العباس بن علي عليهما السلام

ولد بطل کربلاء العباس عليه السلام سنة ست وعشرين من الهجرة. وأمّه أمّ البنين ، فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر المعروف بالوحيد بن كلاب بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. وأمّها ثمامة بنت سهيل بن
Wednesday, August 23, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
العباس بن علي عليهما السلام
 العباس بن علي عليهما السلام



 

ولد بطل کربلاء العباس عليه السلام سنة ست وعشرين من الهجرة. وأمّه أمّ البنين ، فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر المعروف بالوحيد بن كلاب بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. وأمّها ثمامة بنت سهيل بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب. وأمّها عمرة بنت الطفيل فارس قرزل ، ابن مالك الأخزم رئيس هوازن ، بن جعفر بن كلاب. وأمّها كبشة بنت عروة الرحّال بن عتبة بن جعفر بن كلاب. وأمّها أم الخشف بنت أبي معاوية فارس هوازن ، ابن عبادة بن عقيل بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
وأمّها فاطمة بنت جعفر بن كلاب. وأمّها عاتكة بنت عبد شمس بن عبد مناف. وأمّها آمنة بنت وهب بن عمير بن نصر بن قعين بن الحرث بن ثعلبة بن ذودان بن أسد بن خزيمة. وأمّها بنت حجدر بن ضبيعة الأغرّ بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن ربيعة بن نزار. وأمّها بنت مالك بن قيس بن ثعلبة. وأمّها بنت ذي الرأسين خشين ابن أبي عاصم بن سمح بن فزارة. وأمّها بنت عمرو بن صرمة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن الريث بن غطفان.
قال السيد الداودي في العمدة : إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لأخيه عقيل ـ وكان نسّابة عالما بأخبار العرب وأنسابهم ـ : ابغني امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوّجها فتلد لي غلاما فارسا ، فقال له : أين أنت عن فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابيّة ، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس (١).
وفي آبائها يقول لبيد للنعمان بن المنذر ملك الحيرة :
نحن بنو أم البنين الأربعه
ونحن خير عامر بن صعصعة
الضاربون الهام وسط المجمعة
فلا ينكر عليه أحد من العرب ، ومن قومها ملاعب الأسنّة أبو براء الذي لم يعرف في العرب مثله في الشجاعة ، والطفيل فارس قرزل ، وابنه عامر فارس المزنوق ، فتزوجها أمير المؤمنين عليه‌السلام فولدت له وأنجبت. وأوّل ما ولدت له العبّاس عليه‌السلام يلقّب في زمنه قمر بني هاشم ، ويكنّى أبا الفضل. وبعده عبد الله ، وبعده جعفرا ، وبعده عثمان. وعاش العبّاس مع أبيه أربع عشرة سنة ، حضر بعض الحروب فلم يأذن له أبوه بالنزال ، ومع أخيه الحسن أربعا وعشرين سنة ، ومع أخيه الحسين عليه‌السلام أربعا وثلاثين سنة ، وذلك مدّة عمره ، وكان عليه‌السلام أيدا شجاعا فارسا وسيما جسيما يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطان في الأرض.
وروي عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « كان عمّنا العبّاس بن علي نافذ البصيرة ، صلب الإيمان ، جاهد مع أبي عبد الله عليه‌السلام ، وأبلى بلاء حسنا ، ومضى شهيدا (2).
وروي عن علي بن الحسين عليه‌السلام أنّه نظر يوما إلى عبيد الله بن العبّاس بن علي عليه‌السلام فاستعبر ثمّ قال : « ما من يوم أشدّ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من يوم أحد ، قتل فيه عمّه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، وبعده يوم مؤتة قتل فيه ابن عمّه جعفر ابن أبي طالب ، ولا يوم كيوم الحسين ، ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل ، يزعمون أنّهم من هذه الأمّة ، كلّ يتقرّب إلى الله عزّ وجلّ بدمه ، وهو يذكّرهم بالله فلا يتّعظون ، حتّى قتلوه بغيا وظلما وعدوانا ، ثمّ قال : « رحم الله العبّاس فلقد آثر وأبلى ، وفدى أخاه بنفسه حتّى قطعت يداه ، فأبدله الله عزّ وجلّ منهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة ، كما جعل لجعفر بن أبي طالب.
وإنّ للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة » (3).
