الخلاعة عند الدولة الاموية

أن الدولة الأموية دولة أساس سياستها طلب السلطة والتغلب، فاستعان أصحابها على ذلك بالعصبية القرشية واصطناع الأحزاب. فجرتهم تلك العصبية إلى انقسام العرب إلى قبائلها كما كانت في الجاهلية وانقسمت أيضًا إلى عصبيات وطنية.
Friday, July 21, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الخلاعة عند الدولة الاموية
الخلاعة عند الدولة الاموية



 

أن الدولة الأموية دولة أساس سياستها طلب السلطة والتغلب، فاستعان أصحابها على ذلك بالعصبية القرشية واصطناع الأحزاب. فجرتهم تلك العصبية إلى انقسام العرب إلى قبائلها كما كانت في الجاهلية وانقسمت أيضًا إلى عصبيات وطنية.
وبالغوا في التعصب وامتهان أهل الذمة. وأعوزهم اصطناع الأحزاب إلى الاستكثار من الأموال لإنفاقها في اجتذاب قلوب الرجال. والاستكثار منها بعثهم على الظلم في تحصيلها والخروج بذلك عما يقتضيه العدل.
ومدوا أيديهم إلى أموال الصدقة وغيرها، واستأثروا بالفيء، ورأوا أعداءهم العلويين يطلبون الخلافة بالحق، وسلاحهم الدين والتقوى وإذا جادلوهم غلبوهم، فاستخفوا بالدين تحقيرًا لأهله وعمدوا إلى الدهاء والحيلة والإغضاء عن الأريحية.
وبالغوا في الشدة والعنف واشتهر ذلك عنهم ولم ينكره أحد من المؤرخين حتى أهلهم من أعقابهم. فأبو الفرج صاحب الأغاني أموي(1) وأكثر ما يعرف من مساوئ بني أمية مقتبس من كتابه.
والفضل في ثبات دولتهم لثلاثة من خلفائهم اشتهروا بالدهاء والسياسة والتدبير، حكم كل منهم نحو عشرين سنة وهم:
معاوية بن أبي سفيان (حكم من سنة ٤١–٦٠ﻫ)
وعبد الملك بن مروان (من ٦٥–٨٦ﻫ)
وهشام بن عبد الملك (من سنة ١٠٥–١٢٥ﻫ)
وكان المنصور العباسي لما أفضت الخلافة إليه يتتبع هشام في سياسته(2)
وأما عمر بن عبد العزيز فقد كان أحسنهم تدينًا، ولكنه جاء في غير أوانه فلم يطل مقامه.
ولولا هؤلاء السواس لذهبت الدولة من أيديهم عاجلًا، لما تداول الخلافة بينهم من الخلفاء الضعفاء أهل الترف واللهو والقصف.
وأولهم يزيد بن معاوية المتوفى سنة ٦٤ﻫ، فقد كان مغرمًا بالصيد كثير العناية باقتناء الجوارح والكلاب والقرود والفهود، وكان يحب الطرب والمنادمة على الشراب، فجرى عماله على مثاله وأظهروا الشراب، وفي أيامه ظهر الغناء في مكة والمدينة واستعملت الملاهي، ولم يكن المسلمون يعرفونها من قبل ذلك.(3)
ومنهم يزيد ابن عبد الملك المتوفى سنة ١٠٥ﻫ ويسمونه خليع بني أمية، فقد تولى الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز وسار في طريق غير طريقه، فشغف بجاريتين اسم إحداهما سلامة والأخرى حبابة فقطع معهما زمانه وغنت يومًا حبابة:
بين التراقي واللهاة حرارة
ما تطمئن ولا تسوغ فتبرد
فطرب يزيد ثم قال: «أريد أن أطير» وأهوى ليطير
فقالت: «يا أمير المؤمنين لنا فيك حاجة»
فقال: «والله ل أطيرن»
فقالت: «على من تدع الأمة؟»
قال: «عليك»
وقبل يدها، فخرج بعض خدمه وهو يقول: «سخنت عينك فما أسخفك!».
وخرج يومًا ليتنزه في ناحية الأردن ومعه حبابة، وبينما هما في الشراب رماها بحبة عنب فدخلت حلقها فشرقت ومرضت وماتت. فتركها ثلاثة أيام لم يدفنها، حتى أنتنت وهو يشمها ويقبلها وينظر إليها ويبكي، فكلموه في أمرها حتى أذن بدفنها، وعاد إلى قصره كئيبًا حزينًا وسمع جارية له تتمثل بعدها:
كفى حزنًا بالهائم الصب أن يرى
منازل من يهوى معطلة قفرا
فبكى، وبقي بعد موتها سبعة أيام لا يظهر للناس، أشار عليه أخوه مسلمة بذلك مخافة أن يظهر منه ما يسفهه عند الناس(4)
ولم يحكم إلا أربع سنوات.
ومنهم الوليد بن يزيد بن عبد الملك المتوفى سنة ١٢٦ﻫ كان خليعًا سكيرًا همه الصيد وشرب الخمر، حتى جعل الخمر في برك يغوص فيها ويشرب(5)
وأول شيء فعله لما ولي الخلافة أنه بعث إلى المغنين في المدينة ومكة وأشخصهم إليه، واستقدم أهل المجون والخلاعة ونادمهم، وبالغ في التهتك والمكر ولكنه لم يحكم إلا سنة واحدة.
على أن العرب أعظموا تهتك بني أمية من أيام يزيد بن معاوية، واستغربوا البيعة له، فكيف بعد الذي شاهدوه من يزيد والوليد وغيرهما، حتى قال بعض الشعراء يخاطبهم:
إن البرية قد ملت سياستكم
فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا
لا تلحمن ذئاب الناس أنفسكم
إن الذئاب إذا ما ألحمت رتعوا
لا تبقرن بأيديكم بطونكم
فثم لا حسرة تغني ولا جزع
فأين هؤلاء من دهاة بني أمية الذين ذكرناهم ؟ حتى هشام بن عبد الملك.(6)
فلما انغمس بنو أمية في الترف والقصف، مع ما كان من تعصبهم واحتقارهم الموالي وإساءتهم إلى أهل الذمة وسائر أهل القرى، بما كانوا يسومونهم إياه من نهب غلتهم في أثناء السفر إذ كان جند المسلمين في أواخر أيام بني أمية إذا مروا بقرية غصبوا من يمرون بهم أموالهم(7)
فأصبح الناس يتحدثون بقرب زوال دولتهم، ولم يمض إلا سنوات قليلة حتى ذهبت وقامت الدولة العباسية مقامها.
المصادر :
1- ابن الأثير ٢٢٩ ج٨.
2- المسعودي ١٣٢ ج٢.
3- المسعودي ٦٨ ج٢.
4- ابن الأثير ٥٧ ج٥.
5- الأغاني ٩٨ ج٣.
6- الأغاني ١٦٧ ج٥.
7- ابن الأثير ١٤٦ ج٥.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
المقالات ذات صلة