ادلة القدر

دلَّ على هذا الركن العظيم من أركان الإيمان -الكتابُ، والسنةُ، والإجماعُ، والفطرةُ، والعقلُ، والحسُّ. أولاً: الأدلة من القرآن الكريم: الأدلة من القرآن الكريم على الإيمان بالقضاء والقدر كثيرة جداً منها:
Saturday, July 1, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
ادلة القدر
ادلة القدر



 

دلَّ على هذا الركن العظيم من أركان الإيمان -الكتابُ، والسنةُ، والإجماعُ، والفطرةُ، والعقلُ، والحسُّ.
أولاً: الأدلة من القرآن الكريم: الأدلة من القرآن الكريم على الإيمان بالقضاء والقدر كثيرة جداً منها:
قوله -تعالى : [وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً] سورة الأحزاب: 38.
ومعنى هذه الآية: أن الله -عز وجل -قدَّر أن يخلق خلقاً، ويأمرهم وينهاهم، ويجعل ثواباً لأهل طاعته، وعقاباً لأهل معصيته، فلما قدَّره كتب ذلك وغيَّبه، فسماه الغيب وأم الكتاب، وخلق الخلق على ذلك الكتاب: أرزاقهم، وآجالهم، وأعمالهم، وما يصيبهم من الأشياء من الرخاء والشدة، فكان أمر الله الذي مضى، وفرغ منه، وخلق الخلق عليه قدراً مقدوراً
قوله -تعالى : [إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ] سورة القمر: 49.
ومعنى الآية: أن الله -سبحانه -قدر الأشياء، أي علم مقاديرها وأحوالها، وأزمانها قبل إيجادها، ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجده على نحو ما سبق في علمه، فلا يحدث حدث في العالم العلوي والسفلي إلا وهو صادر عن علمه تعالى-وقدرته، وإرادته.
قوله -تعالى : [وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ] سورة الحجر: 21.
وهذا عام في كل شيء، وذهب قوم من المفسرين إلى أن المراد به المطر خاصة.
وقوله -تعالى : [إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ، فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ] سورة المرسلات: 2223.
قوله -تعالى : [ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى] سورة طه: 40.
قوله تعالى: [وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً] سورة الفرقان: 2.
7قوله -تعالى : [مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ] سورة عبس: 19.
قوله -تعالى : [وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى] سورة الأعلى: 3.
قوله تعالى: [لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً] سورة الأنفال: 42.
قوله -تعالى : [وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ] سورة الإسراء: 4.
ثانياً: الأدلة من السنة: لقد تظافرت الأدلة من السنة المطهرة على الإيمان بالقضاء والقدر، ومنها:
1-قال " كما في حديث جبريل -عليه السلام : =وتؤمن بالقدر خيره وشره+.
2-عن جابر بن عبدالله ÷ قال: قال رسول الله ": =لا يؤمن عبدٌ حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه+.
3-روى مسلم في الصحيح عن طاووس قال: =أدركت ناساً من أصحاب رسول الله "يقولون: كل شيء بقدر، قال: وسمعت عبدالله بن عمر يقول: كل شيء بقدر حتى العجز والكيْس، أو الكيس والعجز+.
4-قال ": =وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَرُ اللهِ وما شاء فعل+.
هذا وسيمر بنا في ثنايا الكتاب أدلة كثيرة من الكتاب والسنة زيادةً على ما مضى.
ثالثاً: الإجماع: فقد أجمع المسلمون على وجوب الإيمان بالقدر خيره وشره من الله، قال النووي ×: =وقد تظاهرت الأدلة القطعيات من الكتاب، والسنة، وإجماع الصحابة، وأهل الحل والعقد من السلف والخلف -على إثبات قدر الله -سبحانه وتعالى + .
وقال ابن حجر ×: =ومذهب السلف قاطبة أن الأمور كلها بتقدير الله تعالى + .
رابعاً: دلالة الفطرة: الإيمان بالقدر يتضمن -كما مرَّ -علم الله بالأشياء، وكتابته لها، ومشيئته، وخلقه.
وهذه الأمور معلومة بالفطرة.