وروى أبو مخنف أنّه لما منع الحسين عليه‌السلام وأصحابه من الماء وذلك قبل أن يجمع على الحرب اشتدّ بالحسين وأصحابه العطش ، فدعا أخاه العبّاس فبعثه في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ليلا ، فجاءوا حتّى دنوا من الماء ، واستقدم أمامهم باللواء نافع فمنعهم عمرو بن الحجاج الزبيدي ، فامتنعوا منه بالسيوف وملأوا قربهم وأتوا بها والعباس بن علي ونافع يذبان عنهم ويحملان على القوم حتّى خلصوا بالقرب إلى الحسين. فسمّي السقّاء وأبا قربة. (4)
وروى أبو مخنف أنّه لما كاتب عمر بن سعد عبيد الله بن زياد في أمر الحسين عليه‌السلام وكتب إليه على يدي شمر بن ذي الجوشن بمنازلة الحسين ونزوله ، أو بعزله وتولية شمر العمل ، قام عبد الله بن أبي المحلّ بن حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر الوحيد ـ وكانت عمّته أمّ البنين ـ فطلب من عبيد الله كتابا بأمان العبّاس وإخوته ، وقام معه شمر في ذلك ، فكتب أمانا وأعطاه لعبد الله ، فبعثه إلى العبّاس وإخوته مع مولى له يقال له : كزمان ، فأتى به إليهم فلمّا قرءوه قالوا له : أبلغ خالنا السلام وقل له أن لا حاجة لنا في الأمان ، أمان الله خير من أمان ابن سميّة. فرجع ، قال : ووقف شمر في اليوم العاشر ناحية فنادى : أين بنو أختنا ، أين العبّاس وإخوته ، فلم يجبه أحد ، فقال لهم الحسين عليه‌السلام : أجيبوه ولو كان فاسقا ، فقام إليه العبّاس فقال له : ما تريد؟ قال : أنتم آمنون يا بني أختنا. فقال له العبّاس : لعنك الله ولعن أمانك ، لئن كنت خالنا أتؤمنّا وابن رسول الله لا أمان له؟ وتكلّم إخوته بنحو كلامه ثمّ رجعوا (5).
وروى أبو مخنف أيضا وغيره أنّ عمر بن سعد نادى في اليوم التاسع : يا خيل الله اركبي وأبشري بالجنّة. فركب الناس وزحفوا ، وذلك بعد صلاة العصر ، والحسين عليه‌السلام جالس أمام بيته محتبيا بسيفه وقد خفق على ركبتيه ، فسمعت زينب الصيحة فدنت منه وقالت : أما تسمع الأصوات يا أخي قد اقتربت! فرفع الحسين عليه‌السلام رأسه وأخبرها برؤية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنّه يدعوه ، فلطمت زينب وجهها وقالت : يا ويلتاه ، فقال لها : ليس الويل لك يا أخيّة ، اسكتي رحمك الرحمن. ثمّ قال العبّاس له : يا أخي قد أتاك القوم فنهض
ثمّ قال : « يا عبّاس ، اركب بنفسي أنت حتّى تلقاهم فتقول لهم : ما لكم؟ وما بدا لكم؟ وتسألهم عمّا جاء بهم » ، فأتاهم العبّاس في نحو عشرين فارسا فيهم زهير وحبيب فقال لهم : ما لكم وما بدا لكم وما تريدون؟ فقالوا : جاء أمر عبيد الله أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو ننازلكم. قال : فلا تعجلوا حتّى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم ، فوقفوا ثمّ قالوا : القه فأعلمه ذلك ، ثمّ أعلمنا بما يقول. فانصرف العبّاس يركض فرسه إلى الحسين عليه‌السلام يخبره ، ووقف أصحابه يخاطبون القوم حتّى أقبل العبّاس يركض فرسه فانتهى إليهم
فقال : يا هؤلاء : إنّ أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشيّة حتّى ينظر في هذا الأمر ، فإنّ هذا أمر لم يجر بينكم وبينه فيه منطق ، فإذا أصبحنا التقينا فإمّا رضيناه فأتينا بالأمر الذي تسألونه وتسومونه أو كرهنا فرددناه. قال : وإنّما أراد بذلك أن يردّهم عن الحسين تلك العشيّة حتى يأمر بأمره ويوصي أهله ، وقد كان الحسين عليه‌السلام قال له : « يا أخي ان استطعت أن تؤخّرهم هذه العشيّة إلى غدوة ، وتدفعهم عنّا لعلّنا نصلّي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره ، فهو يعلم أني قد كنت أحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار »
فقال لهم العبّاس ما قال ، فقال عمر بن سعد : ما ترى يا شمر؟ فقال : ما ترى أنت ، أنت الأمير والرأي رأيك ، فقال : قد أردت أن لا أكون ذا رأي. ثمّ أقبل على الناس فقال : ما ذا ترون؟ فقال عمرو بن الحجاج : سبحان الله! والله لو كانوا من الديلم ثمّ سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أن تجيبهم إليها. وقال قيس بن الأشعث : لا تجبهم إلى ما سألوك فلعمري ليصبحنّك بالقتال غدوة. فقال : والله لو أعلم أن يفعلوا ما أخّرتهم العشيّة ، ثمّ أمر رجلا أن يدنو من الحسين عليه‌السلام بحيث يسمع الصوت فينادي : إنّا قد أجّلناكم إلى غد ، فإن استسلمتم سرّحنا بكم إلى الأمير ، وإن أبيتم فلسنا تاركيكم (6).
