نفسه أصرّ على المأمون حينما استقدمه إلى بغداد في أن يسمح له بالرجوع إلى المدينة، وسمح له بالرجوع إليها، ورجع إلى المدينة وقضى بقيّة عمره أو أكثر عمره فيها(1).
إذاً، فقد قضى الإمام الجواد (عليه الصلاة والسلام) أكثر عمره -أو كلّ عمره- وهو على المسرح، وهو مكشوفٌ أمام المسلمين، أمام مختلف طبقات المسلمين، بمن فيهم الشيعةُ المؤمنون بزعامته وإمامته.
فافتراض أنّ الإمام الجواد لم يكن مكشوفاً أمام المسلمين وأمام طائفته بالخصوص [هو] خلاف طبيعة العلاقة التي اُنشئت منذ البداية بين أئمّة أهل البيت وقواعدهم الشعبيّة في المسلمين، خصوصاً إذا أضفنا إلى ذلك أنّ الإمام الجواد قد سلّطت عليه أضواء خاصّة من قبل الخليفة المأمون في القصّة التي تعرفونها(2).
هذا أيضاً ممّا يكذّبه الواقع التاريخي لهذه الطائفة وما وصلت إليه من مستوى علميّ وفقهي؛ فإنّ هذه الطائفة قد خلّفها الإمام الباقر والإمام الصادق وفيها أكبر مدرسة للفكر الإسلامي في العالم الإسلامي على الإطلاق، المدرسة التي كانت تتكوّن من الجيلين المتعاقبين: جيل تلامذة الإمام الصادق والكاظم، وجيل تلامذة تلامذة الإمام الصادق، هذان الجيلان كانا على رأس هذه الطائفة في ميادين الفقه والتفسير والكلام والحديث والأخلاق، وكلّ جوانب المعرفة الإسلاميّة.
إذاً، فليس من الممكن أن نفترض أنّ المستوى الفكري والعلمي لهذه الطائفة كان يَعْبُر عليه مثل هذا، لا يمكن أن يعبُر على طائفةٍ فيها هذه المدرسة التي كانت هي قِبلة الفكر الإسلامي في كلّ ميادين المعرفة- مثلُ هذا التصوّر، وتتصوّر أنّ شخصاً طفلاً هو إمام، [والحال أنّه] ليس بإمام.
إن أمكن لشخصٍ أن يتصوّر أنّ رجلاً عالماً كبيراً محيطاً مطّلعاً بلغ الخمسين أو الستّين يستطيع أن يقنع مجموعةً من الناس بإمامته وهو ليس بإمام؛ لأنّه يتّصف بدرجةٍ كبيرةٍ من العلم والمعرفة والذكاء والاطّلاع، فليس بالإمكان أن نفترض ذلك في شخصٍ لم يبلغ العاشرة من عمره.
وكيف يستطيع أن يقنع طائفةً بإمامته كذباً وهو مكشوفٌ أمامها؟ وهذه الطائفة تشتمل على مدرسة فكريّة من أضخم المدارس الفكريّة التي وجدت في العالم الإسلامي يومئذٍ، مدرسة كان يوجد بعض قطّاعاتها في الكوفة، وبعض قطّاعاتها في قم، وبعض قطّاعاتها في المدينة، هذه المدرسة التي كانت موزّعةً في حواضر العالم الإسلامي، والتي كانت كلّها على صلةٍ مباشرةٍ بالإمام الجواد تستفتيه وتسأله، وتنقل إليه الأموال من مختلف الأطراف من شيعته(3)، مثل هذه المدرسة لا يمكن أن نتصوّر فيها أن تغفل عن حقيقة طفل [ليس]إماماً.
هذا الافتراض أيضاً يكذّبه واقع التراث المتواتر المستفيض من أمير المؤمنين إلى الإمام الرضا (عليهما السلام) عن شروط الإمام، ومحصول الإمام، وعلامات الإمام.