وكذلك فإن الإيمان بالقدر معلوم بالفطرة قديماً وحديثاً، ولم ينكره إلا الشواذُّ من المشركين من الأمم، ولم يقع الخطأ في نفي القدر وإنكاره، وإنما وقع في فهمه على الوجه الصحيح؛ ولهذا قال -سبحانه -عن المشركين: [سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا] سورة الأنعام: 148.
فهم أثبتوا المشيئة لله، لكنهم احتجوا بها على الشرك، ثم بيَّن سبحانه-أن هذا هو شأنُ من كان قبلهم، فقال: [كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ] سورة الأنعام: 148.
وكانت العرب في الجاهلية تعرف القدر ولا تنكره، ولم يكن هناك من يرى أن الأمر مستأنف.
وهذا ما نجده مبثوثاً في أشعارهم كما مر في المقدمة، وكما في قول عنترة:
يا عبلُ أين من المنية مهربي
إن كان ربي في السماء قضاها
وكما في قول طرفة بن العبد:
فلو شاء ربي كنت قيسَ بن خالدٍ
ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد
وقول سويد بن أبي كاهل:
كتب الرحمنُ والحمد له
سَعَةَ الأخلاقِ فينا والضَّلَعْ
وقول المثَقِّب العبدي:
فأيقنت إن شاء الإله بأنه
سَيَبْلُغني أجلادُها وقصيدُها
وقول زهير:
فلا تكتمن الله ما في نفوسكم
ليخفى ومهما يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَمِ
يُؤَخَّرْ فَيُوضَعْ في كتاب فَيُدَّخَرْ
ليوم الحساب أو يُعَجَّلْ فَيُنْقَمِ
كما نجد ذلك -أيضاً -في خطبهم، كما في قول هانئ بن مسعود الشيباني في خطبته المشهورة في يوم ذي قار: =إنَّ الحذر لا يُنجي من القدر+ .
ولم يقل أحد منهم بنفيه إطلاقاً، كما صرح بذلك أحد كبار علماء العربية، وهو أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب × بقوله: =لا أعلم عربياً قدرياً، قيل له: يقع في قلوب العرب القول بالقدر؟ قال: معاذ الله، ما في العرب إلا مثبت القدر خيره وشره أهل الجاهلية والإسلام، وكلامهم كثير بيِّن، ثم أنشد:
تجري المقادير على غرز الإبر
ما تنفذ الإبرة إلا بقدر
قال: وأنشد لامرئ القيس:
إن الشقاء على الأشقين مكتوب+ .
وقال لبيد:
إن تقوى ربِّنا خير نفل
وبإذن الله ريثي وعجلْ
أحمد الله فلا ندَّ له
بيديه الخير ما شاء فعل
من هداه سبلَ الخير اهتدى
ناعمَ البال ومن شاء أضل
وقال كعب بن سعد الغنوي:
ألم تعلمي ألا يراخي منيتي
قعودي ولا يدني الوفاة رحيلي
مع القدرِ الموقوفِ حتى يصيبني
حِمامي لو آنَّ النفسَ غيرُ عجولِ
خامساً: دلالة العقل: أما دلالة العقل فهي أن العقل الصحيح يقطع بأن الله هو خالق هذا الكون، ومدبره، ومالكه، ولا يمكن أن يوجد على هذا النظام البديع، والتناسق المتآلف، والارتباط الملتحم بين الأسباب والمسببات هكذا صدفة؛ إذ الموجود صدفة ليس له نظام في أصل وجوده، فكيف يكون منتظماً حال بقائه وتطوره؟
فإذا تقرر عقلاً أن الله هو الخالق لزم ألا يقع شيء في ملكه إلا ما قد شاءه وقدَّره.
ومما يدل على هذا التقرير قوله -تعالى : [اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً] سورة الطلاق: 12.
ثم إن تفاصيل القدر لا ينكرها العقل، بل هي مما يتفق معه تمام الاتفاق، كما سيمر بنا قريباً.
سادساً: دلالة الحس: فنحن نشاهد ونسمع، ونقرأ أن الناس تستقيم أمورهم بالإيمان بالقضاء والقدر، وسيمر شيء من ذلك عند الحديث عن ثمرات الإيمان بالقدر، فالمؤمنون به على الوجه الصحيح هم أسعد الناس، وأصبرهم، وأشجعهم، وأكرمهم، وأكملهم، وأعقلهم.
ولو لم يكن الإيمان بالقدر حقاً لما حصل لهم ذلك.
ثم إن القدر =هو نظام التوحيد+ كما قال ابن عباس رضي الله عنهما-والتوحيد هو نظام الحياة، فلا تستقيم حياة الناس استقامة حقيقية إلا بالتوحيد، والتوحيد لا يستقيم إلا بالإيمان بالقضاء والقدر.
ثم إن فيما أخبرنا الله ورسوله "من أمور الغيب المستقبلية التي وقعت كما جاء في الخبر -دليلاً حسيَّاً واضحاً على أن الإيمان بالقدر حق وصدق.
المصادر : راسخون 2017
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.