وروى أهل السير عن الضحّاك بن قيس المشرقي ، قال : إنّ الحسين عليه‌السلام جمع تلك الليلة أهل بيته وأصحابه فخطبهم بخطبته التي قال فيها : « أمّا بعد : فإنّي لا أعلم أهل بيت إلخ ». فقام العبّاس فقال : لم نفعل ذلك؟! لنبقى بعدك؟! لا أرانا الله ذلك أبدا (7). ثمّ تكلّم أهل بيته وأصحابه بما يشبه هذا الكلام ، وسيذكر بعد.
قالوا : ولمّا أصبح ابن سعد جعل على ربع المدينة عبد الله بن زهير بن سليم الأزدي ، وعلى ربع مذحج وأسد عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي ، وعلى ربع ربيعة وكندة قيس بن الأشعث بن قيس ، وعلى ربع تميم وهمدان الحر بن يزيد الرياحي ، وجعل الميمنة لعمرو بن الحجاج الزبيدي ، والميسرة لشمر بن ذي الجوشن الضبابي ، والخيل لعزرة بن قيس الأحمسي ، والرجال لشبث بن ربعي ، وأعطى الراية لدريد مولاه (8).
ولمّا أصبح الحسين عليه‌السلام جعل الميمنة لزهير ، والميسرة لحبيب ، وأعطى الراية أخاه العبّاس (9).
وروى أبو مخنف عن الضحّاك بن قيس أنّ الحسين عليه‌السلام لمّا خطب خطبته على راحلته ونادى في أولها بأعلى صوته : « أيّها الناس ، اسمعوا قولي ولا تعجلوني ». سمع النساء كلامه هذا فصحن وبكين وارتفعت أصواتهن ، فأرسل إليهنّ أخاه العبّاس وولده عليّا وقال لهما : أسكتاهنّ فلعمري ليكثرنّ بكاؤهنّ ، فمضيا يسكتاهنّ حتّى إذا سكتن عاد إلى خطبته. فحمد الله وأثنى عليه وصلّى عليه نبيّه. قال : فو الله ما سمعت متكلما قط لا قبله ولا بعده أبلغ منه منطقا (10).
وقال أبو جعفر وابن الأثير : لما نشبت الحرب بين الفريقين تقدم عمر بن خالد ومولاه سعد ، ومجمّع بن عبد الله ، وجنادة بن الحرث فشدوا مقدمين بأسيافهم على الناس ، فلمّا وغلوا فيهم عطف عليهم الناس فأخذوا يحوزونهم ، وقطعوهم من أصحابهم ، فندب الحسين عليه‌السلام لهم أخاه العبّاس فحمل على القوم وحده ، فضرب فيهم بسيفه حتّى فرّقهم عن أصحابه وخلص إليهم فسلّموا عليه فأتى بهم ، ولكنّهم كانوا جرحى فأبوا عليه أن يستنقذهم سالمين ، فعاودوا القتال وهو يدفع عنهم حتّى قتلوا في مكان واحد (11).
فعاد العبّاس إلى أخيه وأخبره بخبرهم.
قال أهل السير : وكان العبّاس ربما ركز لواءه أمام الحسين وحامى عن أصحابه أو استقى ماء فكان يلقّب بالسقّاء. ويكنّى أبا قربة بعد قتله.