التشيّع قام بصورة أساسيّة على المفهوم الإلهي المعمّق للإمامة، هذا هو أوضح وأبده وأوّل مفهوم من مفاهيم التشيّع، وهو: أنّ الإمام إنسان فذٌّ فريدٌ في معارفه وأخلاقه وقوله وعمله، هذا هو المفهوم الأساسي للتشيّع الذي بشّرت به آلاف النصوص من عهد أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) إلى عهد الإمام الرضا (عليه الصلاة والسلام)، كلّ الخصوصيّات وكلّ التفاصيل أصبحت بالتدريج واضحةً في ارتكاز الطائفة وذهنيّتها، حتّى بعض التفاصيل الثانويّة.
يقول الراوي في مناسبة قصّة الإمام الجواد (عليه الصلاة والسلام): «دخلت المدينة بعد وفاة الإمام الرضا أسأل عن الخليفة بعده ، فقيل: إنّ الخليفة في قرية قريبة من المدينة، فخرجت إلى تلك القرية، ودخلت داخل القرية وكان فيها بيت للإمام موسى بن جعفر انتقل بالوراثة إلى أولاده وأحفاده»، يقول: «فرأيت البيت غاصّاً بالناس، رأيت أحد إخوة الإمام الرضا جالساً يتصدّر المجلس، إلّا أنّ الناس يقولون في ما بينهم: إنّ هذا ليس هو الإمام بعد الإمام الرضا؛ لأنّنا سمعنا من الأئمّة أنّ الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين»(4).
كلّ التفاصيل وكلّ الخصوصيّات النَسَبيّة والمعنويّة كانت واضحةً ومحدّدةً عندهم.
إذاً، فهذا الافتراض أيضاً يكذّبه واقع التراث المتواتر الثابت عن الأئمّة السابقين (عليهم الصلاة والسلام).
وهذا أيضاً ما لا يكذّبه فقط إيماننا الشخصي بورع هذه الطائفة وقدسيّتها، وإنّما يكذّبه -إضافةً إلى إيماننا الشخصي بذلك- الظرفُ الموضوعي لهذه الطائفة؛ [إذ] لم يكن التشيّع في يومٍ من الأيّام في حياة هذه الطائفة طريقاً إلى الأمجاد وإلى المال، إلى الجاه، إلى السلطان، إلى المقامات العالية.
التشيّع طيلة هذه المدّة كان طريقاً إلى التعذيب، إلى السجون، إلى الحرمان، إلى الويل، إلى الدمار، كان طريقاً إلى أن يعيش الإنسان حياة الخوف والذلّ والتقيّة في كلّ حركاته وسكناته. لم يكن التشيّع في يومٍ من الأيّام طريقاً إلى مالٍ، أو جاهٍ، أو ثراءٍ حتّى يكون هذا التباني من قبل هذه الطائفة على ذلك في سبيل مطمع.
لماذا يتبانى عقلاء هذه الطائفة ووجهاؤها وعلماؤها على إمامةٍ باطلة؟ مع أنّ تبانيهم على هذه الإمامة الباطلة يكلّفهم كثيراً من ألوان الحرمان؟
ولو أنّ هؤلاء الوجهاء والعلماء والأعلام تركوا هذا الطريق واتّبعوا الطريق الرسمي المكشوف وقتئذٍ -المتّبعَ من قبل سائر المسلمين- لكانوا في طليعة سائر المسلمين.
فالظروف الموضوعيّة للطائفة كانت بنفسها تشهد على أنّ هذا التباني على إمامةٍ يكلّفهم الاعتقادُ بها ألوان العذاب وألوان الحرمان لا يمكن أن يكون ناشئاً إلّا عن اعتقادٍ حقٍّ بهذه الإمامة.
إذاً، فكلُّ هذه الافتراضات الاُخرى لا يمكن أن تكون مقبولةً عند أيّ إنسانٍ يطّلع على تاريخ الطائفة، وتاريخ الإسلام وقتئذٍ، وعلى الظروف الموضوعيّة التي تكتنف إمامة الجواد، ولا يبقى إلّا الفرض الوحيد المطابق للواقع، وهو: أن يكون الإمام الجواد إماماً حقّاً.
