البَداء في القرآن الكريم

لقد تحدث القرآن عن البَداء كمعنى ومفهوم دون أن يستعمل لفظه في موارد كثيرة من آيه وبياناته، كقوله تعالى: {...لِكُلِّ أجَلٍ كِتابٌ * يَمحُواْ اللهُ مَا يَشَاءُ ويُثبِتُ وَعِندَهُ اُمُّ الكِتَابِ}
Saturday, July 8, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
البَداء في القرآن الكريم
 البَداء في القرآن الكريم



 

لقد تحدث القرآن عن البَداء كمعنى ومفهوم دون أن يستعمل لفظه في موارد كثيرة من آيه وبياناته، كقوله تعالى: {...لِكُلِّ أجَلٍ كِتابٌ * يَمحُواْ اللهُ مَا يَشَاءُ ويُثبِتُ وَعِندَهُ اُمُّ الكِتَابِ} (1).
وكقوله تعالى: {ما نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أو نُنسِهَا نأتِ بخَيرٍ مِّنَهآ أو مِثلِهَا ألَم تَعلمْ أنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ} (2).
وقوله تعالى: {يَسْئَلُهُ مَنْ في السَّمواتِ وَالأرضِ كُلَّ يَومٍ هُوَ في شَأنٍ} (3).
وقوله تعالى: {وَقَالتِ اليهُودُ يَدُ اللهِ مغلُولةٌ غُلّتْ أيديهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَل يَداهُ مَبسُوطتَانِ يُنْفِقُ كيفَ يَشَآءُ...} (4).
وقوله تعالى: {هُوَ الّذي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمَّى عِنْدَهُ ثمَّ أنتُمْ تَمترُونَ}(5).
وقوله تعالى: { فَلَمَّا بَلَغَ معهُ السَّعيَ قَالَ يابُنَيَّ إنِّي أرَى في المنَامِ أنّي أذبَحُكَ فَانظُرْ مَاذا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ أفعَلْ ما تُؤمَرُ سَتَجِدُني إنْ شَآءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرينَ * فَلَمّا أسْلَما وَتَلَّهُ لِلجَبينِ * وَنَادينَاهُ أنْ يَا إبراهيمُ * قَدْ صَدَّقتَ الرُّءْيَآ إنّا كَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ* إنَّ هَذا لهُوَ البَلاءُ المُبِينُ* وفديناهُ بِذِبحٍ عَظِيم} (6).
{...إنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّى يُغَيِّرواْ مَا بأنفُسِهمْ...} (7).
{... للهِ الأمرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ...} (8).
{وَأيُّوبَ إذ نَادَى رَبَّهُ أنّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأنتَ أرحَمُ الرَّاحمينَ* فاستَجَبنَا لَهُ فكشَفنَا مَا بَهِ مِن ضُرٍّ وَءَآتَينَاهُ أهلَهُ وَمِثْلَهُمْ معهم رحمةً من عِنْدِنَا وَذِكْرى لِلعابِدينَ} (9).
{وَزكريَّا إذ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْني فرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الوارِثينَ* فَاستَجَبنَا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيَى وَأصلَحنَا لهُ زَوجَهُ إنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ في الخَيراتِ وَيَدْعُونَنَا رَغباً وَرَهَبَاً وكَانُوا لَنَا خَاشَعينَ} (10).
{أَمَّنْ يُجيبُ المُضْطَرَّ إذا دَعَاهُ وَيَكشِفُ السُّوءَ...}(11).
{يَا أيُّهَا النَّبيُّ حَرِّضِ المؤمِنينَ عَلَى القتَالِ إنْ يَكُنْ مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئتَينِ وَإنْ يَكُنْ مِّنكُمْ مِّاْئةٌ يَغلِبُواْ ألفاً مِّنَ الّذِينَ كفَرُواْ بأنَّهُمْ قَومٌ لاَّ يَفقَهُونَ* الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُم ضَعفاً فَإِنْ يَكُنْ مِّنْكُمْ مِّائةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِاْئتينِ وَإنْ يَكُنْ مِّنْكُمْ ألفٌ يَغْلِبُوا ألفَيِن بإذنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}(12).
وهكذا يتحدث القرآن عن التغيير والتدبيل بسبب الدعاء المخلص لله، أو بسبب ضعف المؤمنين الصادقين ورحمته بهم وعلمه بضعفهم الّذي انكشف فيهم بعد التكليف الأول، وهو سبحانه عالم بكل ذلك قبل أن يكلف المقاتلين المؤمنين بمقاتلة الكافرين الّذين يفوقونهم عشرة أضعاف عددهم.
وقد فسّر الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وأوضح معنى البَداء الّذي ورد في الآيات، فقد فسّر قوله الله تعالى:
«هُوَ الّذِي خَلَقكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أجَلاً وَأجَلٌ مُّسمّىً عِندَهُ} (13)
«قال: الأجل المقضي، هو المحتوم الّذي قضاه الله وحتمه، والمسمى هو الّذي فيه البَداء، يُقدّم ما يشاء، ويؤخر ما يشاء والمحتوم ليس فيه تقديم ولا تأخير» (14).
وفسّر الصادق (عليه السلام) قول الله (عزّ وجلّ): {وَقَالتِ اليهُودُ يَدُ اللهِ مَغلُولَةٌ...» «فقال: لم يعنوا أنّه هكذا، ولكنهم قالوا: قد فرغ من الأمر، فلا يزيد ولا ينقص.
فقال الله (جلّ جلاله) تكذيباً لهم: {غُلَّتْ أَيديِهمْ وَلُعِنُوا بما قَالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كيفَ يَشَآءُ...} (15).
ألم تسمع الله (عزّ وجلّ) يقول: {يَمحُوا اللهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ اُمَّ الِكتَابِ} (16)؟
وفسّر قوله تعالى: {يَمحُواْ اللهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ...} بقوله: «وهل يمحو الله إلاّ ما كان؟ وهل يثبت إلاّ ما لم يكن؟»(17).
وفسّر قصة أمر الله لإبراهيم بأن يذبح ولده إسماعيل، وتبديل ذلك الأمر وفديه بذبح عظيم، فسّره بأنه من أوضح مصاديق البداء بقوله، «ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل أبي، إذ أمر أباه بذبحه، ثمّ فداه بذبح عظيم» (18).
وبذا يتضح مفهوم البداء في القرآن الكريم، ويتحدّد معناه كما أوضحه أئمة أهل البيت وبيّنوا حقيقته.
المصادر :
1- سورة الرعد: آية 38، 39.
2- سورة البقرة: آية 106.
3- سورة الرحمن: آية 29.
4- سورة المائدة: آية 64.
5- سورة الأنعام: آية 2.
6- سورة الصافات: آية 102 - 107.
7- سورة الرعد: آية 11.
8- سورة الروم: آية 4.
9- سورة الأنبياء: آية 83، 84.
10- سورة النبياء: آية 89، 90.
11- سورة النمل: آية 62.
12- سورة الأنفال: آية 65، 66.
13- سورة الأنعام: آية 2.
14- علي بن ابراهيم / تفسير القمي 1: 194.
15- سورة المائدة: آية 64.
16- سورة الرعد: آية 39. /انظر المجلسي / بحار الأنوار 4: 104 ط - مؤسسة الوفاء - بيروت.
17- الشيخ الصدوق / التوحيد: ص 333 «باب البَداء».
18- المصدر السابق: ص 336.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.