قالوا : ولمّا رأى وحدة الحسين عليه‌السلام بعد قتل أصحابه وجملة من أهل بيته ، قال لاخوته من أمّه : تقدّموا لأحتسبكم عند الله تعالى ، فإنّه لا ولد لكم. فتقدّموا حتّى قتلوا ، فجاء إلى الحسين عليه‌السلام واستأذنه في المصال (هكذا في الأصل ، ولعلّه المصاع : أي القتال والجلاد. أو لعلّه المصاولة.) ، فقال له : « أنت حامل لوائي » ، فقال : لقد ضاق صدري وسئمت الحياة. فقال له الحسين : « إن عزمت فاستسق لنا ماء » ، فأخذ قربته وحمل على القوم حتّى ملأ القربة. قالوا : واغترف من الماء غرفة ثمّ ذكر عطش الحسين عليه‌السلام فرمى بها وقال :
يا نفس من بعد الحسين هوني
وبعده لا كنت أن تكوني
هذا الحسين وارد المنون
وتشربين بارد المعين
ثمّ عاد فأخذ عليه الطريق ، فجعل يضربهم بسيفه وهو يقول :
لا أرهب الموت إذا الموت زقا
حتى أوارى في المصاليت لقى
إنّي أنا العبّاس أغدو بالسقا
ولا أهاب الموت يوم الملتقى
فضربه حكيم بن طفيل الطائي السنبسي على يمينه فبرأها ، فأخذ اللواء بشماله وهو يقول :
والله إن قطعتم يميني
إنّي أحامي أبدا عن ديني
فضربه زيد بن ورقاء الجهني على شماله فبرأها ، فضمّ اللواء إلى صدره كما فعل عمّه جعفر إذ قطعوا يمينه ويساره في مؤتة ، فضمّ اللواء إلى صدره وهو يقول :
ألا ترون معشر الفجّار
قد قطعوا ببغيهم يساري
فحمل عليه رجل تميمي من أبناء أبان بن دارم فضربه بعمود على رأسه فخرّ صريعا إلى الأرض ، ونادى بأعلى صوته : أدركني يا أخي. فانقض عليه أبو عبد الله كالصقر فرآه مقطوع اليمين واليسار مرضوخ الجبين مشكوك العين بسهم مرتثا بالجراحة ، فوقف عليه منحنيا ، وجلس عند رأسه يبكي حتّى فاضت نفسه ، ثمّ حمل على القوم فجعل يضرب فيهم يمينا وشمالا فيفرّون من بين يديه كما تفرّ المعزى إذا شدّ فيها الذئب ، وهو يقول : أين تفرّون وقد قتلتم أخي؟! أين تفرّون وقد فتتم عضدي؟! ثمّ عاد إلى موقفه منفردا. وكان العبّاس آخر من قتل من المحاربين لأعداء الحسين عليه‌السلام ، ولم يقتل بعده إلاّ الغلمان الصغار من آل أبي طالب الذين لم يحملوا السلاح.
وفيه يقول الكميت بن زيد الأسدي :
وأبو الفضل إنّ ذكرهم الحلو / شفاء النفوس في الأسقام
قتل الأدعياء إذ قتلوه / أكرم الشاربين صوب الغمام
ويقول حفيده الفضل بن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العبّاس :
إنّي لأذكر للعباس موقفه / بكربلاء وهام القوم تختطف
يحمي الحسين ويحميه على ظمأ / ولا يولّي ولا يثني فيختلف
ولا أرى مشهدا يوما كمشهده / مع الحسين عليه الفضل والشرف
أكرم به مشهدا بانت فضيلته / وما أضاع له أفعاله خلف
وأقول :
أمسند ذاك اللوا صدره / وقد قطعت منه يمنى ويسرى
لثنّيت جعفر في فعله / غداة استضمّ اللوا منه صدرا
وأبقيت ذكرك في العالمين / يتلونه في المحاريب ذكرا
وأوقفت فوقك شمس الهدى / يدير بعينيه يمنى ويسرى
لئن ظل منحنيا فالعدى / بقتلك قد كسروا منه ظهرا
وألقوا لواه فلفّ اللواء / ومن ذا ترى بعد يسطيع نشرا
نأى الشخص منك وأبقى ثناك / إلى الحشر يدلج فيه ويسرى
وأنا أسترق جدّا من رثاء أمّه فاطمة أمّ البنين الذي أنشده أبو الحسن الأخفش في شرح الكامل : وقد كانت تخرج إلى البقيع في كلّ يوم ترثيه وتحمل ولده عبيد الله فيجتمع لسماع رثائها أهل المدينة وفيهم مروان بن الحكم فيبكون لشجيّ الندبة ، قولها رضي الله عنها :