نحن اليوم نجتمع بمناسبة هذا الإمام (عليه الصلاة والسلام)، فأردت أن أذكر هذا بمناسبة كون اليوم يوم الإمام الجواد (عليه الصلاة والسلام)، ثمّ ننتقل إلى حديثنا المتسلسل عن الأئمّة (عليهم الصلاة والسلام) من حيث انتهينا.
المصادر :
1- الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 281 :2؛ كشف الغمّة في معرفة الأئمّة (عليهم السلام) 370 :2؛ مناقب آل أبي طالب 379 :4
2- الاختصاص: 98؛ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 283 :2.
3- بحار الأنوار 85 :50 - 109، الباب 5 من تاريخ الإمام الجواد (عليه السلام).
4- مناقب آل أبي طالب 382 :4.
1- الافتراض الأوّل: الإمامة الواقعيّة للإمام الجواد (عليه السلام):
في هذا الموضوع لا مجال لافتراض أنّ الطائفة لم يتكشّف لها بوضوح هذا الصبي؛ لأنّ زعامة الإمام في أهل البيت لم تكن زعامةً محوط-ةً بالشرطة والجيش واُبّهة الملك والسلطان [التي] تحجب بين الزعيم ورعيّته، ولم تكن زعامةَ دعوةٍ سرّيةٍ من قبيل الدعوات الصوفيّة أو الفاطميّة التي تحجب بين رأس الدعوة وبين قواعد هذه الدعوة لكي يُفترض أنّ هذا الرأس كان محجوباً عن رعيّته مع إيمان الرعيّة به.إمام أهل البيت كان مكشوفاً أمام الطائفة، وكانت الطائفة بكلّ طبقاتها تتفاعل معه مباشرةً في مسائلها الدينيّة، في قضاياها الروحيّة والأخلاقيّة، والإمام الجواد (عليه الصلاة والسلام) نفسه أصرّ على المأمون حينما استقدمه إلى بغداد في أن يسمح له بالرجوع إلى المدينة، وسمح له بالرجوع إليها، ورجع إلى المدينة وقضى بقيّة عمره أو أكثر عمره فيها(1).
إذاً، فقد قضى الإمام الجواد (عليه الصلاة والسلام) أكثر عمره -أو كلّ عمره- وهو على المسرح، وهو مكشوفٌ أمام المسلمين، أمام مختلف طبقات المسلمين، بمن فيهم الشيعةُ المؤمنون بزعامته وإمامته.
فافتراض أنّ الإمام الجواد لم يكن مكشوفاً أمام المسلمين وأمام طائفته بالخصوص [هو] خلاف طبيعة العلاقة التي اُنشئت منذ البداية بين أئمّة أهل البيت وقواعدهم الشعبيّة في المسلمين، خصوصاً إذا أضفنا إلى ذلك أنّ الإمام الجواد قد سلّطت عليه أضواء خاصّة من قبل الخليفة المأمون في القصّة التي تعرفونها(2).
2- الافتراض الثاني: سذاجة الطائفة بحيث تنطلي عليها الإمامة المبكرة:
يبقى افتراض آخر، وهو افتراض أنّ المستوى العلمي والفكري للطائفة وقتئذٍ كان يَعبُرعليه هذا الموضوع، كان بالإمكان على المستوى الفكري والعقلي والروحي للطائفة أن تصدّق بإمامة طفلٍ وهو ليس بإمام.هذا أيضاً ممّا يكذّبه الواقع التاريخي لهذه الطائفة وما وصلت إليه من مستوى علميّ وفقهي؛ فإنّ هذه الطائفة قد خلّفها الإمام الباقر والإمام الصادق وفيها أكبر مدرسة للفكر الإسلامي في العالم الإسلامي على الإطلاق، المدرسة التي كانت تتكوّن من الجيلين المتعاقبين: جيل تلامذة الإمام الصادق والكاظم، وجيل تلامذة تلامذة الإمام الصادق، هذان الجيلان كانا على رأس هذه الطائفة في ميادين الفقه والتفسير والكلام والحديث والأخلاق، وكلّ جوانب المعرفة الإسلاميّة.
