
ولد في أوائل خلافة عثمان بن عفان ، وروى الحديث عن جدّه علي بن أبي طالب عليهالسلام كما حقّقه ابن إدريس قدسسره في السرائر ، ونقله عن علماء التاريخ والنسب (١).
أو بعد جده عليهالسلام بسنتين كما ذكره الشيخ المفيد قدسسره في الإرشاد (٢).
وأمّه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي ، وأمّها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب بن أميّة. وأمّها بنت أبي العاص بن أميّة. وكان يشبّه بجدّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنطق والخلق والخلق.
وروى أبو الفرج أن معاوية قال : من أحقّ الناس بهذا الأمر؟ قالوا : أنت ، قال : لا ، أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن علي عليهالسلام ، جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفيه شجاعة بني هاشم ، وسخاء بني أميّة ، وزهو ثقيف.
وفي علي عليهالسلام يقول الشاعر :
لم تر عين نظرت مثله / من محتف يمشي ومن ناعل
يغلي نهيئ اللحم حتّى إذا / أنضج لم يغل على الآكل
كان إذا شبّت له ناره / يوقدها بالشرف القائل
كيما يراها بائس مرمل / أو فرد حيّ ليس بالآهل
لا يؤثر الدنيا على دينه / ولا يبيع الحقّ بالباطل
أعني ابن ليلى ذا السدى والندى / أعني ابن بنت الحسب الفاضل (3)
ويكنّى أبا الحسن ، ويلقّب بالأكبر لأنّه الأكبر على أصحّ الروايات ، أو لأنّ للحسين عليهالسلام أولادا ستّة ثلاثة أسماؤهم علي ، وثلاثة أسماؤهم عبد الله وجعفر ومحمّد ، كما ذكره أهل النسب فهو أكبر من علي الثالث على رواية.
وروى أبو مخنف عن عقبة بن سمعان قال : لمّا كان السحر من الليلة التي بات بها الحسين عند قصر بني مقاتل ، أمرنا الحسين بالاستقاء من الماء ، ثمّ أمرنا بالرحيل ففعلنا ، قال : فلمّا ارتحلنا عن قصر بني مقاتل ، خفق برأسه خفقة ، ثمّ انتبه وهو يقول :
« إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والحمد لله ربّ العالمين »
ثمّ كرّرها مرّتين أو ثلاثا ، فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين عليهالسلام ـ وكان على فرس له ـ فقال :
« إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين ، يا أبت جعلت فداك ، ممّ استرجعت وحمدت الله »؟
فقال الحسين عليهالسلام : « يا بنيّ إنّي خفقت برأسي خفقة فعنّ لي فارس على فرس
فقال : القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم ، فعلمت أنّها أنفسنا نعيت إلينا » ،
فقال له : « يا أبت لا أراك الله سوءا ، ألسنا على الحق »؟
قال : « بلى ، والذي إليه مرجع العباد »
قال : « يا أبت ، إذن لا نبالي نموت محقّين » فقال له : « جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده » (4).
قال أبو الفرج (5) وغيره : وكان أوّل من قتل بالطف من بني هاشم بعد أنصار الحسين عليهالسلام علي بن الحسين عليهماالسلام ، فإنّه لمّا نظر إلى وحدة أبيه تقدّم إليه وهو على فرس له يدعى ذا الجناح ، فاستأذنه للبراز ـ وكان من أصبح الناس وجها ، وأحسنهم خلقا ـ فأرخى عينيه بالدموع وأطرق ثمّ قال :
« اللهمّ اشهد أنّه قد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك ، وكنّا إذا اشتقنا إلى نبيّك نظرنا إليه ، ثمّ صاح :
« يا ابن سعد ، قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظني في رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » ، فلمّا فهم علي الإذن من أبيه شدّ على القوم وهو يقول :
أنا علي بن الحسين بن علي
نحن وبيت الله أولى بالنبي
والله لا يحكم فينا ابن الدعي
فقاتل قتالا شديدا ، ثمّ عاد إلى أبيه وهو يقول : يا أبت ، العطش قد قتلني ، وثقل الحديد قد أجهدني ، فبكى الحسين عليهالسلام وقال : « وا غوثاه أنّى لي الماء ، قاتل يا بنيّ قليلا واصبر ، فما أسرع الملتقى بجدّك محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فيسقيك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبدا ».
فكرّ عليهم يفعل فعل أبيه وجدّه. فرماه مرّة بن منقذ العبدي بسهم في حلقه (6).
وقال أبو الفرج : قال حميد بن مسلم الأزدي : كنت واقفا وبجنبي مرّة بن منقذ ، وعلي بن الحسين يشدّ على القوم يمنة ويسرة فيهزمهم ، فقال مرّة عليّ آثام العرب إن مرّ بي هذا الغلام لأثكلنّ به أباه ، فقلت : لا تقل ، يكفيك هؤلاء الذين احتوشوه. فقال : لأفعلنّ ، ومرّ بنا عليّ وهو يطرد كتيبة فطعنه برمحه فانقلب على قربوس فرسه فاعتنق فرسه فكرّ به على الأعداء فاحتووه بسيوفهم فقطّعوه (7).
فصاح قبل أن يفارق الدنيا : السلام عليك يا أبتي ، هذا جدّي المصطفى قد سقاني بكأسه الأوفى وهو ينتظرك الليلة ، فشدّ الحسين عليهالسلام حتّى وقف عليه وهو مقطّع فقال :
« قتل الله قوما قتلوك يا بنيّ ، فما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة الرسول » ، ثمّ استهلت عيناه بالدموع ، وقال : « على الدنيا بعدك العفا » (8).
وروى أبو مخنف ، وأبو الفرج عن حميد بن مسلم الأزدي أنّه قال : وكأنّي أنظر إلى امرأة قد خرجت من الفسطاط وهي تنادي : يا حبيباه يا ابن أخيّاه ، فسألت عنها ، فقالوا : هذه زينب بنت علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فجاءت حتّى انكبّت عليه ، فجاء الحسين عليهالسلام إليها وأخذ بيدها إلى الفسطاط ، ورجع فقال لفتيانه : « احملوا أخاكم » فحملوه من مصرعه ، ثمّ جاءوا به فوضعه بين يدي فسطاطه (9). وقتل ولا عقب له.
وفيه أقول :
بأبي أشبه الورى برسول / الله نطقا وخلقة وخليقه
قطعته أعداؤه بسيوف / هي أولى بهم وفيهم خليقه
ليت شعري ما يحمل الرهط منه / جسدا أم عظام خير الخليقة
وقال الشاعر :
آتي النديّ فلا يقرّب مجلسي / وأقود للشرف الرفيع حماري
المصادر :
1- السرائر : ١ / ٦٥٥ ، وفيه : « في أمارة عثمان ».
2- الإرشاد : ٢ / ١٣٧.
3- مقاتل الطالبيين : ٨٦.
4- تاريخ الطبري : ٣ / ٣٠٩ ، بتفاوت في بعض العبارات.
5- مقاتل الطالبيين : ١١٥.
6- راجع اللهوف : ١٦٦.
7- مقاتل الطالبيين : ١١٥.
8- راجع مقاتل الطالبيين : ١١٥ ، واللهوف : ١٦٧.
9- تاريخ الطبري : ٣ / ٣٣١ بتفاوت في بعض الكلمات.