يا من رأى العبّاس كرّ / على جماهير النقد
ووراه من أبناء حيدر / كل ليث ذي لبد
أنبئت أنّ ابني أصيب / برأسه مقطوع يد
ويلي على شبلي أما ل برأسه ضرب العمد
لو كان سيفك في يد يك لما دنا منه أحد
وقولها :
لا تدعونّي ويك أمّ البنين / تذكّريني بليوث العرين
كانت بنون لي أدعى بهم / واليوم أصبحت ولا من بنين
أربعة مثل نسور الربى / قد واصلوا الموت بقطع الوتين
تنازع الخرصان أشلائهم / فكلهم أمسى صريعا طعين
يا ليت شعري أكما أخبروا /بأنّ عبّاسا قطيع اليمين
روى جماعة عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة قال : رأيت رجلا من بني أبان بن دارم أسود الوجه وقد كنت أعرفه شديد البياض جميلا ، فسألته عن سبب تغيّره وقلت له : ما كدت أعرفك. فقال : إنّي قتلت رجلا بكربلاء وسيما جسيما ، بين عينيه أثر السجود ، فما بتّ ليلة منذ قتلته إلى الآن إلاّ وقد جاءني في النوم ، وأخذ بتلابيبي وقادني إلى جهنّم فيدفعني فيها فأظل أصيح ، فلا يبقى أحد في الحيّ إلاّ ويسمع صياحي ، قال : فانتشر الخبر ، فقالت جارة له : إنّه ما زلنا نسمع صياحه حتّى ما يدعنا ننام شيئا من الليل ، فقمت في شباب الحي إلى زوجته فسألناها ، فقالت : أما إذا أخبر هو عن نفسه فلا أبعد الله غيره ، قد صدقكم. قال : والمقتول هو العبّاس بن علي عليهما‌السلام (12).
( الضحّاك بن قيس ) : المشرقي من همدان ، هذا جاء إلى الحسين عليه‌السلام هو ومالك ابن النضر الأرحبي أيّام الموادعة يسلّمان عليه ، فدعاهما لنصرته فاعتذر مالك بدينه وعياله وأجاب الضحّاك على شريطة أنّه إن رأى نصرته لا تفيد الحسين عليه‌السلام فهو في حلّ ، فرضي الحسين عليه‌السلام منه حتّى إذا لم يبق من أصحابه إلاّ نفران جاء إلى الحسين عليه‌السلام وقال له : شريطتي ، قال : نعم ، ولكن أنّى لك النجاء؟! إن قدرت على ذلك فأنت في حلّ. فأقبل على فرسه ، وقد كان خبّأها بين البيوت حين رأى الخيل تعقر ، وقاتل راجلا ، فاستخرجها ثمّ استوى على متنها حتّى إذا قامت على السنابك رمى بها عرض القوم فأفرجوا له ، وتبعه خمسة عشر فارسا حتّى انتهى إلى شفية فلحقوه ، وعطف عليهم فعرفه كثير بن عبد الله الشعبي وأيّوب بن مشرح الخيواني ، وقيس بن عبد الله الصائدي ، فناشدوا الله أصحابهم الكفّ عنه ، فنجا ، فهو يخبر عن جملة ممّا وقع للحسين عليه‌السلام وأصحابه في المقاتلة.
المصادر :
1- عمدة الطالب : ٣٢٤ بتفاوت في بعض الكلمات.
2- الخصال : ٨٦ ، باب الاثنين ، عمدة الطالب : ٣٢٣.
3- الخصال : ٦٨ ، باب الاثنين ، ح ١٠١.
4- تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٢ ، بتفاوت وسقط في بعض الكلمات.
5- تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٣.
6- تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٣ ، وأورده الشيخ المفيد في الإرشاد ٢ / ٩٠.
7- راجع الإرشاد : ٢ / ٩١.
8- في الأخبار الطوال : ٢٥٦ ، لزيد ، وفي بعض نسخ الإرشاد : دويدا وذويدا. وهو تصحيف ظاهر. راجع الإرشاد : ٢ / ٩٦ ، والكامل : ٤ / ٦٠.
9- راجع الأخبار الطوال : ٢٥٦ ، والإرشاد : ٢ / ٩٥.
10- تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٩ بتفاوت.
11- تاريخ الطبري : ٣ / ٣٣٠ ، الكامل : ٤ / ٧٤.
12- مناقب ابن شهرآشوب : ٤ / ٥٨.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.