إذاً، فليس من الممكن أن نفترض أنّ المستوى الفكري والعلمي لهذه الطائفة كان يَعْبُر عليه مثل هذا، لا يمكن أن يعبُر على طائفةٍ فيها هذه المدرسة التي كانت هي قِبلة الفكر الإسلامي في كلّ ميادين المعرفة- مثلُ هذا التصوّر، وتتصوّر أنّ شخصاً طفلاً هو إمام، [والحال أنّه] ليس بإمام.
إن أمكن لشخصٍ أن يتصوّر أنّ رجلاً عالماً كبيراً محيطاً مطّلعاً بلغ الخمسين أو الستّين يستطيع أن يقنع مجموعةً من الناس بإمامته وهو ليس بإمام؛ لأنّه يتّصف بدرجةٍ كبيرةٍ من العلم والمعرفة والذكاء والاطّلاع، فليس بالإمكان أن نفترض ذلك في شخصٍ لم يبلغ العاشرة من عمره.
وكيف يستطيع أن يقنع طائفةً بإمامته كذباً وهو مكشوفٌ أمامها؟ وهذه الطائفة تشتمل على مدرسة فكريّة من أضخم المدارس الفكريّة التي وجدت في العالم الإسلامي يومئذٍ، مدرسة كان يوجد بعض قطّاعاتها في الكوفة، وبعض قطّاعاتها في قم، وبعض قطّاعاتها في المدينة، هذه المدرسة التي كانت موزّعةً في حواضر العالم الإسلامي، والتي كانت كلّها على صلةٍ مباشرةٍ بالإمام الجواد تستفتيه وتسأله، وتنقل إليه الأموال من مختلف الأطراف من شيعته(3)، مثل هذه المدرسة لا يمكن أن نتصوّر فيها أن تغفل عن حقيقة طفل [ليس]إماماً.
3- الافتراض الثالث: عدم وضوح مفهوم الإمامة لدى الطائفة:
يبقى افتراضٌ آخر، وهو: أنّ الطائفة لم يكن عندها مفهومٌ [عن] الإمام والإمامة، وكانت تتصوّر أنّ الإمامة مجرّد تسلسلٍ نسبيٍّ ووراثيٍّ، ولم تكن تعرف ما هو الإمام؟ وما هي قيمة الإمام؟ وما هي شروط الإمام؟هذا الافتراض أيضاً يكذّبه واقع التراث المتواتر المستفيض من أمير المؤمنين إلى الإمام الرضا (عليهما السلام) عن شروط الإمام، ومحصول الإمام، وعلامات الإمام.
التشيّع قام بصورة أساسيّة على المفهوم الإلهي المعمّق للإمامة، هذا هو أوضح وأبده وأوّل مفهوم من مفاهيم التشيّع، وهو: أنّ الإمام إنسان فذٌّ فريدٌ في معارفه وأخلاقه وقوله وعمله، هذا هو المفهوم الأساسي للتشيّع الذي بشّرت به آلاف النصوص من عهد أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) إلى عهد الإمام الرضا (عليه الصلاة والسلام)، كلّ الخصوصيّات وكلّ التفاصيل أصبحت بالتدريج واضحةً في ارتكاز الطائفة وذهنيّتها، حتّى بعض التفاصيل الثانويّة.
يقول الراوي في مناسبة قصّة الإمام الجواد (عليه الصلاة والسلام): «دخلت المدينة بعد وفاة الإمام الرضا أسأل عن الخليفة بعده ، فقيل: إنّ الخليفة في قرية قريبة من المدينة، فخرجت إلى تلك القرية، ودخلت داخل القرية وكان فيها بيت للإمام موسى بن جعفر انتقل بالوراثة إلى أولاده وأحفاده»، يقول: «فرأيت البيت غاصّاً بالناس، رأيت أحد إخوة الإمام الرضا جالساً يتصدّر المجلس، إلّا أنّ الناس يقولون في ما بينهم: إنّ هذا ليس هو الإمام بعد الإمام الرضا؛ لأنّنا سمعنا من الأئمّة أنّ الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين»(4).
كلّ التفاصيل وكلّ الخصوصيّات النَسَبيّة والمعنويّة كانت واضحةً ومحدّدةً عندهم.
إذاً، فهذا الافتراض أيضاً يكذّبه واقع التراث المتواتر الثابت عن الأئمّة السابقين (عليهم الصلاة والسلام).
4- الافتراض الرابع: تباني الطائفة على الزور والباطل:
يبقى افتراضٌ أخير، وهو افتراض أن يكون هذا تبانياً على الزور والباطل من قبل هذه الطائفة.وهذا أيضاً ما لا يكذّبه فقط إيماننا الشخصي بورع هذه الطائفة وقدسيّتها، وإنّما يكذّبه -إضافةً إلى إيماننا الشخصي بذلك- الظرفُ الموضوعي لهذه الطائفة؛ [إذ] لم يكن التشيّع في يومٍ من الأيّام في حياة هذه الطائفة طريقاً إلى الأمجاد وإلى المال، إلى الجاه، إلى السلطان، إلى المقامات العالية.
التشيّع طيلة هذه المدّة كان طريقاً إلى التعذيب، إلى السجون، إلى الحرمان، إلى الويل، إلى الدمار، كان طريقاً إلى أن يعيش الإنسان حياة الخوف والذلّ والتقيّة في كلّ حركاته وسكناته. لم يكن التشيّع في يومٍ من الأيّام طريقاً إلى مالٍ، أو جاهٍ، أو ثراءٍ حتّى يكون هذا التباني من قبل هذه الطائفة على ذلك في سبيل مطمع.
لماذا يتبانى عقلاء هذه الطائفة ووجهاؤها وعلماؤها على إمامةٍ باطلة؟ مع أنّ تبانيهم على هذه الإمامة الباطلة يكلّفهم كثيراً من ألوان الحرمان؟
ولو أنّ هؤلاء الوجهاء والعلماء والأعلام تركوا هذا الطريق واتّبعوا الطريق الرسمي المكشوف وقتئذٍ -المتّبعَ من قبل سائر المسلمين- لكانوا في طليعة سائر المسلمين.
فالظروف الموضوعيّة للطائفة كانت بنفسها تشهد على أنّ هذا التباني على إمامةٍ يكلّفهم الاعتقادُ بها ألوان العذاب وألوان الحرمان لا يمكن أن يكون ناشئاً إلّا عن اعتقادٍ حقٍّ بهذه الإمامة.
إذاً، فكلُّ هذه الافتراضات الاُخرى لا يمكن أن تكون مقبولةً عند أيّ إنسانٍ يطّلع على تاريخ الطائفة، وتاريخ الإسلام وقتئذٍ، وعلى الظروف الموضوعيّة التي تكتنف إمامة الجواد، ولا يبقى إلّا الفرض الوحيد المطابق للواقع، وهو: أن يكون الإمام الجواد إماماً حقّاً.
نحن اليوم نجتمع بمناسبة هذا الإمام (عليه الصلاة والسلام)، فأردت أن أذكر هذا بمناسبة كون اليوم يوم الإمام الجواد (عليه الصلاة والسلام)، ثمّ ننتقل إلى حديثنا المتسلسل عن الأئمّة (عليهم الصلاة والسلام) من حيث انتهينا.
المصادر :
1- الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 281 :2؛ كشف الغمّة في معرفة الأئمّة (عليهم السلام) 370 :2؛ مناقب آل أبي طالب 379 :4
2- الاختصاص: 98؛ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 283 :2.
3- بحار الأنوار 85 :50 - 109، الباب 5 من تاريخ الإمام الجواد (عليه السلام).
4- مناقب آل أبي طالب 382 :4.